ضبط أسلحة إيرانية جديدة كانت في طريقها إلى الحوثيين

نائب رئيس الأركان اليمني لـ«الشرق الأوسط»: استحداث خطة تحريك موحد لجميع الجبهات

قيادي في الجيش اليمني مع مقاتلين في جبهة حمك («الشرق الأوسط»)
قيادي في الجيش اليمني مع مقاتلين في جبهة حمك («الشرق الأوسط»)
TT

ضبط أسلحة إيرانية جديدة كانت في طريقها إلى الحوثيين

قيادي في الجيش اليمني مع مقاتلين في جبهة حمك («الشرق الأوسط»)
قيادي في الجيش اليمني مع مقاتلين في جبهة حمك («الشرق الأوسط»)

ضبطت القوات المسلحة اليمنية، شحنات من الأسلحة متنوعة الاستخدام «متوسطة وخفيفة»، قادمة من العاصمة الإيرانية «طهران»، في عدد من المواقع الحدودية، وبعض الجبهات التي سيطر عليها الجيش حديثا، فيما رصد الجيش عمليات تهريب للمرتزقة من القرن الأفريقي لدعم الحوثيين في المواجهات العسكرية.
وتعاملت القوات المسلحة، وفقا لنائب رئيس هيئة الأركان في القوات المسلحة اللواء ركن دكتور ناصر الطاهري، بما يتوافق عليه في مثل هذه الحالات، موضحا أن الإمداد الإيراني للحوثيين مستمر ولم ينقطع منذ أن انقلب المسلحون على الشرعية، مستغلين كل الظروف التي تمر بها البلاد، من ضعف مراقبة الحدود، كما أنهم يستفيدون من الهدنات التي يتفق عليها في تهريب السلاح المتوسط والخفيف للانقلابيين، لافتا إلى أن القوات المسلحة أطلعت القيادة العليا على خطة التحريك الموحد لجميع الجبهات.
وأشار اللواء الطاهري، إلى أن الجيش يعمل في هذه الفترة على جمع المعلومات كافة حول عمليات التهريب، وآلية إدخال السلاح الإيراني للأراضي اليمنية، فيما يرصد المختصون في الجيش الشبكات أو الجهات التي تقوم بنقل هذه الشحنات من إيران إلى الجبهات المشتعلة، موضحا أن هناك كثيرا من الاحتمالات التي يرصدها الجيش والجاري التعامل معها لوقف هذه التجاوزات التي تستهدف البلاد.
وقال اللواء الطاهري، أن «العدو» على حد وصفه، يعيش مرحلة حرجة وتخبطا كبيرا في الاستراتيجية العسكرية والمواجهات المباشرة مع الجيش، كما أن معنويات أفراده والتي نلمسها أثناء سقوطهم أسرى في قبضة الجيش، منهارة جدا، ومنهم من يفر من المعارك قبل تقدم الجيش مخلفين أسلحتهم في المواقع، وهو ما يدفع الحوثيين للاعتماد على مثل هذه العمليات من التهريب في السلاح للظهور بمظهر القوة أمام أنصاره.
وأكد اللواء الطاهري، أن عمليات تهريب المرتزقة، من القرن الأفريقي، والتي يعتمد عليها الحوثيون في المرحلة المقبلة لا تزال مستمرة، وذلك بهدف تعويض النقص بعد سقوط أعداد كبيرة في قبضة الجيش الوطني، ومقتل كثير منهم في المواجهات، وهي محاولة من الانقلابيين لضبط الأمور بعد أن خرجت بعض المواقع عن سيطرتهم، مشددا أن هؤلاء الأفراد القادمين من خارج الحدود لن يقدموا الدعم المطلوب الذي تريد الميليشيات الحصول عليه في جبهات القتال.
وكانت «الشرق الأوسط» قد حصلت في يوليو (تموز) على معلومات عسكرية، مفادها ضلوع إيران في تهريب أسلحة من خلال مد جسر عائم مشابه لما استخدم في معارك عسكرية كبرى، يصل إلى شواطئ باب المندب، مستفيدة من الجزيرتين اللتين استأجرتهما طهران من إحدى الدول الأفريقية القريبة من اليمن.
وجاءت هذه المعلومات بعد أن تمكن الجيش اليمني في ذلك الوقت من ضبط كميات كبيرة من الأسلحة الثقيلة والمتوسطة، وملايين من الذخائر الحية لمختلف الأسلحة، بالقرب من شواطئ باب المندب، محملة في مركبات ومعدة للانتقال إلى مواقع مختلفة، إذ قامت فرق البحث والتحري برصد جميع التحركات ومتابعة السواحل التي تقع تحت سيطرة الجيش، وتبين فيما بعد أن الأسلحة نقلت من جزيرتين تابعتين لدولة أفريقية استأجرتهما إيران لتدريب قيادات في ميليشيا الحوثي، ودعمهم بالسلاح خلال هذه الفترة التي يعاني منها الحوثيون من نقص الموارد الأساسية.
واعتمدت إيران، وفقا لمختصين في الشأن السياسي، هذه الطريقة في عملية التهريب، لحاجة الميليشيات في هذه المرحلة للسلاح وتحديدا في المناطق البعيدة من صنعاء، ونجاح طيران التحالف العربي في ضرب القطع العسكرية المتحركة، كذلك عدم القدرة على نقل المعدات من الحديدة إلى المواقع التي يرغبون في السيطرة عليها، فكان على «طهران» أن تغير عمليات التهريب من خلال الجزيرتين اللتين تتبعان إيران في إحدى الدول الأفريقية.
وبالعودة لنائب رئيس هيئة الأركان في القوات المسلحة اليمنية، قال إن إيران تهدف من عملياتها في تهريب السلاح للحوثيين، إلى أن تجعل اليمن يعيش في حرب دائمة، وبخاصة أن الحوثيين يدركون أنهم يتراجعون في مواقع مختلفة، لذا تقوم إيران بهذا الدور منذ فترة طويلة لإبقاء الحوثيين في المشهد اليمني العام.
وحول خطة التحريك الموحد للجبهات، قال اللواء الطاهري، إنه جرى التواصل مع القيادات العليا، بالتنسيق مع قوات التحالف العربي الذي تقوده السعودية، حول تحريك الجبهات كافة في وقت واحد لمباغتة الحوثيين وحليفهم الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح، وهذا التحريك الموحد سيدفع الميليشيات للتراجع وإلحاق خسائر كبيرة في قدرتها العسكرية في عدد من الجبهات، وجاري التفاهم على هذه الاستراتيجية لضمان نجاح المرحلة المقبلة من المواجهات المباشرة.
وأردف، أن القوات المسلحة أبلغت القيادة العليا للجيش، وقادة قوات التحالف العربي حول نقص بعض الإمدادات ومنها الذخائر، والتي من المتوقع أن تصل خلال الأيام المقبلة، والتي سيكون لها دور كبير في تقدم الجيش بشكل مباشر في الجبهات القريبة من العاصمة اليمنية «صنعاء»، وبخاصة أن الجيش يمتلك كل الإمكانات والقدرات العسكرية التي تمكنه من تحرير المواقع كافة.
ميدانيا نجح الجيش اليمني، بحسب اللواء الطاهري، في التقدم بشكل كبير على الجبهات كافة، مسنودا بالمقاومة الشعبية، ففي جبهة نهم يستكمل الجيش باقي المهام العسكرية بعد أن تقدم بشكل كبير، كما تقدمت القوات باتجاه صرواح وحققت انتصارات كبيرة دفعت الحوثيين للتراجع والفرار في بعض المواقع، كذلك تمكن الجيش من التقدم في الجوف وأحرز نجاحا في تحرير بعض المواقع الحيوية، لافتا إلى أن المقاومة الشعبية بمساندة الجيش في جبهة تعز تسطر أروع البطولات في الدفاع عن المدن ومنع تقدم الميليشيات وصد هجومها، كما أن المقاومة والجيش تحولا من حالة الدفاع للهجوم في كثير من الحالات، ونجحا في تكبيد الميليشيات خسائر كبيرة.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.