تصعيد عسكري قبل ساعات من الهدنة.. والمعارضة ترى فيه دفعًا لرفض الاتفاق

احتدام المعارك في جنوب حلب وسقوط أكثر من 85 قتيلاً وجريحًا في مجزرة مدنيين بإدلب

سوريون يحاولون إخراج مواطن علق وسط أنقاض بناية في إدلب أمس (أ.ف.ب)
سوريون يحاولون إخراج مواطن علق وسط أنقاض بناية في إدلب أمس (أ.ف.ب)
TT

تصعيد عسكري قبل ساعات من الهدنة.. والمعارضة ترى فيه دفعًا لرفض الاتفاق

سوريون يحاولون إخراج مواطن علق وسط أنقاض بناية في إدلب أمس (أ.ف.ب)
سوريون يحاولون إخراج مواطن علق وسط أنقاض بناية في إدلب أمس (أ.ف.ب)

شهدت المناطق السورية، بعد ساعات على إعلان الاتفاق الروسي – الأميركي حول الهدنة في سوريا، تصعيدا عسكريا، ولا سيما في محافظتي حلب وإدلب، حيث سقط أكثر من 85 قتيلا وجريحا في مجزرة في سوق للخضراوات بمدينة إدلب. ورأى «الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية» أن هذا التصعيد يخفي وراءه، في هذا التوقيت بالذات: «تحريضًا ورغبة لدى المجرمين في دفع الشعب السوري وفصائل المعارضة وقيادات (الجيش السوري الحر) إلى رفض الاتفاق، ومن ثم تحميلها المسؤولية».
وانطلاقا من هذه الوقائع، رأى مصدر في «الائتلاف» أن الساعات الفاصلة لبدء سريان الهدنة ستشهد تكثيفا للعمليات العسكرية من قبل النظام. وأوضح المصدر لـ«الشرق الأوسط» في حوار معه «الروس سيمنعون طائراته (أي النظام) من الاشتراك في العمليات في حلب لإثبات مصداقيتهم ليتمكنوا من الانتقال إلى المرحلة الثانية بعد سبعة أيام، من هنا فإن لدى طيران النظام بعض الأهداف المخطط لها مسبقا التي سيعمل على استهدافها، خلال هذين اليومين، ولا سيما في منطقة حلب». وأردف «مع العلم أنه وفي جميع الأحوال، فإن حظر الطيران يقتصر على النظام، ولا يشمل الطيران الروسي الذي أصبح يملك الضوء الأخضر الأميركي لقصف أهداف تابعة لفصائل معارضة في ظل تعذر الفصل بين (فتح الشام) والمجموعات المعتدلة، وبالتالي لا نستبعد أن نشهد مرحلة دامية بدل الهدنة».
ويوم أمس، قالت مصادر قوات النظام وقوى معارضة: إن الصراع في جنوب حلب احتدم بشكل كبير، وذلك، بعدما هاجمت قوات النظام مناطق خاضعة لسيطرة المعارضة لتحقيق أكبر قدر من المكاسب قبل دخول وقف جديد لإطلاق النار في عموم أرجاء سوريا حيز التنفيذ يوم الاثنين، بينما أكد مقاتلو معارضة أنهم يخططون لهجوم مضاد.
الطرفان ذكرا أن قوات النظام ومجموعات موالية له تقدمت من منطقة الراموسة في حلب باتجاه جيوب لمقاتلي المعارضة بمنطقة العامرية. وقال النقيب عبد السلام عبد الرزاق، المتحدث العسكري باسم جماعة «كتائب نور الدين زنكي» المعارضة لـوكالة «رويترز» إن «القتال يتصاعد على كل جبهات جنوب حلب، لكن الاشتباكات في العامرية هي الأعنف». وأدت مكاسب حققتها الحكومة في الآونة الأخيرة في الراموسة إلى إعادة فتح الطريق الرئيسي المؤدي إلى غرب المدينة الخاضع لسيطرة النظام، وسمحت للقوى الموالية له بتطويق شرق حلب الخاضع لسيطرة مقاتلي المعارضة.
ومن جهته، أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» بأن طائرات يعتقد أنها إما نظامية أو روسية قصفت أيضا بلدات تحت سيطرة المعارضة في ريف محافظة حلب الشمالي بما في ذلك عندان وحريتان، إضافة إلى طرق إمداد مهمة لمقاتلي المعارضة. وأكد «المرصد» تقارير سكان ونشطاء في شرق حلب قالوا: إن طائرات هليكوبتر تابعة لقوات النظام أسقطت براميل متفجرة على مناطق سكنية للمدنيين في بضع مناطق.
في غضون ذلك، ارتكب الطيران الحربي الروسي ظهر أمس، مجزرة بحق المدنيين في مدينة إدلب، عندما استهدف السوق الرئيسية للمدينة «سوق الخضرة» بصواريخ عدة، راح ضحيتها عشرات القتلى والجرحى. وقال ناشطون في إدلب إن «عدد القتلى وصل إلى 25 شخصا وأكثر من 60 جريحًا، بينهم نساء وأطفال، جراء استهدف الطيران الروسي سوق الخضراوت أثناء تجمهر المدنيين في وقت الذروة لشراء حاجياتهم، ولا سيما أنهم على أبواب عيد الأضحى المبارك». وعلى الفور سارعت فرق الدفاع المدني وطواقم الإسعاف في المدينة لإسعاف الضحايا للمشافي الطبية، بينما تعمل على رفع أنقاض مبنى مدمر فوق رؤوس ساكنيه وسط السوق.
هذا، وقال اثنان من العاملين في الدفاع المدني لوكالة «رويترز» عبر الإنترنت إن «العمل ما زال جاريا لانتشال الجثث من تحت أنقاض مبان منهارة في السوق بإدلب، وهي عاصمة محافظة تحمل الاسم نفسه وتقع في شمال غربي البلاد». في حين قال أحد السكان وعمال إنقاذ إنهم يعتقدون أن الطائرات روسية «لأنها كانت تحلق على ارتفاع عال بعكس طائرات الهليكوبتر السورية التي تحلق على ارتفاع منخفض». وتجدر الإشارة إلى أنها ليست المرة الأولى التي تستهدف روسيا «سوق الخضرة» في مدينة إدلب، حيث سبق أن تم استهداف السوق مرات عدة تسببت في مجزرتين، راح ضحيتهما عشرات القتلى والجرحى، كما دمرت السوق المسقوفة بشكل كامل.
وعلى الأثر، استنكر «الائتلاف الوطني» مجزرة إدلب واصفا إياها بـ«الجريمة الشنيعة التي ارتكبتها طائرات الاحتلال الروسي في محاولة لاستغلال الازدحام الذي يسبق حلول عيد الأضحى»، بحسب ما جاء في بيان له. وأضاف «لا حاجة ليتساءل أحد عمّا يعنيه أي اتفاق أو تفاهم تشارك فيه جهات تتعمد ارتكاب مثل هذه الجرائم، خاصة أن مجزرة اليوم، التي أوقعت نحو 85 شهيدا وجريحا، جاءت بعد ساعات من اتفاق جنيف لتعكس النوايا الفعلية للنظام وحلفائه». واعتبر أن «ارتكاب هذه المجزرة في هذا التوقيت يخفي وراءه تحريضًا ورغبة لدى المجرمين في دفع الشعب السوري وفصائل المعارضة وقيادات (الجيش السوري الحر) إلى رفض الاتفاق، ومن ثم تحميلها المسؤولية».
كذلك، اعتبر «الائتلاف» أنه «لا يمكن للأمم المتحدة والمجتمع الدولي أن يتعاطى مع هذه المجزرة بردود فعله الباردة نفسها على مجازر النظام وروسيا فيما سبق، خاصة وقد أعطى الروس التزامات قاطعة بوقف جرائمهم». وشدد على «أن سياسة القتل والإجرام الروسية الأسدية لن تنجح في الضغط على السوريين للتنازل، بل ستتحول إلى سبب جديد للاستمرار ورص الصفوف وشد العزائم حتى تحقيق الأهداف، وسيتابع السوريون طريقهم نحو الحرية والعدالة والكرامة، سواء تمكن المجتمع الدولي من تحمل مسؤولياته، أم استمر في عجزه عن ذلك».
وتعهد «الائتلاف» أمام الشعب السوري: «واستنادًا إلى العهود والمواثيق الدولية، التي ترفض إفلات المجرمين من المعاقبة، أنه لن يقبل بتمرير أي تفاهمات تسقط حق الشعب السوري في ملاحقة المجرمين، سواء من النظام أو حلفائه الإرهابيين أو قوى الاحتلال الروسي والإيراني».



تأكيد عربي على دعم عملية انتقالية سورية - سورية جامعة

المشاركون في أعمال اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا (وزارة الخارجية الأردنية على إكس)
المشاركون في أعمال اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا (وزارة الخارجية الأردنية على إكس)
TT

تأكيد عربي على دعم عملية انتقالية سورية - سورية جامعة

المشاركون في أعمال اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا (وزارة الخارجية الأردنية على إكس)
المشاركون في أعمال اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا (وزارة الخارجية الأردنية على إكس)

أصدرت الدول العربية المجتمعة في مدينة في الأردن، اليوم السبت، بيانها الختامي الذي أكدت فيه دعمها لعملية انتقالية سلمية سياسية سورية - سورية جامعة، تتمثل فيها كل القوى السياسية والاجتماعية السورية.

وقال البيان بعد اجتماع أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية بشأن سوريا التي تضم: الأردن، والسعودية، والعراق، ولبنان، ومصر، وأمين عام جامعة الدول العربية، وبحضور وزراء خارجية الإمارات، ومملكة البحرين، الرئيس الحالي للقمة العربية، ودولة قطر، وذلك ضمن اجتماعات العقبة حول سوريا: «أكد المجتمعون الوقوف إلى جانب الشعب السوري الشقيق، وتقديم كل العون والإسناد له في هذه المرحلة الدقيقة، واحترام إرادته وخياراته».

وأضاف: «ندعم عملية انتقالية سلمية سياسية سورية - سورية جامعة، تتمثل فيها كل القوى السياسية والاجتماعية السورية، وبمن فيها المرأة والشباب والمجتمع المدني بعدالة، وترعاها الأمم المتحدة والجامعة العربية، ووفق مبادئ قرار مجلس الأمن رقم 2254 وأهدافه وآلياته».

كما دعا البيان إلى «تشكيل هيئة حكم انتقالية جامعة بتوافق سوري، والبدء بتنفيذ الخطوات التي حددها القرار للانتقال من المرحلة الانتقالية إلى نظام سياسي جديد، يلبي طموحات الشعب السوري بكل مكوناته، عبر انتخابات حرة ونزيهة، تشرف عليها الأمم المتحدة، استناداً إلى دستور جديد يُقره السوريون، وضمن تواقيت محددة وفق الآليات التي اعتمدها القرار».

وأكد البيان على «دعم دور المبعوث الأممي إلى سوريا، والطلب من الأمين العام للأمم المتحدة تزويده بكل الإمكانات اللازمة، وبدء العمل على إنشاء بعثة أممية لمساعدة سوريا؛ لدعم العملية الانتقالية في سوريا ورعايتها، ومساعدة الشعب السوري الشقيق في إنجاز عملية سياسية يقودها السوريون وفق القرار 2254».

وشدد على أن «هذه المرحلة الدقيقة تستوجب حواراً وطنياً شاملاً، وتكاتف الشعب السوري بكل مكوناته وأطيافه وقواه السياسية والاجتماعية؛ لبناء سوريا الحرة الآمنة المستقرة الموحدة التي يستحقها الشعب السوري بعد سنوات طويلة من المعاناة والتضحيات».

إلى ذلك طالب البيان بـ«ضرورة الوقف الفوري لجميع العمليات العسكرية»، وأكد «ضرورة احترام حقوق الشعب السوري بكل مكوناته، ومن دون أي تمييز على أساس العرق أو المذهب أو الدين، وضمان العدالة والمساواة لجميع المواطنين».

ودعا إلى «ضرورة الحفاظ على مؤسسات الدولة السورية، وتعزيز قدرتها على القيام بأدوارها في خدمة الشعب السوري، وحماية سوريا من الانزلاق نحو الفوضى، والعمل الفوري على تمكين جهاز شرطي لحماية المواطنين وممتلكاتهم ومقدرات الدولة السورية».

وحث على «الالتزام بتعزيز جهود مكافحة الإرهاب والتعاون في محاربته، في ضوء أنه يشكل خطراً على سوريا وعلى أمن المنطقة والعالم، ويشكل دحره أولوية جامعة».

أيضاً، أكد البيان «التضامن المطلق مع الجمهورية العربية السورية الشقيقة في حماية وحدتها وسلامتها الإقليمية وسيادتها وأمنها واستقرارها وسلامة مواطنيها. وتوفير الدعم الإنساني الذي يحتاج إليه الشعب السوري، بما في ذلك من خلال التعاون مع منظمات الأمم المتحدة المعنية».

وتطرق إلى العمل على «تهيئة الظروف الأمنية والحياتية والسياسية للعودة الطوعية للاجئين السوريين إلى وطنهم، وتقديم كل العون اللازم لذلك، وبالتعاون مع منظمات الأمم المتحدة المعنية».

كذلك، أدان البيان توغل إسرائيل داخل المنطقة العازلة مع سوريا وسلسلة المواقع المجاورة لها في جبل الشيخ ومحافظتي القنيطرة وريف دمشق، ورفضه احتلالاً غاشماً وخرقاً للقانون الدولي ولاتفاق فك الاشتباك المبرم بين سوريا وإسرائيل في عام 1974، مطالباً بانسحاب القوات الإسرائيلية.

كما أدان الغارات الإسرائيلية على المناطق والمنشآت الأخرى في سوريا، وأكد أن هضبة الجولان أرض سورية عربية محتلة يجب إنهاء احتلالها، مطالباً مجلس الأمن باتخاذ الإجراءات اللازمة لوقف هذه الاختراقات.

وأوضح أن التعامل مع الواقع الجديد في سوريا سيرتكز على مدى انسجامه مع المبادئ والمرتكزات أعلاه، وبما يضمن تحقيق الهدف المشترك في تلبية حقوق الشعب السوري وتطلعاته.