استقبال «عدائي» لبوريس جونسون في بروكسل

بعد اختياره وزيرا للخارجية.. تعرض لانتقادات من جانب الطبقة السياسية الأوروبية

سفيرة فرنسا لدى بريطانيا سيلفيا بيرمان لدى استقبالها بوريسجونسون (وسط) خلال حفل استقبال في بيتها في لندن  (أ.ف.ب)
سفيرة فرنسا لدى بريطانيا سيلفيا بيرمان لدى استقبالها بوريسجونسون (وسط) خلال حفل استقبال في بيتها في لندن (أ.ف.ب)
TT

استقبال «عدائي» لبوريس جونسون في بروكسل

سفيرة فرنسا لدى بريطانيا سيلفيا بيرمان لدى استقبالها بوريسجونسون (وسط) خلال حفل استقبال في بيتها في لندن  (أ.ف.ب)
سفيرة فرنسا لدى بريطانيا سيلفيا بيرمان لدى استقبالها بوريسجونسون (وسط) خلال حفل استقبال في بيتها في لندن (أ.ف.ب)

يلتقي وزراء الخارجية الـ28 للاتحاد الأوروبي بعد غد (الاثنين) في بروكسل ضمن اجتماعهم الشهري للبحث في الموضوعات الدولية الرئيسية، مثل سوريا وليبيا وعملية السلام في الشرق الأوسط، وغيرها، مع نظيرهم الأميركي جون كيري، الذي يقوم بجولة في أوروبا. إلا أن الاجتماع سيكون مناسبة للتعرف إلى بوريس جونسون، وزير الخارجية البريطاني الجديد، والمثير للجدل، المعروف بتصريحاته و«فلتان لسان»، وهو الذي قاد حملة خروج بلاده من الاتحاد الأوروبي، وهي المرة الأولى التي يشارك فيها في لقاء للاتحاد بعد توليه حقيبة الخارجية البريطانية.
كما تستقبل وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي، فيديريكا موغيريني، نظيرها جونسون مساء الأحد، فيما تم إلغاء عشاء غير رسمي لوزراء خارجية دول الاتحاد للتباحث في خروج بريطانيا من أوروبا. وأعلنت المتحدثة باسم وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي كاثرين راي، أن موغيريني والرئيس السابق لبلدية لندن «سيلتقيان مساء الأحد للمرة الأولى». لكن، وخلافا لما كان مقررا: «لن يقام عشاء لوزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي مساء الأحد». وأثار تعيين الرئيسة الجديدة للحكومة البريطانية تيريزا ماي لجونسون انتقادات شديدة في أوروبا؛ فقد اعتبر وزير الخارجية الفرنسي جان مارك آيرولت، أن جونسون «كذب كثيرا» خلال تزعمه معسكر مؤيدي خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
وقال دبلوماسي رفض الكشف عن هويته: «العشاء كان يفترض أن يتطرق خلاله الوزراء الأوروبيون إلى تبعات خروج بريطانيا التي تعتبر ميزانيتها الدفاعية الأكبر في أوروبا، على السياسة الخارجية للاتحاد، وعلى قدرته على تنفيذ عمليات عسكرية».
لكن عددا من العواصم الأوروبية اعترض على تنظيم العشاء، معتبرا أنه سيتحول إلى ما يشبه إطلاق «مفاوضات غير رسمية» مع لندن قبل أن تتقدم الحكومة البريطانية ببلاغ رسمي إلى الاتحاد برغبتها في الخروج منه.
تعيين بوريس جونسون المناهض لوجود بريطانيا في الاتحاد الأوروبي وزيرا للخارجية البريطانية جوبه بموجة عدائية من جانب الطبقة السياسية الأوروبية شملت وصفه بالكذاب والافتقار للمسؤولية. وتخلى وزير خارجية فرنسا جان مارك أيرو عن اللياقة الدبلوماسية المعتادة، متسائلا «كيف لرجل ردد أكاذيب بصفته زعيما لحملة انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في استفتاء الشهر الماضي أن يكون ممثلا يوثق به لبلاده؟!».
وقال أيرو لراديو أوروبا 1 «لست قلقا على الإطلاق بشأن بوريس جونسون، لكنه خلال الحملة كذب كثيرا على الشعب البريطاني، والآن هو الذي ظهره إلى الحائط». وأضاف: «أحتاج إلى شريك أتفاوض معه يكون واضحا وذا مصداقية ويعول عليه».
وقال جونسون للصحافيين في وقت لاحق، إنه تلقى «رسالة ساحرة» من أيرو قال فيها إنه «يتطلع بشدة للعمل معه وتعميق التعاون بين البلدين».
لكنه اعترف بالاستقبال العدائي، وقال خلال حضوره أول من أمس احتفالا للسفارة الفرنسية في لندن «بعد اقتراع مثل الاستفتاء في 23 يونيو (حزيران) من المحتم أن تكون هناك كمية معينة من الجص المتساقط من الأسقف في مستشاريات أوروبا». «هناك فرق كبير جدا بين الانسحاب من الاتحاد الأوروبي وعلاقتنا مع أوروبا، التي أعتقد أنها ستقوى». وأضاف: «لم تكن النتيجة التي توقعوها. من الواضح أنهم يكشفون عن وجهات نظرهم بطريقة صريحة وحرة».
وتابع: «سعدت جدا بتلقي مكالمة هاتفية من الوزير جون كيري الذي وافق تماما على هذا التحليل. قال: إن ما يريد أن يراه حقا بعد الخروج من الاتحاد والمفاوضات..هو المزيد من الانفتاح الخارجي لبريطانيا ودور عالمي أكبر».
ووجهت لجونسون اتهامات بتضليل الناخبين بقوله: «إن بريطانيا تدفع 350 مليون جنيه (468 مليون دولار) أسبوعيا للاتحاد الأوروبي من الممكن إنفاقها على الخدمة الصحية الوطنية. ولم يتضمن الرقم حساب المردود من المبلغ إلى ميزانية لندن أو ما ينفقه الاتحاد الأوروبي على مشروعات القطاعين العام والخاص في بريطانيا».
كان رئيس بلدية لندن السابق قد أهان أو تهكم على عدد من قادة العالم بينهم الرئيس الأميركي باراك أوباما والرئيس التركي طيب إردوغان والمستشارة الألمانية أنغيلا ميركل ومرشحين ديمقراطيين وجمهوريين لرئاسة الولايات المتحدة. وقال وزير خارجية ألمانيا فرانك فالتر شتاينماير: «تعيين جونسون وزيرا للخارجية إشارة واضحة إلى أن بريطانيا تنوي مغادرة الاتحاد الأوروبي، وحث ماي على إنهاء الغموض وتقديم طلب رسمي وبسرعة بشأن نية لندن الانسحاب من الاتحاد». ورفضت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل التعليق عندما سئلت خلال زيارة لقرغيزستان عن تصعيد جونسون لكن شتاينماير وصفه بشكل غير مباشر بأنه «غير مسؤول». كان شتاينماير قد قال قبل قليل من تعيين جونسون «إنه أمر مرير بالنسبة لبريطانيا.
الناس هناك في حالة صدمة بعد أن أغوى سياسيون غير مسؤولين البلاد في البداية بالخروج.. ثم بعد صدور القرار هربوا، وبدلا من أن ينهضوا بمسؤولياتهم ذهبوا ليلعبوا الكريكت». كان هذا نذيرا بالاستقبال العدائي الذي قد يكون في انتظار جونسون عندما يحضر اجتماع وزراء خارجية الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي يوم الاثنين. ومن بين صور الاستقبال العدائي لجونسون كتبت ريبيكا هارمز، زعيمة مجموعة الخضر في البرلمان الأوروبي، تقول: «في البداية ظننت أنها مزحة. الآن لا أعرف إن كنت أضحك أم أبكي. لكن أعرف أنه ليس شيئا طيبا أن تكون هناك مكافأة على عدم المسؤولية في السياسة».



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».