تراجع أسعار العقارات البريطانية في يوليو «أسرع من التوقعات»

دراسات تؤكد انخفاض عدد البريطانيين المالكين للمنازل بشكل قياسي

دراسة بريطانية أكدت أن على البريطانيين أن يقتصدوا 11 عاما لشراء شقة مساحتها 70 مترا مربعا (رويترز)
دراسة بريطانية أكدت أن على البريطانيين أن يقتصدوا 11 عاما لشراء شقة مساحتها 70 مترا مربعا (رويترز)
TT

تراجع أسعار العقارات البريطانية في يوليو «أسرع من التوقعات»

دراسة بريطانية أكدت أن على البريطانيين أن يقتصدوا 11 عاما لشراء شقة مساحتها 70 مترا مربعا (رويترز)
دراسة بريطانية أكدت أن على البريطانيين أن يقتصدوا 11 عاما لشراء شقة مساحتها 70 مترا مربعا (رويترز)

أشار تقرير عقاري مطلع الأسبوع إلى تراجع أسعار المنازل البريطانية في شهر يوليو (تموز) الماضي، لتعكس مكاسب الشهر السابق، لكن التقرير أكد أنه ما زال «من السابق لأوانه القول إن كان تصويت بريطانيا لصالح مغادرة الاتحاد الأوروبي سيحدث أثرا كبيرا».. وذلك في وقت أكدت فيه دراسة بريطانية انخفاض عدد البريطانيين المالكين للمنازل في المملكة المتحدة إلى أدنى مستوى منذ عام 1986، بسبب ارتفاع الأسعار بشكل كبير مقارنة مع الدخل.
وبحسب تقرير «هاليفاكس» البريطانية للرهن العقاري، فإن أسعار المنازل تراجعت واحدا في المائة، في انخفاض أشد من توقع الاقتصاديين في استطلاع سابق أجرته «رويترز» أشار إلى هبوط نسبته 0.2 في المائة فقط، وذلك بعد ارتفاع الأسعار بمعدل 1.2 في المائة في شهر يونيو (حزيران)، الذي شهد إجراء الاستفتاء.
ومقارنة بالأسعار قبل عام، فإنها ارتفعت بمعدل 8.4 في المائة في الأشهر الثلاثة حتى يوليو دون تغيير عن معدل يونيو. وقال مارتن أليس، المحلل في هاليفاكس، إن «التغييرات الشهرية قد تكون مضللة، وعادة ما تحدث تراجعات وسط الاتجاه العام الصعودي. وإجمالا، يظل من السابق لأوانه القول إن كان هناك أي تأثير على سوق الإسكان نتيجة لما أفرزه الاستفتاء».
وجاء تقرير «هاليفاكس» عقب صدور تقرير آخر عن مؤسسة «هومتراك» المتخصصة بتحليل السوق العقاري البريطاني يوم الخميس الماضي، مؤكدا أن أسعار العقارات في المدن الكبرى ببريطانيا واصلت ارتفاعها الحاد وغير المتوقع في شهر يونيو.
وأشار التقارير إلى أن أسعار المنازل في المدن البريطانية الرئيسية سجلت ارتفاعًا خلال شهر يونيو الماضي بنسبة 10.2 في المائة، مقارنة بما كانت عليه في نفس الشهر من العام الماضي. مشيرة إلى أن «حالة عدم اليقين والفوضى التي تسببت بها نتائج الاستفتاء على البقاء أو الخروج من الاتحاد الأوروبي لم تؤثر سلبًا على أسعار العقارات في بريطانيا، بل ظلت نسبة النمو في الأسعار عند نفس مستوى المتوسط السنوي الذي تشهده الأسعار في بريطانيا».
لكن «هومتراك» حذرت رغم تلك النتائج من «ركود متوقع في سوق العقارات البريطاني، وهو الركود الذي سيطال المبيعات والأسعار، خلال النصف الثاني من العام الحالي». وقالت إن «التباطؤ المتوقع قد يتركز في العاصمة لندن»، وهي المدينة التي يتركز فيها العدد الأكبر من المهاجرين والمستثمرين القادمين من الخارج، وكذا المضاربون في السوق العقاري.
وتمثل العقارات في بريطانيا واحدا من أهم القطاعات في البلاد، حيث تتدفق عليها استثمارات خارجية تقدر بمليارات الدولارات، كما أن هذا القطاع يحظى بأهمية استثنائية بالنسبة للمستثمرين الخليجيين الذين تمثل عقارات بريطانيا وجهة بالغة الأهمية لهم، إذ إنه سوق تقليدي يجذب العشرات وربما المئات من الشركات الخليجية الكبرى.
وخلال شهر يونيو، سجلت مدينة بريستول أعلى الارتفاعات في أسعار العقارات، حيث ارتفع متوسط أسعار المنازل فيها بنسبة 14.7 في المائة، تليها مدينة لندن التي ارتفعت أسعار منازلها بنسبة 13.7 في المائة، فيما كانت أقل الارتفاعات في مدينة بلفاست التي ارتفعت أسعار المنازل فيها بنسبة 2.6 في المائة فقط، بينما بلع متوسط الارتفاع في أكبر 20 مدينة ببريطانيا 10.2 في المائة عما كانت عليه قبل عام.
وبالتوازي مع تقارير قياس الأسعار الشهرية، فإن دراسة بريطانية أكدت أن نسبة مالكي العقارات من البريطانيين انخفضت إلى 63.8 في المائة فقط خلال العام الحالي، وهو أدنى مستوى منذ عام 1986، موضحة أن ذلك يعود إلى ارتفاع الأسعار بشكل كبير مقارنة مع الدخل.
وأوضحت الدراسة التي أجرتها مؤسسة «ريزوليوشن فاونديشن» أنه في الثمانينات من القرن الماضي، كان شراء المنزل يكلف في المتوسط أقل من 30 ألف إسترليني (نحو 39 ألف دولار)، في حين أن هذا المتوسط السعري ارتفع حاليا إلى 150 ألف إسترليني (نحو 196 ألف دولار) في عموم بريطانيا، وإلى 330 ألف إسترليني (نحو 431 ألف دولار) في العاصمة لندن.
وسجل الدراسة الانخفاض الأكبر في عدد مالكي الشقق والمنازل في لندن، حيث تبلغ نسبتهم 40 في المائة، لكن الأمر يسري كذلك على مانشستر 58 في المائة، بتراجع 14 نقطة مقارنة مع 2003، في حين أن أعلى معدل وطني سجل في 2003 مع 70.8 في المائة من أصحاب المنازل.
وقالت الدراسة إنه «مع الزيادة المطردة في أسعار الشقق والمنازل وجمود الأجور خلال السنوات الماضية، ليس من الصعب أن نفهم لماذا لم يعد بوسع عدد متزايد من الناس حيازة ملكية عقارية».
ويثير هذا التوجه قلقا، لأن سوق العقارات البريطاني يستفيد من فائدة إقراض هي الأدنى حاليا، ولأن الحكومة اعتمدت برنامجا لمساعدة الشباب يتيح تسديد 5 في المائة فقط من سعر الشقة أو المنزل للحصول على قرض.
ورأت الدراسة أن «الأمر مهم؛ ليس فقط بسبب القلق لدى غير القادرين على شراء منزل، وإنما بسبب تأثير ذلك على مستوى المعيشة»، مشيرة إلى أن من لا يملكون منزلا يدفعون 30 في المائة من راتبهم لاستئجار منزل، في حين أن قسط القرض العقاري لا يمثل سوى 23 في المائة من دخلهم.
وذكرت دراسة نشرها مكتب «ديلويت» للمحاسبة في يوليو الماضي، ترصد المساحات التي يمكن شراؤها بمبلغ 200 ألف يورو (نحو 222 ألف دولار) في 19 بلدا، أن لندن هي الأغلى بينها، حيث يتيح هذا المبلغ شراء 11 مترا مربعا.
وبينت هذه الدراسة أن المملكة المتحدة هي أغلى بلد، وأن على سكانها أن يقتصدوا على مدى 11 عاما لشراء شقة مساحتها 70 مترا مربعا، مقابل 3.3 سنوات فقط في ألمانيا.
وبينت كذلك أن مبلغ 200 ألف يورو تتيح شراء 39 مترا مربعا في المملكة المتحدة، أي أصغر مساحة في البلدان التسعة عشر، تليها فرنسا مع 50 مترا مربعا، وإيطاليا مع 84 مترا مربعا، وبلجيكا مع 94 مترا مربعا، وألمانيا حيث يمكن شراء 97 مترا مربعا بهذا المبلغ.



تأثيرات «كورونا» تظهر على العقارات المصرية

سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
TT

تأثيرات «كورونا» تظهر على العقارات المصرية

سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس

بعد الانتشار المتزايد لفيروس «كورونا المستجد» في معظم أنحاء العالم، يحذّر خبراء الاقتصاد من التداعيات السلبية التي يشهدها الاقتصاد العالمي خصوصاً بعد الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها الدول ومن بينها إغلاق الحدود وتعليق الرحلات الجوية والبحرية، وهو ما امتد بدوره إلى قطاع العقارات في مصر، حيث تشهد السوق العقارية في البلاد حالياً تراجعاً في نسب المبيعات، بالإضافة إلى إلغاء فعاليات ومؤتمرات تسويقية عقارية.
ويؤكد مستثمرون عقاريون مصريون من بينهم المهندس ممدوح بدر الدين، رئيس مجلس إدارة شعبة الاستثمار العقاري بالاتحاد العام للغرف التجارية، أن «القطاعات الاقتصادية تشهد تباطؤاً وجموداً حاداً في الآونة الأخيرة، وهذا سيكون له تبعاته على سوق العقار»، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «أتوقع أن تخرج مصر من الأزمة سريعاً، وبأقل الخسائر نتيجة للإجراءات الاحترازية التي اتخذتها أخيراً للحد من انتشار المرض».
وشهدت سوق مبيعات العقارات في مصر «تراجعاً نسبياً منذ بداية أزمة كورونا»، وفق الخبير والمسوق العقاري محمود سامي، الذي قدّر «نسبة التراجع في مستويات البيع والشراء، بنسبة تتراوح من 20 إلى 30%، في بداية الأزمة، لتصل إلى 50% مع نهاية الأسبوع الماضي، مع اتخاذ مصر وعدد من الدول العربية إجراءات احترازية جريئة للحد من انتشار المرض».
ورغم أن مؤشرات الطلب على شراء العقارات التي تقاس وفق حجم الطلب على المواقع الإلكترونية المخصصة لبيع وشراء العقارات، لم تعكس هذا التراجع في شهر فبراير (شباط) الماضي، وفقاً لمؤشر موقع «عقار ماب» المتخصص في السوق العقارية، بعدما سجل ثبات مستوى الطلب على العقارات في شهري يناير (كانون الثاني) وفبراير الماضيين، لكن المؤشر أوضح أنه «كان هناك تزايد في الطلب في النصف الأول من شهر فبراير، إلا أن هذا التزايد تراجع في الأسبوعين الأخيرين ليستقر المؤشر عند نفس معدل الشهر السابق»، ولا توجد إحصائيات واضحة عن شهر مارس (آذار) الجاري، والذي تفاقمت فيه أزمة «كورونا».
وعكس ما يؤكده المسوق العقاري محمود سامي، من وجود تراجع في نسب مبيعات العقارات في مصر، يقول الدكتور ماجد عبد العظيم، أستاذ الاقتصاد والخبير العقاري، أن «السوق العقارية في مصر لم تتأثر حتى الآن بأزمة (كورونا)»، وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «لا يوجد ارتباط بين فيروس (كورونا) والعقارات، فمن يريد شراء شقة سيفعل ذلك»، مشيراً إلى أن «السوق العقارية المصرية تعاني من حالة ركود بدأت منذ نحو أربعة أشهر، وتظهر ملامحها في العروض التسويقية التي تقدمها شركات العقارات، ومن بينها زيادة عمولة المسوقين العقاريين، والإعلان عن تسهيلات في السداد تصل إلى عشر سنوات من دون مقدم، والدفعة الأولى بعد التسلم»، لافتاً إلى أن «حالة الركود هذه سببها الرئيسي زيادة المعروض، وارتفاع الأسعار بشكل مبالغ فيه».
ورغم أن العاملين في التسويق العقاري لا ينكرون وجود حالة ركود في السوق، فإنهم يرون أن المسألة تزايدت مع الخوف من انتشار «كورونا»، حتى حدث «انكماش في السوق العقارية»، على حد تعبير سامي الذي أوضح أن «شركات التسويق العقاري تأقلمت مع حالة الركود، ونفّذت عمليات إعادة هيكلة وتقليص لعدد الموظفين والمقرات»، مضيفاً: «ما نشهده الآن مختلف، فهناك حالة شلل لم نشهدها من قبل إلا مع ثورتي 30 يونيو (حزيران) 2013، و25 يناير 2011. وإن كان ما نشهده حالياً أكثر حدة، فهناك إلغاء لحجوزات ومواعيد معاينات للوحدات العقارية، وتأجيل لقرارات الشراء بشكل عام حتى انتهاء الأزمة واتضاح الرؤية».
ولا يقتصر تأثير انتشار «كورونا» على حركة البيع والشراء في قطاع العقارات، بل من المتوقع أن «ينعكس التأثير على اقتصاد الشركات العقارية واستثماراتها» حسب بدر الدين، الذي أشار إلى أن «قطاع النفط تأثر بصورة كبيرة خصوصاً بعد إصرار منظمة (أوبك) على عدم تقليل إنتاجها، ليهبط سعر البرميل إلى أقل من 30 دولاراً، ما سبب خسائر للمستثمرين والصناديق العالمية، وترتبت على ذلك انخفاضات في أسعار مواد البناء وبالتالي فإن أي مستثمر لديه مخزون من هذه السلع، سيحقق خسائر بلا شك».
وتماشياً مع قرارات الحكومة المصرية إلغاء التجمعات، تم تأجيل مؤتمر ومعرض «سيتي سكيب مصر للتسويق العقاري»، الذي يعده الخبراء أحد أكبر معارض التسويق العقاري في مصر، والذي كان من المقرر عقده في منتصف الشهر الجاري، لتكتفي الشركات العقارية بالعروض التسويقية التي تقدمها وتعلن عنها إلكترونياً أو تلفزيونياً.
والتأجيل يحمي شركات العقارات من خسائر متوقعة، نظراً لصعوبة حضور العملاء، مما سيؤثر بشكل سلبي على صورة القطاع العقاري، حسب بدر الدين.
ويخشى العاملون في السوق العقارية من استمرار الأزمة فترة طويلة، وهو ما سيؤدي إلى خسائر كبيرة في القطاع، قد تضطر الشركات إلى عمليات إعادة هيكلة وتخفيض عمالة -على حد تعبير سامي- الذي قال إن «الشركات تأقلمت مع انخفاض المبيعات خلال الشهور الماضية، لكن لو استمر الوضع الحالي لمدة شهر، فالمسألة ستكون صعبة وقد تؤدي إلى إغلاق شركات وتسريح موظفين، حيث ستحتاج كل شركة إلى تخفيض نفقاتها بنسبة 40% على الأقل».
ورغم تأكيدات عبد العظيم أنه لا يوجد تأثير لأزمة «كورونا» على السوق العقارية حتى الآن، فإنه يقول: «إذا تفاقمت أزمة (كورونا) فستكون لها تأثيرات على جوانب الحياة كافة، ومنها العقارات»، وهو ما يؤكده بدر الدين بقوله إن «العالم كله سيشهد تراجعاً في معدلات النمو الاقتصادي».