البيض.. طعام تاريخي لا يقتصر على الدجاج فقط

مكوناته غذائية متكاملة ورخيصة

البيض.. طعام تاريخي لا يقتصر على الدجاج فقط
TT

البيض.. طعام تاريخي لا يقتصر على الدجاج فقط

البيض.. طعام تاريخي لا يقتصر على الدجاج فقط

لا يقتصر البيض على بيض الدجاج واسع الاستهلاك عالميا، وإنما يشمل كثيرا من الأنواع الأخرى التي تشمل الطيور الأخرى وحتى الأسماك، التي تنتج الكافيار. وعرف الإنسان جميع أنواع البيض تاريخيا وأدخلها ضمن قائمة طعامه منذ آلاف السنين.
ويحتوي البيض على قيمة غذائية عالية من البروتينات وهو يدخل أيضا في مكونات كثير من الأغذية. وهو يحتاج إلى عناية خاصة في طرق حفظه كما يجب الانتباه إلى أن بعض الأشخاص لديهم حساسية خاصة ضد البيض ومنتجاته.
وينتشر الدجاج والطيور الأخرى في المناطق الريفية حول العالم حيث يربيها القرويون من أجل البيض واللحوم. وفي حين يتوجه معظم الإنتاج الريفي من البيض إلى الاستهلاك المحلي ضمن الأسرة أو في القرية، فإن هناك مزارع على مستوى صناعي تتوجه لإنتاج البيض على نطاق واسع للبيع في المدن.
وفي عام 2009 تم إنتاج 62.1 مليون طن متري من البيض حول العالم من نحو 6.4 مليار دجاجة. ومن القضايا التي يثيرها إنتاج البيض على مستويات صناعية ممارسة حفظ الدجاج في أقفاص ضيقة لا تكاد تتسع للحركة، وهو ما اعتبره الاتحاد الأوروبي نوعا من القسوة وقام بمنعه في السنوات الأخيرة.
ويتحتم على منافذ البيع أن توضح للمستهلك في أوروبا مصدر البيض سواء من مزارع يمرح فيها الدجاج أو من معامل لا تتمتع فيها الدجاجات بكثير من الحركة. ويلجأ كثير من المستهلكين حاليا إلى شراء بيض المزارع المفتوحة حتى لو كان أغلى قليلا من بيض المعامل.
ولا توجد بدايات حقيقية لاستهلاك الإنسان للبيض لأن جذور هذا النشاط يعود إلى ما قبل التاريخ حيث كانت البداية هي الصيد وقنص الطيور وبيضها، ثم تحول النشاط إلى تربية الطيور من أجل الحصول على البيض واللحوم.
وتعود أصول تربية الدجاج إلى الهند وأنحاء آسيا قبل سبعة آلاف عام ثم انتقل النشاط إلى صومر ومصر قبل أربعة آلاف عام. ولم يقتصر استهلاك البيض على الدجاج في تلك العصور، وإنما امتد إلى مجموعات أخرى من الطيور مثل السمان والنعام والبجع. وهناك نقوش في مقبرة حور محب في طيبة يعود تاريخها إلى 1400 قبل الميلاد لرجل يحمل سلة بها بيض نعام وبجع يقدمها لروح المتوفى.
وفي روما القديمة كانت الوجبات تبدأ بتناول بعض البيض. وفي العصور الوسطى منع الرهبان تناول البيض أثناء الصيام الذي كان يمنع خلاله أكل أي شيء حي. وفي القرن التاسع عشر تطورت صناعة البيض الجاف الذي كان يستخدم في إعداد الوجبات ويتميز بإمكانية حفظه لفترات طويلة. وتوسعت صناعة البيض المجفف خلال الحرب العالمية الثانية واستخدم في غذاء الجنود والشعوب أثناء فترة الحرب. وتم اختراع حفظ البيض بالتجميد. وتم ابتكار كرتونات حفظ البيض في أوائل القرن العشرين للمحافظة على سلامة البيض أثناء نقله.
وفي العصر الحديث ينتشر استهلاك بيض الدجاج، وإلى حد ما بيض البط والأوز والسمان. ويستهلك البيض بوصفه طعاما أساسيا في أنحاء آسيا والصين وتايلاند، حيث يبلغ الإنتاج الآسيوي من البيض نحو 60 في المائة من الإنتاج العالمي حاليا.
ويعتبر بيض النعام من الأطعمة الفاخرة في بعض أنحاء أوروبا، كما يستهلك أيضا بيض طيور النورس في بريطانيا وفي الدول الاسكندنافية. وفي بعض الدول الأفريقية تعرض في الأسواق أنواع مختلفة من بيض الطيور التي تشمل الطاووس والحمام وغيرهما.
وتعد الصين أكبر منتجة للبيض في العالم حيث تنتج أكثر من ثلث الإنتاج العالمي البالغ 68.3 مليون طن في عام 2013. وتأتي الولايات المتحدة في المركز الثاني ثم الهند واليابان.
ويدخل البيض في تحضير كثير من الأطعمة والحلوى والمخبوزات. كما يمكن تناول البيض وحده في عدة وسائل تحضير مختلفة، منها المقلي والمسلوق والعجة. ويتناول البعض البيض نيئا وإن كان الأطباء ينصحون بضرورة طهي البيض قبل تناوله لمنع عدوى بعض الأمراض مثل السالمونيلا. ويساهم طهي البيض أيضا في رفع نسبة البروتين التي يستفيد منها الجسم من 50 إلى 90 في المائة.
ويفيد طهي البيض في التخلص من السالمونيلا التي تقتل في درجة حرارة 71 مئوية. وهناك وسيلة للتخلص من السالمونيلا ببسترة البيض في درجة حرارة 57 مئوية لمدة 75 دقيقة. وبعدها يمكن استخدام البيض ضمن الوجبات الأخرى من دون أن يكون مطهيا. ويمكن استخدام صفار البيض وبياضه، كل على حدة، في صنع أنواع مختلفة من الأطعمة والحلوى. كما يمكن طحن قشر البيض واستخدامه في الطعام لأنه مصدر جيد للكالسيوم.
ويختلف طعم البيض باختلاف طعام الدجاج، خصوصا دجاج المزارع المفتوحة، كما يختلف طعم بيض البط عن بيض الدجاج. وفي الصين يغمرون البيض أحيانا في سائل الشاي أو التوابل من أجل إكسابه نكهة جذابة.
ومن أهم الجوانب التي يجب اعتبارها عند تناول البيض هي طريقة تخزينه حيث يتزايد خطر بكتيريا السالمونيلا في البيض الذي يساء تخزينه مما يؤدي إلى التسمم الغذائي عند تناوله. وأفضل طريقة لحفظ البيض هي التبريد وإن كان يمكن حفظ البيض بلا تبريد لعدة أشهر. وفي بريطانيا يتم تطعيم الدجاج ضد السالمونيلا ويطرح البيض للاستهلاك بلا مخاطر من التسمم الغذائي ويمكن حفظ هذا النوع من البيض لمدة 21 يوما بلا تبريد.
وهناك كثير من الطرق لحفظ البيض لفترات أطول منها الطريقة الصينية للحفظ بالملح حيث يتحول لون بياض البيض إلى اللون البرتقالي. ويتم سلق البيض عند الحاجة وتقديمه مع الأرز. وسيلة أخرى لحفظ البيض هي الحفظ بالخل بعد السلق ويضاف أحيانا البنجر الذي يكتسب معه بياض البيض اللون الأحمر. ويمنع هذا النوع من الحفظ نمو البكتريا في البيض.
وتعتبر بيضة الدجاج من الأغذية الأكثر فائدة للجسم بالمقارنة مع غيرها من أنواع الطعام قياسا بوزنها وحجمها. فهي تحتوي على 155 سعرا حراريا و30 غراما من النشويات وعشرة غرامات من الدهون و12.6 غرام من البروتين وبها مجموعة كبيرة من الأملاح والمعادن والفيتامينات مع نسبة عالية من الكوليسترول والماء و50 مليغراما من الكالسيوم. ويعد البيض المطهي أسهل في الهضم كما أنه لا يمثل خطر عدوى بالسالمونيلا.
وتأتي نسبة النصف من السعرات الحرارية في البيض من الدهون في الصفار. ونظرا لارتفاع نسبة الكوليسترول في البيض ينصح هؤلاء الذين يتبعون حمية غذائية منخفضة الكوليسترول خفض استهلاكهم من البيض. ولا يمثل بياض البيض أي خطر لأنه لا يحتوي على دهون فهو يتكون من نسبة 87 في المائة من الماء و13 في المائة من البروتينات. وهناك بعض الدراسات الطبية التي تستبعد أن يكون تناول البيض من أسباب الإصابة بأمراض القلب.
كما تناولت بعض الدراسات العلاقة بين تناول البيض يوميا والإصابة بمرض السكري من النوع الثاني، واختلفت نتائج الدراسات ولم تصل إلى نتيجة محددة. وتوصلت دراسة من جامعة هارفارد إلى أن تناول بيضة واحدة يوميا لا يمثل خطرا ماثلا على الجسم سواء من ناحية الإصابة بالسكري أو بأمراض القلب.
ومن أنماط الحساسية السائدة بين الأطفال حساسية ضد بياض البيض ويمكن تجنبها بقراءة محتويات الأغذية المركبة أو المعلبة.



«أبو حصيرة» من غزة إلى القاهرة

توابل  فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)
توابل فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)
TT

«أبو حصيرة» من غزة إلى القاهرة

توابل  فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)
توابل فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)

من غزة إلى القاهرة انتقل مطعم «أبو حصيرة» الفلسطيني حاملاً معه لمساته في الطهي المعتمد على التتبيلة الخاصة، وتنوع أطباقه التي تبدأ من زبدية الجمبري والكاليماري إلى الفسيخ بطريقة مختلفة.

وتعتبر سلسلة المطاعم التي تحمل اسم عائلته «أبو حصيرة» والمنتشرة بمحاذاة شاطئ غزة هي الأقدم في الأراضي الفلسطينية، لكن بسبب ظروف الحرب اتجه بعض أفراد العائلة إلى مصر؛ لتأسيس مطعم يحمل الاسم العريق نفسه، وينقل أطباق السمك الحارة المميزة إلى فضاء جديد هو مدينة القاهرة، وفق أحمد فرحان أحد مؤسسي المطعم.

«صينية السمك من البحر إلى المائدة»، عنوان إحدى الأكلات التي يقدمها المطعم، وهي مكونة من سمك الـ«دنيس» في الفرن بالخضراوات مثل البقدونس والبندورة والبصل والثوم والتوابل، وإلى جانب هذه الصينية تضم لائحة الطعام أطباق أسماك ومقبلات منوعة، تعتمد على وصفات قديمة وتقليدية من المطبخ الفلسطيني. وتهتم بالنكهة وطريقة التقديم على السواء، مع إضفاء بعض السمات العصرية والإضافات التي تناسب الزبون المصري والعربي عموماً؛ حيث بات المطعم وجهة لمحبي الأكلات البحرية على الطريقة الفلسطينية.

على رأس قائمة أطباقه السمك المشوي بتتبيلة خاصة، وزبدية الجمبري بصوص البندورة والتوابل وحبات القريدس، وزبدية الجمبري المضاف إليها الكاليماري، والسمك المقلي بدقة الفلفل الأخضر أو الأحمر مع الثوم والكمون والليمون، وفيليه كريمة مع الجبن، وستيك، وجمبري بصوص الليمون والثوم، وجمبري بالكريمة، وصيادية السمك بالأرز والبصل والتوابل.

فضلاً عن قائمة طواجن السمك المطهو في الفخار، يقدم المطعم قائمة متنوعة من شوربات السي فود ومنها شوربة فواكه البحر، وشوربة الكريمة.

يصف محمد منير أبو حصيرة، مدير المطعم، مذاق الطعام الفلسطيني لـ«الشرق الأوسط»، قائلاً: «هو أذكى نكهة يمكن أن تستمتع بها، ومن لم يتناول هذا الطعام فقد فاته الكثير؛ فالمطبخ الفلسطيني هو أحد المطابخ الشرقية الغنية في منطقة بلاد الشام، وقد أدى التنوع الحضاري على مر التاريخ إلى إثراء نكهته وطرق طبخه وتقديمه».

أطباق سي فود متنوعة يقدمها أبو حصيرة مع لمسات تناسب الذوق المصري (الشرق الأوسط)

وأضاف أبو حصيرة: «وفي مجال المأكولات البحرية يبرز اسم عائلتنا التي تتميز بباع طويل ومميز في عالم الأسماك. إننا نتوارثه على مر العصور، منذ بداية القرن الماضي، ونصون تراثنا الغذائي ونعتبر ذلك جزءاً من رسالتنا».

«تُعد طرق طهي الأسماك على الطريقة الغزاوية خصوصاً حالة متفردة؛ لأنها تعتمد على المذاق الحار المميز، وخلطات من التوابل، والاحتفاء بالطحينة، مثل استخدامها عند القلي، إضافة إلى جودة المكونات؛ حيث اعتدنا على استخدام الأسماك الطازجة من البحر المتوسط المعروفة»، وفق أبو حصيرة.

وتحدث عن أنهم يأتون بالتوابل من الأردن «لأنها من أهم ما يميز طعامنا؛ لخلطتها وتركيبتها المختلفة، وقوتها التي تعزز مذاق أطباقنا».

صينية أسماك غزوية يقدمها أبو حصيرة في مصر (الشرق الأوسط)

لاقت أطباق المطعم ترحيباً كبيراً من جانب المصريين، وساعد على ذلك أنهم يتمتعون بذائقة طعام عالية، ويقدرون الوصفات الجيدة، والأسماك الطازجة، «فنحن نوفر لهم طاولة أسماك يختارون منها ما يريدون أثناء دخول المطعم».

ولا يقل أهمية عن ذلك أنهم يحبون تجربة المذاقات الجديدة، ومن أكثر الأطباق التي يفضلونها زبدية الجمبري والكاليماري، ولكنهم يفضلونها بالسمسم أو الكاجو، أو خليط المكسرات، وليس الصنوبر كما اعتادت عائلة أبو حصيرة تقديمها في مطاعمها في غزة.

كما انجذب المصريون إلى طواجن السي فود التي يعشقونها، بالإضافة إلى السردين على الطريقة الفلسطينية، والمفاجأة ولعهم بالخبز الفلسطيني الذي نقدمه، والمختلف عن خبز الردة المنتشر في مصر، حسب أبو حصيرة، وقال: «يتميز خبزنا بأنه سميك ومشبع، وأصبح بعض الزبائن يطلبون إرساله إلى منازلهم بمفرده أحياناً لتناوله مع وجبات منزلية من فرط تعلقهم به، ونلبي لهم طلبهم حسب مدير المطعم».

تحتل المقبلات مكانة كبيرة في المطبخ الفلسطيني، وهي من الأطباق المفضلة لدى عشاقه؛ ولذلك حرص المطعم على تقديمها لزبائنه، مثل السلطة بالبندورة المفرومة والبصل والفلفل الأخضر الحار وعين جرادة (بذور الشبت) والليمون، وسلطة الخضراوات بالطحينة، وبقدونسية بضمة بقدونس والليمون والثوم والطحينة وزيت الزيتون.

ويتوقع أبو حصيرة أن يغير الفسيخ الذي سيقدمونه مفهوم المتذوق المصري، ويقول: «طريقة الفسيخ الفلسطيني وتحضيره وتقديمه تختلف عن أي نوع آخر منه؛ حيث يتم نقعه في الماء، ثم يتبل بالدقة والتوابل، ومن ثم قليه في الزيت على النار».

لا يحتل المطعم مساحة ضخمة كتلك التي اعتادت عائلة «أبو حصيرة» أن تتميز بها مطاعمها، لكن سيتحقق ذلك قريباً، حسب مدير المطعم الذي قال: «نخطط لإقامة مطعم آخر كبير، في مكان حيوي بالقاهرة، مثل التجمع الخامس، أو الشيخ زايد».