«دواعش الأفغان» في ورطة

الهجوم على «الهزارة» أفقدهم الأرض الخصبة.. وله انعكاسات سلبية على وجودهم

عناصر من «داعش» أفغانستان في تخوم ولاية ننجرهار («الشرق الأوسط»)
عناصر من «داعش» أفغانستان في تخوم ولاية ننجرهار («الشرق الأوسط»)
TT

«دواعش الأفغان» في ورطة

عناصر من «داعش» أفغانستان في تخوم ولاية ننجرهار («الشرق الأوسط»)
عناصر من «داعش» أفغانستان في تخوم ولاية ننجرهار («الشرق الأوسط»)

في 12 من المديريات التابعة لولاية ننجرهار شرقي أفغانستان القريبة من الحدود الباكستانية حيث تنشط فيها الجماعات المسلحة ثمة أرض خصبة ينشط فيها مسلحو «داعش»، ونسخته الأفغانية على أرض «ولاية خراسان»، حيث بات دواعش الأفغان أكثر دموية بعد أن شنوا هجمات قوية ضد مقاتلي حركة طالبان وباتت ولاية خراسان تتمدد على حساب طالبان بعد أن قامت بتصفية العشرات منهم في ولاية «اتشين» شرق البلاد، وتحولت ننجرهار شرق البلاد إلى معقل أساسي وثابت لدواعش الأفغان، إلا أنه خلال الأيام الماضية بعد الهجوم على مسيرة سلمية لعرقية الهزارة في كابل، بدأوا في خسارة الأرض الخصبة المؤيدة لهم في شرق أفغانستان.
وحظرت السلطات الأفغانية أي دعم أو تمويل أو مساعدة للتنظيم، الذي ينشط في منطقة الحدود الباكستانية - الأفغانية، فيما صنفت الولايات المتحدة «ولاية خراسان» منظمة إرهابية، بعد أن أجرت مشاورات مع وزارتي العدل والخزانة الأميركيتين بشأن إدراج التنظيم الذي تكوّن عام 2015 على لائحة المنظمات الإرهابية، وفرضت عقوبات أميركية على الجماعة حيث ترى الولايات المتحدة أنه عامل مهم في استراتيجية أميركا لمكافحة الإرهاب. ولفضح تلك التنظيمات وأفرادها وعزلهم ومنعهم من الوصول إلى النظام المالي الأميركي، وجاء إدراج ولاية خراسان ضمن الجماعات الإرهابية بعد أن نفذت تفجيرات وهجمات مسلحة وانتحارية وعمليات خطف في أفغانستان ضد المدنيين وقوات الأمن والجيش الأفغانية، كما أعلن التنظيم مسؤوليته عن الهجمات بحق المدنيين في مدينة كراتشي الباكستانية في مايو (أيار) 2015.
وخلال الشهور الماضية تمدد «داعش» في أفغانستان على حساب حركة طالبان، متجاوزا حدود قواعده في سوريا والعراق، وهدد بذلك وجود طالبان المسيطرة على أجزاء من أفغانستان منذ عام 1996، وكانت لجنة «القاعدة وطالبان» التابعة للأمم المتحدة كشفت في تقرير أن عدد المنضوين تحت لواء «داعش» والمبايعين للتنظيم يزداد في عدة ولايات أفغانية. وجاء في التقرير نقلا عن مصادر حكومية أفغانية أن هناك على ما يبدو توسعا كبيرا لتنظيم داعش، موضحا أن المجموعات المرتبطة بالتنظيم تنشط في 25 ولاية بأفغانستان من أصل 34. ومعظم المنضمين الجدد هم أفراد تم تجنيدهم من مجموعات مسلحة، بعضهم على خلاف مع القيادة المركزية لحركة «طالبان» أو يسعون إلى هوية مختلفة من خلال ابتعادهم عن حركة طالبان «التقليدية». وأشار التقرير أيضا إلى أن بين المنضمين لمتشددي «داعش» عددا قليلا من غير الأفغان قدموا مباشرة من العراق وسوريا، ويشكلون حسب حكومة كابل النواة الصلبة لتنظيم داعش في هذا البلد.
وحسب تقديرات قوات الأمن الأفغانية، فإن نحو 10 في المائة من أعضاء حركة طالبان الأفغانية النشطين يؤيدون تنظيم داعش لكنه رقم غير ثابت نظرا لتغير التحالفات على الأرض. وجاء أيضا في تقديرات السلطات الأفغانية أن المجموعات الموالية لـ«داعش» تقاتل القوات الحكومية الأفغانية بانتظام، لكنها نادرا ما تقاتل التنظيمات المسلحة الأخرى. ويقدر عدد مقاتلي دواعش الأفغان وفق التقديرات بأكثر من ثلاثين ألف مسلح مدربين بشكل جيد ويملكون الأسلحة المتطورة وتمويلهم أفضل بكثير من حركة طالبان.
غير أن رئيس جهاز الاستخبارات الأفغاني الأسبق أمر الله صالح وبعد هجوم «داعش» على عرقية الهزارة في كابل أكد: «لا وجود لتنظيم الدولة في أفغانستان، كل ما يجري هو لعبة إقليمية يخطط لها من أجل تنفيذ أجندات خطيرة وأن داعش شماعة ترفع من أجل إسكات الأصوات المعارضة».
وكان تنظيم داعش وعبر موقع التنظيم «أعماق» أعلن تبنيه الهجوم الدموي في كابل. واستهدف مظاهرة سلمية لأقلية الهزارة الشيعة في كابل أوقع 80 قتيلا السبت الماضي في أحد أكثر الاعتداءات دموية في العاصمة.
ووقع الاعتداء الهادف كما يبدو إلى إثارة النعرات الطائفية فيما كان الآلاف من الهزارة يحتجون على استثناء مناطقهم من مشروع خط كهرباء القادم من تركمانستان عبر الأراضي الأفغانية وصولا إلى الجارة باكستان بقيمة ملايين الدولارات. وانتشرت الجثث المتفحمة في مكان الهجوم فيما كانت سيارات الإسعاف تحاول بصعوبة شق طريقها إلى الموقع بعدما عمدت السلطات ليلا إلى إغلاق مفترقات طرق رئيسية بحاويات من أجل ضبط حركة المحتجين. وأعلنت وزارة الداخلية الأفغانية في بيان: «نتيجة الهجوم قتل 80 شخصا وأصيب 231 بجروح». وأضاف البيان: «بناء على معلومات أولية، نفذ الهجوم ثلاثة انتحاريين، وقامت قوات الأمن بقتل المهاجم الثالث». وكانت وكالة أعماق التابعة لتنظيم داعش قالت إن «اثنين من مقاتلي الدولة الإسلامية فجرا حزاميهما الناسفين ضد تجمع للشيعة في منطقة دهمزتك في كابل». وقالت أجهزة الاستخبارات الأفغانية إن «ثلاثة مهاجمين شاركوا في الهجوم لكن واحدا منهم نجح»، ما يعني أن الحصيلة كان يمكن أن تكون أكبر بكثير. وأوضحت السلطات الأفغانية أن الانتحاري «الأول فجر نفسه ونجح الثاني جزئيا لكن الانفجار قتله فيما قتل عناصر الاستخبارات (الانتحاري) الثالث». وكانت وزارة الداخلية أفادت في وقت سابق أن «انتحاريا» فجر حزامه وسط حشد، إلا أن الرئيس أشرف غني أشار في بيان باللغتين الإنجليزية والدارية إلى «الكثير من الانفجارات» من دون إعطاء تفاصيل. ووقع التفجير في نهاية مظاهرة شارك فيها آلاف الأشخاص غالبيتهم من الشيعة وكانت مستمرة بشكل سلمي منذ الصباح. والاعتداء وهو الأول في العاصمة منذ 30 حزيران (حزيران) يبدو أنه الأول بهذا الحجم الذي يتبناه التنظيم في العاصمة منذ بدء نشاطه في البلاد خصوصا في الشرق منذ عام 2015.
وأظهرت صور تناقلتها شبكات التواصل الاجتماعي جثث ضحايا شبه عارية ممددة على الأرض وسط الركام.
وقال رضا جعفري أحد منظمي المظاهرة والشاهد في المكان «سمعت دويا بالقرب مني»، وأضاف: «هناك الكثير من القتلى والجرحى سقطوا من حولي». وكان المتظاهرون يسيرون في موكب تقدمته نساء بينما شارك آخرون على دراجات هوائية احتجاجا على استثناء مناطقهم في ولاية باميان (وسط) من مشروع لخط التوتر العالي.
ويرى مسؤولون من أقلية الهزارة أن ترسيم خط التوتر العالي دليل جديد على التمييز الذي تعاني منه طائفتهم ومحافظتهم التي تعتبر الأكثر فقرا في البلاد.
يقول أحمد بهزاد وهو عضو سابق في البرلمان الأفغاني وواحد من منظمي المظاهرة المطلبية التي تحولت إلى أكبر مجزرة بحق عرقية الهزارة «إن مشكلتنا ليست الكهرباء، مشكلتنا هي النظرة الدونية واعتبارنا مواطني الدرجة الثانية أو الثالثة في البلد، ومع الأسف تستمر هذه النظرة في ظل حكومة الوحدة الوطنية، وهذا أمر غير مقبول»، ويؤكد بهزاد أن المطالب بالحق الأساسي لعرقية الهزارة لن تتوقف وسنستمر في مطالبتنا بحقوقنا المشروعة حتى لو هاجمونا مرات عدة. وفي بيان، أعرب الرئيس الأفغاني أشرف غني عن «حزنه» وندد بـ«الإرهابيين الذين تغلغلوا داخل مظاهرة سلمية لقتل الكثير من المواطنين»، مضيفا أن بين الضحايا عناصر من قوات الأمن. ونفت حركة طالبان في بيان مسؤوليتها ونددت بالمحاولات «لإحداث انقسامات» في صفوف الشعب الأفغاني.
وتعرضت أقلية الهزارة التي يقارب عدد أفرادها ثلاثة ملايين نسمة للاضطهاد طيلة عقود، وقتل منهم على مدى التاريخ الأفغاني الحديث والقديم الآلاف من أفرادها أواخر تسعينات القرن الماضي بأيدي تنظيم القاعدة وحركة طالبان.
وتعرضت هذه الأقلية في البلد ذي الغالبية السنية لأعمال عنف مجددا في الأشهر الأخيرة من بينها عمليات خطف واغتيالات أثارت موجة من الاستنكار على شبكات التواصل الاجتماعي. وتدهور الوضع الأمني في أفغانستان في الأشهر الأخيرة بعد انسحاب غالبية القوات الأجنبية ما حمل الولايات المتحدة على تمديد فترة انتشارها العسكري. وسيظل ما مجمله 8500 جندي أميركي منتشرين حتى مطلع 2017 بدلا من 5500، كما كان مقررا في البدء، وقدم الجنرال الأميركي نيكولسون قائد العملية العسكرية لحلف شمال الأطلسي «تعازيه» إلى أسر الضحايا، ومثله فعلت السفارة الأميركية.
واعتبرت الاستخبارات الأفغانية أن مقاتلي تنظيم داعش الذين تعرضوا لضربات جوية عدة قادتها القوات الأميركية في الأسابيع الأخيرة أرادوا إثبات حضورهم مجددا عبر اعتداء كابل لكنهم باتوا اليوم في ورطة كبيرة بعد ذلك الهجوم، موضحة أنه تم التخطيط للعملية «من جانب القيادي أبو علي في اتشين بمحافظة ننغرهار» المحاذية لباكستان التي تشهد مواجهات.
في المقابل، يخشى مراقبون أن يكون المتطرفون عازمين على إضفاء بعد طائفي على النزاع.
من جهته، قال المحلل الأفغاني إسحاق بويا بخصوص الهجوم الذي تعرضت له عرقية الهزارة بأن كل شيء يظهر أن هذا الهجوم كان يهدف إلى إثارة توترات طائفية عبر استهداف تجمع الشيعة الهزارة، لافتا إلى أن «تنظيم داعش الذي يتعرض لضغوط في الشرق الأوسط وأفغانستان يسعى الآن إلى إثارة نزاع إثني عبر هذا النوع من الهجمات».
ويرى كثيرون أن هجوم «داعش» على عرقية الهزارة سيكون له انعكاسات سلبية على وجود تنظيم الدولة في أفغانستان خصوصا أن مقاتلي «داعش» يتعرضون لهجوم شرس من قبل حركة طالبان التي سبق وأعلنت أنها لن تسمح لـ«داعش» بالتمدد في أفغانستان.
وكانت الحركة أرسلت خطابا إلى تنظيم داعش المتشدد لحثه على الكف عن تجنيد المقاتلين في أفغانستان. وقالت الحركة إن المجال لا يتسع سوى لعلم واحد وقيادة واحدة للقتال في أفغانستان.
ويأتي الخطاب الرسمي وسط اشتباكات عنيفة شهدتها مناطق في شرق أفغانستان بين طالبان وجماعات منشقة بايعت تنظيم داعش الذي سيطر على مساحات كبيرة في سوريا والعراق خلال العام الماضي.
وأدى وجود تنظيم داعش - رغم قلة عدد مقاتليه - إلى تعقيد الحرب المتصاعدة في أفغانستان، بعد انسحاب معظم القوات الأجنبية من البلاد في نهاية عام 2014، هزة قوية تلك التي تعرض لها تنظيم الدولة في أفغانستان وهو في طور الانتشار والتوسع، خصوصا في مناطق الشرق بعد أن قام بذبح شيوخ وزعماء من قبائل الباشتون التي تنحدر منها طالبان الأصولية فوجد التنظيم غضبا عارما في أوساط الباشتون الذين انقلبوا ضد التنظيم في مناطقهم، والآن جاء الهجوم ضد عرقية الهزارة التي تسكن في وسط أفغانستان وتسيطر على كثير من المناطق الحيوية لتنقلب الصورة بشكل كامل ضد تنظيم داعش ومخططاته في أفغانستان على الأقل ويفشل قبل أن يثبت دعائمه في البلد الذي دمره الحرب المستمرة منذ أكثر من أربعين عاما. إضافة إلى العامل الشعبي الأفغاني الغاضب من تصرفات «داعش»، فالأوضاع الإقليمية تبدو غير مساعدة لانتشار «داعش» في أفغانستان بسبب مخاوف دول آسيا الوسطى الحليفة لروسيا الاتحادية التي أعلنت أنها ستساعد أفغانستان في حربها ضد تمدد «داعش».



«حزب الله» العراق... صورة حول الفرات بأهداف تتجاوز الأصل اللبناني

أعلام صفر لـ«كتائب حزب الله» العراق خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (الشرق الأوسط)
أعلام صفر لـ«كتائب حزب الله» العراق خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (الشرق الأوسط)
TT

«حزب الله» العراق... صورة حول الفرات بأهداف تتجاوز الأصل اللبناني

أعلام صفر لـ«كتائب حزب الله» العراق خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (الشرق الأوسط)
أعلام صفر لـ«كتائب حزب الله» العراق خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (الشرق الأوسط)

ارتبط مسمى «حزب الله» بنوعين؛ أعلام صفراء في لبنان، وحسن نصر الله أمين عام حزب الله، لبنان، لكن النوع العقائدي الأكبر خطورة يسير في دماء العراق، حزب هو بذات الاسم، عقائديون أكبر أثراً في سفك الدماء، حيث يرعون الأمر أكبر من مجرد حزب أصفر له الضاحية الجنوبية في لبنان؛ مسكن ومقر ومشيعون.
بين دجلة والفرات، حزب يسمى كتائب «حزب الله العراق»، له أكثر من 13 عاماً وهو في تشكيله الحالي، ليس بالهين عوضاً عن ميليشيات «الحشد الشعبي» التي أخذت كل الوهج الإعلامي كونها مرتبطة بنظام إيران، لكن «حزب الله العراق» وكتائبه تمر في أزقة السواد وبأخطر من دور ميداني تمارسه «الحشد الشعبي»، لأن العقائدية ونشرها أشد خطورة من ميدان يتقهقر فيه الأضعف، نظراً للضربات الآمنة التي يقودها الحلفاء أولو القوة من غرب الأرض لوقف تمدد النزيف، دائماً ما يكون مصنع الوباء يمر بحزب الله العراق.

قبل أشهر، كان الحزب تعرض لواحدة من أعنف الغارات على مواقعه، بعد هجوم صاروخي استهدف قاعدة التاجي في العراق، وقتل فيها جنديين أميركيين وبريطانياً، وجاء الرد خلال ساعات قليلة بفعل غارات أميركية - بريطانية مشتركة، ضد منشآت لميليشيات حزب الله العراقي في محافظتي بابل وواسط ومنطقة سورية محاذية للحدود العراقية.
نظرة سريعة على حزب الله العراق، من التاريخ، كان عماد مغنية (قتل في 2008 بغارة إسرائيلية في دمشق) الإرهابي اللبناني التابع لإيران، وحزب الله لبنان، كان أحد صنّاع هيكل هذا الحزب في العراق، حيث بدأ في العمل وفقاً لتوجيهات وأوامر نظام الملالي في تكوين حزب يشبه حزب الله اللبناني، وهو ما يبدو أن الأوامر جاءته في تجويد هذا الحزب ليكون بذراعين: عسكرية وعقائدية، ويبدو أن مغنية تجاوز أخطاء عديدة في تشكيل ووهج حزبه اللبناني، فصنع بهدوء هيكلة مختلفة للحزب، جعلت كل المساجد والحسينيات وقوداً يضخ فيها البذور التي يرغبها أولو العمائم.
ظهر الحزب بحضوره الأول بقوام تجاوز 4 آلاف شخص، منتمين بعضويات عدة داخله، وتنامى العدد حتى قبل تصنيف الولايات المتحدة له كـ«تنظيم إرهابي»، لكنه جعل دوره التسويقي للحشد والتنظيم أكبر من مجرد عسكرة، بل فكرة أكثر ارتباطاً في نشر آيديولوجيا عبر مواقع عدة، ومنها تفريخ عناصر في قطاعات مهمة داخل العراق؛ منها وزارة التعليم ووضع لبنات التعاون مع أحزاب دينية؛ منها «الحزب الإسلامي» الذي يتغذى بمنهج الإخوان المسلمين.
ربما ما يدور أن الحزب هو جزء في تكوين «الحشد الشعبي» لكن ذلك يمر بتقاطعات، حيث يشير عبد القادر ماهين، المتخصص في شؤون التنظيمات الإرهابية، إلى أن الحزب يظهر كونها جزءاً من تكوين الحشد، لكنه جزء يصنع الكعكة الميليشياوية ويشارك في تسميمها ويعمل على توزيعها في المناطق المجاورة.
يشير ماهين في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط» إلى أنه لا أمين عاماً للحزب أسوة بحزب الله اللبناني، حيث يظهر فيه حسن نصر الله، مبرراً ذلك أن الفرق بين تكوين الحزبين هو الحاجة والدور، حيث يتمركز في جنوب العراق بعتاد عسكري، له هدف في وضع حضور طاغٍ يحاول تفخيخ الحدود، لأن الهدف يرتبط مع إمبراطورية إيران الكبرى الممتدة، ولا يظهر له الأثر السياسي كممثلين له كما هو الحزب اللبناني ليكون أثره في تشكيل الحكومات والبرلمانات.

إذن ما الدور الذي يلعبه الحزب؟

الحزب كما يرى ماهين، أنه ذو دور عسكري في الأصل، لكن الترتيبات ما بعد 2009 جعلته أكثر قدرة في تكوين فريق احتياط عسكري ليس أكثر وفق الحاجة، يدعم التوجهات والسياسات الإيرانية، لكن ما أخل بتلك القاعدة مشاركته المباشرة في دعم نظام الرئيس السوري بشار الأسد، وأصبح أكثر من 4 أو 5 آلاف جندي مشاركين في السيطرة على مدن سورية تحت إمرة إيران في سوريا التي تتشكل من 4 فصائل مسلحة.
الحزب ليس عسكرياً فقط؛ كان ولا يزال صاحب دور في الترويج العقائدي، وتصوير الحضور الإيراني بشكل إيجابي مزعوم، إضافة إلى عمله الاقتصادي، حيث يدخل عناصره الكبرى في مفاصل مهمة في الاقتصاد العراقي، من شركات اتصالات وشركات نفطية، وأخرى ذات علاقة بقطاع الطيران، وإدارة المطارات والمنافذ، وبعض الأشخاص أبرزهم هادي العامري الذي كان صاحب صولات وجولات حين حمل حقيبة وزارة النقل العراقية في وقت سابق، وكان أبرز مهددي الاستمرار الكويتي في بناء ميناء مبارك الكبير، حيث هددت كتائب الحزب الشركات من الاستمرار بالعمل، وحينها ظهر العامري بأن ذلك المشروع «يغلق القناة الملاحية لموانئ العراق».
مرحلة مختلفة ظهرت، حين عاودت الآلة العسكرية الحزبية لكتائب حزب الله العراق، بالعمل من خلف الصفوف، حيث كانت أبرز مهددي السفارات وأكثر ملغمي مسارات الحلول السياسية، بل ومن رمى بقادة العراق اليوم في تحدي أن يرضخوا أمام شعب بدأ في كراهية الحضور الإيراني، وكان الحزب أبرز علامات استهداف المتظاهرين في العراق في كل البلاد، بغية كسر حدة السيوف الشعبية لتصبح مجرد مقبض دون رأس حربة كي يحافظ الحزب على الوجود الإيراني، خصوصاً أنه أبرز متلقٍ للأموال من نظام إيران وأكثرها غناءً.
الدور الاقتصادي لكتائب حزب الله العراق أصبح أكثر وضوحاً، حيث كان أكبر المنتفعين في عام 2015، من «الفدية القطرية» التي وصلت إلى أكثر من مليار دولار، مقابل إطلاق سراح قطريين كانوا يقضون وقتهم في الصيد جنوب العراق، ورغم أن الأنباء قالت إن الخاطفين لعدد من أبناء الأسرة الحاكمة القطرية ومعاونيهم الذي بلغ 28 شخصاً، كانوا من تنظيم «داعش»، لكن التقارير المسربة لاحقاً في بدايات 2016 حيث جرى تخليصهم وعودتهم إلى قطر، كانوا يتبعون لكتائب حزب الله العراق، وهو ما ينافي الرواية الرسمية القطرية التي تقول إنها دفعت المبلغ للحكومة العراقية.
الدور المستقبلي لن ينفك عن منهجية تتقاطع مع حزب الله اللبناني، حيث لدى الحزب اليوم الرؤى ذاتها، خصوصاً في اعتماد سياسة «افتعال الأزمات»، كي لا ينكسر الحضور الإيراني ونفوذه في المؤسسات الدينية وبعض السياسية، التي يجد فيها بعضاً من رجاله الذين يقبعون في سياسة تخفيف الضغط على النظام السياسي ومحاصصته التي تستفيد منها ميليشيات إيران في العراق، وما بعد مقتل قاسم سليماني، غربلة يعيشها الحزب الذي يجرب يوماً بعد آخر أسلوب التقدم خطوة بخطوة، مستفيداً من تكتيك الفأر في نشر طاعون على أرض هي الأهم لإيران.