تركيا تواصل حملة تطهير المؤسسات بعد الانقلاب الفاشل.. والنصيب الأكبر للتعليم

إبعاد 21 ألف معلم وإلغاء أكثر من 10 آلاف جواز سفر

أنصار فريق بيسيكتاس التركي يحملون علما كبيرا لتركيا في ساحة تقسيم بإسطنبول تنديدا بالإنقلاب الفاشل (أ.ف.ب)
أنصار فريق بيسيكتاس التركي يحملون علما كبيرا لتركيا في ساحة تقسيم بإسطنبول تنديدا بالإنقلاب الفاشل (أ.ف.ب)
TT

تركيا تواصل حملة تطهير المؤسسات بعد الانقلاب الفاشل.. والنصيب الأكبر للتعليم

أنصار فريق بيسيكتاس التركي يحملون علما كبيرا لتركيا في ساحة تقسيم بإسطنبول تنديدا بالإنقلاب الفاشل (أ.ف.ب)
أنصار فريق بيسيكتاس التركي يحملون علما كبيرا لتركيا في ساحة تقسيم بإسطنبول تنديدا بالإنقلاب الفاشل (أ.ف.ب)

تواصلت حملة الاعتقالات والإقالات التي أطلقتها السلطات التركية عقب محاولة الانقلاب الفاشلة في 15 يوليو (تموز) الحالي. وارتفعت حصيلة العسكريين الموقوفين من ذوي الرتب الرفيعة حتى أمس إلى 133 جنرالاً وأميرالاً صدر قرار بحبس 126 منهم على ذمة التحقيق. واعتقلت قوات الأمن التركية عددا كبيرا من العسكريين، بينهم جنرالات وأميرالات، في إطار التحقيقات التي بدأت في أنحاء البلاد. وبعد استكمال استجوابهم من قبل النيابة العامة، أحيل عدد من الموقوفين إلى المحكمة بطلب سجنهم بتهم منها انتهاك الدستور، ومحاولة اغتيال الرئيس، أو الاعتداء الفعلي عليه، وارتكاب جرم بحق السلطة التشريعية، وارتكاب جرم بحق الحكومة، وتأسيس منظمة مسلحة أو إدارتها، والقتل، وتغيير النظام الدستوري بقوة السلاح، وأمرت المحكمة بسجنهم. ولا تزال عمليات البحث عن منتسبين للقوى الأمنية صدر بحقهم قرار توقيف على خلفية الانقلاب الفاشل مستمرة.
كما صدر قرار اعتقال بحق 283 جنديًا في قوات الحرس الجمهوري من بينهم الجنود الذين شاركوا في مداهمة قناة «تي آر تي» الحكومية ليلة محاولة الانقلاب. وقالت مصادر أمنية إن المحكمة أصدرت قرار الاعتقال بحق 283 جنديًا من أصل 300 جندي في الحرس الجمهوري، وتم نقل الجنود المعتقلين من مقر قوات الحرس إلى مديرية أمن أنقرة بواسطة حافلات البلدية تحت حراسة مشددة من عربات مصفحة وقوات الشرطة الخاصة التي دعمت هذه الحملة.
واستقبلت مجموعة من الشرطة إردوغان لدى زيارته للبرلمان التركي أول من أمس بدلاً عن الحرس الجمهوري.
كما اعتقلت السلطات التركية العقيد الركن معمر أويجار المسؤول عن إغلاق جسري إسطنبول خلال محاولة الانقلاب الفاشلة، بعد أن عثرت عليه مختبئا في خزانة ملابس بمنزل أحد أقربائه بولاية أنطاليا جنوب تركيا.
وذكرت مصادر أمنية أن «أويجار» كان مشاركا في مجموعة تطبيق الـ«واتس آب»، التي أنشأها الضباط للتنسيق فيما بينهم خلال محاولة الانقلاب، بصفته رائدا في الجيش وليس عميد ركن كما تبين لاحقا.
وأظهرت محادثات المجموعة الانقلابية عبر التطبيق، مشاركة «أويجار» بشكل فعال في محاولة الانقلاب وقتل عدد من الجنود والمتظاهرين الأتراك، من خلال الرسائل التي بعثها إلى المجموعة من قبيل «توجد اشتباكات عنيفة في كولالي وإننا نطلق النار على المجموعة»، و«هل يمكننا مهاجمة الجسر الثاني بالطائرات؟»، و«لا بد من إسكات المساجد»، و«لقد قتلنا 4 أشخاص مقاومين في شنجال، لا توجد مشكلة».
في الوقت نفسه أطلق المدعي العام التركي في أنقرة هارون كودالاك أمس السبت، سراح 1200 جندي موقوف ممن غُرّر بهم خلال محاولة الانقلاب الفاشلة.
وقال كودالاك، في تصريح لوكالة أنباء الأناضول: «هؤلاء الجنود الأتراك لم يتورطوا بمحاولة الانقلاب الفاشلة»، مؤكّدا أنه لم يتم «إطلاق سراح عسكريين من ذوي الرتب حتى اليوم».
وأوضح كودالاك، أن التحقيقات لا تزال مستمرة بحق الموقوفين، قائلاً: «نحن نتحدث عن الجنود الذين لم يفهموا مجريات الأحداث ولم يطلقوا النار على المواطنين خلال محاولة الانقلاب».
وأضاف: «هناك كثير من الجنود ما زالوا موقوفين وسنعمل بسرعة على إطلاق سراح المُغرر بهم». وكان الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أعلن توقيف 11 ألفا و160 شخصًا، وحبس أربعة آلاف و704 آخرين، في تحقيقات تجريها النيابات العامة التركية في جميع المحافظات على خلفية محاولة الانقلاب الفاشلة.
وقال إردوغان في خطاب وجهه مساء الجمعة، عبر الهاتف، إلى مجموعة من المتظاهرين الرافضين للمحاولة الانقلابية تجمعوا في إحدى الميادين بمحافظة سكاريا غرب تركيا إن من بين الموقوفين والمحبوسين 167 شرطيا، وألفين و878 عسكريا، و1552 قاضيا ومدعيا عاما، و14 من أصحاب السلطات المدنية، و93 مدنيا.
وأوضح أنَّ «إعلان حالة الطوارئ، مساء الأربعاء الماضي، لا يعني عدم تجول الشعب، بل على العكس، نحن نفتح المجال أمام المواطنين، للتجمع في الميادين».
وأضاف قائلا: «فيما مضى عندما تعلن حالة الطوارئ كان الناس يهرعون إلى الأسواق من أجل شراء المؤن الغذائية وتخزينها، أما الآن فلا يوجد أي شيء من هذا القبيل، فالمواطنون يهرعون إلى الميادين من أجل التظاهر».
وأشار الرئيس التركي إلى أن «قانون الطوارئ في تركيا سيسرع من إعادة الأمور إلى نصابها الطبيعي، وعودة القضاء إلى أداء وظيفته الطبيعية»، مجددً دعوته المواطنين، لعدم ترك الميادين، حتى إبلاغهم بذلك.
في الوقت نفسه، بلغ عدد موظفي القطاع العام، المبعدين مؤقتًا عن عملهم، أكثر من 45 ألفًا، في إطار التحقيقات الجارية من أجل تطهير المؤسسات العامة في تركيا، من العناصر المشتبه بارتباطها بمنظمة فتح الله غولن.
وواصلت المؤسسات العامة، ومن بينها رئاسة الوزراء، ووزارات الأسرة والشؤون الاجتماعية، والاقتصاد، والعلوم والصناعة والتكنولوجيا، وهيئة الإحصاء، عمليات الإبعاد المؤقت عن العمل للمشتبهين بعلاقتهم مع المنظمة الإرهابية. وفي هذا الإطار جرى إبعاد 954 موظفًا من عمله، الجمعة، ليرتفع عدد المبعدين منذ ليلة المحاولة الانقلابية إلى 45 ألفًا و484 موظفا. وأبعدت وزارة العلوم والصناعة والتكنولوجيا 560 من العاملين في المؤسسات التابعة لها، ووزارة الاقتصاد 15، ووزارة الأسرة والشؤون الاجتماعية 206.
وكان لوزارة التربية النصيب الأكبر من المبعدين عن عملهم مؤقتًا، حيث بلغ عددهم 21 ألفًا و738، بينهم 21 ألفًا و29 معلمًا.
كما أبعدت وزارة الدفاع، في وقت سابق، 262 قاضيًا ومدعيًا عسكريًّا عن عملهم مؤقتًا.
كما ألغت الحكومة 10856 جواز سفر بسبب خطر فرار أصحابها وبينها قرابة 10 آلاف جواز سفر أخضر ورمادي (جوازات رسمية)، حيث إن أصحابها إما قيد الاعتقال أو فارون. وحاملو جوازات السفر الخضراء يشملون الموظفين والنواب السابقين الذين يستطيعون السفر إلى بعض الدول دون تأشيرات، بينما يتم إصدار جوازات السفر الرمادية لمن يعملون في قطاع الحكومة والرياضيين.
وارتفع عدد المحبوسين على خلفية محاولة الانقلاب الفاشلة إلى 3 آلاف و290 شخصًا. وبحسب معلومات من مصادر أمنية، فإن عدد العسكريين (الجيش) المحبوسين بلغ ألفًا و552 عسكريا، من بين 6 آلاف و899 موقوفًا عسكريًا.
كما بلغ عدد أفراد الشرطة المحبوسين 178 شخصًا، إلى جانب 567 موقوفًا منهم في إطار التحقيقات ذاتها.
ووصل عدد الموقوفين من نواب المحافظين 12. حبس منهم 9 أشخاص، إلى جانب توقيف 9 قائمقامات، وحبس 4 منهم.
وفي إطار التحقيقات، أوقفت السلطات 45 أكاديميًا، حبس اثنان منهم، إلى جانب توقيف 122 موظفًا حكوميًا، حبس من بينهم 66 شخصًا. وفي هذا الإطار، بلغ عدد الموظفين الحكوميين الموقوفين 7 آلاف و655 شخصًا، حبس منهم ألف و811 شخصًا. وفي السلك القضائي، وصل عدد الموقوفين 355 شخصًا، فيما بلغ عدد المسجونين ألفًا و479 شخصًا. وأفاد مرسوم وقعه الرئيس رجب طيب إردوغان ونشر في الجريدة الرسمية أمس السبت، بأن مدة توقيف الأشخاص الذين يشتبه بتورطهم في الانقلاب الفاشل في 15 يوليو في تركيا، يمكن أن تصل إلى 30 يوما.
وينص المرسوم على حل آلاف الهيئات والمؤسسات وخصوصا مراكز تعليمية تعتبر مرتبطة بالداعية فتح الله غولن، الذي يقيم في الولايات المتحدة والمتهم من قبل أنقرة بتدبير الانقلاب، لكنه ينفي ذلك. وأعربت الحكومات الغربية عن قلقها من اتساع حملة التطهير، وأعلنت وزارة الداخلية أن أكثر من 4500 شخص قد أدخلوا السجن.
من ناحية أخرى، أظهرت تسجيلات جديدة لكاميرات المراقبة لحظات وصول انقلابيين إلى الفندق الذي كان يقيم فيه الرئيس التركي رجب طيب إردوغان ليلة الانقلاب في بلدة مرمريس بمحافظة موغلا جنوب غربي البلاد لاغتياله في إطار محاولة الانقلاب الفاشلة.
وقالت وكالة الأناضول إنها حصلت على تسجيلات لكاميرات مراقبة تابعة لفندق قريب من مكان إقامة الرئيس إردوغان، حيث تُظهر تقدم الانقلابيين عبر طريق ساحلي باتجاه الشارع الرئيسي في منطقة «توربان»، بعد اشتباكات مع الحرس الرئاسي.
وتظهر التسجيلات 22 جنديًا من الانقلابيين مجهّزين بعتاد كامل وهم يراقبون محيط المنطقة بين الحين والآخر عبر مناظير وأجهزة ليزر موضوعة على الأسلحة الموجودة بحوزتهم.



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».