يشهد مهرجان مانشستر لكتابات كرة القدم حالة من الازدهار تثبت إلى أي مدى يحب الناس الحديث عن اللعبة الجميلة والإنصات إلى الآخرين وهم يتكلمون عنها.
يبدو أننا صرنا نحتاج الآن أكثر من أي وقت مضى إلى الحديث عن كرة القدم. نحن في وقت لا يزال فيه من الغريب على نحو ممتع أن نصف ليستر سيتي ببطل الدوري الممتاز، ويتنقل اللاعبون بشكل روتيني ما بين الأندية بمبالغ من العشرين مليون إسترليني إلى المائة مليون، رغم أن هناك علامات استفهام على مستوياتهم، وحيث زعم أحد الحكام السابقين أنه تعرض لضغوط لكي ينكر رؤية أحداث شاهدها بالفعل وباتت هناك حاجة إلى الاتصالات اللاسلكية في المباريات. لكن لم يسبق أن وصلت منتديات المشجعين الصاخبة عقب المباريات وغيرها من منصات الحوار المتعلق بكرة القدم إلى ما هي عليه اليوم. لا عجب إذن أن يكون مهرجان مانشستر لكتابات كرة القدم في حالة من العنفوان غير المسبوق في ظل ازدهار مانشستر سيتي ودخوله المنافسة بقوة مع العتيد يونايتد.
إنه إلى حد بعيد ليس مهرجانا للرجال غير المهندمين المنكبين على حواسبهم المحمولة وينقرون سريعا لمحاولة اللحاق بمواعيد النشر، بقدر ما هو مهرجان يلتقي فيه مجموعة متنوعة من كتاب كرة القدم في ورش عمل أمام الجمهور لمناقشة الجوانب العددية من عملهم، وتناول القضايا الكروية الكبرى وما يستجد من مخاوف.
وشأن معظم النقاشات الرياضية، هناك أحداث يمكن أن تكون بذيئة ومدفوعة بالإسراف في تناول المشروبات الكحولية، أو رزينة نسبيا، لكن نادرا ما تكون مملة بالنسبة إلى المعنيين بالمهرجان.
انظر على سبيل المثال ما حدث يوم الخميس. كان هناك جمهور يستمع باهتمام إلى صحافي كرة القدم جوناثان ويلسون، وهو يتحدث بصوت هامس في أسف عن التشابه في شباك مرمى الفرق. هذا حدث بالفعل، روى ويلسون، وهو من الكتاب المنتظمين، وكذلك مؤلف أصدق تأريخ لكرة القدم الأرجنتينية «ملائكة بوجوه دميمة»، روى في حديثه إلى ندوة جرى تنظيمها تحت رعاية «ذا بليزارد» دورية كرة القدم التي لطالما كتب لها، كيف أنه كانت هناك فترة بين 1984 و1996، لو عرضت عليه خلالها أي نوع من الشباك لأي مرمى في أي من الدوريات الممتازة في البلاد، لكان قادرا على أن يحدد بشكل صحيح لأي الأندية تنتمي. غير أن هذا، كما يقول بنبرة يكسوها الأسى، بات شيئا من الماضي.
في عالم كرة قدم أصاب بالجنون تمامًا، حيث يزداد غضب المشجعين بشكل مبرر ضد كثير من أوجه الظلم الكبير الذي يتعرضون له بشكل شبه يومي، كان الشكل الموحد للشباك في عصرنا الراهن هو ما أثار حفيظة ويلسون في هذه المناسبة تحديدا، لكن الحضور لم يحتملوا المزيد من هذا.
يقول مات غاردينر، مؤسس ومدير المهرجان: «كانت هناك نظرية تتطور هنا، وكان لدينا بعض القلق لأننا كنا نقترب من نهاية المساء وبدا أنه يمكن أن يتحدث عن هذا الموضوع ساعة أخرى. ودائما يظل اختتام الفعاليات وتوصيل الناس إلى منازلهم أصعب جزء في أي مساء».
24 ساعة ويحين الدور على ندوة كتاب صفحة «فوتبول ويكلي» بالـ«غارديان»، ليقدموا المزيد من تفاصيل كرة القدم الحديثة المؤلمة. أمام حضور مكتمل في الكلية الملكية الشمالية للموسيقى، تجري مناقشة نفس العمل الخطير الذي قام به الحكم مارك كلاتنبرغ خلال الصيف، بوضع وشم على أجزاء من جسمه.
لم يكتف الحكم المنتمي لمقاطعة دورهام بالميداليات التكريمية التي حصل عليها لأدواره في نهائيات دوري الأبطال و«يورو 2016»،، وأثار انتقادات بوضع وشم على ساعديه بحبر دائم، ليذكره بلحظات القمة في مسيرته التحكيمية.
كان الإجماع بين المتحدثين على طاولة الحوار أن ما فعله كلاتنبرغ غير مضر وإن كان ينطوي على بعض من الغرور، وقد اتفقوا إلى حد بعيد على أن البشرة التي يتحدثون عنها إنما تخص كلاتنبرغ وله أن يزينها كيفما يشاء. الموضوع التالي من فضلكم.
بالطبع كان وسيكون هناك مزيد من النقاشات في هذا المهرجان، وهو الثالث من نوعه الذي تديره شركة النشر «ووتر ستونز» بالتعاون مع المتحف الوطني لكرة القدم. في يوم الاثنين ناقشت عدة ندوات الإخفاقات المتواصلة للمنتخب الإنجليزي، وذلك في برنامج بعنوان «50 عاما من الألم»، في حين تعاملت مجموعة متنوعة من الكتاب الرياضيين المقيمين في مانشستر في اليوم التالي، مع قذائف أسئلة المشجعين المنتمين لناديي المدينة.
وبإمكاننا أن نتوقع كيف تتعامل غرفة المتعلقات في فندق كرة القدم المجاور لملعب أولد ترافورد، مع عدد غير مسبوق من الأشياء عندما يأتي الدور للحديث عن الموضوع المثير المتعلق بإحصائيات كرة القدم والمفكرات، والتشكيلات، واللوحات التي تبين أكثر المناطق التي يوجد فيها اللاعبون، وانتشار البيانات الإحصائية، في ندوة (اليوم الأربعاء) التي ستكون بعنوان «انتقام المهووسين». بينما يختتم المهرجان الخميس عندما تقدم ندوة بعنوان «النساء في كرة القدم» محاضرة رئيسية حول «كيف نمضي للأمام في صحافة كرة القدم». يقول آدم كومستيف من المتحف الوطني لكرة القدم: «كان علي أن أصدر قرارا بإعادة الأموال لفتاة أدركت أنها لن تتمكن من استقلال القطار من بورتسموث إلى مانشستر لحضور المحاضرة. يقطع الناس طريقا طويلا للوصول إلى هذه الفعاليات».
ومع اجتذاب المنتدى المذكور جمهورا يتفاوت في حجمه ما بين 80 إلى 700 شخص، يأمل كومستيف وغاردينر أن يستمر مهرجانهم الوليد في الازدهار والتنوع. ويوضح: «كان العام الأول مستندا بشكل كبير على الكتب التي نشرتها ووترستونز، مما أدى إلى حضور يغلب عليه الطابع الذكوري. ومنذ ذلك الوقت حاولنا أن نضم مجموعة أكثر تمثيلا لمختلف الفئات، تغطي ما تمثله كرة القدم. وما توصلنا إليه هو أن الناس يريدون أن يخرجوا كل ليلة من أجل الاستماع إلى الأشخاص الذين يكتبون عن كرة القدم، وهم يتحدثون عن كرة القدم». لم تصل اللعبة إلى هذا المستوى من الازدهار من قبل.
سحر كرة القدم من تصميم شباك المرمى إلى «الوشم»
مهرجان مانشستر للكتاب الرياضيين يثبت إلى أي مدى يحب الناس الحديث عن اللعبة الجميلة
سحر كرة القدم من تصميم شباك المرمى إلى «الوشم»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة