«داعش» يفتح ثغرة في القلمون الشرقي «للتعويض عن خسائره في الشمال»

التنظيم يحشد مقاتليه بمحيط الباب للدفاع عن آخر معاقله.. واستمرار العمليات شمال حلب

استهداف «داعش» الذي يحاول التقدم على نقاط الفصائل المعارضة في القلمون الشرقي (أحرار الشام)
استهداف «داعش» الذي يحاول التقدم على نقاط الفصائل المعارضة في القلمون الشرقي (أحرار الشام)
TT

«داعش» يفتح ثغرة في القلمون الشرقي «للتعويض عن خسائره في الشمال»

استهداف «داعش» الذي يحاول التقدم على نقاط الفصائل المعارضة في القلمون الشرقي (أحرار الشام)
استهداف «داعش» الذي يحاول التقدم على نقاط الفصائل المعارضة في القلمون الشرقي (أحرار الشام)

فتح تنظيم داعش ثغرة في منطقة القلمون الشرقي، بمهاجمته مواقع سيطرة قوات المعارضة السورية التي دفعت بتعزيزات أمس، لمنع تقدم التنظيم المتشدد نحو معقلها في الغوطة الشرقية لدمشق، وذلك بموازاة تراجعه المستمر أمام قوات الجيش السوري الحر المدعومة من تركيا في الشريط الحدودي مع تركيا في شمال حلب.
وبدت معركة «داعش» في القلمون الشرقي، محاولة للبحث عن انتصارات «لتعويض ما خسره في الشمال»، بحسب ما قال مدير «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، رامي عبد الرحمن، مشيرًا في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن التنظيم «يهاجم المناطق الرخوة، سعيًا لتحقيق تقدم في أي منطقة يجد التقدم فيها ممكنًا سواء على حساب النظام أم الجيش السوري الحر»، وذلك «بعد تراجعه وانحسار نفوذه في الشمال». وقال عبد الرحمن إن المعركة في الشمال «باتت بحكم المنتهية، وتجري على مراحل لطرده من شمال البلاد»، لافتًا إلى أن «جميع الأطراف، بينها قوات سوريا الديمقراطية والنظام والجيش الحر، تستعد لمهاجمته في سائر المنطقة الواقعة في شمال وشرق حلب».
وفيما أعلن مناصرون لتنظيم داعش، أنه تقدم أمس إلى محاور جديدة في النكب وجبل البترا وبئر الأفاعي في القلمون الشرقي، قال عبد الرحمن إنه من الصعب الجزم بالتقدم، ذلك أن «المعارك مستمرة، ما يعني أن التقدم غير نهائي». وشدد على أن التنظيم الذي انطلق بعملياته من شرق ريف دمشق، حيث يوجد ويتمتع بقدرة على التواصل مع مقاتليه في ريف حمص الشرقي، «يسعى للتسلل إلى الغوطة الشرقية»، وأن مناطق وجوده في القلمون الشرقي «يفصلها أقل من 20 كيلومترًا عن الغوطة».
ودفع التنظيم، بحسب ما أفاد أتباعه في «تويتر»، بتعزيزات إلى المنطقة، لاستكمال معاركه التي بدأها أول من أمس، فيما صدت قوات المعارضة هجماته على المنطقة. وقال ناشطون إن فصائل من المعارضة بينها «فيلق الرحمن» و«جيش الإسلام» دفعت بتعزيزات مقابلة إلى محيط الضمير ومنطقة النكب، بهدف صد محاولات التنظيم المتشدد التقدم.
وقال عبد الرحمن أبو منصور، نائب قائد لواء الصناديد التابع لـ«فيلق الرحمن»، إن الهجوم جاء بعد هدوء استمر لأكثر من ثلاثة أشهر على جبهات التنظيم في القلمون، «كسره التنظيم بهجوم كبير وواسع يوم السبت بعد إحضار التنظيم مؤازرات من الرقة بالعدة والعتاد»، بحسب ما ذكرت «شبكة شام» الإخبارية المعارضة. وأشار أبو منصور، في تسجيلات صوتية، إلى أن التنظيم «يسعى للسيطرة على جبال القلمون الشرقي التي تعتبر بوابة دمشق»، لافتًا إلى أن «إنشاء غرفة عمليات بشكل مستعجل تشمل جميع فصائل الغوطة والشرقية، بغية توحيد العمل والجهود لمواجهة الحملة التي ما زالت مستمرة من قبل التنظيم».
استمرت المعارك، أمس، حيث شهدت المنطقة الصحراوية المتاخمة لمدن وبلدات الضمير والرحيبة وجيرود والناصرية والواقعة بين الغوطة الشرقية ومحافظة حمص اشتباكات عنيفة، حيث تصدت قوات المعارضة لهجوم التنظيم العنيف على سلسلة الجبال الشرقية المعروفة بالبترا، التي تحتوي معظم مقرات المعارضة في المنطقة، حيث بلغ طول جبهة القتال أكثر من 15 كيلومترا.
وكان التنظيم سيطر أول من أمس (الاثنين) على نقطتي النقب وبئر الأفاعي، بعد هجوم مباغت حشد له أعدادا كبيرة من المقاتلين، مصحوبين بالآليات الثقيلة وقاذفات الصواريخ المحمولة على الكتف فضلا عن الرشاشات، بحسب ما ذكر «مكتب أخبار سوريا». وأشار إلى وصول تعزيزات عسكرية أمس إلى فصائل للمعارضة، بلغت نحو 600 مقاتل بسلاح فردي ومتوسط من مدن الضمير والرحيبة وجيرود والناصرية، وسط خشية الأهالي من دخول عناصر التنظيم إلى هذه المناطق والانتقام منهم.
ويأتي ذلك في ظل استمرار العمليات العسكرية ضد التنظيم في شمال حلب، حيث وسع الجيش السوري الحر المدعوم من القوات المسلحة التركية، الحزام الآمن بين أعزاز وجرابلس شمال محافظة حلب السورية، لتبلغ مساحة سيطرته، خلال عملية درع الفرات، نحو 680 كيلومترا مربعا. وقالت وكالة «الأناضول» التركية، إن الجيش الحر وصل إلى عمق 24 كيلومترا في خط جرابلس – نهر الساجور إلى الجنوب من جهات مختلفة، حيث تقدم مسافة 14 كيلومترا نحو الجنوب انطلاقًا من قرية القاضي الواقعة بين أعزاز وجرابلس.
ويأتي ذلك في ظل مبادرة «داعش» لحشد مسلحيه وأسلحته في مدينة الباب (شمال حلب)، بهدف الدفاع عن محافظة الرقة التي تعد قاعدته المركزية في سوريا. وأفادت مصادر أمنية تركية، لـ«الأناضول»، بأن بلدتي صوران وأخترين تعدان خط الدفاع الأساس عن مدينة الباب التي تعتبر القلعة الأخيرة للتنظيم بريف حلب.
ويأتي ذلك بعد سيطرة فصائل المعارضة، مساء أول من أمس (الاثنين)، على سبع قرى جنوب وشرق بلدة الراعي بعد مواجهات متقطعة مع مقاتلي تنظيم داعش. وقال فراس الأحمد المقاتل بصفوف المعارضة، لـ«مكتب أخبار سوريا»، إن فصائل المعارضة مدعومة بالطيران والمدفعية التركيين وطيران التحالف الدولي، سيطرت على قرى أم الثداية والعلقانة ونبغة كبيرة ونبغة صغيرة والمسنة شرق الراعي وقريتي جب الدم وخوجة علي جنوبها بعد انسحاب التنظيم منها.



​جبايات الحوثيين تضاعف البطالة... ومخاوف من اتساعها بعد الضربات الإسرائيلية

أتباع الجماعة الحوثية في مسيرة مسلحة بالعاصمة صنعاء (غيتي)
أتباع الجماعة الحوثية في مسيرة مسلحة بالعاصمة صنعاء (غيتي)
TT

​جبايات الحوثيين تضاعف البطالة... ومخاوف من اتساعها بعد الضربات الإسرائيلية

أتباع الجماعة الحوثية في مسيرة مسلحة بالعاصمة صنعاء (غيتي)
أتباع الجماعة الحوثية في مسيرة مسلحة بالعاصمة صنعاء (غيتي)

تبتكر الجماعة الحوثية مناسبات طائفية لحشد الأتباع وجمع التبرعات، كما ضاعفت الجبايات التي تفرضها من معاناة التجار والباعة وعموم السكان، وأدت إلى اتساع رقعة البطالة، وتخفيض أجور العمال أو تشغيلهم مقابل نسبة من المبيعات أو المداخيل اليومية، في حين تخشى البيوت التجارية من تأثيرات الضربات الإسرائيلية عليها.

وأكدت مصادر تجارية في العاصمة المختطفة صنعاء أن عدداً كبيراً من المحال التجارية، خصوصاً محلات الملابس والأجهزة الكهربائية والمعدات المنزلية، قررت تخفيض العاملين فيها، والاكتفاء بأقل عدد ممكن منهم، مع إلزامهم بالعمل مقابل نسبة من المبيعات التي يمكنهم تحقيقها، وهو ما أجبر كثيراً منهم على التخلي عن العمل في هذه المحلات والبحث عن أعمال أخرى.

وبينت المصادر لـ«الشرق الأوسط» أن توجه ملاك المحال التجارية لاتباع هذه الطريقة مع عمالهم، تسبب في مشاحنات بين العمال خلال التنافس على تحقيق نسب المبيعات، إلا أن ذلك لم يكن كافياً لتعويض الخسائر، وتراجع المبيعات، لكون الأمر متعلقاً بالقدرة الشرائية للسكان، وليس بسبب التسويق والترويج للسلع.

واضطر مئات المسرحين والمستقيلين من أعمالهم في المحال التجارية للعمل بوصفهم باعة متجولين، محاولين الاستفادة من خبراتهم في البيع للحصول على مصادر دخل جديدة، لكون الباعة المتجولين يبيعون سلعاً أرخص، وبأسعار أقل من نظيرتها في المحال التجارية نتيجة تخففهم من تكاليف مثل الإيجارات.

عنصر حوثي في صنعاء يجمع التبرعات لصالح «حزب الله» اللبناني (إكس)

وأوضحت المصادر ذاتها أن الباعة المتجولين أصبحوا بمثابة مصدر لزيادة إيرادات الجماعة الحوثية، حيث يتعرضون بدورهم لحملات جبايات حوثية ممنهجة، ويجري تحصيل الإتاوات منهم بشكل يومي أو أسبوعي أو شهري، حسب المنطقة أو الحي، وحسب طريقة إدارة كل مشرف حوثي هناك.

تبعات مزاعم مواجهة إسرائيل

تواصل الجماعة الحوثية فرض جبايات لصالح «حزب الله» اللبناني بعد الخسائر الكبيرة التي مُني بها نتيجة الضربات الإسرائيلية التي استهدفته خلال الأشهر الماضية، وتسببت في مقتل كبار قادته، وتدمير منشآته، وقطع موارده.

وفي السادس من الشهر الحالي، أعرب نعيم قاسم الأمين العام لـ«حزب الله»، عن شكره للجماعة الحوثية وزعيمها عبد الملك الحوثي، إلى جانب النظام الإيراني و«الحرس الثوري» وقادته على ملايين الدولارات التي قال إن حزبه حصل عليها منهم.

ووفقاً لقاسم، فإن الحزب وزع آلاف الدولارات على عائلات أنصاره وأتباعه الذين نزحوا من جنوب لبنان نتيجة المواجهات مع الجيش الإسرائيلي، بعد أسابيع من تنظيم الجماعة الحوثية حملة تبرعات جديدة على السكان تحت اسم دعم وإسناد نازحي الشعب اللبناني.

وتخشى البيوت التجارية الكبرى ورجال الأعمال في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية من إطلاق حملات جباية جديدة لجمع تبرعات لإصلاح الأضرار التي تسببت بها الهجمات الجوية الإسرائيلية على ميناء الحديدة، وعدد من منشآت الطاقة.

البيوت التجارية اليمنية تخشى إلزامها بالتبرع لصالح ميناء الحديدة بعد الضربات الإسرائيلية (رويترز)

ولفتت المصادر إلى أن القائمين على البيوت التجارية وكبار التجار شعروا بالقلق الشديد عقب إعلان الجماعة الحوثية عن قيمة الخسائر الناتجة عن الغارات الإسرائيلية على ميناء الحديدة، والتي بلغت بحسب الجماعة نفسها 313 مليون دولار.

وبسبب خبرتهم، يتوقع التجار أن إعلان الجماعة عن الخسائر يُنذر بإطلاق حملة جبايات جديدة لإصلاح الأضرار، خصوصاً أن غالبية الشركات التجارية تستورد بضائعها عبر ميناء الحديدة، ما سيكون مبرراً لابتزازها بدفع الأموال لإعادة تأهيله واستعادة نشاطه من أجل استمرار أنشطتها وأعمالها.

وتسهم هذه الإجراءات، إلى جانب تراجع القدرة الشرائية للسكان، في دفع رواد القطاع الخاص والمستثمرين إلى النزوح، ونقل أنشطتهم خارج مناطق سيطرة الجماعة، بسبب تعرضهم للخسائر الكبيرة، وتهديدهم بالإفلاس.

ابتكار مناسبات للتبرع

تواصل الجماعة الحوثية ابتكار مناسبات طائفية لاستغلالها في حشد الأتباع والمؤيدين، وجمع الأموال لصالح مقاتليها في الجبهات، ومضاعفة مواردها.

مبالغ نقدية أعلنت الجماعة الحوثية عن تبرع نساء بها لصالحها (إعلام حوثي)

ونظمت ما تُعرف بـ«الهيئة النسائية» التابعة للجماعة في عدد من أحياء صنعاء وبقية المحافظات الخاضعة لها، لقاءات نسوية يجري خلالها تقديم محاضرات من قبل قيادات نسائية حوثية، وإطلاق ما يسمى «قوافل البذل والصمود»؛ لدعم وتمويل «القوة الصاروخية والبحرية وسلاح الجو المسير»، بحسب وسائل إعلام الجماعة.

وتأتي هذه الفعاليات في ذكرى ميلاد فاطمة الزهراء بالتقويم الهجري، التي تستغلها الجماعة، إلى جانب مناسبات ميلاد أو وفاة عدد من الشخصيات التاريخية، لتوفير غطاء لاستقطاب الأتباع وجمع التبرعات، إلى جانب اختبار ولاء السكان.

وتوضح مصادر محلية مطلعة لـ«الشرق الأوسط» أن الجماعة الحوثية تلزم مسؤولي الأحياء في المدن، ومشايخ القبائل والأعيان في الأرياف بتوجيه دعوات للنساء عبر زوجاتهم وبناتهم، إلى جانب تكليف الأمن النسائي للجماعة (الزينبيات)، بتلك المهام لحضور تلك اللقاءات، والتبرع بالأموال والحلي لصالح المجهود الحربي للجماعة ومقاتليها في الجبهات.

فعالية نسوية حوثية لجمع التبرعات الإلزامية واختبار الولاء للجماعة الحوثية (إعلام حوثي)

وطبقاً للمصادر، فإن حضور النساء ومشاركتهن في الفعاليات، وتقديم التبرعات يعدّ أحد المؤشرات على الولاء للجماعة والوقوف في صفها، وهو ما يدفع كثيراً من النساء للمشاركة، وحتى التبرع، خوفاً من تصنيف أقاربهن عملاء أو خونة، بحسب ما دأبت عليه الجماعة في وصف من يتخلف عن تأييدها.

وأعلنت الجماعة الحوثية عبر وسائل إعلامها، أخيراً، عن جمع تبرعات عينية ومالية من النساء، خلال فعالية نظمتها الهيئة النسائية للجماعة في صنعاء، بقيمة تزيد على 97 ألف دولار (52 مليون ريال يمني، حيث تفرض الجماعة سعراً ثابتاً للدولار، يساوي 534 ريالاً).

ولم تعلن الجماعة عن حجم الأموال التي جمعتها خلال الفعاليات الشبيهة التي نظمتها في باقي المحافظات.