اختارت فصائل المعارضة المسلّحة الردّ على المجازر التي يرتكبها النظام السوري وحلفاؤه في حلب، بتوسيع نطاق عملياتها العسكرية في ريف حماه الشمالي، الذي حققت فيه تقدمًا كبيرًا، وتمكنت أمس من السيطرة على بلدتين كبيرتين ليرتفع إلى 42 عدد المدن والبلدات المحررة، منذ بدء «غزوة مروان حديد» التي أطلقتها المعارضة في محافظة حماه قبل شهر.
وإذا كانت جبهة حلب تتصدّر الأولوية لدى قوات الأسد والروس والإيرانيين، لاستكمال رسم معالم ما يسمّى بـ«سوريا المفيدة»، فإن المعارضة وجّهت ضربة قوية لهذا المخطط، عبر التقدم اللافت على جبهة حماه التي تعني تقطيعًا لأوصال مشروع هذه «الدولة»، حيث أعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان، أن «قوات النظام بدأت تنهار أمام هجمات المعارضة والضربات القوية التي تتلقاها في ريفي حماه الشمالي والشمالي الشرقي، بعد مرور شهر على بدء هجوم الفصائل». وقال إن «مقاتلي المعارضة تمكنوا أمس من السيطرة على قريتي خفسين وكراح، ليرتفع إلى 42 على الأقل عدد القرى والبلدات والمدن والتلال الاستراتيجية التي سيطرت عليها الفصائل منذ 29 أغسطس (آب) الماضي».
وتخوض معركة ريف حماه غرفة عمليات «غزوة مروان حديد» المشكّلة من حركة «أبناء الشام» بقيادة أبو حذيفة الحمصي، و«جند الأقصى» بقيادة خالد خطّاب، التي استطاعت تحرير عشرات البلدات والمواقع الاستراتيجية، بحسب ما كشف الحمصي لـ«الشرق الأوسط»، وأعلن أن «الثوار وصلوا الآن إلى قرية الإسكندرية التي تبعد 10 كيلومترات عن مدينة حماه»، مشيرًا إلى أن «المعارك تدور حاليًا على أبواب بلدة طيبة اسم ومعر شحور، وبعد تحريرهما سنتجه إلى جبل زين العابدين الاستراتيجي، الذي يطل على مدينة حماه وعلى المطار العسكري». وقال الحمصي: «إن تحرير على جبل زين العابدين يعني إحكام السيطرة بالنار على مواقع النظام وقطع طريق مطار حماه وعزله عن المناطق المحيطة به».
ويبدو أن هذه المعركة تنطوي على أهداف كثيرة، حسبما أعلن أبو حذيفة الحمصي، لافتًا إلى أن «الأهداف التي وضعتها (غزوة مروان حديد) تبدأ بتخفيف الضغط عن مدينة حلب، ونقل المعركة من المناطق السنيّة إلى معاقل النظام، وتحرير مدينة حماه بالكامل، وفتح الطريق نحو مدينة تلبيسة المحاصرة في ريف حمص الشمالي». وكشف قائد حركة «أبناء الشام»، أن فصائل كبيرة وأساسية دخلت على هذه المعركة أبرزها «جيش الفتح» و«أحرار الشام»، و«هذا الدعم سيعطي دفعًا قويًا للمعركة التي ستغيّر كثيرًا في خريطة الحرب السورية بإذن الله».
ولم تفلح كل التعزيزات التي استقدمتها قوات النظام، في استعادة السيطرة على أي منطقة خسرتها في ريفي حماه الشمالي والشمالي الشرقي، كما أعلن المرصد السوري الذي قال: «إن وتيرة الاستياء ارتفعت لدى المواطنين من جمهور النظام، نتيجة هذه الانسحابات التي يقوم بها عناصر الدفاع الوطني واللجان الشعبية الموالية للنظام وقوات النظام، وانهزامهم خلال هذا الهجوم في عشرات البلدات والقرى والتلال».
ورغم الأهمية الاستراتيجية لمعركة حماه، فهي لا تكفي وحدها لتغيير الموازين على الأرض، بحسب الخبير العسكري والاستراتيجي اللبناني نزار عبد القادر، الذي اعتبر أن قوى المعارضة «باتت أمام حتمية اتخاذ مبادرة في كل سوريا، تقوم على تنفيذ هجمات تستهدف كل معاقل النظام ليس في حماه فحسب، بل في حمص ودمشق وحتى حلب». وأكد أن «العملية الهجومية ستؤدي حتمًا إلى تخفيف الضغط عن حلب، وإجبار النظام على إعادة حساباته، لأن اشتعال الجبهات الأخرى، سيجعل معركة حلب مكلفة جدًا على النظام وحلفائه».
ورأى عبد القادر وهو عميد متقاعد في الجيش اللبناني في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «معضلة فصائل الثورة السورية يكمن في تشتتها». وقال: «المطلوب الآن أن تتوحد الفصائل تحت غرفة عمليات مشتركة قادرة على رسم خطوط العمليات العسكرية التي تغطي كل الأراضي السورية بدقّة، وتجعل من الحرب معركة واحدة وعلى كل الجبهات».
وقال قائد ميداني في الجيش السوري الحر لوكالة الأنباء الألمانية، إن «الثوار سيطروا اليوم، أمس، على قرية خفسين في ريف حماه الشمالي، وقتلوا عددًا من عناصر القوات الحكومية، بينما فر الآخرون تاركين أسلحتهم خلفهم». وأضاف القائد أن السيطرة على القرية «جاءت بعد السيطرة على قرية كراح وحاجزي الشيلكا والتفتيش شرق القرية».
ولم يتفاجأ الخبير الاستراتيجي في الانهيارات التي تلحق بخطوط دفاع النظام في حماه، ورأى أن «إمكانات النظام وحلفاءه البرية محدودة، فهو أراد القيام بعملية سريعة وحاسمة في حلب، واضطر لسحب قوات من عدد من الجبهات لتركيز الهجوم على المدينة، وهذا ما أضعف الجبهات الأخرى من بينها حماه، ما فتح الباب أمام المعارضة للاستفادة من شن عمليات هجومية ناجحة وإحداث اختراقات على جبهات النظام». وأكد عبد القادر أن «العمل الناجح الذي يفترض بالمعارضة اللجوء إليه، هو القيام بعمليات عسكرية على الخطوط الخلفية للنظام، وقطع طرق تمويله، بحيث لا تقتصر العمليات على أيام معدودة هنا وهناك، بل إضعاف النظام بقطع وتدمير قواعده اللوجستية والتمويلية».
يذكر أن أبرز المناطق المحررة في ريف حماه وهي: كراح، خفسين، وحواجز الخزان والتفتيش والشيلكا والسعدو، تل الراية، القاهرة، تل أسود، الشعثة، حلفايا، صوران، طيبة الأمام، معردس، الزلاقيات، البويضة، المصاصنة، زور الحيصة، زور المحروقة، زور الناصرية وتلتها، زور أبو زيد، الإسكندرية، كوكب، معان، الكبارية وكتيبة الصواريخ شرق معردس.
جبهة حماه: تقدّم سريع لفصائل المعارضة وانهيارات في دفاع النظام
شكّلت ردًا على مجازر حلب وضربة قوية لمشروع «سوريا المفيدة»
جبهة حماه: تقدّم سريع لفصائل المعارضة وانهيارات في دفاع النظام
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة