مصادر روسية: {سوء تفاهم} وراء وقف موسكو طلعاتها الجوية من إيران

وزارة الدفاع الروسية تسعى لإطلاق تعاون بين واشنطن ودمشق «بذرائع تقنية»

مصادر روسية: {سوء تفاهم} وراء  وقف موسكو طلعاتها الجوية من إيران
TT

مصادر روسية: {سوء تفاهم} وراء وقف موسكو طلعاتها الجوية من إيران

مصادر روسية: {سوء تفاهم} وراء  وقف موسكو طلعاتها الجوية من إيران

لليوم الثاني على التوالي يخيم الغموض والتضارب في التصريحات والمواقف على موضوع استخدام القاذفات الروسية مطار همدان في إيران، الأمر الذي يعزز الاعتقاد بنشوب خلافات جدية بين موسكو وطهران حول العمليات العسكرية في سوريا. وفي هذه الأثناء أعلنت وزارة الدفاع الروسية أن العمل بهدنة الـ48 ساعة سيبدأ في حلب بعد تأكيد الأمم المتحدة جاهزية قوافل المساعدات الإنسانية، وهو ما سيتم تحديده خلال اجتماع روسي - أممي في دمشق اليوم الأربعاء، هذا، في حين تسعى روسيا للدفع نحو تعاون بين واشنطن والنظام بذريعة «السلامة أثناء التحليق في الأجواء السورية»، وهو الأمر الذي قالت مصادر روسية إنه سيتم بحثه خلال لقاء مرتقب بين وزيري الخارجية الروسي سيرغي لافروف والأميركي جون كيري يومي 26 - 27 أغسطس (آب) في جنيف.
وكانت صحيفة «كوميرسانت» الروسية قد نشرت أمس تقريرًا موسعًا حول قضية «وقف روسيا طلعاتها الجوية من همدان»، تناولت فيه تصريحات الجانبين الروسي والإيراني، وبعد إشارتها إلى أن «موسكو قررت عدم تضخيم الموضوع»، نقلت الصحيفة عن مصدر في «الإدارة العسكرية» قوله إن «استخدام القاذفات الروسية مطار همدان لعب دورًا كبيرًا في دعم القوات الجوية الروسية للقوات الحكومية في محافظات حلب ودير الزور وإدلب»، واستطرد المصدر قائلاً: «إلا أن سوء تفاهم نشأ حاليا بين الجانبين»، دون أن يوضح نوع وطبيعة سوء التفاهم هذا، إلا أن الصحيفة نفسها أخذت على عاتقها عرض الأسباب المحتلمة لسوء التفاهم وقالت إن «روسيا كانت ترغب في استخدام القاعدة الجوية الإيرانية ليس فقط محطة هبوط وإقلاع، بل قاعدة عسكرية بكل ما تعنيه الكلمة، مع نشر الطواقم والمعدات المناسبة هناك، إلا أن هذا الأمر لم يناسب الجانب الإيراني»، حسب «كوميرسانت».
مصدر مطلع من العاصمة الروسية استبعد أن تكون نية روسيا إقامة قاعدة على الأراضي الإيرانية هي سبب الموقف الحالي، وقال في حديثه، لـ«لشرق الأوسط»، إن «مسألة مثل إقامة قاعدة جوية لا يجري بهذا الشكل وموسكو تدرك أن استخدامها مطار همدان كان مؤقتا وحاجة تطلبها الظرف الميداني»، مرجحا أن قرار وقف الطلعات الجوية من إيران ربما يعود لخلافات بخلفية تقنية، دون أن يستبعد تأثير المواقف السياسية أيضًا. ومن الناحية التقنية أوضح المصدر أن «انطلاق القاذفات من مطار همدان يعني أنها بحاجة للتزود هناك بالذخيرة قبل كل طلعة، ولما تراجعت حاجتها بكامل كميتها من الوقود فيمكن تحميلها الحد الأقصى من الذخيرة، ما يتطلب إيصال تلك الصواريخ والقنابل إلى إيران وربما تخزينها، ووجود طواقم عسكرية لحمايتها وتركيبها على الطائرات، ويبدو أن هذه المسائل هي التي شكلت الشق التقني من سوء التفاهم بين الجانبين».
أما سياسيا، فيشير المصدر إلى تباين بين أهداف العمليات العسكرية الروسية في سوريا والأهداف الإيرانية، دون أن يستبعد أن «إيران ربما طالبت روسيا بقصف مواقع محددة ولم توافق روسيا على ذلك نظرًا لالتزامات معينة ضمن اتفاقات مع الأطراف الأخرى المعنية بالملف السوري وفي مقدمتها الولايات المتحدة»، وقد يكون هذا سببا آخر من أسباب وقف روسيا طلعاتها الجوية من طهران، حسب قوله.
وفي شأن آخر على صلة بالوضع الإنساني في سوريا، قال إناتولي أنطونوف، نائب وزير الدفاع الروسي، إن الإعلان عن أول هدنة لمدة 48 ساعة في حلب سيتم بعد أن تؤكد الأمم المتحدة جاهزية قوافل المساعدات الإنسانية. وفي تصريحات صحافية، أمس، أكد أنطونوف أن اجتماعًا سيجري اليوم الأربعاء في دمشق بين ممثلين عن «مركز المصالحات الروسي» من قاعدة حميميم ومدير المكتب المحلي للأمم المتحدة في سوريا ستيفان كوري، موضحًا أنه «سيتم نتيجة اللقاء الاتفاق على موعد وخط سير القوافل الإنسانية التي تصل عبر الأمم المتحدة إلى كل من يحتاجها من سكان مدينة حلب». وأعاد أنطونوف إلى الأذهان أن روسيا كانت قد أعلنت مؤخرًا عن دعمها اقتراح دي ميستورا بشأن إعلان «هدنة إنسانية» في حلب لمدة 48 ساعة.
ميداينا، تحاول روسيا دفع الولايات المتحدة للتعاون مع النظام السوري بذريعة «تفادي الحوادث أثناء العمليات الجوية في سوريا». وكانت صحيفة «إزفستيا» قد نقلت عن مصدر من الأوساط الدبلوماسية - العسكرية قوله إن الجانب الروسي صاغ «مبادرة تقنية» حول تشكيل آليات للحيلولة دون وقوع حوادث في الأجواء السورية بين طائرات التحالف الدولي ضد الإرهاب وطائرات قوات النظام السوري. وأوضح المصدر أن هذه المبادرة جاءت على ضوء «تزايد نشاط القوات الجوية السورية»، مؤكدًا أنه من المخطط بحث المبادرة الروسية مع الجانب الأميركي خلال لقاء مرتقب بين الوزيرين سيرغي لافروف وجون كيري في جنيف يومي 26 - 27 أغسطس. ويأتي إعلان روسيا عن مبادرتها الجديدة هذه بعد أيام شن مقاتلات النظام السوري غارات استهدفت مواقع الأكراد في الحسكة، الأمر الذي أثار غضب الولايات المتحدة، ما دفعها لتحذير دمشق على لسان قائد القوات الأميركية في الموصل، الذي أكد أن «الولايات المتحدة ستدافع عن عسكرييها بحال تعرض مناطق تواجدهم لهجمات جوية».



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».