ليبيا: الجيش يتجاهل دعوات واشنطن ودول غربية للانسحاب من الهلال النفطي

إيطاليا تستعد لإرسال قوات عسكرية استجابة لطلب حكومة الوفاق الوطني

ليبيا: الجيش يتجاهل دعوات واشنطن ودول غربية للانسحاب من الهلال النفطي
TT

ليبيا: الجيش يتجاهل دعوات واشنطن ودول غربية للانسحاب من الهلال النفطي

ليبيا: الجيش يتجاهل دعوات واشنطن ودول غربية للانسحاب من الهلال النفطي

تجاهل الجيش الوطني في ليبيا تحذيرات وجهتها الولايات المتحدة وحكومات 5 دول غربية أخرى له بالانسحاب من منطقة الهلال النفطي، التي نجح قبل يومين في السيطرة عليها، فيما أكدت وزيرة الدفاع الإيطالية، روبرتا بينوتي، بأن بلادها سترسل بالفعل نحو مائتي جندي لحراسة مستشفى تعتزم إنشائه في مدينة مصراتة، استجابة لطلب حكومة الوفاق الوطني برئاسة فائز السراج.
وفي وقت تستعد فيه مدن المنطقة الشرقية للخروج في مظاهرات داعمة للجيش الليبي، أدانت حكومات ألمانيا وإسبانيا والولايات المتحدة وفرنسا وإيطاليا والمملكة المتحدة ما وصفته بالاعتداءات التي استهدفت موانئ النفط في زويتينة، وراس لانوف، والسدرة، والبريقة، ودعت جميع الأطراف إلى الالتزام بوقف إطلاق النار فورا، والامتناع عن القيام بأي عملية قتالية جديدة.
كما دعت هذه الدول في بيان مشترك أصدرته مساء أول من أمس جميع القوى إلى تفادي أي عمل من شأنه إلحاق الضرر بالبنى التحتية للطاقة في ليبيا، أو زيادة تشويش عمليات التصدير الليبية، معتبرة أن النفط هو ملك الشعب الليبي، والمجلس الرئاسي لحكومة السراج هو الجهة الوحيدة المخوّلة لإدارة هذه الموارد، وأشارت إلى أن مسؤولية الحرص على استخدام عائدات النفط لتوفير الخدمات الأساسية للشعب الليبي تقع على المجلس الرئاسي وحكومة السراج.
ودعا البيان أيضا جميع القوى العسكرية التي اجتاحت منطقة الهلال النفطي إلى الانسحاب منها فورا، ومن دون شروط مسبقة. وبعدما أكد الدعم الكامل لحكومة السراج بصفتها السلطة التنفيذية الليبية الوحيدة، حث البيان القوى الليبية على رص صفوفها، من أجل محاربة تنظيم داعش وسائر الجماعات الإرهابية، التي حدّدتها منظمة الأمم المتحدة.
واعتبر أن أعمال العنف التي تستهدف المواطنين تزعزع الاستقرار في ليبيا، وتعزّز الانقسام بين الليبيين، لافتا النظر إلى أن ما يجب أن يحدّد مستقبل ليبيا هو الاتفاقات السياسية وليس النزاعات.
وقالت حكومات الدول الست: «نكرر عزمنا على تنفيذ القرار (2259) الصادر عن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، لا سيما التدابير المتعلقة بتصدير النفط غير المشروع، والأنشطة التي من شأنها إلحاق الضرر بسلامة المؤسسات المالية للدولة الليبية، ووحدة هذه المؤسسات وبالمؤسسة الوطنية للنفط، والأشخاص أو الكيانات التي تقوم بأعمال تعرّض الوحدة والسلام والاستقرار والأمن في ليبيا للخطر، أو التي تساند هذه الأعمال».
وأصدر المستشار عقيلة صالح عيسى، رئيس مجلس النواب الذي يعتبر بمثابة القائد الأعلى للجيش، تعليماته إلى رئيس الحكومة الانتقالية الموازية عبد الله الثني بشأن تسلم المؤسسة الوطنية (الموحدة) للنفط في ليبيا الموانئ النفطية في منطقة الزويتينة والهلال النفطي، والتي قال إن الجيش سيطر عليها بعد خمس سنوات من العبث من طرف الخارجين عن القانون.
وتضمنت تعليمات عقيلة، التي أعلنها ناطق رسمي باسمه في تصريحات لوكالة الأنباء الليبية، قيام المؤسسة الوطنية للنفط بتكليف حرس المنشآت النفطية الشرعي بحمايتها، لأن هذه الموانئ تمثل قوت الليبيين، ولا يمكن إلا أن تكون تحت تصرف المؤسسة.
وتزامن البيان مع إعراب رئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا مارتن كوبلر عن قلقه البالغ إزاء القتال في منطقة الهلال النفطي، داعيا القوات العسكرية التي تحركت إلى المنطقة، في إشارة إلى قوات الجيش الليبي، إلى وقف القتال فورًا والامتناع عن مزيد من التصعيد العسكري.
وبعدما لفت كوبلر إلى أن قرار مجلس الأمن الدولي رقم «2259» ينص على حظر صريح لصادرات النفط غير المشروعة، اعتبر أن الهجمات على الهلال النفطي تمثل تهديدًا إضافيًا على الاستقرار، ومن شأنها أن تؤدي إلى مزيد من الانقسام في البلاد، وتضيف إلى معاناة الشعب، على حد قوله.
ودعا كوبلر مجددا إلى وفاق وطني شامل، معربا عن دعمه لإجراء مشاورات من شأنها أن تؤدي إلى تشكيل حكومة وفاق وطني جديدة.
إلى ذلك، قالت وزيرة الدفاع الإيطالية، روبرتا بينوتي، إن تشييد مستشفى ميداني عسكري في مدينة مصراتة الليبية جاء استجابة لطلب علاج الجرحى الليبيين من طرف حكومة السراج، مشيرة إلى أن «ما كنا نقوم به حتى الآن هو علاجهم في مستشفياتنا وإرسال الأدوية إلى ليبيا».



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.