بيرن.. وجهة العائلات في سويسرا

كرمتها «اليونيسكو» كأحد مواقع التراث العالمي

تراث وروعة في الطبيعة   -  جميلة صيفا وشتاء
تراث وروعة في الطبيعة - جميلة صيفا وشتاء
TT

بيرن.. وجهة العائلات في سويسرا

تراث وروعة في الطبيعة   -  جميلة صيفا وشتاء
تراث وروعة في الطبيعة - جميلة صيفا وشتاء

زاخرة بالغابات الخضراء، بالأنهار والبحيرات الزرقاء، جمالها الطبيعي كجبالها المهيبة وكهوفها العميقة وشلالاتها المنعشة، سويسرا تعتبر ساحة مغامرة ضخمة جاهزة للاستكشاف. في سويسرا يعتبر التوقف بإحدى الوجهات العائلية، مثل بيرن وكران مونتانا متعة تفوق الخيال.
لهذه العاصمة السويسرية سحرٌ مميز، مع إرثها الثقافي الهائل، والمتعة والاسترخاء في فنادقها المترفة، ومتاجرها الخاصة، ومطاعمها الممتازة. ولكن ما يميّز بيرن بحق هو الرّقي المحبوك بشكلٍ أنيقٍ بنسيج مدينة لا مثيل لها. تعتبر مدينة بيرن جوهرةً مدنية، حيث كرّمتها منظمة «اليونيسكو» باعتبارها أحد مواقع التراث العالمي. تتمتّع المدينة بوجود المطار الدّولي ومسارات القطارات عالية السرعة (من نوع TGV وICE)، مما يسهل الترحال منها وإليها. بفضل موقعها المركزي، تعدّ بيرن مكانًا مثاليًا للانطلاق بالنزهات والرحلات عبر سويسرا ولذلك أطلق عليها اسم «بوّابة جبال الألب». يحصل كل من زوّار بيرن بشكلٍ أوتوماتيكي على «بطاقة بيرن» عند البقاء لقضاء ليلةٍ فيها، تشمل البطاقة تكاليف جميع المواصلات العامة في بيرن إضافة إلى رحلة على متن السكك الحديدية المعلّقة إلى جبل جورتين.
** التسوق
ستحصل في بيرن على كلّ ما تتمناه بأفضل الأسعار مع كثير من العلامات التجارية العالمية، ومتاجر الأزياء، وبائعي الجواهر والمتاجر الفاخرة التي تعنى بمختلف السّلع. 6 كيلومترات من أروقة التسوق وأجنحتها، وهي معروفة محليًا لكونها أطول متنزهات التسوق المغطاة في أوروبا، مما يوفر للزوار تجربةً تسوق مميزة جدًا. يعتبر مجمّع «ويستسايد» الترفيهي للتسوق، الموجود على طرف المدينة، من أهم المعالم المعمارية، صممت هذه التحفة الفنية من قبل المعماري دانييل ليبزكيند المعروف عالميًا، وهو المكان الأمثل للتسوق الفاخر، والاستمتاع بالوقت، والاسترخاء.
** الاستجمام والترفيه
تقدّم الحديقة الكبرى «روز غاردن» بموقعها المرتفع أجمل الإطلالات على المدينة القديمة وانحناءة نهر آر، كما أنها تضم 220 نوعًا مختلفًا من الورود، وهي مكانٌ مناسب للعائلات لقربها من حديقة «بير بارك» للأطفال والمدينة القديمة بجانب النهر، الذي يوجد على الجهة الأخرى منه جبل جورتين مع كثير من النشاطات الترفيهية. كما أن الحديقة تعد زوارها بكثير من التسالي بوجود منطقة خاصة لألعاب الأطفال، وسكة حديدية مصغرة، وعدد من المطاعم وبرج للمراقبة، في الأيام التي يكون فيها الجو مشرقًا تظهر جبال الألب بمنظرٍ خلاب. الركوب على متن السكة الحديدية المعلقة تجربة مذهلة بحدّ ذاتها.
** التجوال في منطقة بيرن
يتميز وادي إيمينتال بمناظر تلاله الساحرة وقصصه الخيالية. تجوّل في المناطق الطبيعية التي لم تطأها قدم إنسان من قبل، وتعرّف على الأسرار المحلية الحقيقية - مثل سر جبن إيمينتال. يمكنك مشاهدة عملية صناعة جبن إيمينتال AOP الجبن السويسري التقليدي في مصنع «إيمينتال شو ديري» في أفولتيرن إم أيمينتال، الذي يفتح أبوابه للزوار على مدى العام. ويمكنك زيارة أشهر مصانع البسكويت في سويسرا في قرية تروبشاخن، وانتقي ما تشتهيه من بين أكثر من 100 نوع من البسكويت. تعرّف على عالم «كامبلي» وحكايته التي يبلغ عمرها 100 عام وحرّك أحاسيسك كلها، سيكون يومًا ممتعًا للعائلة بأكملها.
** أماكن الإقامة
أُعيد افتتاح الفندق الرائد «شفايزرهوف بيرن» الذي جدد بالكامل في عام 2011، بمزيجٍ من التقاليد الأصيلة وذوقٍ عصري، مع تصميمٍ أنيق وخدمة حصرية، وردهة السيجار ومنطقة للعناية بالصحة بمساحة 500 متر مربع. وهو جزء من شركة «كاتارا للضيافة» المحدودة. وتتوفر خدمات «دوحة لتقديم الطعام» للضيوف من منطقة دول الخليج العربي.
يتميز فندق «بيلفو بالاس» بموقعه في مركز المدينة القديمة، حيث يتألّق بالأجواء الساحرة التي تتمتع بها الفنادق الكبرى. إنّه الفندق الذي تختاره الحكومة السويسرية للإقامة، كما أنه يقدّم لزوّاره الخدمات ذاتها التي تمنح لرجل حكومة، وهو ذو إطلالة مذهلة على نهر آر وجبال الألب من الأجنحة التي جُدّدت كليًا أخيرًا.
** زيارات مميزة
* حديقة «بيرن آكوا» للألعاب المائية - مصدر مميز للمتعة والاسترخاء
تبلغ مساحة منطقة الألعاب المائية أكثر من 2000 متر مربّع مع المنتجع الصحي الذي يضم كثيرًا من حجرات الساونا ومركزًا رياضيًا في «مركز ويستدسايد للتسالي والتسوق»
* جولة «ريكشا - آيبود أوديوغايد» في العربة الهندية
تعرّف على بيرن بسرعةٍ ممتعة على متن الريكاشة (عربة هندية) المريحة ذات العجلات الثلاثة مع سائقك الخاص.
* حديقة حيوانات دالوزلي
تفتح حديقة الحيوانات دالوزلي أبوابها مع أكثر من 200 فصيلة من الحيوانات لتستقبل الزوار على مدار السنة، كما أن معظم الأماكن فيها مجانية.



سوق البحرين العتيقة... روح البلد وعنوان المقاهي القديمة والجلسات التراثية

سوق المنامة القديم (إنستغرام)
سوق المنامة القديم (إنستغرام)
TT

سوق البحرين العتيقة... روح البلد وعنوان المقاهي القديمة والجلسات التراثية

سوق المنامة القديم (إنستغرام)
سوق المنامة القديم (إنستغرام)

«إن أعدنا لك المقاهي القديمة، فمن يُعِد لك الرفاق؟» بهذه العبارة التي تحمل في طياتها حنيناً عميقاً لماضٍ تليد، استهل محمود النامليتي، مالك أحد أقدم المقاهي الشعبية في قلب سوق المنامة، حديثه عن شغف البحرينيين بتراثهم العريق وارتباطهم العاطفي بجذورهم.

فور دخولك بوابة البحرين، والتجول في أزقة السوق العتيقة، حيث تمتزج رائحة القهوة بنكهة الذكريات، تبدو حكايات الأجداد حاضرة في كل زاوية، ويتأكد لك أن الموروث الثقافي ليس مجرد معلم من بين المعالم القديمة، بل روح متجددة تتوارثها الأجيال على مدى عقود.

«مقهى النامليتي» يُعدُّ أيقونة تاريخية ومعلماً شعبياً يُجسّد أصالة البحرين، حيث يقع في قلب سوق المنامة القديمة، نابضاً بروح الماضي وعراقة المكان، مالكه، محمود النامليتي، يحرص على الوجود يومياً، مرحباً بالزبائن بابتسامة دافئة وأسلوب يفيض بكرم الضيافة البحرينية التي تُدهش الزوار بحفاوتها وتميّزها.

مجموعة من الزوار قدموا من دولة الكويت حرصوا على زيارة مقهى النامليتي في سوق المنامة القديمة (الشرق الأوسط)

يؤكد النامليتي في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن سوق المنامة القديمة، الذي يمتد عمره لأكثر من 150 عاماً، يُعد شاهداً حيّاً على تاريخ البحرين وإرثها العريق، حيث تحتضن أزقته العديد من المقاهي الشعبية التي تروي حكايات الأجيال وتُبقي على جذور الهوية البحرينية متأصلة، ويُدلل على أهمية هذا الإرث بالمقولة الشعبية «اللي ما له أول ما له تالي».

عندما سألناه عن المقهى وبداياته، ارتسمت على وجهه ابتسامة وأجاب قائلاً: «مقهى النامليتي تأسس قبل نحو 85 عاماً، وخلال تلك المسيرة أُغلق وأُعيد فتحه 3 مرات تقريباً».

محمود النامليتي مالك المقهى يوجد باستمرار للترحيب بالزبائن بكل بشاشة (الشرق الأوسط)

وأضاف: «في الستينات، كان المقهى مركزاً ثقافياً واجتماعياً، تُوزع فيه المناهج الدراسية القادمة من العراق، والكويت، ومصر، وكان يشكل ملتقى للسكان من مختلف مناطق البلاد، كما أتذكر كيف كان الزبائن يشترون جريدة واحدة فقط، ويتناوبون على قراءتها واحداً تلو الآخر، لم تكن هناك إمكانية لأن يشتري كل شخص جريدة خاصة به، فكانوا يتشاركونها».

وتضم سوق المنامة القديمة، التي تعد واحدة من أقدم الأسواق في الخليج عدة مقاه ومطاعم وأسواق مخصصة قديمة مثل: مثل سوق الطووايش، والبهارات، والحلويات، والأغنام، والطيور، واللحوم، والذهب، والفضة، والساعات وغيرها.

وبينما كان صوت كوكب الشرق أم كلثوم يصدح في أرجاء المكان، استرسل النامليتي بقوله: «الناس تأتي إلى هنا لترتاح، واحتساء استكانة شاي، أو لتجربة أكلات شعبية مثل البليلة والخبيصة وغيرها، الزوار الذين يأتون إلى البحرين غالباً لا يبحثون عن الأماكن الحديثة، فهي موجودة في كل مكان، بل يتوقون لاكتشاف الأماكن الشعبية، تلك التي تحمل روح البلد، مثل المقاهي القديمة، والمطاعم البسيطة، والجلسات التراثية، والمحلات التقليدية».

جانب من السوق القديم (الشرق الاوسط)

في الماضي، كانت المقاهي الشعبية - كما يروي محمود النامليتي - تشكل متنفساً رئيسياً لأهل الخليج والبحرين على وجه الخصوص، في زمن خالٍ من السينما والتلفزيون والإنترنت والهواتف المحمولة. وأضاف: «كانت تلك المقاهي مركزاً للقاء الشعراء والمثقفين والأدباء، حيث يملأون المكان بحواراتهم ونقاشاتهم حول مختلف القضايا الثقافية والاجتماعية».

عندما سألناه عن سر تمسكه بالمقهى العتيق، رغم اتجاه الكثيرين للتخلي عن مقاهي آبائهم لصالح محلات حديثة تواكب متطلبات العصر، أجاب بثقة: «تمسكنا بالمقهى هو حفاظ على ماضينا وماضي آبائنا وأجدادنا، ولإبراز هذه الجوانب للآخرين، الناس اليوم يشتاقون للمقاهي والمجالس القديمة، للسيارات الكلاسيكية، المباني التراثية، الأنتيك، وحتى الأشرطة القديمة، هذه الأشياء ليست مجرد ذكريات، بل هي هوية نحرص على إبقائها حية للأجيال المقبلة».

يحرص العديد من الزوار والدبلوماسيين على زيارة الأماكن التراثية والشعبية في البحرين (الشرق الأوسط)

اليوم، يشهد الإقبال على المقاهي الشعبية ازدياداً لافتاً من الشباب من الجنسين، كما يوضح محمود النامليتي، مشيراً إلى أن بعضهم يتخذ من هذه الأماكن العريقة موضوعاً لأبحاثهم الجامعية، مما يعكس اهتمامهم بالتراث وتوثيقه أكاديمياً.

وأضاف: «كما يحرص العديد من السفراء المعتمدين لدى المنامة على زيارة المقهى باستمرار، للتعرف عن قرب على تراث البحرين العريق وأسواقها الشعبية».