النائبة الأفغانية باركزاي لـ {الشرق الأوسط}: لن نستسلم لطالبان

إشادة بمشاركة 58 في المائة من الناخبين بالانتخابات الرئاسية.. وبدء عملية فرز الأصوات

شكرية باركزاي
شكرية باركزاي
TT

النائبة الأفغانية باركزاي لـ {الشرق الأوسط}: لن نستسلم لطالبان

شكرية باركزاي
شكرية باركزاي

هذه المرة التقيت النائبة البرلمانية الأفغانية البشتونية العرق شكرية باركزاي رئيسة لجنة الدفاع تحت قبة البرلمان بالصدفة البحتة، في مقر وكالة «أسوشييتد برس» بشارع 15 بمنطقة وزير أكبر خان أو «سركا بنزه وزير أكبر خان». ذهبت هناك للقاء صديق قديم، وهو أحد الصحافيين الأفغان من خريجي جامعة الإمام محمد بن سعود في السعودية، وهو يتحدث العربية بطلاقة، لترتيب لقاء لي مع المرشح الرئاسي الشيخ عبد الرب رسول سياف زعيم المجاهدين الأفغان إبان فترة الحرب ضد الروس, وكانت النائبة شكرية باركزاي في حالة حزن واضح، فقد جاءت إلى المحطة التلفزيونية لتعزية زملاء الصحافية الألمانية أنجا نيدرجوس التي لقيت حتفها في خوست شرق أفغانستان، وكانت تعمل لصالح «أسوشييتد برس».
وأصيبت أيضا المراسلة الإقليمية للوكالة الأميركية كاثي جانون في حادث لإطلاق النار، ارتكبه مسلح يرتدي زيا للشرطة بشرق أفغانستان, عشية الانتخابات الرئاسية, وقالت باركزاي لـ«الشرق الأوسط» إنها كانت تعرف الصحافية الألمانية التي غطت الشؤون الأفغانية من العاصمة لأكثر من 15 عاما عن قرب».
وباركزاي تعد أشهر نائبة تحت قبة البرلمان الأفغاني، على الرغم من وجود 68 عضوة أخرى, بسبب صوتها الذي يجلجل في الدفاع عن حقوق المرأة وتصديها لسطوة المجاهدين وعناصر طالبان في الجلسات البرلمانية.
وكانت «الشرق الأوسط» التقت باركزاي في انتخابات 2009 في أحد أجنحة البرلمان بعد لقاء خاص مع الشيخ يونس قانوني رئيس البرلمان السابق، الذي يشغل حاليا منصب النائب الأول لرئيس الجمهورية، كانت وقتها تقول لـ«الشرق الأوسط» إذا عادت طالبان إلى الحكم، فإنها ستغادر أفغانستان مع أطفالها بتذكرة ذهاب دون عودة، لأن هؤلاء يريدون من النساء العودة إلى الصفوف الخلفية. ولكن هذه المرة كانت أكثر تحديا وتصميما وهي تقسم: «حتى لو عادت طالبان إلى الحكم فلن نغادر بلادنا، العمر واحد والرب واحد، وسيأتي الأجل عندما يأمر الله عز وجل». وكانت تنحدر الدموع من مقلتيها وهي تتحدث عن هؤلاء الذين خاصموا الحياة، يقتلون الأخضر واليابس في نفوس الشعب الأفغاني. وتحدثت عن مقتل الصحافي الأفغاني سردار أحمد مدير وكالة الصحافة الفرنسية في العاصمة كابل وزوجته وطفليه نهاية الشهر الماضي, وكذلك استهداف الصحافيين الأجانب عن عمد وترصد، مثل الصحافية الألمانية أنجا التي قتلت في خوست، لمجرد أنها ذهبت لأداء الواجب المهني لتغطية الانتخابات هناك.
وقالت باركزاي إنها نجحت من قبل في الوصول إلى قبة البرلمان في الدورة السابقة في مواجهة عتاة منافسين، بفضل أصوات أبناء دائرتها من الطلبة الجامعيين والسيدات وأصحاب الفكر الليبرالي، الذين يتخوفون مثلها على مستقبل أفغانستان من عودة طالبان إلى الحكم وسطوة الجهاديين الذين «يريدون عودة عقارب الساعة إلى الوراء».
وأشارت إلى أن طالبان ليسوا وحدهم الذين يهددونها، بل أيضا مافيا الفساد من رجال الأعمال الفاسدين الذين فضحتهم تحت قبة البرلمان من قبل، وكذلك قادة الجهاد الأفغاني أعضاء البرلمان الذين يريدون عودة المرأة مرة أخرى إلى كواليس المطبخ. وأوضحت: «هم يكرهونني، وأنا أعرف ذلك مقدما، ولكني لا ألتفت كثيرا إلى انتقاداتهم».
وسألتها «الشرق الأوسط» كيف جاءت إلى مقر «أسوشييتد برس»، فقالت إنها رفضت الحراسة الخاصة الممنوحة لأعضاء البرلمان، وتتنقل مع سائقها الخاص من منزلها إلى مقر البرلمان الأفغاني في منطقة كارتيه سي بغرب العاصمة كابل دون حراسة، وكذلك تذهب إلى الأسواق لشراء حاجيات منزلها لأطفالها الخمسة, وأكبرهم فاطمة في الـ18 من العمر، وهي على الدرب ستدرس العلوم السياسية، وكذلك هي لم تغير من نمط حياتها بعد تلقيها تحذيرا بخطاب رسمي من الداخلية الأفغانية، تقول إنها هدف للانتحاريين. وأعربت عن اعتقادها أن من يهدد حياتها قد يكون تجار المخدرات أو طالبان.
جاء الحوار مع النائبة البرلمانية باركزاي عشية التصويت على الانتخابات الرئاسية على النحو التالي:
* لمن ستعطين صوتك في الانتخابات الرئاسية.. وما الفرق بينها وانتخابات عامي 2004 و2009؟
- على الأرجح سأصوت للدكتور أشرف غني، فهو شخصية معروفة دوليا، وخدم من قبل في المنظمات الدولية. وكان عميدا لجامعة كابل ووزيرا للمالية ومستشارا لكرزاي, وهو رجل صلب يستطيع الدفاع عن الشأن الأفغاني في مواجهة سطوة المجاهدين، ويجعله هما يوميا من أجل إنقاذ البلاد بعودة الأمن والاستقرار إليها. وهو يستطيع التصدي لأمراء الحرب والمجاهدين، وكذلك يستطيع أن يجمع الشعب كله على كلمة سواء, وأيضا أشرف غني يعرف الحدي ثمن مستقبل البلاد التي تحارب منذ أكثر من 30 عاما، وكيفية تحقيق الأمن والاستقرار بعد رحيل القوات الأجنبية نهاية العام الحالي.
وهو رجل عندما تستمع إليه قادر على إقناع الطرف الآخر, وقد شاهدنا منذ أيام نائبه على قائمته الانتخابية أمير الحرب الأوزبكي عبد الرشيد دوستم يعتذر للشعب الأفغاني عن تجاوزاته السابقة، وهي خطوة إيجابية تحسب لأشرف غني الذي أقنعه بذلك.
أما الفرق هو أنه في انتخابات عامي 2004 و2009. كنا نعرف الفائز بسدة الرئاسة مقدما، بسبب توقع عمليات التزوير، أما انتخابات 2014، فالمنافسة قوية كانت بين 11 مرشحا، ثم ثمانية بعد انسحاب ثلاثة، وهناك تفاؤل عام بين المرشدين الرئيسين في عدم حدوث تجاوزات. والمنافسة الآن بين ثلاثة مرشحين هم زلماي رسول وأشرف غني وعبد الله عبد الله، بالإضافة إلى وجود خمسة مرشحين في الصفوف الخفية، وقد يكون هناك إعادة، ما لم يتحقق النصاب.
* هل اعتاد الأفغان على نمط العنف الذي يضرب بإرجاء الحياة من ضربات طالبان هنا وهناك في العاصمة، وفي مختلف الولايات الأفغانية الأخرى التي لم تسلم من تلك الهجمات؟
- الناس في حالة ضيق وقرف مما يحدث من قتل للأبرياء والصحافيين الأجانب، وحتى الأطفال لم يسلموا من تلك الهجمات، إحدى تلك الهجمات أبادت عائلة الصحافي الأفغاني سردار أحمد في كابل، عن بكرة أبيها، الزوج والزوجة وطفليه, ماذا ارتكب من ذنب؟ لقد ذهب إلى فندق سرينا للاحتفال بعيد النيروز مثل الجميع, ويمكن أن ترى شوارع العاصمة التي خلت من المارة عشية الانتخابات. وأنا أقول للأفغان لا تخافوا منهم، و«لكل أجل كتاب» و«يدرككم الموت ولو كنتم في بروج مشيدة». والأفغان لا يعانون من طالبان فقط، ولكنهم يعانون من الفساد الذي يضرب أرجاء الحياة اليومية. ولهذا نحن في حاجة إلى رئيس جديد قادر على إحلال الأمن والسلام الأمن والسلام في بلادنا، وفي الوقت ذاته يستطيع أن يمد يد العون للفقراء والمهمشين يستطيع التصدي لطالبان الذي عاثوا في الأرض فسادا.
* كيف ترين مستقبل أفغانستان بعد انسحاب القوات الأجنبية نهاية العام الحالي؟
- سيغادرون بلادنا نهاية العام، وليس أمامنا سوى الاعتماد على قواتنا من الجيش والشرطة، والوضع الأمني في مجمله ليس بهذا السوء ويمكن ملاحظة عدد مراكز الاقتراع في الانتخابات، وقدرة قوات الأمن في 34 ولاية على تأمينها ضد هجمات طالبان الذين يسعون لضجة إعلامية تقول إنهم عرقلوا الانتخابات، بفرض كلمتهم على الشعب الذي خرج لاختيار رئيس جديد في تجربة ديمقراطية تمرّ بها البلاد. ولكن لن يحدث ذلك، وهم فشلوا في تعطيل الانتخابات. وسنعتمد على قواتنا الوطنية ليس في تأمين الانتخابات فقط، ولكن في الحياة اليومية أيضا، ونأخذ في الاعتبار أننا يجب أن نطهر قوات الأمن من الأشرار والمرتشين، ولكنني أعتقد أن قوات طالبان لن تعود كقوة حاكمة مرة أخرى، الزمن لن يعود إلى الوراء، يكفي أنهم حكموا أفغانستان من عام 1996 حتى عام 2001، وأنا واثقة من ذلك. وحتى بعد انسحاب القوات الأجنبية، فإننا نأمل في تقديم العون والخبرة للقوات الأفغانية، حتى تستطيع أن تأخذ بزمام الأمور كليا.
* أنت ناشطة حقوقية ونائبة برلمانية تتصدين بالقول لطالبان ومشايخ الجهاد الأفغاني جهارا.. ألا تخافين منهم؟
- كنت في أفغانستان عندما تولى طالبان الحكم وفرضوا سيطرتهم على كابل، رأيت معاناة الشعب الأفغاني فقد حرموا تعليم البنات ومنعوا الإذاعة والتلفاز، وكنا قبلها نعيش أتون الحرب الأهلية بين المجاهدين. كان خمسة من قادة الجهاد يتبادلون القصف بقذائف المدفعية للسيطرة على العاصمة كابل. ولذا رحب الأفغان بمجيء «الطلبة» أو طالبان، لإنهاء الحرب العرقية بين المجاهدين التي تركت جروحا لا تندمل. ولكن اليوم الأفغان يتمتعون بالديمقراطية وحرية الصحافة والإعلام والقنوات التلفزيونية الملوّنة التي حرمها طالبان، ومدارس تعليم البنات في كل مكان، والعيادات الصحية والمستشفيات الحكومية تقدم الرعاية الطبية؟ كل ذلك يحرم طالبان من فرصة التفكير في العودة إلى سدة الحكم مرة أرى، هم الآن خارج الزمن، ويريدون إعادة عقارب الساعة إلى الوراء.
أنا في العادة أرفع صوتي بالاحتجاج عند عرض مسودة مشاريع القوانين تحت قبة البرلمان، وإن لم يعجبني شيء يتعلق ببنات جنسي أصرخ ولا أتوقف، حتى لو صرخوا وطالبوني بالصمت. ويجب أن أعترف أن جزءا من التقاليد الأفغانية أن لا ترفع المرأة صوتها في حضرة الرجال، فهذا الأمر لا يعجب قدامى المجاهدين، ولأننا اليوم في عالم متغير، وتحت قبة برلمان واحد، وهناك مشكلات عاتية في الشارع الأفغاني منها تدهور الأمن، واستفحال زراعات المخدرات والعنف المنزلي الموجه ضد النساء، فلا بد أن يقف أحد ما ويضع النقاط على الحروف، ويقول بصوت عالٍ لرئيس البرلمان أو السادة النواب هذا خط أحمر.. أعطونا فرصة لنعبر عن الضرر الذي ستلحقونه بنساء أفغانستان. وخلال البرلمانات السابقة لم ترَ أمي أو جدتي من قبل في اعتراض النائبات بالاحتجاج أو تقديم الاستجواب ضد ما يحدث لبنات جنسهن من تهميش أو عنف أحيانا.
والنائبات الأفغانيات وعددهن 68 نائبة ضمن 249 من نواب البرلمان الأفغاني كسرن التقاليد أو «الممنوعات»، الذي كان مفروضا عليهن منذ سنوات «الجهاد»، أي قبل وصول طالبان إلى الحكم عام 1996، وبات صوت النساء اليوم عاليا تحت قبة البرلمان، وبالتالي فإن المجاهدين الذين يسيطرون على نحو 90 في المائة من مقاعد البرلمان يريدون إسكات أصواتنا إلى الأبد، لأنهم يعتقدون أن مكان المرأة الحقيقي هو في المنزل أو في المطبخ.
ولكن أتوقف مع نفسي أحيانا كثيرة، وأقول إننا مع عودة طالبان من خلال المشاركة السياسية في البرلمان أو الحكومة، أي بعيدا عن العنف، أي بعد أن يلقوا السلاح، ويتخلصوا من أوهام الانقلاب على الحكومة، والسيطرة عليها، وفرض قوانينهم من جديد التي جعلت النساء مواطنين من الدرجة الثانية.
* كيف وصلت اليوم من منزلك إلى مقر الوكالة.. وهل تلقيت تهديدات من طالبان من قبل؟
- جئت مع سائقي الخاص، واذهب معه إلى الأسواق لشراء حاجيات أطفالي الخمسة، وكذلك أغراض المنزل، ويذهب معي إلى جلسات البرلمان في منطقة كارتيه سي بغرب العاصمة كابل دون حراسة. وحتى وأنا في الطريق إلى هنا أوقفت الشرطة السيارة لتفتيشها، أما التهديدات فلا تتوقف، وربما تكون طالبان أو مافيا المخدرات. وعن فحوى التهديدات التي تلقيتها من قبل، وبداية تهديدي بالقتل، فقد جاءت بعد تقدمي بأكثر من استجواب عن سبب استفحال زراعة الخشخاش في أراضي أفغانستان، وضعف الحكومة على الأرض في مواجهة فلول عناصر طالبان. وتُعدّ المخدرات التي تعانيها أفغانستان في وادي نهر هلمند بإقليم هلمند في جنوب البلاد أزمة حقيقة للبلاد.
* هل هناك دور للمرأة في برامج انتخابات 2014؟
- التجمعات الانتخابية لسيدات الأفغان تزايدت من خمسة آلاف إلى عشرات الآلاف في جميع الولايات الأفغانية بحثا عن حقوق المرأة وتحسين ظروفها المعيشية، خاصة أن جرائم العنف ضد المرأة بأفغانستان سجلت مستويات قياسية وازدادت وحشية في عام 2013. حتى هؤلاء المرشحون الرئاسيون الذين لا يتحدثون كثيرا عن المرأة أعطوا وعودا بتحسين ظروف المرأة المعيشية. نريد أن نتقدم إلى الأمام من أجل حل مشكلات أفغانستان، وهناك كثير من نخب المجاهدين لا يقبلون أن تناقشهم المرأة بالحجة من أجل مصالح ملايين النسوة الذين حرموا سنوات طويلة من حقوقهن. والمجاهدون السابقون لا يريدون للمرأة أن يكون لها صوت في المعارضة والاستجواب، ويستكثرون عليها ذلك، وقيادات الجهاد الأفغاني لم يتعودوا المعارضة من النساء في الحياة العامة.. ولكن الزمن قد تغير، ولا بد من إيصال صوت النساء اللاتي عانين التهميش في عهد طالبان إلى مسؤولي الحكومة، ولذا فهم يكرهونني، ويسعون لإسقاطي، وقد فشلوا من قبل.
هناك الكثير من القضايا الملحة، مثل الأمن المتدهور في الشارع الأفغاني، والسؤال الملحّ الذي لا يتوقف أين تذهب المساعدات الأجنبية على أرض الواقع، فالشوارع كما هي منذ سقوط طالبان قبل 13 عاما، ومشكلات الاقتصاد والبطالة تتفاقم، وحالات الناس المادية تتدهور من سيئ إلى أسوأ. نحن نريد أن نرى الإنجازات على أرض الواقع في مجالات الأمن والصحة والتعليم والطرق وغيرها.



محادثات «صريحة ومثمرة» بين وزيري خارجية أميركا والصين

وزيرا خارجية الصين وأميركا خلال لقائهما على هامش اجتماع «آسيان» في عاصمة لاوس فينتيان السبت (أ.ف.ب)
وزيرا خارجية الصين وأميركا خلال لقائهما على هامش اجتماع «آسيان» في عاصمة لاوس فينتيان السبت (أ.ف.ب)
TT

محادثات «صريحة ومثمرة» بين وزيري خارجية أميركا والصين

وزيرا خارجية الصين وأميركا خلال لقائهما على هامش اجتماع «آسيان» في عاصمة لاوس فينتيان السبت (أ.ف.ب)
وزيرا خارجية الصين وأميركا خلال لقائهما على هامش اجتماع «آسيان» في عاصمة لاوس فينتيان السبت (أ.ف.ب)

أعرب وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن عن مخاوف بلاده حيال «الخطوات الاستفزازية» التي تقوم بها بكين في محيط تايوان، خلال محادثات «صريحة ومثمرة» أجراها مع نظيره الصيني، وانغ يي، في لاوس، على ما أفاد به مسؤول كبير في وزارة الخارجية الأميركية.

وقال المسؤول إن بلينكن طرح «مخاوف الولايات المتحدة بشأن الخطوات الاستفزازية التي قامت بها الصين مؤخراً، بما في ذلك محاكاة حصار (لتايوان) عند تنصيب» لاي تشينغ - تي رئيساً جديداً للجزيرة في مايو (أيار) الماضي.

وتعد الصين تايوان جزءاً لا يتجزأ من أراضيها، وضاعفت في السنوات الأخيرة تحركاتها الرامية إلى ترهيب الجزيرة ذات الحكم الديمقراطي.

وبعد تنصيب لاي تشينغ، أجرت الصين مناورات عسكرية قامت خلالها سفن وطائرات حربية بمحاصرة الجزيرة، وذلك رداً على خطاب تنصيب عدَّته «إقراراً بالاستقلال».

بلينكن ومساعدوه في طريقهم لحضور اجتماع «آسيان» في عاصمة لاوس فينتيان السبت (أ.ف.ب)

وقال المتحدث باسم «الخارجية الأميركية»، ماثيو ميلر، في بيان إن بلينكن أجرى مع وانغ «محادثات صريحة ومثمرة حول مسائل ثنائية وإقليمية وعالمية جوهرية» خلال اللقاء بينهما، السبت، في فينتيان، عاصمة لاوس، على هامش اجتماع وزراء خارجية رابطة دول جنوب شرقي آسيا (آسيان).

والتقى الوزيران بعد الظهر على مدى ساعة و20 دقيقة، وهو سادس اجتماع لهما خلال 18 شهراً.

كما تطرق بلينكن إلى مسائل حقوق الإنسان في تايوان والتيبت وهونغ كونغ، وإلى دعم بكين لروسيا في حربها على أوكرانيا، على ما أوضح المسؤول مشيراً إلى أنه طرح أخيراً «مسألة المعتقلين بصورة غير عادلة في الصين، وضرورة إحراز تقدم بهذا الصدد».

«إجراءات تصعيدية وغير قانونية»

وبدأ بلينكن، السبت، جولة آسيوية يعتزم خلالها التأكيد على الزعامة الأميركية بوجه تصاعد النفوذ الصيني.

وهي الجولة الثامنة عشرة التي يقوم بها في آسيا منذ تولي مهامه قبل أكثر من 3 سنوات، ما يشير إلى اشتداد المنافسة بين الولايات المتحدة والصين في المنطقة.

بلينكن يصعد إلى طائرته لمغادرة عاصمة لاوس فينتيان متوجهاً إلى فيتنام السبت (أ.ب)

وجعل بلينكن من السعي لجعل منطقة المحيطين الهندي والهادئ «منطقة حرة ومفتوحة ومزدهرة» أولوية له، في مؤشر إلى سعي واشنطن للتصدي لطموحات الصين الاقتصادية والجغرافية والاستراتيجية في المنطقة.

وهو يقوم بزيارته في ظل اشتداد التوتر في الأشهر الماضية بين السفن الصينية والفلبينية في منطقة الشعاب المرجانية، مع زيادة بكين مساعيها لتثبيت حضورها في بحر الصين الجنوبي.

وقبل بدء لقائه مع وانغ يي، انتقد بلينكن «الإجراءات التصعيدية وغير القانونية» التي اتخذتها بكين في منطقة بحر الصين الجنوبي، خلال لقاء مع دول «آسيان» العشر.

مصافحة بين وزيري خارجية الصين وأميركا خلال لقائهما على هامش اجتماع «آسيان» في عاصمة لاوس فينتيان السبت (أ.ف.ب)

في المقابل، طلب وزير الخارجية الصيني من نظيره الأميركي «عدم صب الزيت على النار» في الخلاف بين بكين ومانيلا في بحر الصين الجنوبي.

وأورد بيان لبكين أن وانغ أبلغ بلينكن خلال اجتماعهما «على الولايات المتحدة ألا تصب الزيت على النار، وألا تؤجج الاضطرابات، وتقوض الاستقرار في بحر الصين الجنوبي.

وأبرمت بكين ومانيلا، الأسبوع الماضي، اتفاقاً مؤقتاً لإيصال إمدادات، والقيام بمهمات تبديل للقوات الفلبينية الموجودة في منطقة الشعاب المرجانية، وأعلنت مانيلا إجراء عملية أولى من هذا النوع بنجاح.

وعلق بلينكن بالقول: «يسرنا أن نلاحظ أن عملية الإمداد جرت بنجاح اليوم... ونأمل أن يتواصل ذلك في المستقبل».

وزير الخارجية الفلبيني إنريكي مانالو اجتماع «آسيان» في عاصمة لاوس فينتيان السبت (أ.ف.ب)

توتر إقليمي

وصرح وزير الخارجية الفلبيني، إنريكي مانالو، للصحافيين، مساء الجمعة: «نأمل أن تنفذ الصين الاتفاق»، مضيفاً: «أعتقد أنها ستكون خطوة مهمة نحو تهدئة التوتر، ونأمل أن يؤدي إلى مجالات أخرى للتعاون في بحر الصين الجنوبي».

وتطالب بكين بالسيادة شبه الكاملة على هذا الممر التجاري الهام، على الرغم من قرار صدر عام 2016 عن محكمة دولية أكد عدم وجود أي أساس قانوني لمطالبها.

وشدد وزراء «آسيان» في بيان مشترك صدر، السبت، على أهمية «الأمن والاستقرار والسلامة وحرية الملاحة والتحليق فوق بحر الصين الجنوبي».

وجاء في البيان أن بعض الوزراء أعربوا عن قلقهم حيال «حوادث خطيرة في المنطقة... قوضت الثقة، وصعّدت التوتر»، من دون أن يورد مزيداً من التفاصيل.

ووصل بلينكن إلى هانوي لتقديم التعازي للمسؤولين الفيتناميين بوفاة الزعيم الشيوعي، نغوين فو ترونغ، وذلك بعدما قام الرئيس جو بايدن بزيارة تاريخية إلى هذا البلد في الخريف الماضي.

وسيتوجه بعد ذلك إلى اليابان والفلبين وسنغافورة ومنغوليا.

وقال دانيال كريتنبرينك، نائب وزير الخارجية لشؤون جنوب شرقي آسيا والمحيط الهادئ في مطلع الأسبوع معلقاً على الجولة: «لم أر من قبل طلباً بهذا المستوى على مزيد من الالتزام الأميركي في المنطقة».