مقتل 19 مدنيًا بغارات النظام بعد اتفاق واشنطن وموسكو على إنقاذ الهدنة

مقتل 19 مدنيًا بغارات النظام بعد اتفاق واشنطن وموسكو على إنقاذ الهدنة
TT

مقتل 19 مدنيًا بغارات النظام بعد اتفاق واشنطن وموسكو على إنقاذ الهدنة

مقتل 19 مدنيًا بغارات النظام بعد اتفاق واشنطن وموسكو على إنقاذ الهدنة

قتل 19 مدنيا بينهم خمسة أطفال في قصف جوي طال الأحياء الشرقية في مدينة حلب السورية، بعد ساعات على إعلان واشنطن وموسكو اتفاقهما على «إجراءات ملموسة» لإنقاذ الهدنة في سوريا ومحاربة الجماعات المتطرفة.
ووثق المرصد السوري لحقوق الإنسان، اليوم، «مقتل 11 مواطنا بينهم أربعة أطفال في قصف جوي لقوات النظام طال منطقة باب النصر في حلب القديمة بعد منتصف ليل الجمعة - السبت، كما قتل سبعة آخرون صباحًا في حي الفردوس فضلاً عن طفلة في حي المعادي».
من جهة أخرى، أفاد مراسل الصحافة الفرنسية في الأحياء الشرقية، بأن «الطيران المروحي والحربي لا يفارق الأجواء». وتعرض مستشفى عمر عبد العزيز في حي المعادي للقصف الجوي، حسب مراسل وكالة الصحافة الفرنسية، الذي كان موجودًا فيه.
وكان سقط في وقت سابق برميل متفجر أمام مدخل المستشفى مما أجبر الإدارة على اتخاذ قرار بإخلائه، وفق ما قال مدير المستشفى حسين بن لؤي للوكالة.
وأثناء انتظار سيارات الإسعاف المقبلة من مستشفيات أخرى لإخلاء المرضى، استهدفت صواريخ عدة مبنى المستشفى مما تسبب بأضرار مادية وإصابة مرضى وعاملين في كادرها الطبي، أيضًا حسب مراسل الوكالة.
وردت الفصائل المعارضة، وفق المرصد، على القصف الجوي بإطلاق القذائف على الأحياء الغربية الواقعة تحت سيطرة قوات النظام، ومن بينها سيف الدولة والمشارقة.
وتتقاسم قوات النظام والفصائل منذ عام 2012 السيطرة على أحياء مدينة حلب، ثاني كبرى مدن سوريا وإحدى المعارك المحورية في الحرب.
وباتت الأحياء الشرقية التي تأوي أكثر من مائتي ألف شخص، منذ أسبوع، محاصرة عمليًا بعدما تمكنت قوات النظام السوري من السيطرة ناريًا على طريق الكاستيلو، آخر منفذ إلى الأحياء الشرقية. وتخوض هذه القوات معارك ضارية ضد الفصائل على بعد نحو 500 متر من طريق الكاستيلو، كما في مناطق تماس بين الطرفين داخل مدينة حلب.
وتأتي هذه التطورات الميدانية بعد ساعات على محادثات ماراثونية استمرت نحو 12 ساعة بين وزير الخارجية الأميركي جون كيري ونظيره الروسي سيرغي لافروف في العاصمة موسكو، أعلنا على أثرها أنّهما توصلا إلى اتفاق بشأن «إجراءات ملموسة» لإنقاذ الهدنة ومحاربة الجماعات المتطرفة في سوريا من دون الكشف عن تفاصيله.
وقال كيري: «أحرص على التأكيد أنه على الرغم من أن هذه الإجراءات لا تستند على الثقة، فإنها تحدد مسؤوليات متتابعة معينة على جميع أطراف النزاع الالتزام بها بهدف وقف القصف الأعمى الذي يقوم به نظام الأسد، وتكثيف جهودنا ضد (جبهة) النصرة». وتابع: «كل منا يعرف تمامًا ما عليه القيام به».
وكان كيري يتحدث لصحافيين وإلى جانبه لافروف، وقال إن تطبيق الإجراءات «بحسن نية» سيجعل من «الممكن المساعدة في تثبيت وقف الأعمال القتالية والحد بشكل كبير من العنف والمساعدة في خلق مساحة لانتقال سياسي ذي صدقية يتم التفاوض بشأنه».
وأفادت تقارير قبل وصول كيري إلى موسكو بأنه سيعرض على الروس توحيد جهود البلدين لمحاربة تنظيم داعش وجبهة النصرة، لكن روسيا لم تبد حماسة للعرض على ما يبدو.
وتطالب الولايات المتحدة موسكو بالضغط على حليفها الرئيس السوري بشار الأسد، لوقف غاراته وإنهاء هجماته على المدنيين وفصائل المعارضة.
وبدأ العمل منذ 27 فبراير (شباط) ي باتفاق لوقف الأعمال القتالية، فرضته واشنطن وموسكو في مناطق عدة في سوريا ويستثني تنظيم داعش وجبهة النصرة. لكنّه تعرض للخرق مرارًا، وانهار في حلب (شمال) بشكل تام.
ويحرص المسؤولون الأميركيون على عدم وصف المحادثات الروسية الأميركية بالفرصة الأخيرة للدبلوماسية لحل نزاع دام مستمر منذ أكثر من خمس سنوات، لكنهم حذروا من أنّ الوقت ينفد.
وقال مسؤول أميركي: «إذا لم نتمكن من التوصل إلى حل للمشكلتين، فسنكون في مكان مختلف تمامًا، والحقيقة أن الوقت هنا قصير».
وحث الموفد الدولي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا أول من أمس (الخميس)، روسيا والولايات المتحدة على العمل لاستئناف محادثات السلام بين الحكومة والمعارضة السوريتين الشهر المقبل.
وجرت مفاوضات بين الطرفين برعاية دولية وبضغط من عرابيهما، واشنطن الداعمة للمعارضة وموسكو الداعمة للنظام، في جنيف في مطلع هذه السنة، من دون أن تؤدي إلى نتيجة. وقد اصطدمت خصوصًا بالخلاف حول مصير الرئيس السوري بشار الأسد في أي عملية انتقالية.
وقال لافروف أمس، إن الجانبين الروسي والأميركي يرغبان في أن يكثف دي ميستورا «عمله ويقدم اقتراحات ملموسة من أجل انتقال سياسي وإصلاحات سياسية لجميع الأطراف في سوريا».
وتطالب المعارضة بتشكيل هيئة حكم انتقالية كاملة الصلاحيات مشترطة رحيل الأسد مع بدء المرحلة الانتقالية، فيما تصر دمشق على أنّ مستقبل الأسد ليس موضع نقاش في جنيف مقترحة تشكيل حكومة وحدة تضم ممثلين عن المعارضة «الوطنية» والسلطة الحالية.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.