لبنى عبد العزيز لـ«الشرق الأوسط»: نادمة على عودتي للوسط الفني

الفنانة المصرية ترى أن السينما أصبحت «ماسخة» وأن التقليد للغرب أعمى وضعيف

لبنى عبد العزيز في أحد أفلامها
لبنى عبد العزيز في أحد أفلامها
TT

لبنى عبد العزيز لـ«الشرق الأوسط»: نادمة على عودتي للوسط الفني

لبنى عبد العزيز في أحد أفلامها
لبنى عبد العزيز في أحد أفلامها

خطفت الأنظار بجمالها الشرقي الرائع وأنوثتها الطاغية التي تبوأت بها مكانة رفيعة كفتاة أحلام لملايين الشباب في الخمسينات والستينات.
لقبت بـ«عروس النيل»، التي لمعت في السينما المصرية في أفلام كثيرة، لتغيب بعدها لسنوات طويلة تجاوزت 40 عامًا عن الوسط الفني، بعد زواجها وسفرها مع عائلتها إلى الولايات المتحدة الأميركية، لتأخذ قرار العودة والاستقرار في مصر منذ عدة سنوات.
الفنانة لبنى عبد العزيز حفرت اسمها بحروف ذهبية على الشاشة الفضية، يعجز الزمن عن محوها.. «الشرق الأوسط» التقت «هاميس» العروس الفرعونية، على ضفاف نيل القاهرة، لتكشف بداية أنها رغم تاريخها الفني الطويل، فإنها لا تحب مشاهدة نفسها على الشاشة، وأن عدم حبها للأضواء والشهرة كان سببًا في تركها الفن والسفر لأميركا. كما تحدثت صراحة عن حال السينما حاليًا، قائلة إنها أصبحت «ماسخة»، والتقليد للغرب «أعمى وضعيف»، مبينة أنها كانت تتمنى تجسيد شخصية الكاتبة اللبنانية مي زيادة.
وأما عن عالم السياسة فتطرقت إلى وجود أخطاء كثيرة في عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، كما ترى أنه تعرض الرئيس الأسبق محمد نجيب للظلم. وهذا نص الحوار:
* لماذا الجمهور العربي يذهب إلى مشاهدة الأفلام القديمة «الأبيض والأسود» ويفضلها عن الأفلام الحديثة؟
- بالفعل نحن بمصر نحب الأفلام القديمة، وفي كل العالم بما فيه الدول المتقدمة، لارتباطنا بالأشياء الطبيعية، في الماضي كنا نذهب للسينما لنهرب من مشكلاتنا وحياتنا الروتينية المعتادة، وكنا نشاهد إما قصة غرامية أو تاريخية وتكون للرواية أهداف مفيدة، وكان العمل يحتوي على مضمون به هدف ونتابعه بشغف، وكان هناك فنانون حقيقيون ومخرجون ومؤلفون كبار أيضًا، وكان الجمهور له نجوم بعينها يذهب إليهم لمشاهدتهم، حتى إذا شاهدوهم أكثر من مرة في نفس الدور، ظلوا يعشقونهم لشخصيتهم البارزة وتظل جماهيريتهم ثابتة عند الجمهور، والفضل يرجع إلى ظهور مدارس «ستانلي سلافسكي وبراندو» في الستينات، وهي مدارس التمثيل الطبيعية، وكانت عظيمة جدًا والجميع دخلها، أما الآن تدهورت السينما.
* متى تدهورت السينما؟
- بداية التسعينات تقريبًا، حيث بدأت تختفي الشخصيات التي كنا نحبها والنجوم الذين يذهب الجمهور من أجلهم إلى دور العرض، وأصبحت الموضوعات تميل إلى طابع «الأكشن»، وفقدت الطبيعة ودخل عليها التكنولوجيا وأصبحت السينما «ماسخة»، والتقليد للغرب أعمى وضعيف، لدرجة أنني شاهدت فيلمًا «فاشلاً جدًا» في أميركا وفوجئت به ينتجونه بمصر بنفس قصته الضعيفة، لماذا؟ مع أنه فيلم فاشل وإيراداته في أميركا كانت «زيرو»؟ أعتقد أننا افتقدنا التذوق الفني أو المنتج الذي يريد أن ينتج شيئًا له هدف ومعنى، ولم يعد هناك نجوم حقيقيون كما كان في زمننا، فكنا نرى فاتن حمامة، حتى لو جسدت 100 فيلم بنفس الشخصية تجد لها مذاقًا خاصًا في كل دور تقدمه، كنا نعشق الفنانين وكانوا بارزين مثل فريد شوقي وعمر الشريف وأنور وجدي، وكان لكل فنان شخصية خاصة به، حيث كانت التلقائية هي السائدة في ذلك العصر. ولم نكن معتمدين على التكنولوجيا فقط لخروج عمل ناجح وقيم، كنا نعتمد على الأشخاص والرواية، السينما القديمة وصلت إلى القمة، أما اليوم السينما مليئة بموجة من أفلام الضرب والبلطجة والمخدرات والتقليد الأعمى لأفلام وقصص خارجية.
* هل تشاهدين أعمالك الفنية الآن؟
- لا أحب مشاهدة أفلامي، وذلك من بداية دخولي المجال الفني، وأتذكر في افتتاح فيلم «الوسادة الخالية» أجبروني على الذهاب لمشاهدة العرض في السينما، بل وأرفض مشاهدة مشاهدي أثناء التصوير وبعد الانتهاء منها، ويرجع ذلك إلى نقدي الصعب والشديد لأدائي أي عمل أقوم به، عندما أرى أعمالي بالصدفة تصيبني حالة من الحزن والنكد، رغم الإشادات التي تأتيني والتصفيق والنجومية، لم أستطع أن أطمئن لأي عمل أؤديه لحبي الكمال في أي عمل أقوم به ولا يوجد ذلك في الحياة، حتى في مقالاتي التي أكتبها لإحدى الصحف، كلما كتبت مقالاً أقرأه ما يعادل 100 مرة، وأيضًا زوجي لم يهتم بمشاهدة أفلامي، فهو تعرف علي وعرف أنني نجمة في السينما، والفن بالنسبة لي هواية ولم أحترف.
* كيف جاء قرارك بترك الأضواء والمجد والشهرة من أجل السفر مع زوجك للولايات المتحدة؟
- لم أكن أحب الأضواء والشهرة، وهذا ما سهل تركي للفن والسفر للولايات المتحدة رغم تعاقدي على 3 أعمال دفعة واحدة، منها فيلم «خلّي بالك من زوزو»، وكان اسمه وقتها «بنت العالمة»، وفيلمان لإحسان عبد القدوس، وتركت كل ذلك وسافرت مع زوجي وأولادي، الزواج ليس بالأمر السهل، وهو مسؤولية لا تقل عن مسؤولية الفنان تجاه فنه وجمهوره، وعندما طلب مني زوجي أن أكون «ست بيت» وأتفرغ لتربية الأولاد وأترك الفن، ورغم وجود رغبة لدي لاستكمال مشواري الفني اكتشفت أن «صاحب بالين كذاب»، خصوصًا بعد أن صرت «أمًا»، فبات قرار ترك الفن سهلاً وأصبحت أولوياتي لبيتي وأولادي، ونسيت تمامًا حياة النجومية، وعلى فكرة أنا لم أشعر يومًا أنني جزء من الوسط الفني، وحياة الممثلين وعلاقتي بزملائي لم تتجاوز فترة التصوير.
* ماذا لو أكملت في مشوارك الفني؟
- كنت سأستمر في تقديم أعمال جديدة وأدوار مختلفة ومميزة، وأحرص على التجديد في أدواري باستمرار، حتى لا يمل الجمهور من تكرار الشخصية، وكنت سأبحث عن مزيد من الأعمال التاريخية الأخرى بعد نجاح «وا إسلاماه»، وأقدم شخصيات نسائية تحدت المجتمع مثل الكاتبة اللبنانية مي زيادة، كما كان لي السبق في تقديم عمل عن المرأة بعنوان «أنا حرة» مع إحسان عبد القدوس، وهذه الرواية فتحت الباب أمام الجرأة للمرأة المصرية العربية الشرق أوسطية لكي تفتح الأبواب المغلقة لها، حتى تنطلق وتبدع، ولكنني فوجئت بعد عودتي من السفر الطويل أنه أغلق مجددًا بـ«الضبة والمفتاح».
* هل تعتقدين أن الفنان مطالب بالتعبير عن آرائه السياسية؟ أم يفضل أن يحتفظ بها لنفسه حتى لا تؤثر على شعبيته؟
- أعتقد أن كل فنان حر في التعبير عن ذلك أو الامتناع عن إبداء الآراء السياسية حول الأوضاع التي تمر بها البلاد، ولكن لكل فنان جمهوره الذي يحب أن يستمع ويعرف رأيه في موقف سياسي معين أو حدث، وهذا لا يعني أن يتحول الفنان إلى قائد حركة أو أن يكون زعيمًا سياسيًا، أو ينغمس كثيرًا في هذه الأمور على حساب عمله الأساسي كفنان.
هناك من يفعل عكس ذلك في الولايات المتحدة، مثلاً بتحيزه لشخصية سياسية معينة، وهذا أمر مقبول لي شخصيًا، وأحب أن يكون للفنان رأي، ولا يخشى التعبير عنه وإعلانه لجمهوره بمنتهى الوضوح، لكن ليس للحصول على شعبية أو كسب جمهور وخسارة آخر، أو يتحول لأداة للتحدث بلسان شخص آخر، لذلك أنا مع المؤيدين لإبراز الفنان لوجهة نظرة السياسية والتعبير عنها مثلما أفعل أنا في عشرات القضايا السياسية، دون الدخول في تفاصيل هذه السياسات أو الانضمام لأحزاب سياسية.
* هل سبق أن تحدثت في أمور السياسة التي واجهت مصر في الخمسينات والستينات عندما كنت في قمة شهرتك؟
- في الحقبة الناصرية كل الفنانين تقريبًا أحبوا جمال عبد الناصر، رغم وجود بعض الأمور السيئة التي أجبرت بعضهم على السفر خارج مصر.
وشخصيًا تم القبض على زوجي أثناء عودته للمنزل عندما اعترضت طريقه سيارة وذهبت به لمكان غير معلوم، رغم أنه لم يمارس أي نشاط سياسي، فهو طبيب ولا علاقة له بالسياسة أو الأوضاع السياسية القائمة وقتها، كل ما في الأمر أن شخصًا نقل للأجهزة الأمنية أنه تحدث بكلام معين في أحد جلساته الخاصة مع أصدقائه، فتم القبض عليه والتحقيق معه لأكثر من 6 ساعات، ولولا تدخل والدي واتصاله بالمخابرات والجيش لإصلاح الأمر لم يكن ليخرج زوجي آنذاك، رغم براءته وأنه لم يفعل شيئًا يستحق عليه ما حدث معه.
* هل هذه الواقعة كانت وراء اتخاذ زوجك الدكتور إسماعيل برادة قرارًا بالسفر إلى الولايات المتحدة وترك مصر؟
- بكل تأكيد، كان لهذه الواقعة أثر كبير في قرار السفر، رغم حبنا لعبد الناصر وتأييدنا له، ولكن كانت لديه أخطاء، أبرزها سوء الوضع الداخلي فيما يتعلق بالحريات التي وصلت إلى مستويات قياسية من السوء والتضييق، فحتى والدي كان يخشى كثيرًا من حدوث مكروه لنا رغم كونه شخصًا مهمًا، وكان حريصًا على الابتعاد عن انتقاد السلطة خوفًا من بطشها، أشياء كثيرة كانت تغضب الناس وقتها أكثر مما يحدث الآن. فقد كنت أحب السفر وأمكث فترة كبيرة بالخارج وأكون سعيدة هناك.
* مع التضييق على الحريات، ما أبرز سلبيات العصر الناصري من وجهة نظرك؟
- كانت الأخطاء كبيرة في عهد عبد الناصر، أبرزها الظلم الكبير ضد الرئيس الأسبق محمد نجيب، الذي تعرض لقهر غير مبرر من عبد الناصر ورجاله، وكذلك عرفت ما حدث مع عبد الحكيم عامر من خلال زوجته برلنتي عبد الحميد عند عودتي لمصر بعد السفر الطويل، ورغم أنني لم أكن أعرفها ولكنها تحدثت مع أنيس منصور عني وهاتفتني عام 2002 وأرسلت لي كتابًا عن زوجها، على أساس أنه تعرض للظلم من صديق عمره وغير ذلك، ولكنني لم أعطِ الموضوع اهتمامًا، ولم يكن لدي شيء أقدمه لها، لأن الوقت لم يكن يسمح بذلك.
* من أفضل ممثل وممثلة في جيلك؟
- أفضل ممثلة في مصر الراحلة سناء جميل، وكنجمة شعبية أعتقد الفنانة فاتن حمامة، وبالنسبة للفنانين الرجال الفنان محمود مرسي، كان كبيرًا وعظيمًا ولم يأخذ حظه من الشهرة والنجومية بما يتناسب مع موهبته، وهو أفضل ممثل في جيلنا من وجهة نظري.
* ما أسباب قلة ظهورك في السينما والتلفزيون بعد عودتك لمصر وإنهاء قرارك باعتزال الفن؟
- هناك عروض كثيرة، ولكنني لا أوافق عليها، وأرى أن الوضع الحالي للسينما فقير في الإخراج والتأليف والإنتاج، أغلب المسلسلات موجه لرمضان، ورمضان شهر بالنسبة لي مقدس للعبادة والصيام وعمل الخير، فعندما أريد الخروج من هذا «المود» وأفتح التلفزيون أجد مسلسلاً به ردح وقتل وعنف، وبالطبع لا يخلو أي عمل فني من وصلات الرقص على «واحدة ونص»، فكيف يكون ذلك؟ ألا يعتبر هذا من العيب في شهر مقدس؟ يجب أن نسعى لنقدم أخلاقًا في هذا الشهر وأعمالاً راقية، حتى لو كانت قصة حب يجب أن يكون لها مضمون وهدف، أو أعمال تاريخية وروايات من الكلاسيكيات ترتقي بالذوق العام، حتى لا تحرمنا الأعمال الرديئة من روحانيات الشهر الكريم. شخصيًا لا أشاهد الأعمال التي تعرض في رمضان، ولكن أتعرف عليها من أصدقائي الذين ينقلون لي مدى الانحطاط والألفاظ الخارجة الذي وصلنا إليه في هذه المسلسلات في هذا الشهر الكريم، فأستغرب من وجود هذه الأعمال ولا أتابعها بأي شكل من الأشكال.
* وماذا عن الأعمال التي مثلت عودتك إلى الفن مرة أخرى، كمسلسل «عمارة يعقوبيان» وفيلم «جدو حبيبي»؟
حزينة، لأن المسلسل لم يحقق نسبة المشاهدة المطلوبة، وقد كانت هناك اقتراحات مني ومن الفنان صلاح السعدني بالنسبة لسيناريو المسلسل، وحاولنا إضافتها، ولكن الكاتب خالد بشاي رفض ذلك وهدد بمقاضاتنا، ومن وجهة نظري لو تم تعديل السيناريو وأضيفت هذه المقترحات، كان ذلك سيحسن من مستوى المسلسل. أما فيلم «جدو حبيبي» فأعجبني بسبب عرض المخرج، ووافقت عليه لأن الشباب كانوا رائعين في هذا الفيلم، وقد لفتت نظري الأجواء الرومانسية في العمل بالنسبة لشخصيتين أبعدتهما الظروف ثم عادا للقاء في سن كبير، فكانت رومانسية شدتني كثيرًا لأن الحب موجود لكل الأعمار، وكنت أتمنى في النهاية أن ينتهي العمل بزواجهما في عرس كبير.
* هل ترين أن عودتك للفن لم تتناسب مع قيمتك وتاريخك في هذا المجال؟
- ندمت على هذه العودة، ولكن الإلحاح من الجميع، وعلى رأسهم المخرج الكبير يوسف شاهين، دفعني إلى اتخاذ هذا القرار، وكذلك لقائي مع صلاح السعدني وعلاء الأسواني، صديق أخي، وعرضوا علي العمل في المسلسل، فوافقت، ولكن مستوى الإنتاج نفسه ضعيف ورديء، والدور الذي عرض علي لم يكن جيدًا. وقد شاركت في مسلسل «عمارة يعقوبيان» نتيجة لظروف وأسباب معينة كثيرة، ومنها صديقي وأخي، وكنت أشعر أن الكتاب الذي ترجم إلى 32 لغة وأخذ جوائز كبيرة في جميع العالم هذا يعتبر نهضة جديدة للأدب المصري الحديث، وأنه أكمل مسيرة نجيب محفوظ، فكنت أعتقد أنني سأشارك في عمل سيكون جيدًا، ولكن جاءت الرياح بما لا تشتهي السفن، ولا أنوي العمل مرة أخرى، الموضوع صعب في الوقت الحالي، فما يحدث في مصر لا يواكب الخارج، حيث يعمل الفنان حتى آخر يوم في عمره، ويجد التقدير بعكس ما يحدث عندنا.
* لِم رفضت العمل مع المخرج يوسف شاهين؟
- في بدايتي الفنية كان يلح كثيرًا للعمل معي، والأستاذ «رمسيس» رفض عملي معه، فلم يكن يعتبره مخرجًا، بل كان يعتبره مجرد «كاميرا مان» ولا يستطيع أن يخرج «حدوتة محبوكة»، وبمجرد عودتي لمصر عام 2002 جاءني بعروض كثيرة وكان معه خالد يوسف، ولكني رفضت جميع العروض ولم تكن لدي النية للعودة للعمل مع شاهين أو غيره. ثم بعدها بفترة طويلة جاء هاني لاشين وأصر أن أعمل معه.
* ما رأيك في حكم الرئيس عبد الفتاح السيسي بعد مرور عامين تقريبًا من توليه الحكم؟
- السيسي ورث ورثًا ثقيلاً وملتهبًا، وهو يحاول أن يطفئ النار التي تحت قدميه، وهذه ليست مهمة سهلة، والنيران تأتيه من كل الجهات، وقد التفت كثيرًا إلى الأمور الخارجية حتى يصلح النظرة التي تم وضع مصر فيها، ولأن الغرب هم من سيساعدون مصر للنهوض بعد كبوتها مع الحكم الإسلامي والاستثمارات وغيرها، وجعل الخارج هو الهدف الأول، وانشغل في تصحيح هذه الفكرة، فأخذ ذلك من تفكيره كثيرًا مما أثر على السياسات الداخلية، بجانب أن الاقتصاد المصري سيئ جدًا.
السيسي رجل نبيل وشهم وليس منافقًا، وليس فاسدًا، وهو عنده أخطاء بالتأكيد، لكن ليس هناك من يعمل ولا يخطئ، فالكل يخطئ ويصيب، فعبد الناصر لديه أخطاء كثيرة، وأبرزها ظلمه للرئيس محمد نجيب، ولكني ما زلت أحب عبد الناصر لأنه حاول وحاول، ورغم أن السيسي يختلف جدًا عن عبد الناصر في أسلوبه وحكمه وفي محبة الناس له، ورغم أن الشعب غاضب من السيسي بسبب لقمة العيش وغلاء الأسعار، ولكن كل هذه الأمور لا دخل للسيسي بها وليست بإرادته و«غصب عنه»، فالبنك الدولي عندما يطلب إصلاحات معينة في الاقتصاد المصري لكي تتم مساعدة الاقتصاد على النهوض، لا بد من الرضوخ لهذه المطالب، لأنه يحتاج إلى مساعدة البنك الدولي، ونحن لا نفهم هذه الأشياء ولا نركز فيها، ولكن في الواقع لا بد من عبور هذا الكوبري الملتهب الذي يمر به السيسي حتى نعبر إلى بر الأمان، ولا بد أن يتذكر الشعب أن السيسي قام بدور البطل ولم يرضخ للابتزاز من الإخوان وأراد أن يحرر مصر من الفكر المتطرف، وبالتأكيد هناك كثيرون يحاربون مصر بسبب هذه البطولة التي قام بها، وأنه أنقذ مصر من الضياع مثل كثير من الدول المجاورة.
* لماذا لم تكتبي مذكراتك؟
- لا أفكر في ذلك ولا أرى أهمية لكتابة مذكراتي، رغم العروض الكثيرة من البعض لكتاباتها، ليست لدي أسرار أخفيها كي أكتبها، الجميع يعلم عني كل شيء، لكن لدي أشياء خاصة بي وبعائلاتي ولا يهم الجمهور معرفتها، ورغم نصيحة أحد أصدقائي بأن أكتبها حتى لا يكتبوا عني «على كيفهم»، ولكني رفضت الفكرة تمامًا، والجميع يعلم أعمالي جيدًا.



منال ملّاط لـ«الشرق الأوسط»: التجارب لا تكسرنا... بل تزيدنا قوة

ملّاط خلال احتفالها في إطلاق {حياتي الثالثة} (منال ملاط)
ملّاط خلال احتفالها في إطلاق {حياتي الثالثة} (منال ملاط)
TT

منال ملّاط لـ«الشرق الأوسط»: التجارب لا تكسرنا... بل تزيدنا قوة

ملّاط خلال احتفالها في إطلاق {حياتي الثالثة} (منال ملاط)
ملّاط خلال احتفالها في إطلاق {حياتي الثالثة} (منال ملاط)

تكمل الفنانة منال ملّاط نجاحاتها في المجال الفني. أصدرت أخيراً «ميني ألبوم» غنائياً بعنوان: «حياتي الثالثة»، ويتضمن 5 أغنيات، ترسم من خلاله خريطة امرأة في طريقها إلى الحرّية. فمَنال فنانة تجيد التمثيل والغناء. وتمتلك خلفية موسيقية غربية وعربية أهّلتها لتكون في الصفوف الأمامية، بما تملكه من ثقافة فنية واسعة.

وفي «حياتي الثالثة» تعبر ملّاط نحو أول عمل غنائي لها من هذا النوع. سبق أن أصدرت أغنيات عربية فردية. ولكنها اشتهرت أكثر بأدائها الأغاني الأجنبية. وقد حصدت أخيراً جائزة «الأداء المتميز» في حفل «موركس دور»، وذلك عن عملها الاستعراضي الغنائي «نشيدي إلى بياف». وتقدم فيه لفتة تكريمية للمغنية الفرنسية الرائدة إديث بياف.

تخاطب منال في عملها الجديد النساء عامة، وتنقل مشاعرهن كما تذكر لـ«الشرق الأوسط»، وذلك تحت عناوين: «ما تلمحني» و«انت الأصلي» و«بديل» و«حياتي الثالثة». وتكرر غناء «ما تلمحني» في نفس الألبوم ضمن رؤية مغايرة عن الأولى تميل إلى الحلم بشكل أكبر.

ميني ألبوم {حياتي الثالثة} هو الأول في مشوارها الفني (منال ملاط)

وتعاونت ملّاط مع أنطوني أدونيس الذي كتب ولحّن الأغنيات. في حين تولّى الإنتاج الموسيقي داني بومارون وألكس ميساكيان. واختار المخرج كريستيان أبو عني تقديم الألبوم في «كليب» مصور يؤلف ثلاثية ذات حكاية واحدة. فجاءت في قالب بصري مبتكر يشبه مسلسلاً قصيراً من ثلاث حلقات.

وتقول ملّاط في حديث لـ«الشرق الأوسط» إن هذا الألبوم يعني لها الكثير، مضيفة: «إنه أول ألبوم أصدره في مشواري الفني. وأعدّه جزءاً من فكري وعقلي. وهو يجمع كل القصص التي عشتها في حياتي ضمن حكاية واحدة».

بدأت ملّاط في التحضير لأغاني الألبوم منذ عام 2021. يومها كانت تجلس مع الكاتب والملحن أنطوني أدونيس يتبادلان الأحاديث: «أذكر جيداً تلك اللحظات، عندما كان يتلقف أنطوني قصصي بانتباه شديد. وكنت أرويها له بعفوية وصدق. فحوّلها إلى أغنيات، وقولبها كريستيان أبو عني بكاميرته لتكون بمثابة فيلم قصير».

في أغنية «ما تلمحني» تروي منال قصة امرأة على عتبة الحب. وتختبئ من نظرات الحبيب إلى أن تصبح جاهزة لمواجهتها. وتجتاز بذلك مرحلة من الخوف والتردد.

في حين تتطرّق في «انت الأصلي» إلى الصدق في المشاعر. فتعبّر عن فرحة امرأة بالعثور على شخص يقدّرها. أما في أغنية «بديل» فتحكي عن الانكسار والخيانة، وكيف يمكن لامرأة أن تعيش معاناة الحب في حالة من الإنكار والألم في آن.

وتأتي أغنية «حياتي الثالثة» لتختصر مراحل حياة سابقة. فتستعيد فيها المرأة شريط ذكريات فيه من الأخطاء والدروس والشجاعة ما يكوّن نجاحها اليوم.

وترى منال أن هذه التجارب التي مرت بها على مرّ السنين، أسهمت في نضجها كامرأة وكفنانة. وتتابع في سياق حديثها: «لطالما حلمت بإصدار عمل من هذا النوع وبهذه الصورة والرؤية الفنية التي تغلّفه. وأعتبر أنه يجمع كل مراحل حياتي بأسلوب شاعري ودافئ».

تؤكد بأنها قلبت صفحة من حياتها لتبدأ بأخرى (منال ملاط)

وعما إذا هي تشعر بتأخرها في القيام بهذه الخطوة، تردّ: «سمعت كثيراً هذه العبارة. ففي الماضي القريب كان كثيرون يطالبونني بإصدار ألبوم غنائي. ولكن لا تهمني هذه التعليقات. وأولي كل الاهتمام لحسّ داخلي أتمتع به. ويدلّني بصورة غير مباشرة على ما يجب أن أقوم به، من دون تردد. وأستطيع القول إن هذه الفترة اختبرت فيها إحساسي هذا. ولذلك وُلد الألبوم في الوقت المناسب. وربما لو سبق أن قمت بهذه الخطوة من قبل، لما كان حمل كل هذا النضج الفني».

لا يمثّل «حياتي الثالثة» بالنسبة لمنال ملّاط مجرد عمل فني تحبّه. تذهب إلى أبعد من ذلك لتصفه بعلاج أسهم في شفائها. وتوضح لـ«الشرق الأوسط»: «لقد نقلت من خلال أغاني هذا الألبوم تجارب مررت بها. وشددت على أن يحاكي المرأة عامة، ويخرج منها قوتها الضائعة، والباحثة عنها بشكل دائم. وأوصلت رسالة بصريح العبارة واضحة كما الشمس، مفادها أن التجارب لا تكسر، بل تزيدنا قوة. وهو ما حصل معي بالفعل، وأعدّه العلاج الشافي».

وعن سبب تسمية ألبومها «حياتي الثالثة»، تجيب: «لأنه يمثّل لي المستقبل والتفاؤل الذي يحمله الغد. وأنا فخورة بحياتي الأولى التي شهدت ولادتي كفنانة وإنسانة. وبحياتي الثانية التي تجاوزت فيها آثار مرض خطير. وجميع هذه الحيوات تمثّلني، وتعنون مراحل مهمة في حياتي اليوم».

يكلل هذا العمل خطوة أساسية أقدمت عليها منال ملّاط من خلال ارتباطها بشريك العمر داني بومارون. وتعلّق: «هذا ما قصدته عندما قلت إني أعيش اليوم حياتي الثالثة. فكل ما أخوضه اليوم عنوانه التجدد. وهناك تغييرات وإنجازات عديدة استطعت تحقيقها في هذه الفترة. وأنا سعيدة؛ كوني وصلت إلى هذه النتيجة بعد مشوار صعب». وكانت منال ملّاط قد أصيبت في فترة سابقة بمرض عضال. وأعلنت شفاءها منه عبر حساباتها الإلكترونية.

ألبومي الغنائي يجمع كل القصص التي عشتها في حياتي ضمن حكاية واحدة

منال ملّاط

تحقق ملّاط عبر الـ«ميني ألبوم» الغنائي «حياتي الثالثة» خطوة رئيسية في مشوارها الفني. فتدخل عالم الأغنية العربية من بابها العريض. وتعلّق: «لقد قلبت صفحة كبيرة من حياتي لأبدأ مرحلة جديدة. وأتمنى أن تصل موضوعات هذا العمل إلى قلوب الناس أجمعين. فتنصهر مع أعماقهم لتنبت بذور شفاءٍ وصلابة».

وعما إذا كانت تعتبر استعراضها الغنائي «نشيدي إلى بياف» حمل لها فأل خير، تقول: «بالفعل أعدّه كذلك، ولا سيما أني حصدت عنه جائزة الـ(موركس دور). وهذا الأمر يذكّرني بأني أسير على الطريق الصحيح».

وهل تتخلين بعد اليوم عن الغناء بالأجنبية؟ ترد: «لا أبداً، فأن أغني بالعربية هو أمر بديهي ويدلّ على هويتي الحقيقية. ولم أقدم على هذه الخطوة من باب الحاجة لإثبات ذلك، ولكن انطلاقاً من لحظة إحساس غمرتني وأشارت لي بذلك. شعرت بأنه آن الأوان لتقديم مجموعة أغنيات تشبهني وتمثّلني بالعربية».

وعن أعمالها المستقبلية تختم لـ«الشرق الأوسط»: «هناك نشاطات عدة أحضّر لها بمناسبة الأعياد. كما بدأت في التجهيز لأعمال غنائية قد ترى النور في العام المقبل. وإلى أن يحين ذلك الوقت أستمتع اليوم بإصداري الجديد (حياتي الثالثة). وأتمنى أن يلاقي التجاوب من قبل المستمعين».


رامي صبري: أحافظ على هويتي الفنية ولا أنظر إلى الأرقام ونسب الاستماع

برأي صبري أن نجاح الفنان لا يتحقق من مرة واحدة فقط (حسابه على {إنستغرام})
برأي صبري أن نجاح الفنان لا يتحقق من مرة واحدة فقط (حسابه على {إنستغرام})
TT

رامي صبري: أحافظ على هويتي الفنية ولا أنظر إلى الأرقام ونسب الاستماع

برأي صبري أن نجاح الفنان لا يتحقق من مرة واحدة فقط (حسابه على {إنستغرام})
برأي صبري أن نجاح الفنان لا يتحقق من مرة واحدة فقط (حسابه على {إنستغرام})

يرى الفنان رامي صبري أن ألبومه الجديد «أنا بحبك إنت» قد حقق كل ما كان يطمح إليه، مؤكداً أنه قدم من خلاله رؤيته الفنية الكاملة، سواء على مستوى الأفكار الشعرية أو الألحان أو التوزيعات الموسيقية التي حرص على تنويعها وتطويرها.

وفي حواره مع «الشرق الأوسط»، تحدّث صبري عن تقييمه لأغنيات الألبوم وردود الفعل حوله، كما كشف عن استعداداته لخوض تجربة التحكيم في برنامج المواهب الغنائية للأطفال «ذا فويس كيدز»، وتناول أيضاً علاقته بالفنانتين أنغام وشيرين عبد الوهاب، بالإضافة إلى حديثه عن ارتباطه بالجمهور السعودي، وتجربته مع الحفلات والأمسيات الغنائية في السعودية.

يشعر الفنان رامي صبري بالسعادة لنجاح أعمال زملائه من المطربين (حسابه على {إنستغرام})

يقول الفنان رامي صبري إنّه يشعر بامتنان كبير تجاه ردود الفعل حول ألبومه الأخير «أنا بحبك إنت»، مضيفاً: «حرصت على تقديم لون موسيقي مختلف، مع الحفاظ في الوقت ذاته على الهوية الفنية التي اعتاد الجمهور أن يحبّني من خلالها»، وتابع: «بذلت مجهوداً كبيراً في هذا الألبوم، وحاولت أن أقدّم طرحاً موسيقياً جديداً يضيف إلى مسيرتي، من دون أن أتخلى عن بصمتي الخاصة التي يعتمد عليها نجاحي منذ سنوات. ونال العمل إعجاب عدد كبير من المستمعين».

وأكد رامي صبري أنّ مسألة تصدّر القوائم ليست هي الهدف الرئيسي بالنسبة له، حيث قال: «بصراحة، لا يشغلني كثيراً ترتيبي في قوائم الاستماع، سواء كنت في المركز الأول أو الخامس. ما يهمني حقاً هو أن يُقدّر الجمهور الجهد الذي أبذله، وأن يشعر بأنني أقدم موسيقى جديدة وجميلة تُحترم فنياً. أنا لا أعمل من أجل الأرقام، بل من أجل أن أكون راضياً عمّا أقدمه، وأن يحب الناس ما يسمعونه مني».

يؤكد رامي دائماً على أنّ مسألة تصدّر القوائم ليست الهدف الرئيسي بالنسبة له (حسابه على {إنستغرام})

وتحدّث المطرب المصري عن الروابط القوية التي تجمعه بزملائه من أبناء جيله، قائلاً: «جيلنا الفني مميز للغاية، ونمتلك علاقات صداقة ومحبة حقيقية، سواء مع حسام حبيب الذي تعاونت معه في أغنية (بحكيلك عن الأيام)، أو مع رامي جمال الذي احتفلت معه أخيراً. نحن بوصفنا فنانين يجب أن نضع الأخلاق قبل الفن، وهذا المبدأ أحافظ عليه منذ سنوات طويلة مع كل زملائي؛ مع تامر حسني، وسامو زين، وأحمد سعد، ومحمد حماقي، وغيرهم من النجوم الكبار. جميعهم فنانون ناجحون ومجتهدون، وأشعر بالفخر عند مشاهدة نجاحاتهم، كما يسعدني نجاح حفلاتهم وألبوماتهم. نحن جيل واحد ومن الطبيعي أن ندعم بعضنا».

يخوض صبري تجربة جديدة في {ذا فويس كيدز} وينتظر أن يراها الجمهور مع بداية العام الجديد (حسابه على {إنستغرام})

وأشار صبري إلى أنّ شخصيته شهدت تحولاً واضحاً في السنوات الأخيرة، قائلاً: «بعد جائحة (كورونا) تغيّرت كثيراً، وأصبحت أكثر تركيزاً وهدوءاً. وبعد سن الأربعين يبدأ الإنسان في إعادة تقييم نفسه وترتيب أولوياته».

وأضاف: «النجاح في رأيي لا يتحقق مرة واحدة؛ يجب أن تنجح ثلاث أو أربع مرات كي تثبت نفسك. والغريب أنني أعمل بأقصى طاقتي، عندما أرى زميلاً يحقق نجاحاً كبيراً أشعر بالحماس. فإذا نجح أحمد سعد أو تامر عاشور أو عمرو دياب، تجدني فوراً أتجه إلى الاستوديو لأقدّم عملاً جديداً، وغالباً ما يخرج منه شيء قوي ويحقق صدى كبيراً».

وعن تجربته الجديدة في برنامج «ذا فويس كيدز»، والتي يخوضها إلى جانب الفنان الشامي والفنانة داليا مبارك، قال رامي صبري: «التجربة جميلة ولطيفة جداً، وننتظر أن يراها الجمهور مع بداية العام الجديد. اخترنا مجموعة مميزة من الأطفال ذوي المواهب الاستثنائية، فهم يغنون بطريقة رائعة ولديهم حضور قوي. بالطبع لم نستطع اختيار الجميع، لكن البرنامج راقٍ ومحترم، وتقدمه قناة «إم بي سي» التي نعتبر العمل معها شرفاً كبيراً كونها قناة عربية عريقة تمتلك تاريخاً مُهماً في إنتاج البرامج الفنية».

وأعرب رامي صبري عن محبته الكبيرة للفنانة أنغام، مؤكداً أنه على تواصل دائم معها، وقال: «أنا دائم المتابعة لأنغام، لكنني لا أحب أن أظهر تفاصيل العلاقات الشخصية عبر (السوشيال ميديا)، أنغام فنانة عظيمة أثّرت فينا جميعاً، والحمد لله تجاوزت الأزمة الصحية الأخيرة، وأتمنى لها دوام العافية والسلامة».

كما أشاد بصوت الفنانة شيرين عبد الوهاب قائلاً: «شيرين تعدّ من أقوى الأصوات المصرية، وما زالت تحقق أعلى نسب المشاهدات على منصات موسيقية، رغم غيابها عن الساحة لنحو ست سنوات، ورغم أن آخر ألبوم لها صدر بطريقة غير رسمية، فإن نجاحه مستمر حتى اليوم».

وعن مشاركاته في الحفلات الغنائية بالوطن العربي تحدث صبري عن تجربته في الحفلات بالمملكة العربية السعودية قائلاً: «في السعودية كل شيء مجهز على أعلى مستوى، وكل ما عليك فعله هو أن تقف على المسرح وتغني. من تجهيزات الصوت إلى المسرح نفسه، كل شيء كامل، والجمهور السعودي لديه طاقة لا تُصدّق، يعطي الفنان قوة مضاعفة». كما تحدث عن حفله في دبي قائلاً: «الحفل كان كامل العدد قبل ثلاثة أيام من موعده، وهذا الأمر يسعدني كثيراً. أنا لا أقدم حفلات كثيرة في دبي، لكنني سأركز خلال الفترة المقبلة على الحضور هناك بشكل أكبر، وسعادتي كبيرة بأن جمهوري في الخارج ما زال يدعمني بقوة».


مصطفى الجارحي: أغنياتي مُحمّلة بطاقات شعرية لا تخضع لحسابات السوق

الشاعر المصري مصطفى الجارحي (الشرق الأوسط)
الشاعر المصري مصطفى الجارحي (الشرق الأوسط)
TT

مصطفى الجارحي: أغنياتي مُحمّلة بطاقات شعرية لا تخضع لحسابات السوق

الشاعر المصري مصطفى الجارحي (الشرق الأوسط)
الشاعر المصري مصطفى الجارحي (الشرق الأوسط)

كان لأغنيات الشاعر مصطفى الجارحي التي لحنها وغناها الفنان مصطفى رزق، مطرب الجاز المصري، حضور كبير في النسيج الدرامي لمسلسل «ولاد الشمس»، الذي قام ببطولته الفنان محمود حميدة، حيث كانت من ضمن أدواته لتعميق الشخصية وإثراء الدراما والأحداث.

وقد لحن له الموسيقار نصير شمة خمس أغنيات، واستعان المخرج خالد يوسف بأغنية «بتميل» ليكون لها حضورها في فيلمه «إنت عمري» الذي قامت ببطولته الممثلة نيللي كريم وهاني سلامة، وعن حكايتها يقول الجارحي لـ«الشرق الأوسط»: «البداية كانت بالصدفة حين التقيت المطرب محمد حمام قبل وفاته بفترة قصيرة، وكان استمع لبعض قصائدي، وطلب مني كتابة أغنية له، فكانت (بتميل)، لكن المشروع أُجهض بوفاته».

الجارحي بصحبة المطرب مصطفى رزق والملحن أحمد الصاوي (الشرق الأوسط)

ويضيف الجارحي: «أخذت الأغنية طريقها للمطرب محمد بشير، ولحنها أكرم مراد، لكنها تعطلت أيضاً. ثم بعدها تركت القاهرة للإقامة بالإسكندرية، ولم يكن لي عنوان معروف أو تليفون. في هذه الأثناء بحث عني المنتج صبري السماك (وكان يعمل مدير إنتاج لأفلام يوسف شاهين) بعد ترشيحي لكتابة أغاني فيلم (إسكندرية نيويورك)، هكذا أخبرني حين استطاع أخيراً أن يعرف طريقي، قال لي وقتها إنهم يجهزون لفيلم (إنت عمري)، وإن الشاعرة كوثر مصطفى تعاقدت على الأغاني، وتقاضت أجرها وانتهى الأمر. لكن في استراحة التصوير كان أكرم مراد يدندن مطلع (بتميل)، ورأى المخرج خالد يوسف أنها الأنسب للاستعراض، فأخبره أكرم أنه نسي كلماتها، ولما علم خالد يوسف أنني كاتبُها تذكر موضوع اختفائي، لكن صبري السماك طمأنه بأنه سيفعل المستحيل هذه المرة ليجدني وهو ما حدث».

يطرب الجارحي لصوت الفنان الراحل نجيب الريحاني (الشرق الأوسط)

وعن مشاركته في كتابة أغنيات لأفلام أخرى، يقول الجارحي كتبت أغنية (وومان ومان) في فيلم (مش رايحين في داهية) بطولة بشرى وإخراج أحمد صالح. وكتبت أغنيات لبعض الأفلام الكنسية أهمهما كان فيلم (بداية تاني) بطولة النجم ماجد الكدواني.

وعن علاقته بالفنان النوبي حمزة علاء الدين، قال الجارحي: «إنه كان فناناً جميلاً. يهتم بالشعر أكثر، وهو ما أسعدني، ولما طلب أن أكتب له لم أتردد، فكانت أغنية (الزمان لحظة) وفرح بها كثيراً».

ورداً على شعوره بعدما عرف أن أغنياته مع المغني مصطفى رزق مستخدمة في مسلسل (ولاد الشمس)، وهل كانت موظفة درامياً ومناسبة لشخصية محمود حميدة؟ أشار الجارحي إلى أن فرحته لم تكتمل، موضحاً: «هي بعض من كلمات أغانيَّ يستمع إليها الملايين ولا أحد يعرف أنني صاحبها. كان خطأ من إدارة الإنتاج، تم تعويضي مالياً، لكن غاب التعويض الأدبي. والمدهش أن كاتب السيناريو وظّفها بشكل درامي رائع، فلم تكن مجرد زخارف إنما بدت من نسيج العمل».

يقول الجارحي إن الموسيقار نصير شمة لحّن له ست أغنيات (الشرق الأوسط)

وعن سر ذهاب الكثير من أغنياته للمطرب مصطفى رزق، قال: «رغم علاقتي الوطيدة به منذ سنوات فإنني لم أكتب له منذ البداية. لكنه حين قرر تغيير جلده كنت أنا في الموعد؛ لأنني أرفع شعار (كتابة مختلفة حتى لو لم تكن جيدة)، فمع الوقت والتراكم سيأتي التجويد، المهم أن أبتعد عن تقليد النماذج السائدة المستهلكة. كما أنني أهتم بصناعة (ستايل) للمطرب، ووجدنا ضالتنا في البلوز والجاز، وهو ما جعل إطلالة رزق أكثر اتساقاً مع شخصيته بوصفه فناناً، وكان معنا الموزع الموسيقي المتفرد أحمد الصاوي، فقدمنا ألبوم (باب اللوق)».

وقال إنه رغم أعماله الكثيرة مع مصطفى رزق فإن له الكثير من الأغنيات مع الفنان فايد عبد العزيز، وهو صاحب النصيب الأكبر في تلحين أغنياتي، لكن معظمها لم تعرف طريقها للإنتاج بعد، كما أن الموسيقار نصير شمة لحن لي ست أغنيات؛ خمس منها في برنامج للفضائية المصرية.

جهات الإنتاج الساعية للربح على حساب الذوق العام هي سبب أزمة الأغنية

مصطفى الجارحي

وعن فائدة الشعر في كتابة أغنية مختلفة، قال الجارحي إن الشعر يجبره على كتابة أغنية مختلفة لا تتعاطى مع متطلبات السوق، وأوضح: «كلما فكرت في التنازل يعيدني الشعر إلى صوابي، فمن شروط أغنيتي أن تكون محملة بطاقات شعرية نابعة من أرض القصيدة».

مؤكداً إعجابه بشعراء أغانٍ يتبنّون المنطق نفسه، «ومن بينهم بديع خيري ومرسي جميل عزيز وحسين السيد وعبد الرحيم منصور ومجدي نجيب، وبعض أغنيات عصام عبد الله، فضلاً عن كتابات علي سلامة وإبراهيم عبد الفتاح، وجميعهم يقف على أرضية الشعر أولاً»، وفق قوله.

الشاعر مصطفى الجارحي مع الملحن أحمد فايد (الشرق الأوسط)

وعن رأيه في الأغنية الجماعية، وهل يمكنها أن تحل أزمة الأغنية المصرية، قال: «لن يتوقف الحديث عن أزمة الأغنية. رفع المنتجون لافتة مضللة (الجمهور عايز كده)، في حين أن الجمهور يستقبل الأغاني الجيدة ويحتفي بها. وما زال يستمع إلى أم كلثوم وعبد الوهاب وفيروز ومحمد قنديل ومحمد فوزي وعبد المطلب، لكن بعض جهات الإنتاج الساعية للربح على حساب الذوق العام داخل وخارج مصر هي سبب الأزمة، فهي تفرض ذائقة هدامة، فيما تخلت جهات الإنتاج الرسمية عن دورها».

وتابع: «ربما يكون بعض الحل في الأغنية الجماعية، أنا شخصياً أعشقها وأعشق الدويتو، وأستمتع حتى الآن بأغنيات (الثلاثي المرح) الخفيفة المبهجة والمدروسة. لكن لي وجهة نظر مختلفة، وأرى أن المطرب مجرد آلة ضمن آلات الأوركسترا فقط يجب توظيفه جيداً.

فماذا يفيد الصوت الجميل حين يغني هراء. يطربني كثيراً صوت نجيب الريحاني. انظر كيف وظفه عبد الوهاب مع ليلى مراد في (عيني بترف) من كلمات حسين السيد، وكيف وظف كمال الطويل صوت عبد المنعم مدبولي في (طيب يا صبر طيب) التي كتبها مرسي جميل عزيز».