منظمات المجتمع المدني السودانية تشترط «الحريات» للدخول في «الحوار»

أكثر من نصف مليون نازح خلال عامين من تجدد القتال في دارفور

منظمات المجتمع المدني السودانية تشترط «الحريات» للدخول في «الحوار»
TT

منظمات المجتمع المدني السودانية تشترط «الحريات» للدخول في «الحوار»

منظمات المجتمع المدني السودانية تشترط «الحريات» للدخول في «الحوار»

اشترطت منظمات مجتمع مدني سودانية إتاحة الحريات الأساسية للدخول في حوار مع نظام حكم الرئيس عمر البشير، وأبدت قلقها تجاه ما سمته «قصور خطط الحوار المطروحة عما هو مطلوب كحد أدنى»، المتمثلة في وقف الحرب وإتاحة حريات التعبير والتنظيم والاجتماع وتسهيل وصول الخدمات الإنسانية.
وأبدت قرابة عشرين منظمة من منظمات المجتمع المدني السودانية، في بيان حصلت عليه «الشرق الأوسط»، ترحيبها بالدعوة للحوار، بيد أنها اشترطت معالجة المظالم كافة، وإتاحة الحريات ووقف الحرب والأعمال العدائية، للدخول فيه. وحملت المنظمات في بيانها نظام حكم الإنقاذ «نظام الحزب الواحد» مسؤولية مصادرة الحريات الديمقراطية، وإخراس الأصوات المعارضة، وأوضحت أن خطط الحوار التي يطرحها، وفقا لدعوة الرئيس البشير مطلع يناير (كانون الثاني) الماضي، تواجه قصورا في خططها يقل عما هو مطلوب للحوار كحد أدنى، ووصفت ما سمته «مقاربة الحلول الجزئية» بالفشل في تحقيق أغراض الحوار.
ولبداية حوار حقيقي، اشترطت أن «يتمتع المواطن السوداني بحقوقه الأساسية، مثل حرية التعبير والتنظيم والاجتماع، بالإضافة إلى ضرورة وقف الأعمال العدائية، وتوفير نفاذ الخدمات الإنسانية». ونددت التنظيمات بتدهور الأوضاع في إقليم دارفور، وبلوغها أسوأ حالاتها، متهمة الحكومة بدعم الميليشيات وبث الصدامات بين القبائل العربية، فضلا عن مسؤوليتها عن ازدياد هجمات المتمردين على القرى والبلدات، مما أوصل الأوضاع مرحلة الخروج عن السيطرة.
وأضاف البيان أن التدهور في الأوضاع في دارفور أجبر أكثر من 215 ألف مدني على النزوح إلى مخيمات النازحين المكتظة في ولايات دارفور الخمس، انضموا إلى 350 ألف مدني نزحوا جراء القتال في العام الماضي.
ونددت المنظمات بما سمته «استمرار القصف الجوي للمناطق المدنية في جبل مرة»، وإحراق الميليشيات الحكومية «قوة الدعم السريع»، لما لا يقل عن 35 قرية في جنوب دارفور، مما أجبر 30 ألفا منهم على النزوح، فيما أجبر المقاتلون الموالون للزعيم القبلي موسى هلال، أحد قادة الميليشيات الموالية للحكومة، سكان «سرف عمرة» بشمال دارفور والبالغ عددهم 55 ألفا على اللجوء إلى بعثة الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي في دارفور «يوناميد» طلبًا للحماية.
واتهمت المنظمات في بيانها القوات الحكومية بقصف المدنيين جوا على مدار اليوم في جنوب كردفان والنيل الأزرق، وقالت إن شهر فبراير (شباط) الماضي شهد أعلى أرقام للخسائر بين صفوف المدنيين منذ بدء النزاع. وقال البيان «يعاني معظم السكان، بسبب الحرمان الكامل من المساعدات الإنسانية أو التقييد الصارم لتوصيلها، ولا تقتصر تلك الاحتياجات الإنسانية على المناطق التي تسيطر عليها الحركة الشعبية لتحرير السودان – الشمال فحسب، بل تمتد إلى المناطق التي تسيطر عليها الحكومة أيضا».
واشترطت المنظمات تأمين المدنيين في أنحاء البلاد كافة لإقامة الحوار السياسي الوطني، وإعطاء الأولوية لوقف الأعمال العدائية، وأن يجري تنفيذ وقف الأعمال العدائية ضمن الفترة التي حددها مجلس السلم والأمن التابع الاتحاد الأفريقي في 10 مارس (آذار) الماضي، وتنتهي يوم 30 أبريل (نيسان) الحالي، والتوقف عن ربط توصيل المساعدات الإنسانية بأي عملية سياسية. كما دعت الحكومة لاتخاذ ما سمته «خطوات ملموسة» لخلق بيئة مفضية إلى الحوار، وتوفير بيئة داخلية مواتية، تتضمن رفع حالة الطوارئ كخطوة أولى، وإلغاء القوانين المقيدة للحريات (مواد في القانون الجنائي 1991، قانون النظام 1998، قانون العمل الطوعي 2006، قانون الأمن الوطني 2010، وقانون الصحافة 2009)، فضلا عن إطلاق سراح المسجونين السياسيين والمعتقلين، ووقف كل صور التعذيب، والتوقيف التعسفي.
ودعت المنظمات كذلك لشمول الحوار المزمع للأطراف كافة، دون عزل وبشفافية كاملة، وبمشاركة ممثلي ضحايا الحروب السودانية والمجتمع المدني والشباب والجماعات النسائية والنقابات العمالية والمثقفين، فضلا عن حزب المؤتمر الوطني، وتحالف قوى الإجماع الوطني، والمعارضة، والجبهة الثورية السودانية. وقالت إنها لا ترى طريقا مختصرا لحوار وطني حقيقي، من دون توفير الظروف الملائمة وإعلان الالتزامات، ودون أن يتوجه لمعاجلة جذور النزاع في الحوكمة والدولة.



أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
TT

أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)

دفعت الأحداث المتسارعة التي شهدتها سوريا الحوثيين إلى إطلاق العشرات من المعتقلين على ذمة التخطيط للاحتفال بالذكرى السنوية لإسقاط أسلافهم في شمال اليمن، في خطوة تؤكد المصادر أنها تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية ومواجهة الدعوات لاستنساخ التجربة السورية في تحرير صنعاء.

وذكرت مصادر سياسية في إب وصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين أطلقوا دفعة جديدة من المعتقلين المنحدرين من محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) بعد مضي ثلاثة أشهر على اعتقالهم بتهمة الدعوة للاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بنظام حكم الإمامة في شمال البلاد عام 1962.

الكثيري والحذيفي بعد ساعات من إطلاق سراحهما من المعتقل الحوثي (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن معتقلين آخرين من صنعاء تم إطلاق سراحهم أيضاً، ورأت أن هذه الخطوة تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية على إثر انكشاف حجم الجرائم التي ظهرت في سجون النظام السوري، الذي كان حليفاً للحوثيين.

وبحسب هذه المصادر، تم إطلاق سراح محمد الكثيري، وهو أول المعتقلين في محافظة إب، ومعه الناشط الحوثي سابقاً رداد الحذيفي، كما أُطلق سراح المراهق أمجد مرعي، والكاتب سعيد الحيمي، والطيار الحربي مقبل الكوكباني، مع مجموعة من المعتقلين الذين تم نقلهم إلى السجون السرية لمخابرات الحوثيين في صنعاء.

وتوقعت المصادر أن يقوم الحوثيون خلال الأيام المقبلة بإطلاق دفعة من قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اعتقلوا للأسباب ذاتها.

امتصاص النقمة

كان الحوثيون، وفقاً للمصادر السياسية، يرفضون حتى وقت قريب إطلاق سراح المعتقلين الذين يُقدر عددهم بالمئات، وأغلبهم من محافظة إب، ومن بينهم قيادات في جناح حزب «المؤتمر الشعبي»، أمضوا أكثر من ثلاثة أشهر في المعتقل واتُهموا بالتخطيط لإشاعة الفوضى في مناطق حكم الجماعة من خلال دعوة السكان للاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم الإمامة.

تعنت حوثي بشأن إطلاق سراح قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن الجهود التي بذلتها قيادة جناح حزب «المؤتمر» المتحالف شكليّاً مع الحوثيين، وكذلك الناشطون والمثقفون والشخصيات الاجتماعية، وصلت إلى طريق مسدود بسبب رفض مخابرات الحوثيين الاستجابة لطلب إطلاق سراح هؤلاء المعتقلين، على الرغم أنه لا يوجد نص قانوني يجرم الاحتفال بذكرى الثورة (26 سبتمبر 1962) أو رفع العلم الوطني، فضلاً عن أن الجماعة فشلت في إثبات أي تهمة على المعتقلين عدا منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو للاحتفال بالمناسبة ورفع الأعلام.

وتذكر المصادر أنه عقب الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد وانكشاف حجم الانتهاكات والجرائم التي كانت تُمارس في سجونه، ووسط دعوات من أنصار الحكومة المعترف بها دولياً لإسقاط حكم الحوثيين على غرار ما حدث في سوريا وتفكك المحور الإيراني في المنطقة، سارعت الجماعة إلى ترتيب إطلاق الدفعات الجديدة من المعتقلين من خلال تكليف محافظي المحافظات باستلامهم والالتزام نيابة عنهم بعدم الاحتفال بذكرى الإطاحة بالإمامة أو رفع العلم الوطني، في مسعى لامتصاص النقمة الشعبية وتحسين صورتها أمام الرأي العام.

مراهق أمضى 3 أشهر في المعتقل الحوثي بسبب رفع العلم اليمني (إعلام محلي)

ورغم انقسام اليمنيين بشأن التوجهات الدينية للحكام الجدد في سوريا، أجمعت النخب اليمنية على المطالبة بتكرار سيناريو سقوط دمشق في بلادهم، وانتزاع العاصمة المختطفة صنعاء من يد الحوثيين، بوصفهم أحد مكونات المحور التابع لإيران.

وخلافاً لحالة التوجس التي يعيشها الحوثيون ومخاوفهم من أن يكونوا الهدف المقبل، أظهر قطاع عريض من اليمنيين، سواء في الشوارع أو على مواقع التواصل الاجتماعي، ارتياحاً للإطاحة بنظام الحكم في سوريا، ورأوا أن ذلك يزيد من الآمال بقرب إنهاء سيطرة الحوثيين على أجزاء من شمال البلاد، ودعوا الحكومة إلى استغلال هذا المناخ والتفاعل الشعبي للهجوم على مناطق سيطرة الحوثيين.