شبهات سياسية حول حركة «حماة الديار» اللبنانية.. ورئيسها يؤكد أنها «مدنية»

الشمالي نفى أن تكون الصور التي انتشرت لأعضاء يحملون السلاح ضمن تدريبات عسكرية

صورة مأخوذة من «فيسبوك» أثناء زيارة أعضاء جمعية «حماة الديار» إلى مركز للجيش في الجنوب
صورة مأخوذة من «فيسبوك» أثناء زيارة أعضاء جمعية «حماة الديار» إلى مركز للجيش في الجنوب
TT

شبهات سياسية حول حركة «حماة الديار» اللبنانية.. ورئيسها يؤكد أنها «مدنية»

صورة مأخوذة من «فيسبوك» أثناء زيارة أعضاء جمعية «حماة الديار» إلى مركز للجيش في الجنوب
صورة مأخوذة من «فيسبوك» أثناء زيارة أعضاء جمعية «حماة الديار» إلى مركز للجيش في الجنوب

رسمت حركة «حماة الديار» التي تعلن أنها حركة مدنية داعمة للجيش اللبناني، شكوكًا حول دورها، ورفعت الهواجس من أن تكون نواة «لحركة ميليشياوية مسلحة»، فتصاعدت الأصوات الداخلية رفضًا لهذه «البدعة»، بحسب وصف النائب وليد جنبلاط الذي أكد في تصريحات له أن «الجيش وحده يحمي الديار».
وعلى الرغم من أن الحركة الحائزة على «علم وخبر» من وزارة الداخلية باعتبارها جمعية قانونية تعمل في لبنان، تؤكد أن أهم أهدافها «دعم المؤسسة العسكرية»، فإن الشكوك تصاعدت حول دورها، إذ أكد وزير الداخلية نهاد المشنوق قبل يومين أنه «في صدد تحضير ملف أمني وقانوني لنتقدم في مجلس الوزراء بطلب لإلغاء الترخيص المعطى لحماة الديار»، مشددا على أن «الديار لا تحمى بمزيد من الميليشيات، ولا بمزيد من القوى المسلحة غير الشرعية، بل بالتفاهم والحوار والتنازلات المتبادلة، وبمزيد من السعي لتثبيت أركان نظامنا السياسي بملء فراغاته». في حين أرسل وزير العدل اللواء أشرف ريفي كتابا إلى النائب العام لدى محكمة التمييز، القاضي سمير حمود، للتحقيق في صحة المعلومات عن قيام مجموعة تحت اسم «حماة الديار» بتشكيل نواة لتنظيم مسلح، طالبا إجراء المقتضى القانوني اللازم.
وتتبنى حملة «حماة الديار» مجموعة أهداف تعلن عنها في موقعها الإلكتروني، وهي «دعم المؤسسة العسكرية من خلال تقريب المجتمع المدني من المجتمع العسكري، حيث نزور ثكنات عسكرية ونمضي نهارا تدريبيا مع الجيش، ومحاضرات عن أهمية الجيش في مكافحة الإرهاب، وتاريخ الجيش وكيفية الانخراط فيه»، إلى جانب «تنظيم النشاطات في مختلف المناطق اللبنانية في مناسبات وأعياد الجيش والقوة الأمنية الرسمية للبنان»، فضلاً عن «تنظيم النشاطات الثقافية والاجتماعية والتعاون مع المؤسسات الرسمية والتربوية بإقامة النشاطات التثقيفية والاجتماعية».
لكن الهواجس المتصاعدة من الحملة، وخصوصًا في منطقة شمال لبنان، تأتي من عدة عوامل، تبدأ من اسم الحملة، وصولاً إلى بعض التصريحات والصور التي ينشرها أعضاؤها في مواقع التواصل الاجتماعي.
وقال القيادي في تيار المستقبل في الشمال، النائب السابق مصطفى علوش، إن هناك «إساءة فهم لوضع الحركة ككل»، موضحًا أن «الاسم أثار حفيظة كثيرين في طرابلس، على أساس أنه مطلع النشيد السوري النظامي»، كما أن «بعض الصور والتعبيرات والتصريحات لبعض أعضائها على مواقع التواصل، أثارت شكوكًا حول أهدافها»، فضلاً عن صور «تظهر بعض الأفراد في أوضاع تدريبية مع الجيش». وقال إن كل تلك الأمور «أدت إلى ردة فعل عكسية اعتبر فيها البعض أنها مجموعة ميليشياوية جديدة»، معربًا عن اعتقاده أن ذلك «أدى إلى سوء فهم للقضية».
ورأى علوش أنه «عمليًا، لا أظن أننا بحاجة لأنصار الجيش، وهو أمر غير موجود في الدول الديمقراطية ذات الطابع المستقر»، أما كحركة اجتماعية لمؤازرة الجيش، فيقول علوش إن الجيش «هو مؤسسة رسمية من ضمن الدولة، ومن الطبيعي أن يحظى بدعم الدولة».
وفي رده على هواجس السياسيين، أكد رئيس حركة «حماة الديار» رالف الشمالي: «إننا لسنا ميليشيا، وكل ما نطلبه أن يكون لدى الشباب روح وطنية، ويدعمون المؤسسات الأمنية والعسكرية»، مشددًا على «أننا حركة غير طائفية».
وأكد الشمالي لـ«الشرق الأوسط» أن حركته «مدنية، وهي مختلفة عن تجربة بعض الدول التي يتواجد فيها نوع من اللجان الشعبية»، مضيفًا: «هذا ليس هدفنا. فنحن مؤمنون بأن الفكر الراديكالي والإرهابي، يحارب بالاعتدال، لذلك نعمل على تنمية الحس الاعتدالي لدى الشباب، ونصطحبهم إلى ثكنات عسكرية لتقريبهم من الجيش، وبهدف تشجيعهم على الانخراط في المؤسسات العسكرية».
وإذ شدد الشمالي على أن حركته غير طائفية، وتهدف لحث الشباب على محبة بلدهم بصرف النظر عن انتماءاتهم الحزبية والطائفية، نفى أن تكون الصور التي انتشرت لأعضاء في الجمعية يحملون السلاح، كانت ضمن تدريبات. وقال: «تلك الصور التقطت في ثكنات عسكرية أثناء زيارات حازت على موافقة من قيادة الجيش، وقام بها طلاب جامعيون حيث قاموا بنشاطات إلى جانب العسكريين في الثكنات وشاركوهم غداءهم وتعرفوا إليهم»، نافيًا أن يكون أعضاء حركته قد خضعوا لأي دورات تدريبية.
وعن اللغط الذي أثير في طرابلس، وأدى لإغلاق مكتب الحركة في المدينة، قال إن تنظيم داعش بعث إليه مقطع فيديو يتضمن تهديدًا له بالذبح، و«بات الشريط بعهدة القوى الأمنية». من هنا «بدأت أشعر بخطر على أعضاء الحركة في طرابلس، كون (داعش) لا يفرق بين مسلم وغير مسلم، وهو ما دفعنا لإغلاق المكتب». وأكد أن الجمعية «حائزة على علم وخبر من وزارة الداخلية، وتعمل منذ نحو عامين، ونحن تحت سقف القانون، لذلك لا يستطيع أحد أن يقمعنا». وإذ شدد على أن الحركة «مدنية وغير عسكرية»، قال إن «المخاوف منا غير مبررة؛ لأننا لا نحمل سلاحًا ولسنا ميليشيا، ونحن مع الدولة وتحت سقفها، وسنجابه من يحاول أن يمنعنا بالقانون».
وكان النائب وليد جنبلاط تساءل في سلسلة تغريدات له: «من الذي اخترع بدعة (حماة الديار).. لسنا بحاجة إلى هذه البدعة الجديدة»، مضيفًا: «غدًا تحت شعار حماة الديار ستخلق ميليشيا جديدة سموها كما شئتم وستوزع رخص سلاح على جميع أنواع الشبيحة». وتابع: «كفانا فوضى المرافقين وغير المرافقين كي تأتينا شلة جديدة تحت اسم حماة الديار».



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.