قصة الطفل الذي استوقف موظفي «مركز الملك سلمان» في السودان

طائرتان إغاثيتان محملتان بمواد إيوائية وغذائية للمتضررين

المساعدات رسمت البسمة على أطفال يلعبون في قرية بشمال الخرطوم («الشرق الأوسط»)
المساعدات رسمت البسمة على أطفال يلعبون في قرية بشمال الخرطوم («الشرق الأوسط»)
TT

قصة الطفل الذي استوقف موظفي «مركز الملك سلمان» في السودان

المساعدات رسمت البسمة على أطفال يلعبون في قرية بشمال الخرطوم («الشرق الأوسط»)
المساعدات رسمت البسمة على أطفال يلعبون في قرية بشمال الخرطوم («الشرق الأوسط»)

وعر هو الطريق الذي يقودك إلى ضواحي ولاية خرطوم بحري (شمال العاصمة السودانية)، تسلكها الدواب والقليل من المركبات رباعية الدفع، لكن الرحلة الصعبة لا تقودك إلى مشهد يلغي المشقة، نهاية الطريق بيوت هدّمها وادٍ ملأته الأمطار، وأخرى صنعها أهلها من الخشب والقش والقماش المهترئ.
أسر يكاد يكسرها التعب، وأخرى لا تكترث به وسط زحام محاولة بناء ملجأ باستخدام كل ما حولهم، وحدهم الأطفال لا يعرفون من ذلك شيئا، معركة طفولية صاخبة يبحث أبطالها عن الفوز بقطعة خشبية يلوح بها أحدهم ليخيّل له ولو للحظة بأنه بات فارسًا جاهزًا للمبارزة.
عبد العزيز محمد لم يكن بينهم، ابن الأعوام الثمانية كان يرقد بعيدًا في زاوية ما يفترض أن يكون منزلاً، يبدو منهكًا مريضًا، خصوصًا أنه الوحيد الذي قرر الاعتزال، مشهد أثار فضول فريق «مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية»، ليمضوا مسرعين إليه لتقديم المساعدات.
بدأ عبد المحسن العصيمي أحد أعضاء الفريق سؤاله عن أسباب عزلته وعما ينقصه أو يتمناه، قبل أن ينهض عبد العزيز ويجلس، بعد الإلحاح قرر الطفل أن يجيب عن سؤال تردد أكثر من مرة بصياغة مختلفة، ماذا تريد؟ كيف لهذا الحزن أن ينجلي؟ «أريد أن أكون طبيبًا إن كبرت».
يقطن عبد العزيز مع أسرته في مأوى بدائي شيّده والده بعد أن فقدوا منزلهم نتيجة الأمطار الغزيرة، قبل وصول فريق «مركز الملك سلمان للإغاثة» إلى الولاية بيوم واحد، عرفت أسرة الطفل أن ابنهم مصاب بـ«الملاريا». وقال والده: «عبد العزيز هو أحد أبنائي الستة، أربع فتيات وولدان، بالأمس عرفنا علته، سيشفى، بإذن الله سيشفى، وسيعود إلى مدرسته ويلعب مع زملائه».
إيمانه لا يساوره شك، ويبدو ذلك في حديث والد عبد العزيز، رغم أن «الملاريا» وبحسب منظمة الدول الأفريقية، تقتل نحو نصف مليون أفريقي كل عام، غالبيتهم من الأطفال دون الخامسة.
يدرس عبد العزيز في الصف الثالث، ويسير كل يوم أكثر من نصف الساعة، ليصل إلى مدرسته، وهو بحسب والده «لا يكترث بمشقة الطريق، يحب مدرسته ويريد أن يتعلم».
ومضى فريق «مركز الملك سلمان للإغاثة» إلى مساعدة زملائه في تشييد خيام لإيواء الأسر المتضررة من السيول، وقال أحد أعضاء الفريق لـ«الشرق الأوسط» عن تجربته: «كثيرة هي الصور التي تخلفها تلك المشاهد في نفسك، لكنها وقبل كل شيء تمنحك كثيرا من الطاقة لتقديم كل ما يمكنك تقديمه».
كان المطلوب من فريق «مركز الملك سلمان للإغاثة» سرعة التعاطي مع المشكلات الآنية ودعم الأسر المتضررة عبر تقديم المواد الإيوائية والغذائية، إذ كان الفريق وصل إلى الخرطوم نهاية الأسبوع الماضي على متن طائرتين إغاثيتين محملتين بمواد إيوائية وغذائية، إضافة إلى مبيدات حشرية وأجهزة الرش الخاصة بها.
وكانت الأمطار الغزيرة التي هطلت على السودان مطلع أغسطس (آب) الجاري، واستمرت نحو ثلاثة أسابيع، أدت إلى تضرر أكثر من 40 ألف أسرة، وأودت بحياة 100 شخص على الأقل، وهدّمت نحو 18 ألف منزلاً في قرى عدة.



​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
TT

​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)

انخفض إنتاج وتصدير العسل في اليمن خلال السنوات الخمس الأخيرة بنسبة تصل إلى 50 في المائة بسبب تغيرات المناخ، وارتفاع درجة الحرارة، إلى جانب آثار الحرب التي أشعلها الحوثيون، وذلك طبقاً لما جاء في دراسة دولية حديثة.

وأظهرت الدراسة التي نُفّذت لصالح اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنه خلال السنوات الخمس الماضية، وفي المناطق ذات الطقس الحار، انخفض تعداد مستعمرات النحل بنسبة 10 - 15 في المائة في حين تسبب الصراع أيضاً في انخفاض إنتاج العسل وصادراته بأكثر من 50 في المائة، إذ تركت سنوات من الصراع المسلح والعنف والصعوبات الاقتصادية سكان البلاد يكافحون من أجل التكيف، مما دفع الخدمات الأساسية إلى حافة الانهيار.

100 ألف أسرة يمنية تعتمد في معيشتها على عائدات بيع العسل (إعلام محلي)

ومع تأكيد معدّي الدراسة أن تربية النحل ليست حيوية للأمن الغذائي في اليمن فحسب، بل إنها أيضاً مصدر دخل لنحو 100 ألف أسرة، أوضحوا أن تغير المناخ يؤثر بشدة على تربية النحل، مما يتسبب في زيادة الإجهاد الحراري، وتقليل إنتاج العسل.

وأشارت الدراسة إلى أن هطول الأمطار غير المنتظمة والحرارة الشديدة تؤثران سلباً على مستعمرات النحل، مما يؤدي إلى انخفاض البحث عن الرحيق وتعطيل دورات الإزهار، وأن هذه التغييرات أدت إلى انخفاض إنتاج العسل في المناطق الأكثر حرارة، وأدت إلى إجهاد سبل عيش مربي النحل.

تغيرات المناخ

في حين تتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، ويعتمد 70 في المائة من السكان على المساعدات، ويعيش أكثر من 80 في المائة تحت خط الفقر، توقعت الدراسة أن يؤدي تغير المناخ إلى ارتفاع درجات الحرارة في هذا البلد بمقدار 1.2 - 3.3 درجة مئوية بحلول عام 2060، وأن تزداد درجات الحرارة القصوى، حيث ستصبح الأيام الأكثر سخونة بحلول نهاية هذا القرن بمقدار 3 - 7 درجات مئوية عما هي عليه اليوم.

شابة يمنية تروج لأحد أنواع العسل في مهرجان بصنعاء (إعلام محلي)

وإذ ينبه معدّو الدراسة إلى أن اليمن سيشهد أحداثاً جوية أكثر شدة، بما في ذلك الفيضانات الشديدة، والجفاف، وزيادة وتيرة العواصف؛ وفق ما ذكر مركز المناخ، ذكروا أنه بالنسبة لمربي النحل في اليمن، أصبحت حالات الجفاف وانخفاض مستويات هطول الأمطار شائعة بشكل زائد. وقد أدى هذا إلى زيادة ندرة المياه، التي يقول مربو النحل إنها التحدي المحلي الرئيس لأي إنتاج زراعي، بما في ذلك تربية النحل.

ووفق بيانات الدراسة، تبع ذلك الوضع اتجاه هبوطي مماثل فيما يتعلق بتوفر الغذاء للنحل، إذ يعتمد مربو النحل على النباتات البرية بصفتها مصدراً للغذاء، والتي أصبحت نادرة بشكل زائد في السنوات العشر الماضية، ولم يعد النحل يجد الكمية نفسها أو الجودة من الرحيق في الأزهار.

وبسبب تدهور مصادر المياه والغذاء المحلية، يساور القلق - بحسب الدراسة - من اضطرار النحل إلى إنفاق مزيد من الطاقة والوقت في البحث عن هذين المصدرين اللذين يدعمان الحياة.

وبحسب هذه النتائج، فإن قيام النحل بمفرده بالبحث عن الماء والطعام والطيران لفترات أطول من الزمن وإلى مسافات أبعد يؤدي إلى قلة الإنتاج.

وذكرت الدراسة أنه من ناحية أخرى، فإن زيادة حجم الأمطار بسبب تغير المناخ تؤدي إلى حدوث فيضانات عنيفة بشكل متكرر. وقد أدى هذا إلى تدمير مستعمرات النحل بأكملها، وترك النحّالين من دون مستعمرة واحدة في بعض المحافظات، مثل حضرموت وشبوة.

برنامج للدعم

لأن تأثيرات تغير المناخ على المجتمعات المتضررة من الصراع في اليمن تشكل تحدياً عاجلاً وحاسماً لعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر الإنساني، أفادت اللجنة بأنها اتخذت منذ عام 2021 خطوات لتوسيع نطاق سبل العيش القائمة على الزراعة للنازحين داخلياً المتضررين من النزاع، والعائدين والأسر المضيفة لمعالجة دعم الدخل، وتنويع سبل العيش، ومن بينها مشروع تربية النحل المتكامل.

الأمطار الغزيرة تؤدي إلى تدمير مستعمرات النحل في اليمن (إعلام محلي)

ويقدم البرنامج فرصة لدمج الأنشطة الخاصة بالمناخ التي تدعم المجتمعات لتكون أكثر قدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ، ومعالجة تأثير الصراع أيضاً. ومن ضمنها معلومات عن تغير المناخ وتأثيراته، وبعض الأمثلة على تدابير التكيف لتربية النحل، مثل استخدام الظل لحماية خلايا النحل من أشعة الشمس، وزيادة وعي النحالين بتغير المناخ مع المساعدة في تحديث مهاراتهم.

واستجابة لارتفاع درجات الحرارة الناجم عن تغير المناخ، وزيادة حالات الجفاف التي أسهمت في إزالة الغابات والتصحر، نفذت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أيضاً برنامجاً لتعزيز قدرة المؤسسات المحلية على تحسين شبكة مشاتل أنشطة التشجير في خمس محافظات، لإنتاج وتوزيع أكثر من 600 ألف شتلة لتوفير العلف على مدار العام للنحل.