سوريا: قوات النظام تواصل الهجوم بشن غارات مكثفة على مناطق المعارضة في حلب

واشنطن وموسكو تتبادلان الاتهام حول فشل الهدنة

سوريا: قوات النظام تواصل الهجوم بشن غارات مكثفة على مناطق المعارضة في حلب
TT

سوريا: قوات النظام تواصل الهجوم بشن غارات مكثفة على مناطق المعارضة في حلب

سوريا: قوات النظام تواصل الهجوم بشن غارات مكثفة على مناطق المعارضة في حلب

أفادت مصادر من المعارضة السورية وأحد عمال الإنقاذ و«المرصد السوري لحقوق الإنسان» بأن طائرات حربية شنت موجة جديدة من الضربات على المناطق الواقعة تحت سيطرة المعارضة في حلب اليوم (السبت)، في استمرار لهجوم كبير لقوات النظام السوري المدعومة من روسيا.
وقال عمار السلمو، مدير الدفاع المدني في المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة شرق حلب لوكالة «رويترز» للأنباء، إن الضربات مستمرة وإن هناك طائرات في السماء الآن.
وذكر مدير «المرصد السوري لحقوق الإنسان» رامي عبد الرحمن أيضًا أن الغارات مكثفة ومستمرة، في حين أشار سكان في شرق حلب إلى أن المنطقة تعرضت لأشرس قصف خلال الحرب أمس، بعدما أعلن الجيش هجومًا جديدًا لاستعادة المدينة المقسمة بالكامل.
وقال مسؤولون في المعارضة إن الضربات الجوية المكثفة صباح اليوم استهدفت 4 مناطق على الأقل في الشرق الذي تسيطر عليه المعارضة، وحيث يقيم أكثر من 250 ألف نسمة.
ويوضح سكان أن الأسلحة التي تُستخدم حاليًا أكثر تدميرًا من أي أسلحة استخدمت في المنطقة من قبل، وأن مباني كثيرة انهارت تمامًا.
وتحدّث مسؤول كبير في «جبهة فتح الشام» المعارضة في حلب عن استخدام النظام لأسلحة تهدف فيما يبدو إلى تدمير المباني، مضيفًا أن معظم الضحايا تحت الأنقاض لأن أكثر من نصف العاملين في الدفاع المدني اضطروا لترك الخدمة.
وقال «المرصد السوري» إنه وثق مقتل 47 شخصًا منذ أمس من بينهم 5 أطفال، في وقت أعلن السلمو أن عدد القتلى يزيد على 100.
وبعد أسبوع من المحادثات الدبلوماسية الشاقة، تتبادل الولايات المتحدة وروسيا الاتهام بالمسؤولية وراء الفشل في إنقاذ الهدنة في سوريا.
ورغم حدة الاتهامات بينهما في الجمعية العامة للأمم المتحدة، فإن وزيري الخارجية الأميركي جون كيري والروسي سيرغي لافروف تعهدا بمواصلة المحادثات على أمل التوصل إلى حل للنزاع الذي أوقع أكثر من 300 ألف قتيل في 5 سنوات، وتسبب بأسوأ أزمة إنسانية منذ الحرب العالمية الثانية.
وصرح لافروف في مؤتمر صحافي الجمعة، بأن الهدنة التي انهارت الاثنين بعد فرضها بصعوبة في مطلع سبتمبر (أيلول) بفضل جهوده ونظيره الأميركي «لا سبب لوجودها» ما لم تفك المعارضة السورية ارتباطها بالمجموعات الإرهابية.
وتشترط موسكو على واشنطن أن تبتعد الفصائل المقاتلة المعتدلة عن جبهة فتح الشام، النصرة سابقًا، التي لم تشملها الهدنة.
وتابع لافروف: «غض النظر عن قيام (جبهة) النصرة بتمويه مواقعها من خلال التعاون مع فصائل معتدلة لتفادي التعرض للقصف، ليس ما اتفقنا عليه»، في إشارة إلى الاتفاق الموقع في التاسع من سبتمبر مع كيري في جنيف.
وطالب لافروف التحالف الدولي بقيادة واشنطن بإثبات أنه «يتمتع بالنفوذ لدى الجهات على الأرض» أي فصائل المعارضة.
وتابع لافروف: «لا أعتقد أن ذلك مطلب كبير»، متعهدًا في تلك الحالة بفرض «وقف إطلاق نار دائم».
من جهته، لا يزال كيري يحتفظ ببصيص أمل دبلوماسي حول سوريا ويريد الحفاظ على الحوار مع لافروف بأي ثمن. الجمعة، لم يتحدث كيري صراحة عن فشل، لكنه لم يخفِ تشاؤمه بشأن استئناف المفاوضات السياسية حول سوريا، واكتفى بالإشارة إلى «تقدم محدود جدًا» بعد لقائه لافروف.
وقال كيري: «نجري تقييمًا لبعض الأفكار المشتركة بطريقة بناءة». مساء الخميس، وبعد فشل دبلوماسي لمجموعة الدعم الدولية لسوريا، التي تضم 23 دولة ومنظمة دولية في نيويورك، حث كيري موسكو على إبداء «الجدية» من أجل إعادة العمل بالهدنة، وحمل النظام السوري على التوقف عن شن الغارات.
والجمعة، غرقت الأحياء الشرقية في مدينة حلب في شمال سوريا في جحيم الغارات الكثيفة التي شنتها طائرات سورية وروسية، متسببة بدمار هائل ومقتل أكثر من أربعين مدنيًا، بعد ساعات من إعلان الجيش السوري بدء هجوم في المنطقة.
في مجلس الأمن الدولي الأربعاء، اعتمد كيري لهجة أكثر حدة، محملاً موسكو «مسؤولية» غارة دموية استهدفت قافلة مساعدات إنسانية تابعة للأمم المتحدة الاثنين. ولم يتردد كيري في انتقاد «العالم الموازي»، الذي يعيش فيه لافروف وغارات النظام السوري، التي تستهدف «المستشفيات وتستخدم الكلور أيضًا وأيضًا من دون أي عقاب».
من جهته، أكد لافروف من على منبر الأمم المتحدة الجمعة أنه «لا بديل» عن العملية الدبلوماسية التي ترعاها واشنطن وموسكو.
وشدد على ضرورة الحفاظ على هذا الحوار، لأن «الحل العسكري غير ممكن» في سوريا، مستعيدًا إحدى عبارات كيري.
أما وزير الخارجية الفرنسي جان - مارك إيرولت، فاعتبر أن «التعاون الأميركي الروسي بلغ أقصى حد له»، مضيفًا أن «الوقت حان للانتقال إلى مقاربة أكثر شمولية».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».