رئيس هيئة علماء المسلمين في العراق: نفوذ إيران وتغولها أديا إلى انتشار الإرهاب

مثنى الضاري اتهم الحشد الشعبي بالطائفية.. وأكد لـ «الشرق الأوسط» أنه اضطر لمغادرة البلاد وأن نشاط هيئة سنة العراق موجود

مثنى الضاري
مثنى الضاري
TT

رئيس هيئة علماء المسلمين في العراق: نفوذ إيران وتغولها أديا إلى انتشار الإرهاب

مثنى الضاري
مثنى الضاري

بدت اللغة المدافعة حاضرة في ثنايا إجابات الدكتور مثنى الضاري، الأمين العام لهيئة علماء المسلمين في العراق، خلال حوار أجرته معه «الشرق الأوسط»، وأرسل عدة رسائل مفادها أن الهيئة لا تزال تمارس عملها، رغم أنه يقيم خارج العراق.
كان من المهم أن يكون صوت مثنى الضاري حاضرًا، فهو الرجل الذي أكمل مسيرة أبيه الشيخ حارث الضاري، كأمين عام لهيئة علماء المسلمين، وفي الوقت ذاته أدرج اسمه في قوائم الإرهاب عام 2010، وهو الأمر الذي يقول عنه إنه قرار سياسي، وأتى بناء على معلومات كاذبة وملفقة.
وتطرق الضاري إلى تصرفات إيران وما تقوم به في العراق، مشددًا على أن النفوذ الإيراني تغول وتحول لاحتلال غير معلن، مما أدى إلى انتشار الإرهاب، مبينًا أن هناك سيناريو مستمرًا لإبادة المنتمين إلى السنة في العراق منذ سنوات. ووصف جرائم ميليشيات الحشد الشعبي بالطائفية، إذ تستهدف قوات الحشد الشعبي الرافضين للاحتلال والهيمنة الإيرانية. مقابل ذلك، يبدو الضاري متفائلاً بمستقبل العراق من خلال الدعوة التي أطلقها في يونيو (حزيران) الماضي، وأكد فيها استعداد الهيئة لتوفير كل الظروف المناسبة للقوى العراقية للتعبير عن رأيها ومناقشة الرؤى، للوصول إلى نقطة الاتفاق. وفيما يلي نص الحوار:
* لماذا لم ينتج عن الاجتماع السني في العراق بروز أي شخصية أو حزب أو مكون سني يستطيع أن يكون موازيًا للحراك على الطرف الآخر، المكون الشيعي، في العراق؟
- الاجتماع السني أنتج في مراحل متقدمة أسماء وشخصيات وقوى وفصائل مقاومة، تسيدت المشهد وملأت الأعين والأنفس، وأدت ما عليها من واجبات للدين والوطن والمواطن، ولكن للأسف تم التخلي عنها، لضرورات سياسية وقراءات قاصرة للمشهد العراقي بعد الاحتلال، فضلاً عن الإرادات المهيمنة على القرار العربي الرسمي. ولا يمكن الآن إعادة رسم المشهد كما نريد أو نتمنى لأسباب عدة من أبرزها: محددات العملية السياسية التي شطرت العراقيين وقسمتهم إلى قسمين كبيرين؛ عربي وكردي، على أساس عرقي أولاً، ثم قسمت المكون العربي إلى قسمين؛ سنة وشيعة، على أساس مذهبي، وهكذا تم شطر «المكون السني» مرتين، بخلاف غيره من المكونات، فضلاً عن انقسامه ثالثة بسبب الموقف من الاحتلال، حيث رفضه أكثرهم وقبل به قليل منهم وتم اعتماد هذا القليل ممثلين عن المكون بأجمعه، وهو أمر لم يشهده المكونان الآخران في العراق، بحسب تقسيمات الاحتلال في العراق، وهما «المكون الشيعي» و«المكون الكردي».
وأخيرًا عدم وجود الظهير الثابت والواحد الداعم، بخلاف الآخرين، فالمكون الكردي حظي بدعم دولي لأسباب معروفة وظروف خاصة، وكذلك المكون الشيعي في إطار دعم ما يسمى المعارضة العراقية قبل الاحتلال، مع زيادة وجود حليف قوي متمثل في دولة واحدة هي إيران ذات قيادة واحدة وأهداف توسعية في المنطقة، مندمجة مع أهداف ثقافية ذات بعد طائفي متدرج حسب الظروف، من الخفي إلى الظاهر إلى الصارخ إلى المستعلي والمفاخر حاليًا، بينما يعاني المكون السني غياب هذا الرديف، وتشتت القرار العربي بين دول كثيرة، بينها ما صنعه الحداد بل والنجار أيضًا. وليس الحال هذا في العراق فقط، وإنما هو مثال متكرر في بلدان أخرى ابتليت بالغزو الإيراني الخفي منه والمعلن، وأمثلة سوريا واليمن وقبلهما لبنان ليست ببعيدة عنا.
* بعد إعادة تشكيل هيئة علماء المسلمين (2003) بعيد اجتياح العراق في 2003، ما الذي فعلته الهيئة؟
- أسست الهيئة بعد الاحتلال ولم يكن لها وجود قبله، وأوجبت الظروف الصعبة هذا التأسيس وقتها، ولم تكن هناك في العراق قبل الاحتلال مؤسسة شرعية شبيهة بالهيئة، أما ماذا فعلنا فهذا صعب شرحه في أسطر معدودة، فاختزال 13 سنة من الجهود السياسية والثقافية والإعلامية والدعوية والإغاثية والاجتماعية يصعب حصره، وقد شهدت صفحات «الشرق الأوسط» بطبعاتها الدولية وطبعة بغداد في وقتها، تسجيل كثير من هذه الجهود.
ويكفيني هنا القول إن الهيئة أخذت على عاتقها ممارسة العمل الوطني المناهض للاحتلال وعمليته السياسية على مدى سنوات، والتعريف بالقضية العراقية خارجيًا، وتأييد خيار المقاومة، والدفاع عن حقوق العراقيين ومصالحهم، وفضح انتهاكات حقوق الإنسان الكبيرة والمستمرة وتوثيقها، وتقديم الخدمات اللازمة لمحتاجيها وبحسب قدرتها وظروفها وإمكاناتها المتواضعة، وما زالت في هذا السبيل رغم كل المعوقات ورغم حجم التخذيل الكبير والصدود عن أبسط حقوقنا على إخواننا، وهو الاستماع لوجهة نظرنا في وقف ما يجري على أرضنا من مآسٍ، وما يسيل من دماء في بلادنا.
* لم نسمع عن جهود للتعاون مع هيئات علماء المسلمين في بعض الدول العربية. لماذا؟
- عدم السماع لا يدل على عدم الوجود، فالتعاون مع المنظمات والهيئات الإسلامية؛ الدينية والشرعية في الدول العربية والإسلامية، هو من مبادئ العمل الرئيسية في الهيئة من يوم تأسيسها وحتى اللحظة، فهي عضو في عدد منها وتنسق مع أخرى، ولها اتفاقات عمل وتعاون مع بعضها، ومنها: مشيخة الأزهر التي كانت للهيئة لقاءات مستمرة بها مع حضور متواصل لمؤتمرات مجمع البحوث الإسلامية في الأزهر الشريف، والهيئة كانت ممثلة بشخص أمينها العام الراحل (الشيخ حارث الضاري) في الهيئة العالمية لعلماء المسلمين التابعة لرابطة العالم الإسلامي في مكة المكرمة، ولدينا علاقات طيبة مع الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، ورابطة علماء المسلمين وتجمع علماء اليمن وجمعية العلماء المسلمين في الجزائر وهيئة العلماء المسلمين في لبنان وهيئة علماء فلسطين في الخارج والهيئات والروابط العلمائية السورية ورئاسة الشؤون الدينية التركية، وغيرها.
* برأيكم، ما سبب انتشار الإرهاب في العراق تحديدًا؟
- السبب هو غزو العراق واحتلاله، ومن ثم النفوذ الإيراني وتغوله في العراق وتحوله إلى احتلال غير معلن، وفتح حدوده على مصراعيها للتدخلات الدولية والإقليمية وغيرها.
* هل نحن بحاجة ماسة إلى ثورة في بعض المفاهيم المغلوطة التي تروج للعنف باسم الدين الإسلامي؟
- نحن بحاجة لثورة على الفهم المتداول لأسباب هذه الظاهرة، ولكننا لسنا بحاجة إلى ثورة على بعض المفاهيم الفكرية التي يظن أنها سبب الإرهاب، فالبعض قليل ولا يثار عليه لهوانه وقلة خطره، فضلاً عن أن أدبيات التراث الإسلامي وجهود الكتاب والمفكرين المسلمين في هذا الموضوع كافية جدًا، ولكننا بحاجة لإعادة النظر في طريقة التعامل مع المخرجات العنفية للأفهام القاصرة، وهذا يكون من خلال فهم الظاهرة فهمًا صحيحًا ودقيقًا وعدم تسييسها، أو اتخاذها وسيلة لتصفية حسابات، في إطار تجاذبات فكرية خارجة عن الموضوع الأصيل، وعدم اتباع سياسة استهداف المناهج ومصادر الفكر، وإنما العمل على تصحيح القراءات الخاطئة لها، وتوفير البدائل المتاحة للشباب للتعبير عن أنفسهم، وسحب البساط من الجهود الدولية التي تستهدف الدين والفكر الإسلامي ومنابعهما، بحجة استهداف الإرهاب ومصادره، فهذه المصادر هي التي أنتجت الفكر الإسلامي الوسطي والمعتدل على مدى قرون طويلة، فالعيب ليس فيها، وإنما هناك ظروف موضوعية أدت إلى ذلك، ومنها الاستهداف الظالم للأمة جملةً وليس لشبابها فحسب، وهو ما يؤدي بالضرورة إلى بروز ظاهرة الغلو التي هي ليست حكرًا علينا، فالعالم كله يشهدها ولكن بأساليب وأشكال مختلفة، فضلاً عن استغلالها في عالمنا بخلاف غيرنا من العوالم، ومن ذلك الغلو العنصري والديني الأميركي الذي يُغطى بكل الوسائل، في مقابل إبراز ما يسمى بالإرهاب الإسلامي أو ما يدعى بالإسلام السياسي.
* كيف تقرأون تصرفات إيران الأخيرة باتجاه التضييق على من ينتمون إلى السنة أو العرب الأحواز، أو حتى على الشيعة المعتدلين الذين لا يروجون وضد فكرة ثورة ولاية الفقيه؟
- هي ليست جديدة، وإنما تصرفات ذات طبيعة منهجية وسياقات متبعة، حتى قبل ما يسمى الثورة الإسلامية، ودوافع ذلك قومية عنصرية بالدرجة الأساس، وأكسبها مجيء الثورة طابعًا طائفيًا فجًا شديد التعصب والخطورة، لم يقتصر على الداخل الإيراني الذي يشهد اضطهادًا مستمرًا لمكونات وأقليات كبيرة فيه، وإنما بدأ بإطلاق شرره منذ اليوم الأول (للثورة) على جواره العربي والمسلم.
* ما أحدث أساليب التعذيب الذي يمارسه نظام ولاية الفقيه؟
- أسلوب الإعدامات الجماعية العلنية وبأعداد كبيرة، كما حصل قبل أيام في حملة الإعدامات الأخيرة للعرب والكرد والأذريين والبلوش، وأصدرنا بيانًا في الهيئة أكدنا فيه أن هذه الإعدامات تتم وفق خلفيات طائفية وعرقية، وهي من الأساليب الظالمة المعروفة النيات والأهداف، وأن منهج الظلم والإرهاب الذي تمارسه إيران، يجد صداه واضحًا فيما يجري في العراق من إعدامات مسيسة، وإن ألبست ثوب القانون زورًا.
* ما رسالتكم للشيعة الذي يتبنون نظام ولاية الفقيه؟ وأيضًا ما رسالتكم للشيعة الذين يضيق عليهم بسبب رفضهم نظام ولاية الفقيه؟
- لا رسالة للطرف الأول، لأنه لا جدوى من ذلك، فالقضية لديه اعتقادية، وهذا شأنه، ولكن رسالتنا للذين يرفضون نظام ولاية الفقيه، ونقول لهم: لا بد لهذا الرفض من مخرجات تدلل عليه، ولا بد من وقفة جادة بوجه الظلم الذي يمارسه الولي الفقيه على أبناء الأمة، ولا بد من حساب دقيق لتبعات وآثار وتداعيات زعماء إرهاب ولاية الفقيه عليكم وعلى عروبتكم وتعايشكم مع الآخرين.
* هل نحن أمام سيناريو لإبادة السنة في العراق؟
- بالطبع، والسيناريو مستمر منذ سنوات، وهو لإبادة كل خيار مناهض للواقع الحاصل في العراق الآن، واستهداف السنة تحديدًا بعد خروج الاحتلال، الذي سنّ القواعد والقوانين لاستهدافهم بحجة الإرهاب، وترك أيدي إيران وأدواتها مطلقة فيما تفعل فيه وفي غيره.
* لماذا تمارسون عملكم من خارج العراق؟
- غالبًا عملنا نمارسه في الداخل بطريقة أو أخرى، وكوادر الهيئة تبذل جهودًا مشكورة في هذا السبيل، رغم كل الصعوبات التي تفرض علينا التحرك بأسماء وعناوين أخرى، لضمان أمن وسلامة أعضاء الهيئة، أما العمل السياسي والإعلامي المعلن والعلاقات العامة والتواصل مع المجتمع الدولي، فهذا يتم من الخارج، وهو ليس خيارًا وإنما اضطرار، بعد أن أجبر عدد من أعضاء الهيئة على الخروج، وحيل بين قسم آخر وبين العودة إلى العراق بعد الخروج لعمل ما هنا أو هناك، وفرضت علينا عقوبات محلية ودولية شملت عددًا من أعضاء الهيئة، وحدت من حركتهم ونشاطهم.
* قبل أعوام، سمعنا عن أنباء تتحدث عن إدراجكم ضمن قوائم الإرهاب، ما ردكم على ذلك؟
- نعم صدر بحقي قرار عن إحدى لجان مجلس الأمن عام (2010)، بتهمة الدعم المالي واللوجيستي لتنظيمات إرهابية، وذلك بتحريض من الحكومة في بغداد، وبناءً على معلومات كاذبة وملفقة، ورددنا عليه في وقتها وأبطلنا حججه، ولكن ما زال مفعوله ساريًا، فهو قرار سياسي بالدرجة الأساس، وما زال يحقق لمتخذيه ما يريدونه، فهو يحول بيننا وبين الحركة الحرة حتى في البلاد العربية.
* لماذا صوتكم غير مسموع وغير قوي في الداخل العراقي وكذلك في الخارج؟
- الصوت موجود وهو أعلى من قبل وأكثر نشاطًا، ولكن يراد لهذا الصوت ألا يعلو، لأمور عدة من أبرزها: أن صوتنا هو خلاف المألوف والنمط السائد الذي يراد له أن يعم وينتشر على حساب الأصوات التي تطرح المشكلة بصراحة وتشير إلى العلاج المناسب، الذي يبدو أن كثيرين لا يريدون أن يسمعوه، ولعل إجابة السؤالين السابقين تلقيان الضوء على الصعوبات الجمة التي نعانيها في سبيل التحرك النشط من أجل قضيتنا، فإذا كانت ساحتنا العربية غير مفتوحة لنا، فمن يفتح لنا ساحات أخرى، ومن يسمع صوتنا إذا ما أغلقت بوجهنا وسائل الإعلام العربية.
* كيف تقرأ المشهد السياسي العراقي؟
- مشهد مركّب وبسيط في الوقت عينه، فهو مركّب من حيث كثرة العناوين وتداخلها والصراعات الناشبة بينها وتداخل السياسي بالعسكري، والوطني بالطائفي والعرقي، والمحلي بالإقليمي والدولي، وبسيط من حيث كونه حراكًا يستهدف إنهاء مقومات الرفض والصمود والمقاومة في جزء عزيز من الأمة، وصولاً إلى أجزاء أخرى، وفرض المشروع الإيراني الطائفي المدعوم دوليًا على المنطقة، خدمة لمشروع صهيوني يحرّك خيوط اللعبة ويستثمر تداعيات ما يجري هنا وهناك لصالح أمنه واستقراره.
* ما أسباب وجود تنظيم داعش الإرهابي على الأراضي العراقية بحسب رأيكم؟
- أهم سبب هو الاحتلال الأميركي الذي أوجد الظروف المناسبة لذلك، وأعقبه الاحتلال الإيراني الذي أفاد كثيرًا من موضوع محاربة الإرهاب، في تبرير وتغطية ما يقوم به في العراق والمنطقة.
* انتهاكات ميليشيات الحشد الشعبي إلى ماذا تعزونها؟ وهل أنتم مع مشاركتهم في عمليات التحرير؟
- تعزى جرائم الحشد الطائفي إلى أسباب عدة في مقدمتها استهداف الرافضين للاحتلال والهيمنة الإيرانية، ومعززة بعوامل سياسية وطائفية بحتة لدى هذه الميليشيات والجهات المشرعة والداعمة لها، التي ترى معركتها معركة وجود مع مكوّن آخر في البلد وليست معركة مع الإرهاب الذي تمثل هي إحدى صفحاته الكبيرة في العراق، ومشاركتهم في معارك الاسترداد للمدن ذات خطر كبير، لأنهم يقومون بتنفيذ قناعاتهم وأهدافهم الخاصة بعيدًا عن واقع ما يجري وشعارات محاربة الإرهاب المرفوعة، فهم يقومون باستهداف المدن لمقاومتها وسنيتها ورفضها لواقع الاحتلال الإيراني، وليس لكونها إرهابية، وشعاراتهم وأهدافهم وأقوالهم وخططهم في هذا الأمر معلنة ولا يستحون منها أو يخشون أحدًا، وما جرى في جرف الصخر وحزام بغداد وديالى وبيجي وتكريت والرمادي والفلوجة خير دليل على ذلك، والمقبل خطير في الشرقاط والقيارة والموصل وغيرها.
* دعوتم أخيرًا القوى العراقية لكتابة ميثاق وطني، ما دلالات هذه الخطوة؟
- نعم دعت الهيئة في رسالتها في الذكرى السادسة والتسعين لثورة العشرين في 30 يونيو الماضي العراقيين جميعًا، أحزابًا وقوى وتكتلات وتجمعات وشخصيات مستقلة إلى الشروع في صياغة ميثاق وطني يعبّر عن تطلعات العراقيين، ويكون دليل عمل هاديًا لهم في ظلمات المرحلة المقبلة، وهو الهدف المنشود من مبادرة العراق الجامع التي أطلقتها الهيئة قبل سنة، وأعلنا في 15 أغسطس (آب) الماضي عن استعدادنا التام لتوفير كل الظروف المناسبة لهذه القوى للتعبير عن رأيها ومناقشة الرؤى والمشاريع، للوصول إلى نقاط للاتفاق والبناء عليها، مع التأكيد على أن الهيئة ستبقى جزءًا من العمل الوطني، وتسعى لأن تكون عنصرًا فاعلاً فيه، وليست راعية له بالمعنى المتبادر للذهن.



بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
TT

بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)

على الرغم من ابتلاع مياه البحر نحو 500 مهاجر من القرن الأفريقي باتجاه السواحل اليمنية، أظهرت بيانات أممية حديثة وصول آلاف المهاجرين شهرياً، غير آبهين لما يتعرضون له من مخاطر في البحر أو استغلال وسوء معاملة عند وصولهم.

ووسط دعوات أممية لزيادة تمويل رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي، أفادت بيانات المنظمة الدولية بأن ضحايا الهجرة غير الشرعية بلغوا أكثر من 500 شخص لقوا حتفهم في رحلات الموت بين سواحل جيبوتي والسواحل اليمنية خلال العام الحالي، حيث يعد اليمن نقطة عبور رئيسية لمهاجري دول القرن الأفريقي، خاصة من إثيوبيا والصومال، الذين يسعون غالباً إلى الانتقال إلى دول الخليج.

وذكرت منظمة الهجرة الدولية أنها ساعدت ما يقرب من 5 آلاف مهاجر عالق في اليمن على العودة إلى بلدانهم في القرن الأفريقي منذ بداية العام الحالي، وقالت إن 462 مهاجراً لقوا حتفهم أو فُقدوا خلال رحلتهم بين اليمن وجيبوتي، كما تم توثيق 90 حالة وفاة أخرى للمهاجرين على الطريق الشرقي في سواحل محافظة شبوة منذ بداية العام، وأكدت أن حالات كثيرة قد تظل مفقودة وغير موثقة.

المهاجرون الأفارقة عرضة للإساءة والاستغلال والعنف القائم على النوع الاجتماعي (الأمم المتحدة)

ورأت المنظمة في عودة 4.800 مهاجر تقطعت بهم السبل في اليمن فرصة لتوفير بداية جديدة لإعادة بناء حياتهم بعد تحمل ظروف صعبة للغاية. وبينت أنها استأجرت لهذا الغرض 30 رحلة طيران ضمن برنامج العودة الإنسانية الطوعية، بما في ذلك رحلة واحدة في 5 ديسمبر (كانون الأول) الحالي من عدن، والتي نقلت 175 مهاجراً إلى إثيوبيا.

العودة الطوعية

مع تأكيد منظمة الهجرة الدولية أنها تعمل على توسيع نطاق برنامج العودة الإنسانية الطوعية من اليمن، مما يوفر للمهاجرين العالقين مساراً آمناً وكريماً للعودة إلى ديارهم، ذكرت أن أكثر من 6.300 مهاجر من القرن الأفريقي وصلوا إلى اليمن خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وهو ما يشير إلى استمرار تدفق المهاجرين رغم تلك التحديات بغرض الوصول إلى دول الخليج.

وأوضح رئيس بعثة منظمة الهجرة في اليمن، عبد الستار إيسوييف، أن المهاجرين يعانون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء والرعاية الصحية والمأوى الآمن. وقال إنه ومع الطلب المتزايد على خدمات العودة الإنسانية، فإن المنظمة بحاجة ماسة إلى التمويل لضمان استمرار هذه العمليات الأساسية دون انقطاع، وتوفير مسار آمن للمهاجرين الذين تقطعت بهم السبل في جميع أنحاء البلاد.

توقف رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي بسبب نقص التمويل (الأمم المتحدة)

ووفق مدير الهجرة الدولية، يعاني المهاجرون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء، والرعاية الصحية، والمأوى الآمن. ويضطر الكثيرون منهم إلى العيش في مأوى مؤقت، أو النوم في الطرقات، واللجوء إلى التسول من أجل البقاء على قيد الحياة.

ونبه المسؤول الأممي إلى أن هذا الضعف الشديد يجعلهم عرضة للإساءة، والاستغلال، والعنف القائم على النوع الاجتماعي. وقال إن الرحلة إلى اليمن تشكل مخاطر إضافية، حيث يقع العديد من المهاجرين ضحية للمهربين الذين يقطعون لهم وعوداً برحلة آمنة، ولكنهم غالباً ما يعرضونهم لمخاطر جسيمة. وتستمر هذه المخاطر حتى بالنسبة لأولئك الذين يحاولون مغادرة اليمن.

دعم إضافي

ذكر المسؤول في منظمة الهجرة الدولية أنه ومع اقتراب العام من نهايته، فإن المنظمة تنادي بالحصول على تمويل إضافي عاجل لدعم برنامج العودة الإنسانية الطوعية للمهاجرين في اليمن.

وقال إنه دون هذا الدعم، سيستمر آلاف المهاجرين بالعيش في ضائقة شديدة مع خيارات محدودة للعودة الآمنة، مؤكداً أن التعاون بشكل أكبر من جانب المجتمع الدولي والسلطات ضروري للاستمرار في تنفيذ هذه التدخلات المنقذة للحياة، ومنع المزيد من الخسائر في الأرواح.

الظروف البائسة تدفع بالمهاجرين الأفارقة إلى المغامرة برحلات بحرية خطرة (الأمم المتحدة)

ويقدم برنامج العودة الإنسانية الطوعية، التابع للمنظمة الدولية للهجرة، الدعم الأساسي من خلال نقاط الاستجابة للمهاجرين ومرافق الرعاية المجتمعية، والفرق المتنقلة التي تعمل على طول طرق الهجرة الرئيسية للوصول إلى أولئك في المناطق النائية وشحيحة الخدمات.

وتتراوح الخدمات بين الرعاية الصحية وتوزيع الأغذية إلى تقديم المأوى للفئات الأكثر ضعفاً، وحقائب النظافة الأساسية، والمساعدة المتخصصة في الحماية، وإجراء الإحالات إلى المنظمات الشريكة عند الحاجة.

وعلى الرغم من هذه الجهود فإن منظمة الهجرة الدولية تؤكد أنه لا تزال هناك فجوات كبيرة في الخدمات، في ظل قلة الجهات الفاعلة القادرة على الاستجابة لحجم الاحتياجات.