مقتل قائد قوات انقلابيي اليمن الخاصة على الحدود السعودية

منظمة حقوقية تؤكد مصرع 57 يمنيًا في سجون الانقلاب

العقيد الركن حسن الملصي قائد القوات الخاصة المعين من قبل الحوثيين («الشرق الأوسط»)
العقيد الركن حسن الملصي قائد القوات الخاصة المعين من قبل الحوثيين («الشرق الأوسط»)
TT

مقتل قائد قوات انقلابيي اليمن الخاصة على الحدود السعودية

العقيد الركن حسن الملصي قائد القوات الخاصة المعين من قبل الحوثيين («الشرق الأوسط»)
العقيد الركن حسن الملصي قائد القوات الخاصة المعين من قبل الحوثيين («الشرق الأوسط»)

أكدت مصادر مطلعة تمكن القوات المسلحة السعودية خلال الأيام الماضية من قتل العقيد الركن حسن الملصي قائد القوات الخاصة المعين من قبل الحوثيين أثناء محاولة تسلل عبر الحدود السعودية مع اليمن، ومقتل كثير من العناصر الحوثية الذين كانوا برفقته من أتباع الحوثي وقوات المخلوع علي عبد الله صالح.
ويأتي مصرع القيادي الحوثي، ضمن دفاع القوات المسلحة السعودية عن أرضيها التي يحاول انقلابيو اليمن الاستماتة في اختراقها، وإلحاق الضرر بمواطنيها عسكريا.
وتحبط القوات المسلحة السعودية بشكل دائم، محاولات التسلل والاختراق، إلى جانب الصواريخ الباليستية التي يستهدف بها الانقلابيون أمن المملكة العربية السعودية.
وسبق أن أكدت السعودية أكثر من مرة، أن حدودها عصية على انقلابيي اليمن، إذ قال اللواء أحمد عسيري المستشار بمكتب وزير الدفاع السعودي المتحدث باسم قوات التحالف العربي لاستعادة الشرعية في اليمن في تصريح منتصف الشهر الحالي: «نكرر، الحدود السعودیة لن تكون جزءا في أي معادلة حل سیاسیة یمنیة - یمنیة»، مضيفا أن محاولات الهجوم على الحدود السعودیة لم تتوقف منذ انقضاء الهدنة التي بدورها لم تتوقف بشكل فعلي.
وأوضح عسیري أن الهدف من تجنيد النساء والأطفال، والهجوم على السعودية، یكمن في تحقیق رغبة المخلوع صالح الذي لا یملك صفة أو قیمة سیاسیة في الحكومة الیمنیة حالیا لأن الحكومة المعترف بها هي الحكومة الشرعیة بقیادة الرئیس عبد ربه منصور هادي.
من جهة أخرى، كشفت منظمة حقوقية، غير حكومية، بالأرقام عن حالات التعذيب والوفيات التي يتعرض لها المدنيون في سجون ميليشيات الحوثي والموالين لها من قوات المخلوع صالح الانقلابية.
جاء ذلك خلال تدشين المنظمة الوطنية للتنمية الإنسانية في مدينة تعز، أمس (السبت)، الحملة الوطنية «لمناهضة التعذيب» للمختطفين في سجون ميليشيات الحوثي والمخلوع صالح الانقلابية.
وخلال التدشين، استعرض المنظمون تقريرا صادرا عن التحالف اليمني لرصد انتهاكات حقوق الإنسان، وفيها حالات التعذيب التي تعرض لها مختطفون في اليمن خلال الفترة من يوليو (تموز) 2014 وحتى سبتمبر (أيلول) 2016.
ووثق التقرير «274 حالة تعذيب، احتلت محافظة ذمار المرتبة الأولى من حيث عدد حالات التعذيب، ومن ثم محافظات لحج وإب وأمانة العاصمة صنعاء وتعز والحديدة والبيضاء وعدن وعمران».
وكشف التقرير عن تسجيل «57 حالة وفاة مختطفين داخل سجون الميليشيات خلال الفترة نفسها، بينها 26 حالة وفاة تحت التعذيب و12 حالة إعدام وتصفية بالرصاص الحي لمختطفين داخل السجون و12 حالة وفاة نتيجة استخدام مختطفين دروعا بشرية من قبل الميليشيات الانقلابية في محافظات عدة، أبرزها ذمار»، إضافة إلى تسجيل «10 حالات وفاة لمختطفين مدنيين داخل سجون ميليشيات الحوثي وصالح نتيجة تدهور صحتهم وعدم السماح لهم بتلقي العلاج بشكل كامل».
وذكر التقرير تسجيله لـ«203 حالات تعذيب جسدي ونفسي تعرض لها المختطفون المدنيون في سجون الميليشيات الانقلابية، جراء استخدام مختلف وسائل التعذيب»، مشيرا إلى أن «الأرقام المعلنة لا تمثل كل حالات التعذيب في اليمن، وإنما تمثل فقط الحالات التي تم التحقيق فيها من قبل فريق الرصد».
وبحسب التقرير الصادر الذي تم عرضه، فقد ذكرت إحصائيات حقوقية أن حالات التعذيب في اليمن بلغت 4698، موزعة على 17 محافظة يمنية، وذلك خلال الفترة من يوليو 2014 وحتى أبريل 2016.
في السياق ذاته، أعلنت المنظمة الوطنية مع شركائها المحليين والدوليين إطلاق حملة إلكترونية مرفقة بوسم (هاشتاغ) #أوقفوا_التعذيب_في_اليمن باللغات العربية والإنجليزية والفرنسية. وتهدف الحملة إلى «إبراز قضية التعذيب الذي تمارسه ميليشيات الحوثي وصالح الانقلابية على معارضيها وخصومها السياسيين المختطفون لديها».
من جهة أخرى، واحتفاء باليوم العالمي للسلام، نظمت مؤسسة «تمدين شباب»، منظمة مجتمع مدني غير حكومية، ورشة عمل خاصة بعنوان «الآثار الاجتماعية للصراع في تعز وسبل تعزيز التعايش والسلام الاجتماعي». وتهدف الورشة إلى إيجاد تشخيص موضوعي ودقيق لمجمل الصراع في محافظة تعز وآثاره المجتمعية، إضافة إلى هدفها في خلق دعم مجتمعي مساند وضغط دولي باتجاه صناعة السلام.
وقدم المنظمون في الورشة عرضا متكاملا في المؤسسة توضح بالأرقام «حجم الخسائر والأضرار المادية التي لحقت بالمجتمع في تعز جراء المواجهات»، كما تطرقوا إلى «الانعكاسات السلبية والآثار المعنوية السيئة في تعز جراء الأحداث على وحدة النسيج الاجتماعي».
وتطرق المشاركون في الورشة إلى مجموعة من التصورات والحلول التي من شأنها الحد من «آثار الحرب على التعايش السلمي بين مكونات المجتمع المحلي وتفعيل أدوار اجتماعية معينة في خدمة السلم الاجتماعي بمشاركة فئات المجتمع كافة، إضافة إلى تسليط الضوء حول دور منظمات المجتمع المدني في هذا الخصوص».



تقلبات المناخ تهدد الأمن الغذائي في اليمن

الجفاف واضطرابات المناخ يضربان الأراضي الزراعية ويتسببان في خسائر كبيرة للمزارعين اليمنيين (رويترز)
الجفاف واضطرابات المناخ يضربان الأراضي الزراعية ويتسببان في خسائر كبيرة للمزارعين اليمنيين (رويترز)
TT

تقلبات المناخ تهدد الأمن الغذائي في اليمن

الجفاف واضطرابات المناخ يضربان الأراضي الزراعية ويتسببان في خسائر كبيرة للمزارعين اليمنيين (رويترز)
الجفاف واضطرابات المناخ يضربان الأراضي الزراعية ويتسببان في خسائر كبيرة للمزارعين اليمنيين (رويترز)

يشتكي غالبية مزارعي الحبوب في اليمن من تراجع إنتاجهم سنوياً بسبب تقلبات المناخ وتغير مواسم الأمطار وما تسببه غزارتها غير المتوقعة من جرف للتربة وتخريب للأراضي، وهو ما يتسبب لاحقاً في الإضرار بأمنهم الغذائي خلال الأشهر المقبلة التي تدخل فيها البلاد حالة من الجفاف الموسمي.

وينتهي، منتصف الخريف، موسم زراعة الحبوب في غالبية أنحاء اليمن، بالتزامن مع انخفاض درجات الحرارة وانقطاع الأمطار الموسمية ودخول البلاد في حالة من الجفاف، ويبدأ المزارعون حصر إنتاجهم من الحبوب وتخزينها للاستهلاك، كما يتم تخزين الزرع كأعلاف للمواشي التي تعاني من جفاف المراعي وشح الحشائش والأعشاب التي تتغذى عليها.

وبقدر ما يشعر المزارعون بالفرح خلال فترة جمع محصول موسم زراعة الحبوب، التي تشهد احتفاليات متوارثة تتعدد فيها الأغاني والأهازيج، يخالطهم شعور بالحزن بسبب اضطرارهم لانتظار موسم الأمطار المقبل لأشهر طويلة، وأملهم بهطول أمطار شتوية تساعدهم في زراعة أنواع أخرى من الحبوب.

امرأتان يمنيتان في محافظة تعز تنقلان العلف لتخزينه كغذاء للمواشي بعد انتهاء موسم الحصاد وبدء مواسم الجفاف (البنك الدولي)

يقول سعيد محمد، وهو مزارع مخضرم في مديرية الشمايتين جنوب محافظة تعز (جنوب غرب) إن فصلي الخريف والشتاء يشهدان في الغالب تراجعاً كبيراً في الإنتاج الزراعي، لكن بعض الأعوام قد تشهد سقوط أمطار خفيفة تساعد بعض المزارعين في إنتاج كميات محدودة من حبوب مختلفة عن تلك التي أنتجوها خلال الموسم السابق.

ويوضح المزارع السبعيني في رسالة نقلها لـ«الشرق الأوسط» أحد أبنائه، بسبب عدم خبرته في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، أن بعض المزارعين يحتاطون لمواسم الجفاف بتجميع مياه السيول في خزانات مبنية من الحجارة والأسمنت لزراعة أنواع من الخضراوات، بينما ينتظر آخرون هطول الأمطار الشتوية الخفيفة، وهي نادرة ويقضي المزارعون شتاءهم في انتظارها.

الأمل بأمطار الشتاء

ينتج المزارعون خلال موسم الأمطار الصيفية الذرة الشامية والذرة الرفيعة بأنواعها ومن البقوليات اللوبياء، أما في الشتاء فيكتفون بالذرة الشامية والشعير والعدس والخضراوات.

لكن المزارع حسين أحمد، من مديرية القبيطة التابعة لمحافظة لحج (جنوب)، يشير إلى أن أمطار الشتاء عادة ما تكون وخيمة على المزارعين، خصوصاً مالكي المواشي التي قد تعاني لأسابيع وأشهر طويلة من الجوع وانقطاعها عن المرعى، واعتمادها على ما جرى تخزينه من أعلاف.

مزروعات حبوب يبست في انتظار الأمطار بسبب عدم خبرة المزارعين اليمنيين بتغير مواسم الأمطار (غيتي)

ويبين أحمد، لـ«الشرق الأوسط» أن الأمطار الشتوية تأتي خفيفة وعلى مدى أيام طويلة متصلة مصحوبة بانتشار ضباب كثيف، خصوصاً في المرتفعات الجبلية، ويمنع المزارعون من استخدام الأراضي بشكل جيد، بينما لا تتمكن المواشي من مغادرة مأواها بسبب هذه الأمطار.

إلا أنه، وبعد انقشاع الضباب وتوقف الأمطار، تعود الحياة إلى المراعي التي تعود الحشائش للنمو فيها، وهو ما يفيد المزارعين في الحصول على المزيد من الألبان ومنتجاتها.

وتساهم أمطار الشتاء، على ندرتها، في زيادة المياه الجوفية بفضل هطولها البطيء والطويل مما يساهم في تغلغلها داخل طبقات الأرض وفقاً للخبراء الجيولوجيين، كما تعمل على تحسين جودة الإنتاج الحيواني.

وتراجعت المساحة التي تحتلها زراعة الحبوب في اليمن من أكثر من 585 ألف هكتار قبل الحرب الدائرة في البلاد منذ عام 2014، إلى أقل من 529 ألف هكتار بحسب بعض البيانات والتقديرات عن هيئات حكومية وأخرى تحت سيطرة الجماعة الحوثية، أي بما يزيد على 56 ألف هكتار، من إجمالي المساحة المحصولية المقدرة بـمليون و 124 ألف هكتار.

استثمار بلا ضمانات

يستمر موسم زراعة الحبوب أكثر من 5 أشهر، ويبدأ غالباً منتصف مايو (أيار) الذي يشهد إلقاء البذور في التربة، لينتهي في أواخر أكتوبر (تشرين الأول) وبدايات نوفمبر (تشرين الثاني) بحصد السنابل، ثم نزع الزرع.

مزارع يمني يحصّل منتوجاً قليلاً من قصب السكر الذي يزرع على نحو محدود في البلاد (رويترز)

ويرى الخبير الزراعي محمد سيف ثابت أن أوضاع المزارعين في السنوات الأخيرة تتشابه في جميع الفصول، خصوصاً مع تبدل مواسم الأمطار الصيفية وتغير مواقيتها، ما يصعِّب عليهم تحديدها أو توقعها، إلى جانب التغير الكبير في كمياتها وما تتسبب به من جرف للتربة وتخريب للأراضي.

ويقول ثابت في إيضاحاته لـ«الشرق الأوسط» إن ما يعاني منه المزارعون في الصيف خلال الأعوام الأخيرة، يشبه إلى حد كبير ما يمرون به في الشتاء، حيث يلجأ الكثير منهم إلى بذل جهد كبير وإنفاق أموال في تسوية الأرض ودفن البذور متوقعاً هطول الأمطار. إلا أن تلك البذور قد تتحلل قبل هطول الأمطار، أو تنبش الطيور التربة لتناولها، وهو ما يدفع بعضهم إلى دفن بديل عنها. أما إذا هطلت الأمطار ولم تنبت تلك البذور بسبب تحللها أو نبشها من قبل الطيور، فإنه يستحيل على المزارعين إعادة التجربة قبل أن تعود التربة إلى الجفاف مرة أخرى.

الذرة الرفيعة من أكثر أنواع الحبوب التي يفضلها المزارعون اليمنيون لسهولة الحصول على منتوج وفير منها (إكس)

وأبدى مصدر في وزارة الزراعة اليمنية انزعاجه من لجوء غالبية المزارعين إلى حصد سنابل الحبوب قبل نضجها وتناولها بعد شيها أو سلقها بوصفها وجبات إضافية، فيما يُعرف محلياً بـ«الجهيش»، وهو ما يتسبب في إهلاك الكثير من المحصول والإضرار بالأمن الغذائي للمزارعين خلال الأشهر اللاحقة.

وتابع المصدر الذي فضل عدم ذكر اسمه، أن هذه العادة المتوارثة أصبحت غاية لغالبية المزارعين، لكن الفارق أن المزارعين في السابق، قبل عشرات وربما مئات السنين،كانوا يعتمدون على «الجهيش» بوصفها وجبات أساسية، إلى جانب قلة استهلاكهم لها، في الوقت نفسه الذي يملكون فيه كميات من ناتج الحبوب يغطي موسم الجفاف.

أما في الوقت الراهن؛ فإن غالبية المزارعين يكتفون بالحصول على «الجهيش» ولا يقومون بتخزين سوى كميات قليلة من الحبوب.