إردوغان لـ«الشرق الأوسط»: الوجود العسكري شمال سوريا لا يمثل تجاوزًا للسيادة السورية

«الحر» يقطع نقاط التماس بين «داعش» والناتو للمرة الأولى منذ 2013

إردوغان لـ«الشرق الأوسط»: الوجود العسكري شمال سوريا لا يمثل تجاوزًا للسيادة السورية
TT

إردوغان لـ«الشرق الأوسط»: الوجود العسكري شمال سوريا لا يمثل تجاوزًا للسيادة السورية

إردوغان لـ«الشرق الأوسط»: الوجود العسكري شمال سوريا لا يمثل تجاوزًا للسيادة السورية

قال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان في مؤتمر صحافي أمس في هانغتشو إن اقتراحه بإنشاء منطقة آمنة على الحدود التركية - السورية لم يلق ردا إيجابيا من طرف البلدان المهتمة. وعاد إردوغان إلى طرح المطلب التركي في كلمته أمام قمة مجموعة العشرين، حيث حث القوى العالمية على إقامة منطقة آمنة في سوريا حتى تكون هناك منطقة خالية من القتال لسكان سوريا كما أنها ستساعد على وقف تدفق المهاجرين. ويأتي هذا التصريح في الوقت الذي بات فيه تنظيم داعش الإرهابي لا يملك أي نقاط تماس مع حلف شمال الأطلسي (ناتو) للمرة الأولى منذ الإعلان عن نفسه في عام 2013، بعد أن فقد مناطق وجوده على حدود تركيا.
وردا على سؤال «الشرق الأوسط» حول ما يعنيه فشل المحادثات الأميركية - الروسية حول الأزمة السورية بالنسبة للوجود العسكري التركي في سوريا، قال إردوغان إن «الوجود العسكري التركي شمال سوريا لا يمثل تجاوزا للسيادة السورية»، مضيفا أن الاعتداء الإرهابي الذي استهدف حفل زفاف في غازي عنتاب بتركيا وقتل فيه العشرات تتراوح أعمارهم بين 5 و29 عاما كان أحد الأسباب التي شجعت الخطوة العسكرية. وتابع إردوغان: «تعاوننا مع المعارضة المعتدلة في جرابلس، وتمكنا من طرد (داعش) منها، ما يشجع أهالي المدينة على العودة»، لافتا إلى أن ما يصل إلى 100 ألف سوري مستعدون للعودة بعد تطهير المدينة من الإرهابيين. وأفاد الرئيس التركي بأنّ الخطوة الجديدة تهدف إلى تطهير، بالتعاون مع قوات المعارضة المعتدلة، المنطقة من الإرهابيين، وكان يشير إلى التعزيزات العسكرية الجديدة التي دفعت بها تركيا أول من أمس في ولاية كيليس.
أما فيما يتعلق بالمنطقة الآمنة، فأكّد إردوغان أنه أعاد طرح فكرة إنشاء منطقة آمنة على الحدود السورية، طولها يتراوح بين 90 و95 كيلومترا وعرضها-عمقها بين 40 و45 كيلومترا، وتمكين اللاجئين السوريين من الإقامة بها في أمان. ولفت إردوغان إلى أنه طرح المطلب التركي مجددا خلال محادثاته مع الرئيسين الروسي والأميركي فلاديمير بوتين وباراك أوباما خلال أعمال القمة. ولاحقا، قال إردوغان في مؤتمر صحافي: «أخبرت جميع القادة مرارا وتكرارا أن بإمكاننا حل الأزمة السورية بإنشاء منطقة عازلة من جنوب جرابلس وحتى الشمال بطول 95 كيلومترا وعمق 40 كيلومترا». وأكد إردوغان مجددا أن التدخل التركي في سوريا يهدف إلى طرد تنظيم داعش من المناطق الواقعة على حدود تركيا، وضمان ألا توسع وحدات حماية الشعب الكردية السورية نفوذها في المنطقة لافتا إلى أن المناطق المتاخمة للحدود مع تركيا أصبحت خالية من «داعش». وأشار إردوغان إلى أنه يعمل مع قوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة ومع روسيا من أجل التوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار في حلب قبل عطلة عيد الأضحى التي تبدأ في 11 سبتمبر (أيلول) الحالي.
وبدأت تركيا الإسراع بأعمال تشييد مشروع يسمى بـ«درع الحدود» الذي يتم تنفيذه بهدف ضمان أمن الحدود التركية في ظل استمرار العمليات العسكرية للجيش التركي في شمالي سوريا بإقامة جدار إسمنتي بطول الحدود التركية السورية الممتدة لمسافة 911 كيلومترا حيث تم الانتهاء من 200 كيلومتر منها.
وكانت أعمال تشييد الجدار الإسمنتي توقفت عقب محاولة الانقلاب الفاشلة في تركيا في 15 يوليو (تموز) الماضي.
وينص قرار اتخذه مجلس الوزراء التركي بالتزامن مع عملية درع الفرات على تشييد جدار إسمنتي بامتداد الحدود السورية التركية حتى نهاية العام المقبل. وتهدف خطة 200+200، التي انطلقت من نقاط مختلفة على الحدود، إلى الانتهاء من 400 كيلومتر من الحدود خلال هذا العام الحالي على أن يتم الانتهاء من المسافة المتبقية العام المقبل ليتم إغلاق الحدود التركية السورية بحاجز خرساني يمتد بطول الحدود لقطع الطريق أمام تدفق الفارين من الحرب وكذلك العناصر الإرهابية إلى الأراضي التركية. وسيتم نصب أبراج ذكية وأجهزة لكشف الأسلحة وكاميرات حرارية وأنظمة إنذار موزعة للتحذير والتنبيه لأي عمليات تهريب.
ميدانيا، بات تنظيم داعش الإرهابي لا يملك أي نقاط تماس مع حلف شمال الأطلسي (ناتو) للمرة الأولى منذ الإعلان عن نفسه في عام 2013، بعد أن فقد مناطق وجوده على حدود تركيا، العضو بالناتو عقب تمكن الجيش السوري الحر بدعم من القوات الخاصة التركية وطيران التحالف الدولي لضرب «داعش» بقيادة أميركا من وصل مدينتي «جرابلس» و«أعزاز» بمحافظة حلب شمال سوريا.
وعزل الجيش السوري الحر تنظيم داعش عن الحدود التركية، في إطار عملية «درع الفرات»، التي بدأت 24 أغسطس (آب) الماضي بدعم تركي، لينقطع التماس بين «داعش» وحدود حلف الناتو عبر تركيا منذ ظهور التنظيم الإرهابي.
وتمكنت قوات الجيش السوري الحر، مساء أول من أمس، من تحرير قرى «طويران» و«خليلية» و«باب ليمون» و«حاج والي» و«وردة»، القريبة من بلدة الراعي، وذلك في اليوم الثاني عشر من عملية درع الفرات، التي اكتسبت زخما عقب دخول مجموعة مدرعات تركية بلدة الراعي السبت لتفتح جبهة قتال جديدة ضد التنظيم الإرهابي جنوب جرابلس. أما في مدينة جرابلس التي تشكل الجانب الآخر من العملية، فحررت فصائل الجيش السوري الحر قريتي «غنيمة» و«السويدة»، ثم قرية «القاضي» آخر قرية حدودية كانت بيد إرهابيي «داعش».
وفي وقت سابق، وصلت قوات الجيش السوري الحر إلى نهر الساجور، الرافد الغربي لنهر الفرات، بعمق 24 كلم جنوب الحدود التركية.
وبذلك تكون قوات الجيش السوري الحر، تمكنت من تطهير الحزام الواصل بين مدينة جرابلس وبلدة الراعي من عناصر «داعش»، وإقامة حزام آمن على الحدود التركية السورية بعمق 3 إلى 5 كيلومترات. وقالت مصادر عسكرية تركية أمس، إن عملية درع الفرات ستستمر، وإن الحزام الخالي من الإرهابيين، والواصل بين أعزاز وجرابلس، سيتم توسيعه. يأتي ذلك فيما أعلن رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم إن «مسافة 91 كيلومترا على طول المنطقة الحدودية مع سوريا الممتدة بين مدينتي جرابلس وأعزاز باتت آمنة وجرى دحر كل المنظمات الإرهابية منها». وفي رده على انتقادات التي طالت مساندة تركيا للجيش السوري الحر عبر عملية «درع الفرات»، قال يلدريم «نمتلك حدودا على طول 911 كلم مع سوريا، وتأتي منها قذائف وقنابل، وبسببها يُقتل مواطنونا»، منتقدًا من يريدون أن تبقى تركيا صامتة وتدفع ثمن ما يجري في شمال سوريا.
وقالت مصادر دبلوماسية لـ«الشرق الأوسط» إن تركيا نجحت في تنفيذ ما اتفقت عليه العام الماضي مع أميركا بشأن إغلاق مسافة تمتد لأكثر من 90 كيلومترا على حدودها مع سوريا لمنع تدفق الإرهابيين من عناصر «داعش» على سوريا وكذلك تأمين الحدود التركية ووقف عمليات الدخول والخروج السهلة وتدفق النازحين على الأراضي التركية. وأضافت المصادر أن واشنطن دعمت المطلب التركي في هذا الشأن بعد أن عارضت مقترح إقامة منطقة آمنة داخل الحدود السورية لاستيعاب النازحين بسبب القتال داخل سوريا ووقف تدفقات اللاجئين على تركيا.



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.