الجيش الليبي يعلن سيطرته الكاملة على منطقة الهلال النفطي

إيطاليا تلوح بتدخل عسكري وتكشف عن خطة لنشر مئات الجنود في مصراتة

المنطقة الصناعية في ميناء راس لانوف النفطي بليبيا (رويترز)
المنطقة الصناعية في ميناء راس لانوف النفطي بليبيا (رويترز)
TT

الجيش الليبي يعلن سيطرته الكاملة على منطقة الهلال النفطي

المنطقة الصناعية في ميناء راس لانوف النفطي بليبيا (رويترز)
المنطقة الصناعية في ميناء راس لانوف النفطي بليبيا (رويترز)

لوحت إيطاليا أمس باحتمال إرسال قوات عسكرية إلى ليبيا، بعد ساعات من إعلان الجيش الوطني الليبي أنه سيطر بشكل كامل على منطقة الهلال النفطي بعد عملية «البراق الخاطف» العسكرية من دون أي خسائر في قواته، في خطوة اعتبرتها حكومة الوفاق الوطني المدعومة من بعثة الأمم المتحدة بمثابة تصعيد خطير في الأزمة الليبية، بينما تعهدت الحكومة الانتقالية برئاسة عبد الله الثني بعودة العمل في الموانئ النفطية المتوقفة في أسرع وقت.
وقال العقيد أحمد المسماري الناطق الرسمي باسم الجيش الموالي لمجلس النواب الموجود في مدينة طبرق بأقصى الشرق الليبي، إن قوات الجيش سيطرت على موانئ السدرة ورأس لانوف والبريقة بعد هروب الميلشيات التابعة لإبراهيم جضران رئيس ما يسمى بحرس المنشآت النفطية. وقال المسماري في تصريحات له أمس إنه «على الشعب الليبي أن يطمئن على مصدر رزقه، إنه في أياد أمينة وإن قوات الجيش الليبي، هي من قامت بتحرير الهلال النفطي».
وخاضت قوات الجيش معارك محدودة للسيطرة على ميناء السدرة، حيث قال العميد فوزي المنصوري آمر غرفة عمليات أجدابيا، إن قوات الجيش سيطرت على الحي الصناعي والمنطقة السكنية وميناء رأس لانوف ميناء الزويتينة، بالإضافة إلى غنم معدات عسكرية من ميلشيات الجضران.
ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن محمد العزومي، المتحدث باسم إحدى الكتائب في قوات الجيش الذي يقوده الفريق خليفة حفتر، «تمكنت قواتنا المسلحة من إحكام سيطرتها على ميناء الزويتينة وتأمينه بالكامل». وهاجمت قوات الجيش منطقة الهلال النفطي الواقعة بين بنغازي (ألف كلم شرق طرابلس) وسرت (450 كلم شرق طرابلس) وأعلنت سيطرتها على ميناءي رأس لانوف والسدرة، أكبر موانئ تصدير النفط، في أول مواجهات بين قوات الجيش والقوات الموالية لحكومة الوفاق الوطني التي يترأسها فائز السراج منذ وصوله إلى العاصمة الليبية في نهاية شهر مارس (آذار) الماضي.
في المقابل، رفضت حكومة السراج سيطرة الجيش على منطقة الهلال النفطي ودعت جميع القوات الموالية لها إلى «أداء واجبها العسكري والوطني» من أجل استعادة السيطرة على المنطقة. ورأت أن ما حدث «ناقض مسيرة التوافق الشامل ويحبط آمال الليبيين في تحقيق الاستقرار قريبا»، محذرة من أن البلاد باتت تقف «عند منعطف خطير». لكن عبد الله الثني رئيس الحكومة الانتقالية قال من جهته، إن حكومته «ستعمل على عودة العمل في الموانئ النفطية في أقرب الآجال بما يضمن لكل الليبيين الحياة الكريمة». وبارك الثني انتصارات الجيش وسيطرته الكاملة على منطقة الهلال النفطي. وناشد الشيخ صالح الاطيوش عميد قبائل المغاربة حرس المنشآت النفطية فرع الأوسط الانضمام إلى قوات الجيش وتسليم أسلحتهم فورا.
ومن شأن سيطرة قوات الجيش على المنطقة النفطية، حرمان حكومة السراج من أهم مواردها المالية، في وقت كانت تستعد فيه لإعادة إطلاق قطاع النفط عبر استئناف التصدير من الموانئ النفطية. وكان حرس المنشآت النفطية أعلن الشهر الماضي إعادة افتتاح قريبة لميناءي السدرة ورأس لانوف اللذين تبلغ طاقتهما التصديرية نحو 600 ألف برميل في اليوم. ومنذ انتفاضة عام 2011 والإطاحة بنظام العقيد الراحل معمر القذافي، يعيش قطاع النفط في ليبيا تراجعا مستمرا، إذ انخفضت معدلات الإنتاج اليومي من نحو مليون و600 ألف برميل يوميا إلى نحو 200 ألف برميل، لتصبح ليبيا، أغنى دول أفريقيا بالنفط مع احتياطي يبلغ 48 مليار برميل، أقل دول منظمة «أوبك» إنتاجا في عام 2015، بحسب أوبك.
إلى ذلك، كشفت إيطاليا عن خطط لإقامة مستشفى عسكري ونشر 300 طبيب وممرضة وجندي في ليبيا بطلب من حكومة السراج. ونقلت وكالة رويترز عن مسؤول حكومي إيطالي أن المستشفى الذي سيقام بالقرب من مطار مصراتة سيعمل فيه نحو 100 طبيب وممرضة وسيحرسه نحو 200 جندي، مشيرا إلى أن المستشفى «يجب أن يكون في موقع آمن لكن دون الابتعاد كثيرا عن منطقة المعارك».
وقال المصدر إن إيطاليا نقلت جوا بالفعل العشرات من المقاتلين الليبيين إلى روما لتلقي العلاج لكن إقامة المستشفى ستكون أسرع وأكثر فاعلية للمساعدة في هذا الغرض.
ورغم أن فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة وإيطاليا اعترفت بوجود وحدات للقوات الخاصة من الجيش في ليبيا فسيكون ذلك أول نشر علني للقوات من دولة غربية وإن كان لمهمة إنسانية. ومن المنتظر أن يقدم وزير الخارجية باولو جنتيلوني ووزيرة الدفاع روبرتا بينوتي مزيدا من التفاصيل عندما يخاطبان البرلمان اليوم بشأن «الوضع في ليبيا». وتربط إيطاليا علاقات تاريخية بليبيا التي استعمرتها خلال النصف الأول من القرن العشرين. وتقع ليبيا إلى الجنوب مباشرة من إيطاليا على بعد أقل من 500 كيلومتر جنوبي ساحل صقلية. وحاليا ووسط حالة من الفوضى بسبب الحرب الأهلية يعمل مهربو البشر في ليبيا مع الإفلات من العقاب نسبيا. وأرسلوا أكثر من 400 ألف مهاجر في قوارب متهالكة ومكتظة إلى إيطاليا منذ بداية عام 2014.
في غضون ذلك، اعتقلت قوات خفر السواحل الليبية ألمانيين يساعدان في إنقاذ المهاجرين غير الشرعيين بعدما «دخلا المياه الليبية» على متن زورق قبل أن يتم التوصل إلى اتفاق لإطلاق سراحهما، بحسب ما أفاد متحدث باسم البحرية الليبية.
وقال العقيد أيوب قاسم المتحدث باسم القوات البحرية في طرابلس: «تم القبض الجمعة على شخصين يحملان الجنسية الألمانية بعدما دخلا على متن زورق سريع المياه الليبية». وأضاف أن «الشخصين الموقوفين أكدا إنهما يعملان في منظمة (سي آي) لإنقاذ المهاجرين غير الشرعيين، وقد جرى توقيفهما بعدما حاولا الهرب قبل أن يتم إطلاق طلقات تحذيرية أجبرتهما على التوقف في البحر».
وتابع قاسم: «أقر الموقوفان بأنهما دخلا المياه الليبية بعدما غفوا وهما على متن الزورق، وقد كان من المفترض أن يتم تسليمهما أول من أمس إلى مركب أوروبي قبالة الساحل الليبي لكن حال البحر لم تسمح بذلك فتم تأجيل عملية تسليمهما».
وتشهد السواحل الليبية في جهتها الغربية خصوصا تصاعدا في حركة الهجرة غير الشرعية، حيث يخوض المهاجرون الساعون إلى بلوغ أوروبا سباقا مع الوقت ليستقلوا مراكب الهجرة قبل حلول فصل الخريف. وفي غياب الرقابة الفعالة على الحدود البحرية بفعل الفوضى الأمنية التي تشهدها ليبيا منذ 2011، تحولت شواطئ هذا البلد المتوسطي الذي لا تبعد سواحله سوى بضع مئات من الكيلومترات عن أوروبا إلى منطلق لعشرات آلاف المهاجرين الساعين إلى بلوغ السواحل الأوروبية.
وأعلن خفر السواحل الإيطاليون إنقاذ نحو 1100 مهاجر قبل يومين قبالة سواحل ليبيا ما يرفع العدد الإجمالي للمهاجرين الذين تم إنقاذهم في نهاية الأسبوع إلى 3400.
وتقوم نحو عشر سفن للعمل الإنساني ممولة بتبرعات خاصة، بدوريات قبالة سواحل ليبيا، حيث تؤمن نحو عشرين في المائة من عمليات البحث والإنقاذ، إلى جانب القوات البحرية لدول عدة.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.