حراك دبلوماسي في جنيف ولاوس اليوم

الهيئة العليا: واشنطن قدمت «تطمينات» لا إيضاحات عن الاتفاق الروسي ـ الأميركي

حراك دبلوماسي في جنيف ولاوس اليوم
TT

حراك دبلوماسي في جنيف ولاوس اليوم

حراك دبلوماسي في جنيف ولاوس اليوم

أعلنت المتحدثة باسم موفد الأمم المتحدة الخاص إلى سوريا ستيفان دي ميستورا، أن الأخير سيلتقي اليوم، في جنيف، ممثلين كبيرين عن روسيا والولايات المتحدة في محاولة لتحريك محادثات السلام السورية. بينما يلتقي وزيرا الخارجية الأميركي جون كيري والروسي سيرغي لافروف، اليوم، في لاوس، على هامش لقاء رابطة دول جنوب شرقي آسيا (آسيان).
وقالت المتحدثة جيسي شاهين لوكالة الصحافة الفرنسية، بأن «اللقاء سيعقد اليوم في جنيف» وسيلتقي دي ميستورا الموفد الأميركي لسوريا مايكل راتني، ونائب وزير الخارجية الروسي غينادي غاتيلوف.
وذكرت وكالة ريا نوفوستي الروسية للأنباء أن غاتيلوف وصل الاثنين إلى جنيف.
وفي المقابل، قرر وزيرا الخارجية الأميركي جون كيري والروسي سيرغي لافروف أن يلتقيا اليوم في لاوس، على هامش لقاء رابطة دول جنوب شرقي آسيا (آسيان). وفي منتصف تموز يوليو (تموز)، اتفقت موسكو وواشنطن على التعاون عسكريا في سوريا ضد تنظيمي «داعش» و«جبهة النصرة»، الفرع المحلي لتنظيم القاعدة.
وذكر الموفد الخاص للأمم المتحدة أخيرا أنه ينوي استئناف المحادثات في أغسطس (آب).
وفي 22 يوليو في برلين، قال: إن «الأسابيع الثلاثة المقبلة» ستكون «بالغة الأهمية حتى تعطينا فرصة للمفاوضات بين السوريين وتتيح أيضا إمكانية خفض العنف في سوريا».
ونقلت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) عن مصدر مسؤول في وزارة الخارجية، أول من أمس، أن سوريا «مستعدة لمواصلة الحوار السوري - السوري دون شروط مسبقة على أمل أن يؤدي هذا الحوار إلى حل شامل يرسمه السوريون بأنفسهم دون تدخل خارجي بدعم من الأمم المتحدة والمجتمع الدولي».
من جهتها، كشفت الهيئة العليا للتفاوض أن الإيضاحات التي قدمتها واشنطن عن الاتفاق الروسي - الأميركي الخاص بسوريا، عبارة عن تطمينات ضئيلة لا يبنى عليها أي موقف فيما يتعلق بمستقبل العملية السياسية، مقرّة بتضاؤل آفاق الحل السياسي ولا أمل لاستئناف جولة جديدة من المفاوضات في المدى القريب، مشيرة إلى أن نظام الأسد ينفذ اتفاقا تكتيكيا مع «داعش»، يتبادل الجانبان بموجبه اتجاه الانسحاب كما حدث في مخيم «اليرموك» بدمشق، قاطعة بعدم وجود أي نوع من الاتصال بين الهيئة والجانب الروسي.
وأقرّ جورج صبرا نائب رئيس الوفد المفاوض عبر اتصال هاتفي لـ«الشرق الأوسط»، بأن هناك تواصلا مستمرا بين الهيئة العليا من خلال لجانها وبعض منتسبيها من الأعضاء، وواشنطن، لمحاولة التعرّف على تفاصيل التوافق الروسي – الأميركي، غير أنها حتى الآن لم تقدم لهم الإيضاحات الكاملة عن جميع تفاصيل الاتفاق وأبعاده، منوها بأن ما قدمته الهيئة، بجانب ما سرّبته الإدارة الأميركية لوسائل الإعلام المختلفة، لا يخرج عن كونه تطمينات لا تكفي لبناء موقف من العملية السياسية.
وأضاف صبرا «الروس يقودون نظام الأسد نحو المفاوضات بسياسة الترهيب والترغيب، ولذلك لا بد من أن تفرض الإرادة الدولية على النظام السوري الانصياع إلى قرارات مجلس الأمن والدخول في مفاوضات جدية من أجل تأمين الانتقال السياسي على أرضية، جنيف1 لعام 2012. وتشكيل هيئة حكم انتقالي كاملة الصلاحيات هذا معيار جدية المفاوضات»، مطالبا المجتمع الدولي بالعمل على إيجاد حل سياسي للوضع السوري.
ولفت إلى أن هدف المبعوث الأممي لدى سوريا ستيفان دي ميستورا، أصبح واضحا، وهو رهن استئناف المفاوضات على أساس تأمين الانتقال السياسي، في سوريا، على قاعدة بيان جنيف-1، منوها بأن القرار النهائي والفعل الرئيسي في هذا الموضوع ليست بيد الأمم المتحدة، ولا للوسيط الدولي وإنما للقوى الدولية، خاصة السياسة الأميركية والروسية على وجه الخصوص.
ووفق صبرا، فإن العالم ينتظر أن تظهر بوضوح نتائج اللقاء الأميركي الروسي الذي جرى أخيرا في موسكو، والذي لم تفصح كل نتائجه حتى الآن، راهنا استئناف المفاوضات بـ«الجدية القائمة على أرضية صحيحة وإلا ستستمر هذه السيمفونية دون الدخول الجدي في حلّها».
وتابع: «حتى إذا جرى التأمين على تحقيق شروط استئناف المفاوضات، فلا يمكن قبول عرض إبقاء الأسد في فترة انتقالية قصيرة بأي حال من الأحوال، لأن بقاء الأسد في أي فترة في الفترة الانتقالية هو مؤشر لعدم الجدية في عملية الانتقال السياسي، ولن يكون جزءا من المستقبل لأنه يمثل المشكلة في حدّ ذاتها».
وأضاف: «ليس من آفاق للحل السياسي في المدى القريب إلا إذا توافق الروس والأميركيون والمجتمع الدولي، على أن الحل السياسي يجب الدخول إليه وفق شروط، حيث إن النظام السوري بعد أن خرب سوريا ها هو يوسع دوائر الإرهاب والعنف والتطرف وعدم الاستقرار إلى جميع دول المنطقة».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.