مسؤول يمني: «مركزي صنعاء» موّل عمليات استيراد وهمية تخدم الانقلابيين

قال لـ «الشرق الأوسط» إن نصف الأموال المسحوبة من البنك لا تزال مخبأة لدى المتمردين

حوثي يقف أمام أموال جرى جمعها من بعض المواطنين للبنك المركزي الخاضع لسيطرة الانقلابيين في صنعاء أمس (أ.ف.ب)
حوثي يقف أمام أموال جرى جمعها من بعض المواطنين للبنك المركزي الخاضع لسيطرة الانقلابيين في صنعاء أمس (أ.ف.ب)
TT

مسؤول يمني: «مركزي صنعاء» موّل عمليات استيراد وهمية تخدم الانقلابيين

حوثي يقف أمام أموال جرى جمعها من بعض المواطنين للبنك المركزي الخاضع لسيطرة الانقلابيين في صنعاء أمس (أ.ف.ب)
حوثي يقف أمام أموال جرى جمعها من بعض المواطنين للبنك المركزي الخاضع لسيطرة الانقلابيين في صنعاء أمس (أ.ف.ب)

كشف مسؤول مصرفي يمني أن البنك المركزي الخاضع لسلطة الانقلابيين في صنعاء كان يمول عمليات استيراد وهمية لسلع أساسية عبر تجار موالين لهم، بهدف الاستفادة من فوارق العملة الصعبة وتحويلها إلى ما يسمى «المجهود الحربي».
وأوضح شكيب حبيشي، عضو مجلس إدارة البنك المركزي اليمني، لـ«الشرق الأوسط»، أن البنك المركزي كان يمول عمليات استيراد سلع أساسية لتجار ضمن منظومة الانقلابيين يستفيدون من فوارق العملة التي تخصص لهم، مبينًا أن هذه العمليات كانت تركز على المناطق الخاضعة لنفوذهم، فيما تم تجاهل المناطق الأخرى.
وكشف حبيشي عن أن ما لا يقل عن 50 في المائة مما تم سحبه من البنك المركزي من الكتلة النقدية لا تزال موجودة في مخابئ الانقلابيين على اعتبار أنهم كانوا يدركون أن البنك المركزي لن يستمر تحت سلطتهم أيديهم، إلا أنه أشار إلى أن ذلك لن يساعدهم والأموال التي خبأوها لن تحميهم كما لم تحمهم ترسانة الأسلحة التي كانت بأيديهم، على حد تعبيره.
ولدى سؤاله حول ما إذا كانت هنالك أي قدرة للانقلابيين على عمليات البنك المركزي بعد نقله إلى العاصمة المؤقتة عدن، أكد شكيب حبيشي عدم استطاعتهم عمل أي شيء من هذا القبيل، وقال: «أؤكد أنهم لا يستطيعون، وإذا أقدم البنك المركزي في صنعاء - وهذا خطأ كبير في حال أقدم عليه - على فصل نفسه عن الإدارة الرئيسية للبنك المركزي في عدن، فهذا يعني عزل نفسه، ويعلم القائمون على شؤون البنك أن ذلك سيكون خطأ كبيرًا جدًا، وسوف يسبب كارثة لهم». وتابع: «لكن إذا قام الانقلابيون بتعطيل عمليات البنك المركزي الرئيسي في عدن عن خدمة عموم محافظات الجمهورية فنؤكد عدم قدرتهم على عمل أي شيء من هذا القبيل، نحتاج قاعدة البيانات الموجودة في صنعاء، وفي حال رفضوا نستطيع تكوينها بأنفسنا، لكن رفضهم سيضر المواطنين بالدرجة الأولى، لكن مسؤوليتنا كسلطة يحتم علينا تكوين قاعدة بيانات ونستعيدها بأي صورة من الصورة ومحاولتهم ستكون مسألة تأخير فقط».
وأكد عضو مجلس إدارة البنك المركزي عدم وجود أي قرار لتغيير العملة اليمنية، مبينًا أن عملية الطباعة التي ستتم هي للتغلب على مشكلة شح السيولة والحد من تأثر قيمة العملة المحلية التي يعتبرها البنك من أولوياته، واستطرد قائلاً: «لا يوجد قرار بتغيير العملة، حجم النقد الموجود داخل اليمن غير عادي، عملية الطباعة التي ستتم ليست هدفا أساسيا، بل للتغلب على شح السيولة لمواجهة المشكلة القائمة، والطباعة لن تكون فورية وإنما على مراحل».
وأفاد حبيشي بأن عملية نقل البنك المركزي إلى عدن لن تكون سهلة، لكن كان لا بد من اتخاذ القرار، لأن السكوت والانتظار كان يعني انتهاء البنك تمامًا، وأردف: «التعافي سيأخذ وقتا وبشكل متدرج حتى نصل لإعادة تفعيله على النحو الذي وجه الرئيس هادي وبما يخدم البلاد ككل، العملية جارية وفق برنامج موضوع تسير وفق خطى سليمة، لاشك سنواجه صعوبات لكننا قادرون على التغلب عليها، الكوادر موجودة وقد تم تدريب مجموعة خارج اليمن في وقت مبكر، كما أن موظفين البنك المركزي داخل الجمهورية يتم التعاطي معهم ولمسنا تعاون منهم».
وفي رده على سؤال حول دور الإدارة السابقة للبنك المركزي بصنعاء في الوضع المتردي الذي وصل إليه، ذكر شكيب حبيشي أنه على الرغم من أن الإدارة كانت تعمل في ظل ظروف قسرية فإنه لا يمكن تبرئتها تمامًا. وتابع: «جميعنا ننظر بالتقدير والاحترام للدكتور محمد عوض بن همام المحافظ السابق للبنك، لكن إدارته تتحمل جزءا كبيرا من المسؤولية، كان يمكنها اتخاذ موقف وأن تعري الانقلابيين والضغوطات التي كانت تمارس من قبلهم، والاستنزاف الذي يتم للاحتياطات وإعلان موقف واضح وصريح من هذه الأمور».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».