وزير الخارجية الألماني لـ «الشرق الأوسط» : على تركيا الوفاء للمبادئ الدستورية في التحقيقات

شتاينماير: مواجهة الإرهاب تتطلب جهودًا مشتركة.. والسعودية الحليف الاستراتيجي

فرانك فالتر شتاينماير وزير الخارجية الألماني ({الشرق الأوسط})
فرانك فالتر شتاينماير وزير الخارجية الألماني ({الشرق الأوسط})
TT

وزير الخارجية الألماني لـ «الشرق الأوسط» : على تركيا الوفاء للمبادئ الدستورية في التحقيقات

فرانك فالتر شتاينماير وزير الخارجية الألماني ({الشرق الأوسط})
فرانك فالتر شتاينماير وزير الخارجية الألماني ({الشرق الأوسط})

قال فرانك فالتر شتاينماير، وزير الخارجية الألماني لـ«الشرق الأوسط»، إن الحكومة التركية تتحمل الآن مسؤولية كبيرة من أجل الديمقراطية بأن تظل وفية للمبادئ الدستورية في مجرى التحقيقات القانونية اللازمة الآن، مشددا على ضرورة مواجهة الإرهاب بشكل مشترك، مبينا أن الاجتماع المنعقد في واشنطن يستهدف تنسيق الجهود الدولية، لتحرير المناطق التي يسيطر عليها «داعش» في العراق وسوريا، في ظل الحاجة لمراقبة أنشطة «داعش» عن كثب في مناطق أخرى.
وأكد شتاينماير في حوار مع «الشرق الأوسط» أن النجاح العسكري في الحرب ضد الإرهاب، لن يدوم إلا إذا استقرت الأوضاع في المناطق المحررة في أسرع وقت وبأقصى قدر ممكن، مطالبا المجتمع الدولي بالإيفاء بالتزاماته في مجال مكافحة «داعش» وإزالة الألغام وإنشاء هياكل أمنية لدعم الحكومة العراقية من أجل تمكين عودة النازحين، مناشدا الشركاء الدوليين بمساعدة الشعب العراقي.
وفيما يتعلق بالمئات من المدنيين المفقودين بعد تحرير الفلوجة، شدد شتاينماير، على ضرورة أن تنجح الحكومة العراقية في كسب ثقة السكان في المناطق المحررة، منوها بأن المجتمع الدولي لن يستطيع التغلب على «داعش» إلا إذا تمكنت مكونات السكان المختلفة من عدم الانجراف مرة أخرى إلى أعمال العنف الطائفي الجديد، معتبرا التزام الحكومة بمبادئ العدالة وسيادة القانون شرطا مهما لتحقيق ذلك.
وعن تقييمه لأهمية التعاون السعودي الخليجي الألماني وتحقيقه نجاحا في مكافحة الإرهاب، قال وزير الخارجية الألماني: «لا يمكننا النجاح في الحرب على الإرهاب إلا بالعمل معا، وهنا تشكّل السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي أهم شركائنا، فنحن نتحمل مسؤولية مشتركة في إطار التحالف الدولي ضد تنظيم (داعش)». وفيما يلي تفاصيل الحوار:
* كيف تقيمون محاولة الانقلاب التي قام بها الجيش في تركيا؟
- لقد أدنّا محاولة الانقلاب في تركيا، وذلك أيضا على صعيد الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، بأشد العبارات، ولكن ما أثار إعجابي أولا إعلان البرلمان التركي فورا وبالإجماع التزامه بالمبادئ الديمقراطية، وثانيا، العدد الهائل من الناس الذين واجهوا الدبابات في الشوارع وعبروا بشكل واضح عن أنهم عازمون على قرار مستقبلهم بشكل ديمقراطي ولا يريدون أن يقعوا مرة أخرى تحت نير ديكتاتورية عسكرية، أما على صعيد الحكومة التركية فهي تتحمل الآن مسؤولية كبيرة في الديمقراطية التركية، وهذا يعني أيضا أن تظل وفية لمبادئ الدستورية في مجرى التحقيقات القانونية اللازمة الآن.
* ما نيات مؤتمر المانحين لدعم العراق الذي تشاركون في استضافته في واشنطن اليوم؟
- لم يكن خفيا أن الأشهر الماضية، أظهرت أن الجهود الدولية لمكافحة تنظيم داعش تعمل، حيث يتم أسبوعا بعد أسبوع إبعاد إرهابيي «داعش» بشكل متزايد عن معاقلهم.
* ولكن هل تعتقدون أن العمل العسكري سيدوم في تحقيق نجاحاته ضد «داعش»؟
- بالطبع هناك شيء واضح وهو أنه لن يدوم النجاح العسكري إلا إذا استقرت الأوضاع في المناطق المحررة في أسرع وقت وبأقصى قدر ممكن، ويجب على المجتمع الدولي في هذا السياق الإيفاء بالتزاماته في مجال مكافحة «داعش» أولا، حيث توجد احتياجات إنسانية هائلة، وعليه فلا بد لنا من توفير السكن والغذاء والإمدادات الطبية وأكثر من ذلك بكثير، كذلك فإن إزالة الألغام وإنشاء هياكل أمنية يُعتمد عليها أيضا من المهام الحاسمة أثناء دعم الحكومة العراقية من أجل تمكين عودة النازحين.
* ما تقييمك للدور الذي تلعبه ألمانيا في هذا الصدد؟
- إن ألمانيا تساهم أكثر في تحقيق الاستقرار في العراق من أي شريك آخر ولعله من المقرر تقديم أكثر من نصف مليار دولار لمساعدة المدنيين لعامي 2016 و2017 وحدهما، علما بأنه لم يتم الانتهاء من التخطيط لعام 2017 بعد، وعموما نحن ندعم البلد أيضا بقرض ميسر يصل إلى 550 مليون دولار.
* هل تعتقد أن ذلك كاف؟
- من الواضح أن هذا لا يكفي، إذ لا يمكن معالجة هذه المهمة الهائلة إلا من قبل المجتمع الدولي بشكل مشترك، ولذلك فإننا نناشد، جنبا إلى جنب مع الولايات المتحدة واليابان وكندا وهولندا، نناشد الشركاء في جميع أنحاء العالم أن يشاركوا في مساعدة الشعب العراقي، ونحن واثقون من أن هؤلاء الشركاء سوف يستجيبون بسخاء لهذه المبادرة.
* بعد يوم سيعقد التحالف الدولي لمكافحة «داعش» اجتماعا في واشنطن أيضا.. ما الخطوات التالية في المعركة ضد «داعش»؟
- إن الهجوم المروع الذي وقع في مدينة نيس الفرنسية في الأسبوع الماضي يذكرنا مرة أخرى بشكل مأساوي بمدى أهمية عمل التحالف الدولي، ولكن أفكاري أيضا مع مئات الضحايا في آخر سلسلة من الهجمات القاتلة التي حصلت في العراق خلال الأسابيع الماضية، وعموما ليست هناك إلا طريقة واحدة لمواجهة هذا الإرهاب الذي لا معنى له، ولا بد من أن نواجهه بشكل مشترك، ذلك لأن آفة الإرهاب تشكل تهديدا لنا جميعا، وسيشارك في الاجتماع المنعقد في واشنطن وزراء من مختلف أنحاء التحالف لتنسيق الجهود الدولية، وسينصب تركيز خاص فيما يتعلق بالتقدم الذي تم فيه تحرير مناطق رئيسية من «داعش» كما هو الحال في العراق وسوريا، نرى أن هناك حاجة إلى مراقبة أنشطة «داعش» عن كثب في مناطق أخرى.
* ما الخطوات التالية في المعركة ضد «داعش» في سوريا؟
- في سوريا، فالتحدي يكمن في إيجاد سبل للعودة إلى عملية سياسية وضمان وصول المساعدات الإنسانية والأسبوع الحالي سيشهد محادثات مهمة بشأن هذه القضايا، لقد انقطع الجزء الشرقي من حلب بشكل كامل تقريبا عن العالم الخارجي لأكثر من أسبوع الآن. وهذا يدل على مدى أهمية الحاجة إلى العودة إلى العملية السياسية، ونحن نواصل مساعينا المكثفة لضمان استئناف محادثات السلام في جنيف في أقرب وقت ممكن، وقبل كل شيء، يجب الآن على وجه السرعة تأمين وصول المساعدات الإنسانية إلى جميع المناطق في حلب، بما في ذلك تلك التي تسيطر عليها المعارضة.
* كيف تعلّقون على تقارير تفيد أن المئات من المدنيين في عداد المفقودين بعد تحرير الفلوجة؟
- إنه من الأمور الأساسية أن تنجح الحكومة العراقية في كسب ثقة السكان في المناطق المحررة، وقد ألزم المجتمع الدولي نفسه بتقديم المساعدة، غير أننا لن نستطيع التغلب على «داعش» إلا إذا تمكنت مكونات السكان المختلفة من عدم الانجراف مرة أخرى إلى أعمال العنف الطائفي الجديد، لذا فإنني أعتبره شرطا مهما أن يتصرف الموظفون الحكوميون وأفراد قوات الأمن وفقا لمبادئ العدالة وسيادة القانون، إذ شارك عدد من الحشد الشعبي في معركة تحرير الفلوجة وبعض منهم اُتُهموا بانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، ولقد ناقشنا هذه المسألة مع حكومة العراق، وهي تأخذ الاتهامات على محمل الجد، ونحن نرحب ببدء التحقيق في هذا الشأن، وسوف نواصل متابعة التطورات عن كثب.
* إلى أي حد التعاون السعودي الخليجي الألماني يحقق نجاحا في مكافحة الإرهاب؟
- لا يمكننا النجاح في الحرب على الإرهاب إلا بالعمل معا، وهنا تشكّل السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي أهم شركائنا، فنحن نتحمل مسؤولية مشتركة في إطار التحالف الدولي ضد تنظيم «داعش».



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».