خسائر متوالية للانقلابيين بجبهات تعز.. والأهالي يترقبون وعود المنظمات الإغاثية

الميليشيات تقصف قرى الصلو وتدفع بتعزيزات عسكرية إلى الصيار بعد تهجير أهاليها

مقاتل في الجيش اليمني يشارك في صد الهجمات الانقلابية في كهبوب بمحافظة تعز (أ.ف.ب)
مقاتل في الجيش اليمني يشارك في صد الهجمات الانقلابية في كهبوب بمحافظة تعز (أ.ف.ب)
TT

خسائر متوالية للانقلابيين بجبهات تعز.. والأهالي يترقبون وعود المنظمات الإغاثية

مقاتل في الجيش اليمني يشارك في صد الهجمات الانقلابية في كهبوب بمحافظة تعز (أ.ف.ب)
مقاتل في الجيش اليمني يشارك في صد الهجمات الانقلابية في كهبوب بمحافظة تعز (أ.ف.ب)

تكبدت ميليشيات الحوثي والموالون لهم من قوات المخلوع صالح الانقلابية، خسائر كبيرة في الأرواح والعتاد، جراء المواجهات العنيفة في مختلف جبهات القتال في محافظة تعز، ثالث كبرى المدن اليمنية جنوب العاصمة صنعاء، وغارات التحالف المركزة والمباشرة على مواقع وتجمعات وتعزيزات الميليشيات الانقلابية، خصوصا في جبهات حيفان والصلو في أرياف تعز.
وبالتزامن مع الخسائر، ردت الميليشيات الانقلابية على خسائرها بالقصف العنيف بصواريخ الكاتيوشا ومدافع الهاون من مواقع تمركزها على أحياء مدينة تعز، وتركز القصف العنيف من مواقع تمركزها في دمنة خدير، غرب مدينة تعز، والراهدة، جنوب شرقي المدينة، إلى قرى مديرية الصلو وحيفان والمفاليس، جنوب المدينة.
ودفعت ميليشيات الحوثي والمخلوع صالح الانقلابية، بتعزيزات عسكرية كبيرة إلى مواقعها في محيط المدينة، إضافة إلى محيط جبل (هان) الاستراتيجي والربيعي وحذران، وإلى قرية الصيار في الصلو، جنوب المدينة، بعدما باشرت بحملة تهجير قسري لأكثر من 120 أسرة من أهالي قرية الصيار؛ لتجعل من منازلهم ثكنات عسكرية ومخازن لأسلحتها.
وقالت مصادر ميدانية في المقاومة الشعبية في تعز لـ«الشرق الأوسط» إن «الميلشيات الانقلابية صعدت من قصفها على أحياء مدنية تعز خلال أيام العيد، وليس في العيد فقط، ولكن منذ أكثر من عام وعلى مدار الساعة، ما فاقم من الوضع في مدينة تعز، وتسبب في نزوح المئات من أهالي المدينة إلى قراهم، والبعض منهم من كان قد عاد إلى منزله الشهر الماضي عند فتح خط الضباب، المنفذ الغربي؛ الأمر الذي «جعل العيد ممزوجا بالدم بدلا عن الفرحة».
وأضافت: «قصفت ميليشيات الحوثي والمخلوع صالح بشكل عنيف بصواريخ الكاتيوشا والمدفعية من مواقع تمركزها في الاكبوش، قرية المرابدة الواقعة في عزلة الأحكوم بحيفان، وقرى الصلو التي عززت إليها أيضا بأفراد وعتاد عسكرية إلى قرية الصيار التي هجرت سكانها بقوة السلاح، إضافة إلى استمرارها بحملة اعتقالات تطال المواطنين الرافضين لتواجدهم، وآخرها اعتقال مواطنين من منطقة الاعبوس في حيفان، واحتجزتهم في المجمع الحكومي التي تسيطر عليها». وأكدت المصادر ذاتها أن «مدفعية الجيش الوطني والمقاومة الشعبية ردت على مصادر القصف عليها، وأنها كبدتهم خسائر كبيرة ودمرت شيول ومدرعة تتبع الميليشيات، إضافة إلى سقوط 12 قتيلا وعدد من الجرحى من عناصر الميليشيات الانقلابية في الصلو».
وبينما شهدت منطقة سوق الربوع، التابعة لمديرية المقاطرة في محافظة لحج والقريبة من طريق نقيل هيجة العبد، خط الشريان الرئيسي بين مدينتي تعز وعدن بمرورها إلى مدينة التربة بتعز، التي تحاول الميليشيات الانقلابية الوصول لها وقطع طريق النقل، مواجهات عنيفة بين قوات الجيش الوطني والمقاومة الشعبية، من جهة، وميليشيات الحوثي والمخلوع صالح الانقلابية، من جهة أخرى؛ جراء منع قوات الجيش والمقاومة الميليشيات الانقلابية من الوصول إلى الطريق وقطعه.
وأكدت المصادر الميدانية لـ«الشرق الأوسط» «مقتل القيادي الحوثي مراد القرادي، في منطقة حواجة القريبة من طور الباحة، جنوب تعز، بعد مواجهات عنيفة حاولت الميليشيات الانقلابية قطع الطريق الوصل بين مدينتي عدن وتعز، كما جرى تبادل لقصف مدفعي بين قوات الجيش الوطني والمقاومة في الجاهلي، شرق المقاطرة، وميليشيات الحوثي والمخلوع صالح في منطقة الانكاب والسود في حيفان».
إلى ذلك، تجددت المواجهات في مختلف جبهات تعز في ظل تحقق قوات الجيش الوطني والمقاومة الشعبية التقدم الكبير، سقط على إثرها قتلى وجرحى من الجانبين، ورافقها إحباط تقدم الميليشيات الانقلابية إلى مواقع الجيش والمقاومة في الجبهات الشرقية والشمالية والغربية التي لا تزال تشهد مواجهات وتصديا لمحاولات الميليشيات التقدم واستعادة مواقع تم دحرهم منها.
واغتنمت عناصر المقاومة الشعبية والجيش الوطني مدرعة عسكرية في الجبهة الغربية بعد مقتل عدد من الميلشيات الانقلابية وفرار من تبقى منهم من مواقعهم، بحسب مصادر ميدانية في المقاومة الشعبية لـ«الشرق الأوسط».
وعلى السياق ذاته، لا يزال أهالي مدينة تعز يعانون الأمرين (الحرب والحصار) جراء استمرار قصف ميليشيات الحوثي والمخلوع صالح الانقلابية المستمر على الأحياء السكنية وسط المدينة، وحصارها على جميع مداخل المدينة وتمنع دخول المواد الغذائية والدوائية والطبية وجميع المستلزمات، وما يدخل إلى المدينة يأتي عبر طرق جبلية ووعرة وطويلة.
ورغم الكسر الجزئي في أواخر شهر أغسطس (آب) الماضي عبر خط الضباب، غرب المدينة، الطريق التي تصل المدينة بقرى الحجرية وإلى مدينة التربة، أكبر مدينة في قضاء الحجرية، لا يزال أهالي مدينة تعز يعانون وضعا إنسانيا صعبا، في حين لا يزالون ينتظرون وعود المنظمات الدولية بتقديم المساعدات الإغاثية بعدما كانت تتحجج بعدم استطاعتها تقديم المساعدة إلى أهالي المدينة جراء استمرار الميليشيات الانقلابية حصارها لجميع المنافذ.
يشار إلى أن مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية يعد أول جهة كسر حصار تعز، وكان المركز نقل يوم العاشر من سبتمبر (أيلول) الحالي 43 مصابا يمنيا من تعز لعلاجهم في السودان على نفقته. وفي نهاية أغسطس الماضي، وصلت مدينة تعز شاحنتان محملتان بأكثر من 12 طنا من الأدوية والمستلزمات الطبية الطارئة، مقدمة من المركز بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية. وأوضح تقرير صادر عن المنظمة، أن المساعدات تحتوي على مستلزمات علاج حالات الطوارئ وأدوية متعددة.
وأكدت المنظمة، أن هذه المساعدات تأتي استجابة للاحتياجات الصحية الماسة في مدينة تعز، التي تشهد وضعًا صحيًا متدهورًا بسبب الأزمة الراهنة.



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.