أنقرة تتحدث عن «إشارات إيجابية» من واشنطن بشأن تسليم غولن

مذكرة توقيف بحق هاكان شوكور نجم كرة القدم لعلاقته به

مواطنون أتراك يعلنون تأييدهم للرئيس التركي رجب طيب إردوغان ضد الانقلاب الفاشل خلال مظاهرة في ميدان تقسيم الأسبوع الماضي (رويترز)
مواطنون أتراك يعلنون تأييدهم للرئيس التركي رجب طيب إردوغان ضد الانقلاب الفاشل خلال مظاهرة في ميدان تقسيم الأسبوع الماضي (رويترز)
TT

أنقرة تتحدث عن «إشارات إيجابية» من واشنطن بشأن تسليم غولن

مواطنون أتراك يعلنون تأييدهم للرئيس التركي رجب طيب إردوغان ضد الانقلاب الفاشل خلال مظاهرة في ميدان تقسيم الأسبوع الماضي (رويترز)
مواطنون أتراك يعلنون تأييدهم للرئيس التركي رجب طيب إردوغان ضد الانقلاب الفاشل خلال مظاهرة في ميدان تقسيم الأسبوع الماضي (رويترز)

أعطت أنقرة إيحاءات عن إحراز تقدم في ملف تسليم الداعية فتح الله غولن الذي تتهمه بالوقوف وراء محاولة الانقلاب الفاشلة التي شهدتها تركيا منتصف يوليو (تموز) الماضي، فيما بدا غولن واثقا من أنه لن يُعاد إلى تركيا بهذه السهولة.
وقال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو إن الولايات المتحدة بدأت في إرسال إشارات إيجابية بخصوص طلب تركيا تسليم فتح الله غولن، مشيرا إلى أن وفدا من وزارة العدل الأميركية سيزور تركيا يومي 23 و24 أغسطس (آب) الحالي لإجراء مباحثات حول الموضوع.
وأضاف جاويش أوغلو في مؤتمر صحافي مشترك مع وزير الخارجية الإيراني جواد ظريف، أمس (الجمعة)، أن العمل من أجل تسليم فتح الله غولن لا يزال مستمرًا، وأنه يتم حاليًا إعداد ملف بخصوص المحاولة الانقلابية الفاشلة.
من جانبه، قال وزير العدل التركي بكير بوزداغ إن الجانب التركي يعمل من أجل استكمال الجوانب القانونية الروتينية الخاصة بالموضوع، بشكل صحيح، واعتبر أن الإجراءات القانونية مرتبطة بالخطوات الرسمية، في حين أن القرار الذي ستتخذه الولايات المتحدة بخصوص تسليم غولن سيكون قرارا سياسيا.
وعبر بوزداغ عن أمله في أن تقوم الولايات المتحدة بتسليم غولن إلى تركيا، قائلا: «نعتقد أن على الولايات المتحدة تسليمه».
وقال بوزداغ: «هناك جريمة تم ارتكابها، وأستبعد أن تكون لدى الولايات المتحدة ذرة شك في أن مرتكب هذه الجريمة هو فتح الله غولن. العالم بأسره يعرف مرتكب تلك الجريمة».
وتطلب أنقرة من واشنطن تسليم غولن الذي تتهمه بتزعم كيان موازٍ تسميه منظمة «فتح الله غولن» في إشارة إلى حركة الخدمة التابعة لغولن المقيم في ولاية بنسلفانيا الأميركية منذ عام 1999، هربًا من الملاحقة القضائية لأنظمة انقلابية سابقة في تركيا برأته منها المحاكم التركية والأميركية، بموجب اتفاقية «إعادة المجرمين» المبرمة بين أنقرة وواشنطن عام 1979.
ووجهت النيابة العامة التركية لغولن من بينها «الاحتيال»، «تزوير أوراق رسمية»، «التشهير»، «غسل أموال»، «اختلاس»، «التنصت على المكالمات الهاتفية وتسجيلها»، «انتهاك الحياة الشخصية للأفراد»، «تسجيل بيانات شخصية لأفراد بصورة غير قانونية».
وصدرت مذكرتا توقيف بحق غولن عن المحاكم التركية قبل وبعد محاولة الانقلاب الفاشلة، وتعول أنقرة على اتفاقية «إعادة المجرمين» التي وُقّعت مع واشنطن في 7 يونيو (حزيران) 1979، وبموجبها تنظم الأحكام المتعلقة بتسليم المجرمين والتعاون المتبادل في الجرائم الجنائية. ودخلت حيز التنفيذ في الأول من يناير (كانون الثاني) 1981.
وعقب المحاولة الانقلابية الفاشلة، طلب مسؤولون أتراك من نظرائهم الأميركيين، اعتقال غولن بشكل مؤقت تحسبًا لمحاولته الهروب من البلاد، حيث من المنتظر أن يتوجه وزيرا العدل بكير بوزداغ والخارجية مولود جاويش أوغلو، إلى الولايات المتحدة، عقب استكمال الملفات المتعلقة بارتباط «منظمة فتح الله غولن» بالمحاولة الانقلابية الفاشلة، دون تحديد موعد لهذه الزيارة المرتقبة.
وتتمسك واشنطن بتقديم أدلة قوية على تورط غولن في الجرائم المنسوبة إليه حتى تسلمه لأنقرة.
من جانبه، بدا غولن واثقًا من سلامة موقفه، وذكر في مقال نشرته صحيفة «لوموند» الفرنسية، أمس، أنه سيسلم نفسه للسلطات التركية في حال إذا أدانته هيئة تحقيق دولية مستقلة.
وأضاف غولن في المقال: «إذا ثبت عُشْر الاتهامات المنسوبة إلى فأتعهد بالعودة إلى تركيا وقضاء أشد عقوبة».
وينفي غولن (75 عامًا) أي دور في الانقلاب الفاشل، وأدان المحاولة التي وقعت منتصف الشهر الماضي، وقال إنه يعتقد أن النظام القضائي التركي خاضع الآن لسيطرة السلطة التنفيذية.
في سياق مقارب، أصدرت السلطات في تركيا مذكرة توقيف بحق نجم كرة القدم السابق هاكان شوكور، أشهر لاعبي منتخب تركيا ونادي غلطه سراي خلال فترة وجوده بالملاعب، والنائب السابق بالبرلمان عن حزب العدالة والتنمية الحاكم، في إطار حملة التطهير الحالية في الأوساط القريبة من الداعية فتح الله غولن، بعد محاولة الانقلاب الفاشلة.
ووجهت النيابة العامة في إسطنبول إلى شوكور اتهاما بأنه «عضو في مجموعة إرهابية مسلحة»، في إشارة إلى حركة غولن الذي يقيم في الولايات المتحدة، وتتهمه أنقرة بالوقوف وراء المحاولة الانقلابية الفاشلة.
وغادر شوكور تركيا مع عائلته العام الماضي بعد أن بات في مواجهة عقوبة الحبس 4 سنوات، بعد اتهامه بإهانة الرئيس رجب طيب إردوغان ونجله بلال عبر تغريدات على موقع «تويتر».
ووقتها قال شوكور عبر «تويتر» إنه غادر إلى الولايات المتحدة من أجل تعلم اللغة الإنجليزية التي ستفيده في عمله في أكاديمية للكرة ينوي افتتاحها في إسطنبول.
واتهمت النيابة التركية شوكور في فبراير (شباط) الماضي، بتوجيه إهانة لرئيس الجمهورية، من خلال حسابه الرسمي على «تويتر»، حيث قال نص الاتهام: «محتوى يضم إهانة ضد الرئيس رجب طيب إردوغان ونجله».
وبعد اعتزاله كرة القدم، انتخب شوكور في البرلمان التركي ضمن قوائم حزب العدالة والتنمية في انتخابات عام 2007 بتزكية من الرئيس رجب طيب إردوغان نفسه الذي كان رئيسا للحزب والحكومة في ذلك الوقت. ولكن حملة إردوغان ضد حليفه السابق وغريمه الحالي فتح الله غولن الذي يعتبر شوكور من أتباعه، دفعته إلى الاستقالة من الحزب في 2013، على خلفية تحقيقات الفساد والرشوة في صفوف الحكومة التركية، والانضمام إلى معارضي إردوغان.
على صعيد آخر، وفي إطار التحقيقات الموسعة التي تشهدها البلاد منذ المحاولة الانقلابية الفاشلة منتصف الشهر الماضي، أصدرت النيابة العامة في العاصمة التركية أنقرة قرارات اعتقال بحق 648 قاضيًا ومدعيًا عامًا.
جاءت هذه الخطوة بعد يوم واحد من قرار الفصل الصادر بحق هؤلاء القضاة والمدعين العامين من قبل المجلس الأعلى للقضاء والمدعين العامين.
كما ألقت قوات الأمن القبض على 20 قاضيًا ومدعيًا عامًا في إطار تحقيقات محاولة الانقلاب بمدينة شانلي أورفا جنوب شرقي تركيا، إذ قامت فرق مكافحة الإرهاب التابعة لمديرية أمن المدينة بالقبض عليهم ضمن تحقيقات محاولة الانقلاب الفاشلة.
وعلم بعض القضاة والمدعين العامين بقرارات اعتقالهم أثناء وجودهم في قاعة المحكمة، كما بدأت قوات الأمن عمليات تفتيش في مكاتبهم.
على صعيد آخر، عقد رئيس حزب الشعب الجمهوري التركي المعارض كمال كيليتشدار أوغلو اجتماعًا مع عدد من رؤساء فروع الحزب في مدينة جناق قلعة شمال غربي البلاد، وقال خلال الاجتماع إنه «لو لم نشارك في تجمع الديمقراطية و(الشهداء) الذي عقد في يني كابي في إسطنبول، الأحد الماضي، بدعوة من الرئيس رجب طيب إردوغان ما كان العالم ليأخذ هذا التجمع على محمل الجد. ولما كان اللقاء ليحظى بهذا الصدى حول العالم. ولا بد أن أؤكد أيضًا أننا لم نشارك فيه لدعم إردوغان بل لإعلان موقفنا بدعم الديمقراطية».
وأشار كيليتشدار أوغلو إلى أنه تلقى اتصالات هاتفية من كل من إردوغان ورئيس الوزراء بن علي يلدريم، والرئيس السابق عبد الله غول من أجل المشاركة في التجمع.



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».