بلجيكا: مقترحات لمواجهة الإرهاب تثير انقسامات في الائتلاف الحكومي

منها إنشاء محاكم خاصة لقضايا الإرهاب وفرض حالة طوارئ تساعد الشرطة على مواجهة الخطر

إجراءات أمنية في شوارع عاصمة الاتحاد الأوروبي في أعقاب الهجمات التي ضربت بروكسل في مارس الماضي وأسفرت عن مقتل 32 شخصًا وإصابة 300 آخرين («الشرق الأوسط»)
إجراءات أمنية في شوارع عاصمة الاتحاد الأوروبي في أعقاب الهجمات التي ضربت بروكسل في مارس الماضي وأسفرت عن مقتل 32 شخصًا وإصابة 300 آخرين («الشرق الأوسط»)
TT

بلجيكا: مقترحات لمواجهة الإرهاب تثير انقسامات في الائتلاف الحكومي

إجراءات أمنية في شوارع عاصمة الاتحاد الأوروبي في أعقاب الهجمات التي ضربت بروكسل في مارس الماضي وأسفرت عن مقتل 32 شخصًا وإصابة 300 آخرين («الشرق الأوسط»)
إجراءات أمنية في شوارع عاصمة الاتحاد الأوروبي في أعقاب الهجمات التي ضربت بروكسل في مارس الماضي وأسفرت عن مقتل 32 شخصًا وإصابة 300 آخرين («الشرق الأوسط»)

تسببت مقترحات جديدة تقدم بها حزب التحالف الفلاماني أكبر الأحزاب في الائتلاف الحكومي ببلجيكا، في وجود انقسامات، في وقت يتطلب تضافر كل الجهود، والعمل المشترك، في إطار التضامن لمواجهة التهديدات الإرهابية، خصوصًا في أعقاب الهجمات التي ضربت بروكسل في مارس (آذار) الماضي، وأسفرت عن مقتل 32 شخصا وإصابة 300 آخرين. وانتقد وواوتر بيكيه رئيس حزب الديمقراطي المسيحي ما وصفه بـ«الأفكار العشوائية» لحزب التحالف الفلاماني شريكه في الائتلاف، وذلك خلال مقابلة تلفزيونية. وكان حزب التحالف الفلاماني قد أطلق أخيرا عددا لا يستهان به من الاقتراحات التي لا تزال تثير الجدل، من قبيل حظر البوركيني، والحد من حرية التعبير، وإنشاء حالة الطوارئ في حالة وجود أزمة، وقد بدأ حزب الديمقراطي المسيحي يضيق ذرعا بـ«الأفكار الخرقاء لحزب التحالف الفلاماني»، على حد تعبيره.
وأضاف قائلاً في تصريحاته لقناة «في آر تي» البلجيكية: «ما ينتظره الناس من حزب في الحكومة هو اتخاذ قرارات جماعية وتنفيذها في انسجام. وهو ما قام به وزير العدل كوين جينس من حزب الديمقراطي المسيحي ووزير الداخلية جان جامبون من التحالف الفلاماني في مجال الأمن. إنها أولوية مطلقة. وما لا يساعد، هو إطلاق «أفكار عشوائية، واحدة تلو الأخرى». ووفقا له، فإن المواطنين يتوقعون «تدابير هيكلية» كتلك التي اتخذت في الآونة الأخيرة لتعزيز الأمن.
ويأتي ذلك بعد أن انتهى حزب التحالف الفلاماني الحزب الأكبر في الائتلاف الحكومي ببلجيكا من إعداد مقترح يتعلق بإنشاء محاكم خاصة لمحاكمة المشتبه بهم في قضايا الإرهاب. ويأمل الحزب القومي في إيجاد نهج أكثر توحدًا وأكثر مركزية للقرارات في مجال الإرهاب. بحسب ما ذكرت قناة «في آر تي» البلجيكية واهتمت وسائل الإعلام الأخرى بالأمر، وقالت إن النيابة العامة الفيدرالية هي المختصة بمجال الإرهاب. غير أن حزب التحالف الفلاماني يؤيد إنشاء مؤسسة مماثلة على مستوى المحاكم، حيث يمكن للقضاة أن يختصوا بشكل كبير في قضايا الإرهاب، وحيث يمكن جعل اتخاذ القرارات بسيطا.
وحسب المصادر نفسها لا يهدف التحالف الفلاماني إلى تطوير إنشاء محاكم استثنائية، ولكنه يهدف إلى خلق غرف خاصة في المحاكم الموجودة، التي ستكون مكلفة بمحاكمة السجناء المعتقلين على ذمة الإرهاب. مثل الغرف الموجودة في مجال القضايا الضريبية.
ويرغب التحالف الفلاماني في إنشاء غرف للإرهاب في محاكم الاستئناف الخمسة بالبلاد، في بروكسل وأنتويرب ولييج ومونس وغنت، من لجنة الاستماع إلى هيئة المحلفين، ومن المحكمة الابتدائية إلى محكمة الاستئناف. ويأتي هذا الاقتراح بعد الدعوة التي أطلقها الحزب القومي بالسماح بحالة الطوارئ حين تعرضت البلاد لموجة من الهجمات الإرهابية. ويتعين لحالة الطوارئ بحسب الحزب الفلاماني، أن تساعد الشرطة على وضع كل شخص رأت أنه يحتمل أن يكون خطيرا رهن الحبس الاحتياطي، دون المرور عبر المحكمة. كما أن حالة الطوارئ تشمل أيضًا نهجا صارما جدا بشأن اتخاذ القرار بالإفراج المشروط.
ويأتي ذلك غداة تصريحات المدعي العام البلجيكي فردريك فان ليو الذي تحدث عن تزايد في ملفات قضايا الإرهاب وقال: «ارتفعت القضايا الجديدة من 60 في سنة 2012 إلى 195 في سنة 2014 وإلى 313 في سنة 2015 وإلى 175 في الأول من يوليو (تموز) 2016»، وقال المدعي العام البلجيكي إنه يطالب بتمديد فترة الحبس الاحتياطي إلى أكثر من 24 ساعة، وهي المسألة التي سيقرر بشأنها البرلمان. ومع ذلك، يشدد على المشاريع في مجال الوسائل القانونية لمكافحة الإرهاب، مثل الترخيص بعمليات التفتيش الليلية. ويعتقد المدعي العام الفيدرالي أيضًا أنه لمواجهة هذا التهديد، «للعدالة دورها الذي يجب أن تلعبه، غير أننا نجمع إخفاقات المجتمع»، ويدعو إلى العمل على تحقيق العيش المشترك.
ويذكر أن وزير العدل كوين جينس أيضًا أن 72 مليون يورو من 400 مليون يورو التي خصصتها الحكومة لمكافحة الإرهاب والتطرف، قد وجهت إلى العدل. وتم حجز هذه الأموال من أجل توظيف 62 قاضيًا و261 موظفًا في الخدمات القضائية. وأشار الوزير جينس أيضًا إلى أن أمن الدولة قد تلقى دعما ماليا بـ13 مليون يورو، وأن 113 عميلاً تم تعيينهم لدعم أجهزة الاستخبارات، ووردت هذه المعلومات أيضًا في صحف بلجيكية أخرى.
وفي مطلع أغسطس (آب) الماضي، تقدمت البرلمانية البلجيكية فاليري فان بيل من حزب التحالف الفلاماني، بمشروع قانون لمجلس النواب، ينص على إلغاء سرية تقارير العمل، في منظمات تقدم الإعانات الاجتماعية أو في النقابات العمالية، وأيضًا الدوائر الحكومية ومنها الوزارات المختلفة، وذلك عندما يتعلق الأمر بالحصول على معلومات عن شخص يشتبه في علاقته بالإرهاب. وينص مشروع القانون على إلزام موظفي هيئة التأمينات والإعانات الاجتماعية الذين يلتقون بأشخاص يعانون من مشكلات اجتماعية، أن يقدموا معلومات موجودة في تقاريرهم إلى سلطات التحقيق عندما يتعلق الأمر بأحد الأشخاص الذين يشتبه في علاقتهم بالإرهاب، وخصوصًا عندما تسعى جهات التحقيق لمعرفة إذا ما كان هذا الشخص يتلقى دعما ماليا أو إعانة اجتماعية.
وقالت فاليري إن كل هذه الأمور تخضع حاليا لما يُعرف باسم «أسرار العمل، وفي مشروع القانون نطالب بإلغاء هذه السرية في حالات معينة، خصوصًا فيما يتعلق بملفات ذات صلة بالإرهاب، ولا نطالب بإلغاء السرية في أمور أخرى، ومنها مثلا مشكلة التشدد أو التقارير الطبية لأي من الموظفين أو الذين يتلقون إعانات اجتماعية». وأوضحت البرلمانية البلجيكية أن مشروع القانون الذي تقدمت به للبرلمان جاء رد فعل على شكاوى متكررة صدرت عن مكتب التحقيقات لعدم تلقيه معلومات من منظمات الإعانات الاجتماعية تتعلق بأشخاص مشتبه بهم، ويجري التحقيق معهم، ولهذا نعمل على جعل الحصول على هذه المعلومات إلزاميا»، وسيعرض مشروع القانون على أعضاء البرلمان عقب انتهاء العطلة الصيفية، وأثناء مناقشة عدة مشروعات لقوانين تتعلق بإجراءات حكومية تنوي السلطات تطبيقها بعد الحصول على موافقة البرلمان في إطار مكافحة الإرهاب وتمويله ومواجهة خطر الفكر المتشدد وتجنيد وتسفير الشباب للقتال في الخارج، خصوصا في سوريا والعراق.
وفي أواخر يوليو الماضي جدد اليمين المتشدد البلجيكي الدعوة إلى إعادة العمل بعقوبة الإعدام لمواجهة جرائم الإرهاب، وكان فيليب ديونتر زعيم حزب فلامس بلانغ اليميني قد تقدم بعدد من المقترحات للتصدي للإرهاب وذلك عقب تفجيرات بروكسل مارس الماضي، ومنها إعادة العمل بعقوبة الإعدام ولكن هذا المقترح لم يجد الدعم المطلوب من جانب أعضاء في البرلمان وبالتالي أجهض المشروع قبل ولادته.
وجاء ذلك بعد أن دعا المحامي بول فانديميول بروك في تصريحات صحافية إلى فتح نقاش حول إعادة العمل بعقوبة الإعدام. واحتج محامون على هذه الدعوة.
يذكر أنه في يوليو الماضي قررت الغرفة الاستشارية في محكمة أنتويرب شمال بلجيكا، إحالة ثمانية أشخاص إلى المحكمة الجنائية في ملف يتعلق بالإرهاب.



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».