الرئيس الصومالي: إيران تهدد الأمن العربي.. ولهذا قطعنا علاقاتنا معها

شيخ محمود قال لـ «الشرق الأوسط» إن الوضع الأمني تحسن بدليل وجود أكثر من 40 سفارة وبعثة دبلوماسية في مقديشو

الرئيس الصومالي: إيران تهدد الأمن العربي.. ولهذا قطعنا علاقاتنا معها
TT

الرئيس الصومالي: إيران تهدد الأمن العربي.. ولهذا قطعنا علاقاتنا معها

الرئيس الصومالي: إيران تهدد الأمن العربي.. ولهذا قطعنا علاقاتنا معها

يكمل الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود (63 عامًا) أربع سنوات في الرئاسة في سبتمبر (أيلول) المقبل شهد خلالها الصومال تطورات سياسية وأمنية تتجاوز الصومال إلى الإقليم وإلى العالم أيضًا.
وخاض شيخ محمود معارك سياسية كثيرة أثناء رئاسته، ونجا من محاولات عدة لعزله من قبل البرلمان. أصبح في فترة وجيزة نسبيا من باحث أكاديمي وناشط في مجال السلام والمجتمع المدني، إلى رئيس حزب سياسي صغير إلى رئيس للدولة عام 2012، وكان أول رئيس صومالي يتم انتخابه داخل البلاد منذ عام 1991، حيث اختير 4 من أسلافه في الخارج، واضطروا لمغادرة البلاد بعد انتهاء حكمهم. ويقول شيخ محمود إنه لن يكرر هذه التجربة في حال تركه الحكم وسيعيش داخل البلاد.
تحدث الرئيس الصومالي لـ«الشرق الأوسط» عن تجربته في الحكم وترشحه للرئاسة لفترة ثانية، وما تحقق من برنامجه الرئاسي، وما لم يتحقق. كما تحدث عن جوانب من حياته الشخصية، وعلاقاته بزعماء عرب وعالميين، وعن هواياته في مجالات الفن والموسيقى والرياضة والتلفزيون والكتب، كما تحدث أيضًا عن محاربة الإرهاب و«عاصفة الحزم» والتهديد الإيراني للأمن القومي العربي وقطع العلاقات الدبلوماسية مع إيران، وقضايا أخرى محلية، من بينها الانتخابات والنظام الفيدرالي والمحاصصة القبلية والحرب على تنظيم الشباب وبناء الجيش والنزاع البحري مع كينيا.

* حدثنا عن الوضع السياسي الذي يمر به الصومال وإلى أين وصلت عملية بناء الدولة الجديدة؟
- الأطراف الصومالية اتفقت عام 2013 على مجموعة من الأمور، كان هدفها تصحيح مسار العملية السياسية، وسُمّي في وقته بـ«رؤية 2016»، وأهم معالم هذه العملية استكمال العملية الديمقراطية في البلاد من خلال تشكيل الأحزاب السياسية، وإجراء الانتخابات، ومراجعة الدستور، واستكمال النظام الفيدرالي، ومنذ ذلك الوقت كان العمل جاريًا على تحقيق هذه الأمور، وقطعنا شوطًا كبيرًا فيها، فقد تم إنشاء الأقاليم الفيدرالية، بقي فقط إقليم واحد، ومن المقرر أن يتم الانتهاء منه قبل الانتخابات. وبناء على ذلك، فإن هذه هي المرة الأولى التي تنتقل فيها السلطة المركزية من العاصمة مقديشو إلى الأقاليم بشكل منظم، بحيث يوجد في كل تراب الوطن إدارة مسؤولة ممثلة للحكومة ومنتخبة من قبل المواطنين دون أن يُفرض عليهم شيء.
* ولكن ألا يمكن القول إن النظام الفيدرالي الذي تبشرون به هو فيدرالية قبلية؟
- إذا نظرنا إلى النظام الفيدرالي الحالي، فالمجتمع الصومالي مجتمع قبلي، وهذه حقيقة واقعية لا يمكن إنكارها أو تجاهلها، وطبيعي أن تتركز قبائل معينة في إقليم أو منطقة معينة، كما أن هناك أقاليم مختلطة، وبالتالي إذا أردنا تشكيل إدارات لهذه الأقاليم فلا يمكن تجاوز القبلية، ولكن هناك لوائح وقوانين ونظم لإدارة هذه الأقاليم، وكلما يجري تطبيق هذه اللوائح والنظم، فإن الوجه القبلي سيختفي تدريجيًا، وهذا ما نعمل من أجل تحقيقه.
* يجري الحديث عن تأجيل الانتخابات الرئاسية والبرلمان بسبب ضيق الوقت؛ فهل ذلك وارد؟
- الجدول الجديد الذي أعدته لجنة الانتخابات ووافقت عليه الحكومة المركزية وحكومات الأقاليم، ينص على 4 مراحل تبدأ بانتخاب الغرفة الأولي من البرلمان (مجلس الأعيان) في 25 من سبتمبر (أيلول) المقبل، ثم المرحلة الثانية بانتخاب الغرفة الثانية من البرلمان (مجلس الشعب) في 24 سبتمبر إلى 10 أكتوبر (تشرين الأول) المقبل. أما المرحلة الثالثة في انتخاب رئيس البرلمان الصومالي في 25 أكتوبر المقبل، تليها المرحلة الرابعة وهي انتخاب الرئيس في 30 أكتوبر أيضًا. كانت هناك مشاريع سياسية خططنا لتنفيذها وكان من بينها إجراء انتخابات مباشرة في البلاد، لكننا لم ننجح في تحقيق ذلك، ولذلك اعتمدنا نظام الانتخاب غير المباشر، وهناك أسباب موضوعية لذلك، أبرزها الوضع الأمني والحرب الحالية على الإرهاب، ونحن نتعامل مع هذا الواقع ووفق الظروف التي نحن فيها.
* ما الضمانات لإجراء هذه الانتخابات غير المباشرة التي تحدثت عنها في ظل هذه الأوضاع؟
- الناس تحب المقارنات، وهي مقارنات غير صحيحة في معظمها، عندما نتحدث عن الضمانات والنزاهة فهي تخضع للمعايير الصومالية المتاحة، ووضعنا شروطًا معقولة لتحقيق ذلك. وبصراحة، فإن نظام الانتخابات وتشكيل الدولة واقتسام السلطات السياسية قائمة على المحاصصة القبلية حتى الآن، ولكن إذا كان شيخ قبلية واحد يعين وحده ممثل القبلة في البرلمان، فإننا في البرلمان المرتقب أعطيت الفرصة لـ51 ممثلاً لكل عشيرة لانتخاب مرشحهم إلى البرلمان، هذا واحد. الأمر الثاني منعنا جميع السياسيين الذين لديهم رغبة للترشح في المشاركة باللجان الانتخابية، وأيضًا دعونا ممثلي المجتمع الدولي وزعماء العشائر والمجتمع المدني للعب دور في هذه الانتخابات لإضفاء أكبر قدر من النزاهة عليها.
* قبل انتخابك رئيسًا للصومال عام 2012، اشتهرت ببرنامجك «الأعمدة الستة»؛ هل تعتقد أنك نجحت في هذا البرنامج ووفيت بوعودك؟
- برنامج الأعمدة الستة الذي أعلنت عنه قبل انتخابي كان ركائز عامة، كنتُ أراها أنا وفريقي الانتخابي أساسًا لإقامة دعائم الدولة الصومالية، وأعتقد أنني نجحت في تحقيق هذا البرنامج إلى حد ما، وهناك أشياء تحتاج إلى استكمال، وهو ما يجعلني أسعى إلى العودة للسلطة مرة أخرى لتحقيقها. انظر إلى الوضع الأمني والي أين وصل بالمقارنة قبل أربع سنوات، وفيما يتعلق بالحكم الرشيد نجحت في مد السلطة الحكومية إلى الأقاليم، وفيما يتعلق بالإدارة المالية، فلأول مرة وضعت ميزانيات سنوية للحكومة، وتمت إعادة تشغيل البنك المركزي، مع وجود محاسب عام ومراجع عام، ولأول منذ ثلاثين عامًا أصدر البنك الدولي وصندوق النقد الدولي تقارير إيجابية عن الصومال، وفيما يتعلق بالخدمات، قمت بإعادة التعليم العام إلى العمل فالجامعة الوطنية الصومالية تم تشغيلها، وهي جامعة مجانية، وكذلك عادت المدارس الحكومية المجانية. صحيح أننا لم نتمكن من تلبية احتياجات المواطنين كما ينبغي، ولكننا عملنا وفق قدراتنا المحدودة، وأعترف بأن أمامنا عمل المزيد لاستكمال ما وعدت بتحقيقه.
* إلى أين وصلت الجهود الحكومية فيما يتعلق بالأمن والحرب ضد حركة الشباب؟
- عندما تسلمت منصب الرئاسة في سبتمبر عام 2012، كانت الحرب ضد حركة الشباب الإرهابية مستمرة، وقد حققت الحكومة التي سبقتنا نجاحات كبيرة في دحرها، ومع ذلك كان مقاتلو الشباب موجودين في المناطق القريبة من العاصمة، واليوم وبعد أربع سنوات فإن وجودهم تقلص في عدد من المدن، ولا تزال القوات الحكومية وقوات الاتحاد الأفريقي تطاردهم في المناطق التي يوجدون فيها، لتحرير سكان تلك المناطق من قبضتهم، ولن تنتهي الحرب ضد حركة الشباب بذلك، ومشكلتهم ليست مشكلة صومالية وإنما هي مشكلة إقليمية وعالمية أيضًا؛ فهم جزء من مشكلة الإرهاب التي تعصف بكل أنحاء العالم.
إضافة إلى ذلك، فإنه قبل أربع سنوات أُجريت الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في مكان واحد، هو العاصمة مقديشو، بسبب الوضع الأمني آنذاك، واليوم تجري الانتخابات غير المباشرة في 7 أماكن في البلاد، «عواصم الأقاليم» فيها إدارات حكومية، وبمشاركة نحو 15 ألف ناخب في هذه العملية، ممثلين لقبائلهم، وهذا مؤشر على تحسن الوضع الأمني، وكذلك فإن عدد السفارات الموجودة في الصومال وصل إلى أكثر من 40 سفارة وبعثة دبلوماسية، وهذا مؤشر أمني إيجابي أيضًا على أن الصومال في طريقه للتعافي.
* لماذا تركز الحكومة على الجانب العسكري فقط في محاربة حركة الشباب دون الجوانب الأخرى؟
- إن جهود حكومتي في محاربة حركة الشباب لا تقتصر على الجانب العسكري فقط، ولكنني أومن بأن هزيمة الإرهاب عسكريا تمهد الطريق لأنواع الحروب الأخرى الفكرية والاجتماعية والاقتصادية، ولذلك أنشأنا أخيرا أول معهد للحوار الفكري، مهمته تسليط الضوء على الشبهات الفكرية التي يستخدمها الإرهابيون لتضليل البسطاء من الناس، وإلى جانب ذلك أنشأنا عددًا من مراكز المناصحة لإيواء العائدين من حركة الشباب لرعايتهم، وإرشادهم إلى الطريق الصحيح لفهم الإسلام، بعيدا عن التشدد الذي يؤدي عادة إلى الإرهاب.
* انضم الصومال إلى تحالف عملية «عاصفة الحزم» في بدايتها، كيف هي علاقتكم بالمملكة العربية السعودية التي تقود هذا التحالف العربي؟
- علاقتنا جيدة مع جميع الدول العربية، وسفاراتنا مفتوحة في معظمها، كما أن معظم الدول العربية لها سفارات وممثليات في مقديشو. أما علاقتنا مع المملكة العربية السعودية، فهي ممتازة، وفي لقائي الأخير مع خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، بحثنا جوانب كثيرة من القضايا الثنائية والإقليمية. والصومال عضو مهم في عملية «عاصفة الحزم»، وكذلك التحالف الإسلامي لمحاربة الإرهاب. والسعودية تدعمنا حاليا لإعادة بناء الجيش الوطني الصومالي، وقد زارنا هنا وفد رفيع من المملكة لتقييم احتياجات الجيش والمساهمة السعودية في بنائه.
أما موقفنا من الحرب في اليمن واضح، فنحن مع الشرعية اليمنية المتمثلة في الرئيس عبد ربه منصور هادي، ونقف ضد أي محاولة للتغيير بالقوة، ولذلك وقفنا مع الشرعية المنتخبة في اليمن منذ اليوم الأول، وهذا مبدأ صومالي عام بغض النظر عن أي شيء آخر. وكان ذلك موقفنا ذاته من محاولة الانقلاب الأخيرة في تركيا.
* الصومال قطع علاقته الدبلوماسية مع إيران أخيرًا، ما الدوافع؟
- إيران تشكل تهديدا واضحا للدول العربية، وهذا التهديد لم يبدأ اليوم أو أمس، وهذا أمر معروف للجميع. أما فيما يتعلق بالجانب الصومالي فقد قمنا طوال عامين، قبل قطع العلاقات، بمراقبة التحركات الإيرانية في بلادنا، دون أن نتخذ خطوة واحدة، وقدمنا شكاوى رسمية للحكومة الإيرانية، لكنها تجاهلت كل هذه الشكاوى، ولم ترد علينا بشكل مقنع. كنا نشكو من التدخل في المجالين الأمني والفكري والثقافي، ونحن في الصومال نعاني من مشكلات الأفكار الدينية الدخيلة المعوجة، وبلادنا لا تتحمل مزيدا من الأفكار المستوردة التي قد تسبب مزيدا من المشكلات، نحن بحاجة إلى دعم كل الدول، لكننا لن نقبل بزرع بذور فتنة طائفية قد تنفجر بعد عشر سنوات.
* إلى أين وصلت جهود إعادة بناء الأجهزة الأمنية والجيش الوطني بشكل خاص، وما أبرز الدول التي تدعمكم في ذلك؟
- عادة يتم بناء الجيوش في وقت السلام، للاستفادة منها في زمن الحرب، ولكننا نواجه تحديا مزدوجا، ففي الوقت الذي نقوم فيه بإعادة بناء الجيش الوطني، نخوض حربا ضد عدو عالمي هو الإرهاب. وقد حصلنا على جزء من المعدات العسكرية المهمة لبناء الجيش، وتم تخريج كوادر عسكرية شابة، والتدريبات مستمرة، إلى جانب الدمج بين فرق الجيش المنتشرة في الأقاليم لتتخذ طابعا قوميا أيضا. أما الدول الداعمة للصومال في هذا المشروع فتتقدمها الولايات المتحدة، إضافة إلى السعودية ودولة الإمارات وتركيا ومصر، وكل هذه الدول تقدم مساعدات متفاوتة في إعادة بناء الجيش الصومالي وتجهيزه، وآمل أن يتولى الصومال مسؤولية الأمن والدفاع بنفسه في البلاد في وقت قريب.
* كان هناك نزاع بين الصومال وكينيا حول الحدود البحرية بين البلدين، ولجأتم إلى التحكيم الدولي؛ فإلى أين وصل هذا الملف؟
- نعم، هذا الخلاف موجود منذ سنوات، وكانت هناك مفاوضات بين البلدين لحل هذا الخلاف، ولكن مفاوضاتنا لم تصل إلى تفاهم بيننا وبين كينيا، وانطلاقا من إيماننا بحسن الجوار وحل النزاعات بشكل سلمي، فإننا لجأنا إلى التحكيم الدولي، والقضية معروضة في محكمة العدل الدولية، وننتظر الحكم فيها، ومن المقرر أن تستأنف المحكمة جلساتها في 19 سبتمبر المقبل، ولا أساس للأقاويل التي أشيعت بأن الصومال سحب القضية من المحكمة، فنحن ماضون في ذلك حتى يصدر حكم من المحكمة.
* جميع الرؤساء الصوماليين الذين سبقوك غادروا البلاد ويعيشون في الخارج بعد انتهاء فتراتهم، هل ستتخذ الخطوة ذاتها بعد الحكم؟
- أنا عشت في الصومال طول حياتي، ولم أغادره إلى الخارج، حتى في فترة الحرب الأهلية كنت مقيمًا في مقديشو، أطفالي كلهم ولدوا في الصومال وتعلموا هنا، ودرسوا هنا، بعضهم الآن يدرس بالخارج. أما أنا فإذا تركت الحكم فسأبقى في الصومال، وليس لي مكان إقامة آخر، ولن أغادر إلى الخارج، وسألعب أي دور مناسب لي بحكم خبرتي، وأقدم مشورتي لأي حكومة تأتي إذا طلبت مني ذلك، وقد أعود إلى نشاطي القديم في التعليم كمدرس والمجتمع المدني وتطوير الشباب، وهذه مجالات أعرفها جدًا وأحبها أيضًا.
* في أوقات فراغك.. ما نوعية الكتب التي تقرأها؟
- يستغرق العمل السياسية أكثر وقتي، ولكن في الفترة الأخيرة أقرأ الكتب التي تتحدث عن السياسة والإدارة والحكم الرشيد، وكذلك الكتب التي تتحدث عن الموضوع الذي تخصصت فيه وعملت فيه خلال العشرين سنة الماضية، وهو موضوع حل النزاعات وبناء السلام.
* حدثنا عن اهتماماتك الرياضية والفريق الذي تشجعه محليا وعالميا؟
- فيما يتعلق بفرق كرة القدم المحلية، فنحن الآن منشغلون بتطويرها، ولكن بحكم سني فأنا أشجع فريق «هورسيد» (تابع للقوات المسلحة الصومالية). وعالميًا ليس لي فريق رياضي أشجعه.
* وماذا عن اهتماماتك الموسيقية والفن والطرب الصومالي؟
- أُعدّ من الجيل القديم، ولذلك أنا متعلق بطرب الجيل القديم من الفنانين من أمثال محمد سليمان وحسن آدم ستمتر، وصلاد دربي، وحليمة خليف ماغول، وما زلت أستمع إلى أغانيهم وموسيقاهم وأستمتع بها. وفي رمضان تابعت بعض المسلسلات التاريخية، وأتابع أحيانًا الأفلام الوثائقية التي تبثها قناة «ناشيونال جيوغرافيك»، و«الجزيرة الوثائقية»، خصوصًا فيما يتعلق بالأماكن التاريخية والاستراتيجية في المنطقة، مثل باب المندب، ومضيق هرمز، والمحيط الهندي.
* هل يمكن الوصول إليك مباشرة؟ هل ترد على المكالمات الشخصية عبر الهاتف مثلا؟
- عندما يسمح لي الوقت، أحب أن أرد شخصيا على الاتصالات التي تأتيني من الأشخاص الذين لا يتحدثون عن السياسة أو المصالح الشخصية، أرد على الرسائل النصية عبر الهاتف الجوال، وكذلك الرسائل التي تأتيني عن طريق تطبيق «الواتساب»، خصوصا إذا كانت من أشخاص عاديين أو معارفي، فهذان هما الوسيلتان اللتان تبقياني على تواصل مع الناس. وأحيانا أرد على المكالمات التليفونية لكن ليس كثيرًا.
* من هم القيادات العربية والعالمية الذين تأثرت بهم، أو الذين تنجذب إلى أفكارهم؟
- هم كثر، ولدي قيادات أعتبرهم أصدقاء شخصيين، وأنا معجب بالخدمة التي يؤدونها لبلادهم، وإذا كان لا بد من ذكر أسماء،
فأذكر منهم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، والرئيس التركي رجب طيب إردوغان، وكذلك الشيخ محمد بن زايد ولي عهد دولة الإمارات، وأفكاره الطموحة التي تجذبني، والملك عبد الله الثاني ملك الأردن، مثل هؤلاء القيادات الذين إذا جلست معهم أرتاح إلى رؤاهم وأفكارهم.
* إذا أعطيت تذكرة واحدة لزيارة مكان ما في الصومال؛ فما المكان الذي تفضله؟
- عمومًا أحب بلدي كله، ولكن إذا أجبت مباشرة عن سؤالك، فأنا أختار المدينة التي وُلدت وترعرعت فيها وهي مدينة جلا لقسي (170 كلم إلى الشمال من مقديشو) أحب أن أزور تلك المدينة وأعيش فيها وأشبع منها.

بروفايل
* الرئيس حسن شيخ محمود عَلَسو من مواليد مدينة جلالقسي، وهي مدينة زراعية صغيرة تقع على ضفاف نهر شبيلي، بمحافظة هيران بوسط الصومال عام 1953، لعائلة صومالية فقيرة، وكان والده الشيخ محمود عَلَسو رجل دين ومدرسًا للفقه الشافعي معروفًا في وسط الصومال.
* درس المرحلة الأساسية والثانوية في مسقط رأسه ثم انتقل إلى العاصمة مقديشو عام 1978 والتحق بالجامعة الوطنية الصومالية وتخرج في كلية التقانة عام 1981 ثم سافر إلى الهند في بعثة دراسة، وحصل على درجة الماجستير من جامعة «بهوبال يونيفيرسيتي» عام 1988، متخصصا في التعليم التقني.
* بعد اندلاع الحرب الأهلية عام 1991 عمل في عدد من منظمات الأمم المتحدة كمسؤول عن البرامج التعليمية.
* في 1999 أسس مع مجموعة من زملائه الأكاديميين «المعهد الصومالي للتنمية الإدارية» الذي أصبح فيما بعد «جامعة سيمد» إحدى الجامعات الرئيسية في الصومال. وأصبح رئيسًا لهذه الجامعة حتى عام 2010.
* استقال من رئاسة جامعة سيمد وتحول إلى مجال السياسة عام 2011، وأسس مع زملاء له «حزب السلام والتنمية» واختير رئيسا للحزب الذي يرأسه حتى الآن.
* ترشح للبرلمان واختيرا عضوا فيه ممثلا عن قبيلته أبجال في أغسطس عام 2012.
* ترشح لمنصب الرئاسة في الانتخابات الرئاسية التي أجراها البرلمان في سبتمبر عام 2012 وفاز بأغلبية ساحقة، حيث حصل شيخ محمود على 190 صوتًا مقابل 79 صوتا لمنافسه الرئيس السابق شيخ شريف شيخ أحمد.
* صنفته مجلة «تايم» في أبريل (نيسان) عام 2013 من بين الشخصيات المائة الأكثر تأثيرًا في العالم.
* متزوج من السيدتين قمر علي عمر، وزهرة عمر حسن وله منهما 8 أبناء و9 بنات.
* تعيش معظم أسرة الرئيس في الخارج بسبب الأوضاع الأمنية في البلاد.
* مترشح لولاية رئاسية ثانية في الانتخابات الرئاسية المزمع عقدها في 30 أكتوبر المقبل.



الخارجية الفلسطينية ترحب بموافقة الأمم المتحدة على تمديد ولاية «الأونروا»

رجل يعلق علماً فلسطينياً على هوائي في مبنى شبه مدمّر كان يضم عيادة لـ«الأونروا» في مخيم جباليا بغزة (أ.ف.ب)
رجل يعلق علماً فلسطينياً على هوائي في مبنى شبه مدمّر كان يضم عيادة لـ«الأونروا» في مخيم جباليا بغزة (أ.ف.ب)
TT

الخارجية الفلسطينية ترحب بموافقة الأمم المتحدة على تمديد ولاية «الأونروا»

رجل يعلق علماً فلسطينياً على هوائي في مبنى شبه مدمّر كان يضم عيادة لـ«الأونروا» في مخيم جباليا بغزة (أ.ف.ب)
رجل يعلق علماً فلسطينياً على هوائي في مبنى شبه مدمّر كان يضم عيادة لـ«الأونروا» في مخيم جباليا بغزة (أ.ف.ب)

رحبت وزارة الخارجية الفلسطينية، الجمعة، بتبني الجمعية العامة بأغلبية ساحقة خمسة قرارات لصالح الشعب الفلسطيني، من بينها تجديد ولاية وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا».

وقالت الوزارة، في بيان، إن هذه القرارات «تعكس تضامناً واسعاً من جميع أنحاء العالم مع الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة، وتمثل إقراراً بمسؤولية المجتمع الدولي في دعم الاحتياجات السياسية والإنسانية، بما فيها حق لاجئي فلسطين».

وأضافت أن هذا التضامن يؤكد دعم العالم لوكالة «الأونروا» سياسياً ومالياً، ولحماية حقوق اللاجئين وممتلكاتهم وإدانة الاستيطان الإسرائيلي.

وأشارت الخارجية الفلسطينية إلى أن هذا التصويت «تعبير إضافي عن رفض المجتمع الدولي للضم والاستيطان والتهجير القسري والعقاب الجماعي والتدمير الواسع للبنية التحتية في الأرض الفلسطينية المحتلة، والإبادة في قطاع غزة».


حديث ترمب عن تعديل المرحلة الثانية... هل يُفعل «البند 17» بـ«اتفاق غزة»؟

يملأ فلسطينيون حاوياتهم بالمياه في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
يملأ فلسطينيون حاوياتهم بالمياه في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

حديث ترمب عن تعديل المرحلة الثانية... هل يُفعل «البند 17» بـ«اتفاق غزة»؟

يملأ فلسطينيون حاوياتهم بالمياه في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
يملأ فلسطينيون حاوياتهم بالمياه في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

حديث عابر للرئيس الأميركي دونالد ترمب عن «تعديل المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة» دون أن يوضح تفاصيل ذلك التعديل، أثار تساؤلات بشأن تنفيذ ذلك.

هذا الحديث الغامض من ترمب، يفسره خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» بأنه سيكون تغييراً في تنفيذ بنود الاتفاق، فبدلاً من الذهاب لانسحاب إسرائيلي من القطاع الذي يسيطر فيه على نسبة 55 في المائة، ونزع سلاح «حماس»، سيتم الذهاب إلى «البند 17» المعني بتطبيق منفرد لخطة السلام دون النظر لترتيباتها، وتوقعوا أن «المرحلة الثانية لن يتم الوصول إليها بسهولة في ظل عدم إنهاء ملفات عديدة أهمها تشكيل مجلس السلام ولجنة إدارة غزة ونشر قوات الاستقرار».

و«البند 17» في اتفاق وقف إطلاق النار بغزة الذي دخل حيز التنفيذ في 10 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ينص على أنه «في حال أخّرت (حماس) أو رفضت هذا المقترح، فإنّ العناصر المذكورة أعلاه، بما في ذلك عملية المساعدات الموسّعة، ستنفّذ في المناطق الخالية من الإرهاب التي يسلّمها الجيش الإسرائيلي إلى قوة الاستقرار الدولية».

و«وثيقة السلام» التي وُقعت في أكتوبر الماضي بين «حماس» وإسرائيل تناولت فقط النقاط المتعلقة بما يسمى «المرحلة الأولى»، وتشمل الهدنة الأولية وانسحاب قوات الجيش الإسرائيلي، وشروط تبادل الأسرى والمحتجزين، وتسهيل دخول المساعدات الإنسانية، فيما لم يتم التوصل إلى اتفاق رسمي بشأن «المرحلة الثانية» المتعلقة بإدارة غزة بعد الحرب.

وأعلن ترمب في تصريحات نقلت، الخميس، أن المرحلة الثانية من خطته للسلام في غزة «ستخضع للتعديل قريباً جداً»، وسط تصاعد القلق من تعثرها وعدم إحرازها تقدماً ملموساً في التنفيذ، دون توضيح ماهية تلك التعديلات.

المحلل في الشأن الإسرائيلي بمركز «الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية»، الدكتور سعيد عكاشة، يرى أن التعديل الذي يمكن أن يرتكز عليه ترمب للحيلولة دون انهيار الاتفاق كما يعتقد هو اللجوء لـ«البند 17» الذي يرسخ لتقسيم غزة، لغزة قديمة وجديدة، وهذا ما كان يطرحه المبعوث الأميركي، ستيف ويتكوف الشهر الماضي في عدد من لقاءاته.

وأشار إلى أن هذا التعديل هو المتاح خاصة أن الاتفاق أقر في مجلس الأمن الشهر الماضي، ويمكن أن يعاد تفعيل ذلك البند تحت ذرائع عدم استجابة «حماس» لنزع السلاح أو ما شابه، متوقعاً أن يقود هذا الوضع لحالة لا سلم ولا حرب حال تم ذلك التعديل.

رد فعل فلسطينية على مقتل أحد أقربائها في غارة إسرائيلية بخان يونس (أ.ف.ب)

ويرجح المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، أنه في ظل عدم توضيح ماهية تعديلات ترمب بشأن المرحلة الثانية، فإن «هناك مخاوف من ترسيخ تقسيم غزة يمكن أن نراها في التعديل مع رغبة إسرائيلية في استمرار بقائها في القطاع، تطبيقاً لما يتداول بأن هذا غزة جديدة وأخرى قديمة».

ووسط ذلك الغموض بشأن التعديل، أفاد موقع «أكسيوس» بأن ترمب يعتزم إعلان انتقال عملية السلام في غزة إلى مرحلتها الثانية، والكشف عن هيكل الحكم الجديد في القطاع قبل 25 ديسمبر (كانون الأول) الجاري. ونقل الموقع، الخميس، عن مسؤولَين أميركيين قولهما إن «تشكيل القوة الدولية وهيكل الحكم الجديد لغزة في مراحله الأخيرة»، متوقعين أن يعقد الرئيس الأميركي اجتماعاً مع رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو قبل نهاية ديسمبر الجاري لمناقشة هذه الخطوات.

غير أن الرقب يرى أن المرحلة الثانية أمامها عقبات تتمثل في «عدم تشكيل مجلس السلام وحكومة التكنوقراط، وعدم تشكيل الشرطة التي ستتولى مهامها وقوة الاستقرار، وأن أي تحركات لن ترى النور قبل يناير (كانون الثاني) المقبل».

ولا يرى عكاشة في المستقبل القريب سوى اتساع احتلال إسرائيل للمناطق التي تقع تحت سيطرتها في القطاع لتصل إلى 60 في المائة مع استمرار تعثر تنفيذ الاتفاق دون تصعيد كبير على نحو ما يحدث في جنوب لبنان من جانب إسرائيل.

فلسطينيون يسيرون أمام الخيام الممتدة على طول الشوارع وسط أنقاض المباني المدمرة في جباليا (أ.ف.ب)

وقبل أيام، تحدثت صحيفة «يديعوت أحرونوت» عن أن هناك خطة إسرائيلية لإعادة توطين نحو مليوني فلسطيني في مناطق جديدة خاضعة لإسرائيل شرق الخط الأصفر، وتفريغ المناطق الخاضعة لسيطرة «حماس» من المدنيين بالكامل، وملاحقة عناصر حركة «حماس» في هذه المناطق تدريجياً. كما نقلت صحيفة «تلغراف» البريطانية، عن دبلوماسيين غربيين أن الخطة الأميركية بشأن غزة تنطوي على خطر تقسيم القطاع إلى جزأين للأبد، ما يؤسّس لوجود قوات الاحتلال بشكل دائم في القطاع المنكوب.

وقبل نحو أسبوع، أكد وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، في لقاء ببرشلونة مع الممثلة العليا للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية للاتحاد الأوروبي، كايا كالاس، على وحدة الأراضي الفلسطينية بين الضفة الغربية وقطاع غزة ورفض مصر أي إجراءات من شأنها تكريس الانفصال بين الضفة الغربية وغزة أو تقويض فرص حل الدولتين على الأرض.

وأعاد عبد العاطي، التأكيد على ذلك في تصريحات، الأربعاء، قائلاً إنه «لا مجال للحديث عن تقسيم غزة، فغزة هي وحدة إقليمية متكاملة، وجزء لا يتجزأ من الدولة الفلسطينية القادمة، جنباً إلى جنب مع الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية، وهذه هي قرارات الشرعية الدولية وبالتأكيد يتعين الالتزام بذلك»، مؤكداً أنه إلى الآن يجرى التشاور بشأن لجنة إدارة قطاع غزة مع الأطراف المعنية، حتى تتولى هذه اللجنة الإدارية من التكنوقراط مهام العمل على الأرض. وأشار عكاشة إلى أن الجهود المصرية ستتواصل لمنع حدوث تقسيم في قطاع غزة أو حدوث تعديل يؤثر على الاتفاق، لافتاً إلى أن السيناريوهات مفتوحة بشأن التطورات المرتبطة بخطة ترمب.


«المعاقون» في صنعاء... فئة منسيّة تحت مقصلة الحرمان

معاقون في صنعاء أخضعهم الحوثيون للمشاركة في فعالية طائفية (فيسبوك)
معاقون في صنعاء أخضعهم الحوثيون للمشاركة في فعالية طائفية (فيسبوك)
TT

«المعاقون» في صنعاء... فئة منسيّة تحت مقصلة الحرمان

معاقون في صنعاء أخضعهم الحوثيون للمشاركة في فعالية طائفية (فيسبوك)
معاقون في صنعاء أخضعهم الحوثيون للمشاركة في فعالية طائفية (فيسبوك)

تتفاقم معاناة الآلاف من ذوي الإعاقة في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء، في ظل انهيار شبه كامل لمنظومة الرعاية الاجتماعية، واتهامات مباشرة للجماعة الحوثية بتحويل الموارد المخصصة لهذه الفئة إلى قنوات تخدم مشروعها العسكري والآيديولوجي.

ومع استمرار انقطاع البرامج الحكومية والدعم الدولي، يجد المعاقون أنفسهم أمام واقع قاسٍ تتضاعف فيه الاحتياجات وتتراجع فيه فرص العلاج والرعاية.

مصادر محلية أكدت لـ«الشرق الأوسط» أن الجماعة الحوثية كثفت خلال الأسابيع الأخيرة من ممارساتها التي تستهدف ذوي الإعاقة في صنعاء ومدن أخرى تحت سيطرتها، سواء عبر استغلالهم في فعاليات ومناسبات سياسية، أو من خلال إجبار عشرات الأطفال على حضور دورات تعبئة فكرية تستند إلى خطاب طائفي، في مخالفة صريحة لأبسط قواعد الرعاية الإنسانية.

وتشير المصادر إلى أن ما تبقى من المراكز والمنشآت المتخصصة التي كانت تقدم خدمات طبية وتأهيلية للمعاقين، تحوّل إلى أماكن شبه مهجورة بعد إغلاقات تعسفية ووقف شبه تام للبرامج الفنية والدعم الخارجي، نتيجة استحواذ الجماعة على المخصصات والموارد المالية.

مبنى «صندوق رعاية وتأهيل المعاقين» الخاضع للحوثيين في صنعاء (إكس)

وكشف سكان في صنعاء أن مئات المعاقين فقدوا مصادر دخلهم المحدودة. ومع غياب برامج الدعم، اضطرت كثير من الأسر إلى إرسال أبنائها من ذوي الإعاقة إلى شوارع المدينة، بحثاً عن أي مساعدة تساهم في تغطية احتياجاتهم الغذائية أو تكاليف العلاج باهظة الثمن.

وتؤكد أسرة تقيم في ضواحي صنعاء أن اثنين من أبنائها من ذوي الإعاقة لم يعودا قادرين على تلقي جلسات العلاج الطبيعي أو الحصول على أجهزة طبية مساعدة، مثل الأطراف الصناعية أو السماعات، بعد ارتفاع أسعارها وغياب الدعم المخصص لهم من «صندوق رعاية وتأهيل المعاقين» الخاضع لسيطرة الحوثيين.

وتضيف الأسرة أن الصندوق ـ الذي كان يعد المتنفس الوحيد لهذه الفئة ـ توقف عن تقديم معظم خدماته التعليمية والتأهيلية، مما أدى إلى حرمان مئات الأطفال من ذوي الإعاقة من حقهم في التعليم المتخصص.

ضحايا بلا رعاية

تقدّر مصادر يمنية حقوقية أن عدد ذوي الإعاقة في صنعاء وبقية مناطق سيطرة الحوثيين يتجاوز 4.5 مليون معاق، بينهم مصابون بإعاقات خلقية، وآخرون نتيجة الحرب التي أشعلتها الجماعة منذ انقلابها. وتؤكد التقديرات أن أكثر من 70 في المائة منهم محرومون من الحصول على أهم الاحتياجات الأساسية، وعلى رأسها الكراسي المتحركة، والأجهزة التعويضية، وجلسات العلاج الطبيعي، وبرامج التأهيل المهني.

جانب من زيارة قيادات حوثية لـ«صندوق رعاية وتأهيل المعاقين» في صنعاء (إعلام حوثي)

وأكد عاملون في «صندوق رعاية وتأهيل المعاقين» بصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً حاداً في الخدمات المقدمة، مشيرين إلى أن الصندوق يستقبل شهرياً نحو 800 حالة جديدة، معظمها تحتاج إلى رعاية طويلة المدى لا يستطيع الصندوق تلبيتها حالياً. وقالوا إن سيطرة الحوثيين على موارد الصندوق وقراراته أدت إلى إيقاف عشرات المراكز وتجميد برامج التأهيل، إضافة إلى تحويل جزء كبير من الدعم لصالح الجرحى والمقاتلين العائدين من الجبهات.

وأشار العاملون إلى أن المساعدات النقدية والأجهزة التعويضية تُمنح بشكل شبه حصري لعناصر الجماعة وجرحاها، في الوقت الذي يُترك فيه آلاف المعاقين المدنيين لمواجهة مصيرهم دون أي دعم.

تعبئة فكرية

وسط هذا الانهيار الإنساني، تواصل الجماعة الحوثية إخضاع عشرات الأطفال من ذوي الإعاقة في صنعاء لدورات فكرية وتعبوية تحت اسم «دورات توعوية»؛ إذ أفادت مصادر مطلعة بأن الجماعة جمعت خلال الأيام الماضية أطفالاً ومراهقين من تسعة مراكز وجمعيات متخصصة، تتراوح أعمارهم بين 10 و18 عاماً، وأخضعتهم لمحاضرات تهدف إلى غرس أفكارها العقائدية.

وتقول المصادر إن هذه هي المرة الثالثة منذ مطلع العام التي يتم فيها إخضاع قاصرين معاقين لمثل هذه الأنشطة، في خطوة أثارت سخطاً واسعاً بين أسر الضحايا، الذين اعتبروا ذلك استغلالاً فجاً لفئة يُفترض حمايتها وتمكينها بدلاً من تجييرها لصالح مشروع سياسي.

ويأتي ذلك بعد زيارة مفاجئة للقيادي الحوثي محمد مفتاح، القائم بأعمال رئيس حكومة الانقلاب، إلى مقر الصندوق، وهي زيارة رأى فيها مراقبون محاولة لشرعنة ممارسات الجماعة لا أكثر.

فتيات معاقات لدى مشاركتهن في برنامج تعبوي نظمه الحوثيون في صنعاء (فيسبوك)

ويحذر مختصون اجتماعيون في صنعاء من أن استمرار الإهمال وغياب برامج الدعم قد يدفعان بمزيد من ذوي الإعاقة إلى دوامة الفقر المدقع، ويعمق من معاناتهم الصحية والإنسانية. ويتهمون الجماعة الحوثية بأنها حولت هذه الفئة من مواطنين يحتاجون إلى رعاية إلى وسيلة للابتزاز السياسي والاستغلال الإعلامي.

ويطالب المختصون المؤسسات الدولية والمانحين بضرورة إعادة تفعيل برامج الدعم والتأهيل وضمان وصول المساعدات إلى مستحقيها بعيداً عن تدخّلات الحوثيين، داعين إلى وضع آلية رقابة مستقلة على البرامج الموجهة لذوي الإعاقة.

ويؤكد المختصون أن إنقاذ هذه الفئة يتطلب جهوداً عاجلة، خصوصاً في ظل الانهيار المتواصل للخدمات الصحية وارتفاع تكاليف العلاج وتوقف التمويل المحلي والدولي عن معظم المراكز.