ناشطون من الأرمن وتيار عون يقاتلون في سوريا إلى جانب النظام

المعارضة تنبّه من زيادة الشرخ المستقبلي بين سوريا ولبنان

الناشط بالتيار الوطني الحر طوني أوريان أثناء لقاء مع مقاتلين أرمن في مدينة حلب (مواقع التواصل الاجتماعي)
الناشط بالتيار الوطني الحر طوني أوريان أثناء لقاء مع مقاتلين أرمن في مدينة حلب (مواقع التواصل الاجتماعي)
TT

ناشطون من الأرمن وتيار عون يقاتلون في سوريا إلى جانب النظام

الناشط بالتيار الوطني الحر طوني أوريان أثناء لقاء مع مقاتلين أرمن في مدينة حلب (مواقع التواصل الاجتماعي)
الناشط بالتيار الوطني الحر طوني أوريان أثناء لقاء مع مقاتلين أرمن في مدينة حلب (مواقع التواصل الاجتماعي)

أثارت مقاطع الفيديو التي تم تداولها لطوني أوريان، الناشط في «التيار الوطني الحر» اللبناني الذي يتزعمه النائب ميشال عون، والتي تخللها لقاء مع مجموعة من المقاتلين الأرمن في مدينة حلب، حثّهم خلاله على مواصلة القتال إلى جانب النظام السوري، ودعا باقي الشبان الأرمن للانضمام إليهم، استياء عارما في صفوف المعارضة السورية التي نبّهت من أن استمرار ممارسات مماثلة من شأنه أن يزيد الشرخ المستقبلي بين لبنان وسوريا، معتبرة أن البروباغندا التي يعتمدها هؤلاء مماثلة لتلك التي ينتهجها تنظيم داعش.
ونشر أوريان، على صفحته على موقع «فيسبوك»، صورا ومقاطع فيديو قال إنه تم تصويرها في حلب. وأظهره أحد هذه المقاطع وهو يتوسط مجموعة من المقاتلين الذين يرتدون بزات عسكرية، وكتب معلقا: «مع مجموعة من المقاومين الأرمن بـ(لواء القدس)، مع أناس تركوا كل الفوارق المذهبية والطائفية والتحقوا بأهم معركة تحصل بتاريخنا المعاصر بوجه شياطين الأرض كلها».
وانتقد أوريان بحديثه للمقاتلين سياسة النأي بالنفس التي ينتهجها لبنان الرسمي بالتعاطي مع الأزمة السورية، وحثّ الشبان الأرمن على الالتحاق بالمعركة. وقال أحد هؤلاء المقاتلين الذين كانوا يجلسون على الأرض في إحدى الغرف على إحدى الجبهات: «أعتز أنني سوري.. أفتخر بأنني أرمني. وأشدد على أنّه لا يجب أن نهرب، لأنّه إذا هربنا جميعا ستتكرر المجزرة الأرمنية التي اقترفت بحقنا في عامي 1914 و1915 على يد العثمانيين».
وعرض أوريان على صفحته مقطع فيديو يُظهر مشاركة الشبان الأرمن بإحدى المعارك، وقد ظهروا وهم يلفون على زنودهم شارات حمراء.
وبحسب أسامة أبو زيد، المستشار القانوني للجيش السوري الحر، فإن «(لواء القدس) الذي تشكل في عام 2013 من قبل النظام السوري وضم في المرحلة الأولى مقاتلين فلسطينيين بشكل أساسي، توسع لاحقا ليضم مقاتلين من جنسيات وقوميات مختلفة من شيعة إيران ولبنان ومن الأفغان والأرمن»، لافتا إلى أنّه اليوم «أشبه بمجموعات صغيرة من المرتزقة». وقال لـ«الشرق الأوسط»: «لا نعتقد أن هناك أعدادا كبيرة من الشبان الأرمن في صفوفه، إلا أن النظام يصر على محاولة تضخيم الأعداد بمسعى منه للإيحاء باتساع رقعة أنصاره من قوميات وطوائف مختلفة».
ويرابط «لواء القدس» بشكل أساسي عند جبهة مخيم حندرات في حلب التي تشهد معارك عنيفة، وقد تلقى كثيرا من الخسائر البشرية ومعظمها من الفلسطينيين، بحسب المعارضة السورية.
ونبّه أبو زيد من أن ما قام به أوريان وسبقه كثيرون إليه يهدد بـ«زيادة الشرخ المستقبلي بين لبنان وسوريا»، وقال: «كأنّه لا يكفي ما يورط به (حزب الله) لبنان، كي يأتي من يضاعف هذه المخاطر، منتهجا بروباغندا مشابهة تماما لتلك التي يعتمدها تنظيم داعش من خلال دعوة الشبان إلى جبهات القتال، ليموتوا بقضية لا ناقة لهم فيها ولا جمل، فيما من يوجه هذه الدعوات يأتي إلى سوريا لمجرد المفاخرة والتقاط الصور قبل المغادرة».
ورفض مستشار الجيش السوري الحر التعميم بأن معظم مسيحيي حلب يصطفون إلى جانب النظام، مؤكدا دعم عدد كبير منهم للمعارضة بالقتال والخدمات الإنسانية والإعلامية وغيرها. وأضاف: «لكن التموضع السكاني والجغرافي لهؤلاء في مناطق تسيطر عليها قوات النظام، تجعل الأمور تبدو وكأن مسيحيي حلب معظمهم مع النظام، وهذا غير صحيح».
ومنذ اندلاع الأزمة في سوريا قبل 5 سنوات، قرر المسيحيون، وبمعظمهم، اعتماد سياسة النأي بالنفس، وعدم إعلان دعمهم المباشر لأي طرف من طرفي الصراع. وقد هاجر ثلث المسيحيين السوريين في السنوات الـ3 الأولى من الأزمة السورية، وذلك بحسب رئيس طائفة السريان الأرثوذكس في حلب يوحنا إبراهيم الذي اختطفه مجهولون مع مطران حلب والأسكندرون للروم الأرثوذكس بولس اليازجي في عام 2013.



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.