5 كيلومترات تفصل المعارضة عن أهم قاعدة عسكرية للنظام وسط سوريا

مصدر معارض: تشكيلات جديدة تنضم هدفها السيطرة على المطار العسكري

عناصر من الدفاع الوطني يبحثون عن ناجين بين مدنيين استهدفهم طيران النظام بعد هروبهم من بلدة صوران بريف حماه الشمالي على أثر معارك أمس (أ.ف.ب)
عناصر من الدفاع الوطني يبحثون عن ناجين بين مدنيين استهدفهم طيران النظام بعد هروبهم من بلدة صوران بريف حماه الشمالي على أثر معارك أمس (أ.ف.ب)
TT

5 كيلومترات تفصل المعارضة عن أهم قاعدة عسكرية للنظام وسط سوريا

عناصر من الدفاع الوطني يبحثون عن ناجين بين مدنيين استهدفهم طيران النظام بعد هروبهم من بلدة صوران بريف حماه الشمالي على أثر معارك أمس (أ.ف.ب)
عناصر من الدفاع الوطني يبحثون عن ناجين بين مدنيين استهدفهم طيران النظام بعد هروبهم من بلدة صوران بريف حماه الشمالي على أثر معارك أمس (أ.ف.ب)

5 كيلومترات تفصل فصائل المعارضة السورية في ريف حماه الشمالي عن جبل زين العابدين الذي يعتبر أهم منطقة عسكرية لقوات نظام الأسد.
يأتي ذلك وسط تطورات سريعة ومفاجئة في سير المعارك التي يشهدها ريف حماه منذ نحو يومين.
وحققت الفصائل المعارضة تقدما كبيرا يومي أمس وأول من أمس بالسيطرة على كتيبة الصواريخ الروسية شمال شرقي قرية معردس بريف حماه، والاستيلاء على كل ما فيها من أسلحة، وقتل في المعركة اللواء «علي خلوف» قائد «اللواء 87» من قوات الأسد في معارك معردس في الريف الشمالي من محافظة حماه.
وبحسب مصدر عسكري معارض في حماه، يعتبر جبل زين العابدين ورحبة الخطاب، أهم منطقتين عسكريتين تابعتين للنظام، وبسقوطه بيد الفصائل المعارضة يمكن اعتبار أن محافظة حماه خرجت عن سيطرة النظام. وقد باتت فصائل المعارضة على مشارف رحبة الخطاب، بينما تفصلها 5 كيلومترات عن جبل زين العابدين، وتوقع المصدر اشتداد المعارك هناك في الساعات القليلة المقبلة.
وسيطرت فصائل المعارضة، أمس، على عدة قرى وبلدات كانت قوات النظام تسيطر عليها. وأفادت المعلومات الميدانية، أن «فصائل معارضة بينها (جيش العزة) وتنظيم (جند الأقصى) تمكنت خلال الأيام الثلاثة الأخيرة من السيطرة على 13 قرية وبلدة في ريف حماه الشمالي، أبرزها حلفايا وطيبة الإمام وصوران».
وأعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان، عن «اشتباكات عنيفة لا تزال مستمرة بين قوات النظام والمسلحين الموالين لها من جهة، والفصائل الإسلامية والمقاتلة من جهة أخرى في أطراف بلدة معردس الجنوبية»، بعد سيطرة المعارضة على كتيبة الصواريخ شمال شرقي بلدة معردس بريف حماه الشمالي. وقال مؤكدًا أن «25 مدنيًا على الأقل قتلوا بينهم 6 أطفال، جراء قصف طائرات حربية لمناطق في ريف حماه».
وإذا كانت هناك أسباب كثيرة لتقدم المعارضة، فإن أبو أحمد العاصمي، عضو المجلس العسكري في الجيش السوري الحرّ، عزاها إلى «الضعف والإنهاك الذي أصاب جيش النظام، وعدم فاعلية الغطاء الجوي لدى طيرانه»، مؤكدًا لـ«الشرق الأوسط»، أن «انشغال الروس والإيرانيين بشكل كبير في معركة حلب، أراح المعارضة في حماه، وأدى إلى انهيار كبير في صفوف النظام في حماه ومناطق أخرى». وقال: «كلما اتسع النطاق الجغرافي للمعركة، أنهك النظام أكثر، سيما أن أعداد الثوار أكبر بكثير من أعداد مقاتلي النظام وحلفائه، خصوصًا أن الثوار يحظون بحاضنة شعبية كبيرة في المناطق التي يحررونها».
وبالتزامن مع الاشتباكات العنيفة بين المعارضة المسلّحة وقوات الأسد، نفذ الطيران الحربي أمس غارات كثيفة على المناطق التي تمكنت الفصائل من السيطرة عليها، وتسببت هذه الغارات بمقتل 25 مدنيا على الأقل.
واعتبر القيادي في الجيش الحر، أن النظام «بات يفقد القدرة على التحرك السريع على الأرض، لذلك يستعيض عن ذلك بالقصف الجوي، كما أن مناطقه باتت معزولة وهو لا يستطيع التواصل معها إلا عبر الطيران، لأنه بات صعبًا عليه الانتقال من محافظة إلى محافظة». وأوضح أن «عدد الفصائل التي تقاتل في محافظة حماه محدود جدًا، ويقتصر على (جيش العزة) و(جيش النصر) و(جند الأقصى)، لكن الآن انضمت إليها فصائل أخرى هي (فيلق الشام) و(أحرار الشام) و(أجناد الشام)، مما سيعطي دفعًا أكبر للعمليات في حماه».
مدير المرصد السوري رامي عبد الرحمن، قال لوكالة الصحافة الفرنسية، أمس، إن الفصائل «بدأت في 29 آب (أغسطس) الماضي، هجومًا على المنطقة، بهدف السيطرة على مطار حماه العسكري الذي تقلع منه المروحيات التابعة لقوات النظام، وتقصف مواقع الفصائل في حلب ومحافظات أخرى». وأشار إلى أن الفصائل «باتت على بعد 10 كيلومترات عن مطار حماه العسكري الواقع في ريف حماه الغربي، وقد سقطت صواريخ (غراد) على المنطقة التي يوجد فيها المطار»، لافتًا إلى أن المعارضة «تسعى إلى تخفيف الضغط عن جبهة حلب وتشتيت قوات النظام بين جبهات عدة».
وعن الأهمية الاستراتيجية للسيطرة على مطار حماه العسكري، أوضح العاصمي أن «فاعلية الثوار ستكون أقوى إذا استطاعوا شلّ المطارات العسكرية، ولهذا السبب اختار الروس قاعدة حميميم البعيدة»، معتبرًا أنه «لم يعد لدينا إمكانات لشلّ المطارات إلا بالهجوم عليها». وعن الدعم الذي تلقته الفصائل في حماه حتى استطاعت تحقيق هذا التقدم، أعلن أن «الثوار لم يتلقوا أي دعم تسليحي؛ لا نوعيا ولا حتى لوجيستيا، فهم يقاتلون بإمكاناتهم الذاتية، وبالمعدات والأسلحة التي غنموها من النظام في المعركة».
وللدلالة على أهمية ترابط الجبهات وتفعيل العمليات فيها في وقت واحد، نوه عضو المجلس العسكري في الجيش الحر، بأن «معركة حلب استقطبت كل إمكانات النظام والروس والإيرانيين، فجاءت معركة حماه لتخفف الضغط نسبيًا عن حلب، لأن حلب هي الأهم بالنسبة للروس، لكن أملهم خاب إلى حد كبير بعد معركة الراموسة والكليات». وأضاف العاصمي: «المطلوب اليوم تسخين كل الجبهات، لأن حلب بالنسبة إلينا معركة أساسية في البعد الإنساني، خصوصًا أن فيها نحو 400 ألف مدني». وسأل: «ألم يكن وضع الثوار في الشمال وفي ريف دمشق وفي الغوطة أفضل بكثير، لو لم تكن جبهة الجنوب هادئة؟ هل كان بإمكان النظام أن يهجّر أهل داريا لو كانت الجبهات القريبة أفضل مما هي عليه اليوم؟».
وكانت مدينة حماه شهدت مظاهرات معارضة للنظام في عام 2011، قبل أن يقمعها النظام بالقوة. وكان الرئيس السابق للنظام حافظ الأسد، والد بشار، قمع عام 1982 تحركا للإخوان المسلمين في المدينة، ما أدى إلى مقتل نحو 20 ألف شخص على الأقل.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.