مخاوف في أوساط مسلمي فرنسا من استغلال العملية الإرهابية لاستهدافهم

نددوا بمجزرة نيس ويشددون على تضامنهم وتعاطفهم مع الضحايا وعائلاتهم

أبناء الجالية العربية والإسلامية ومواطنون فرنسيون يؤبنون ضحايا مجزرة نيس في شارع «متنزه الإنجليز» أمس (إ.ب.أ)
أبناء الجالية العربية والإسلامية ومواطنون فرنسيون يؤبنون ضحايا مجزرة نيس في شارع «متنزه الإنجليز» أمس (إ.ب.أ)
TT

مخاوف في أوساط مسلمي فرنسا من استغلال العملية الإرهابية لاستهدافهم

أبناء الجالية العربية والإسلامية ومواطنون فرنسيون يؤبنون ضحايا مجزرة نيس في شارع «متنزه الإنجليز» أمس (إ.ب.أ)
أبناء الجالية العربية والإسلامية ومواطنون فرنسيون يؤبنون ضحايا مجزرة نيس في شارع «متنزه الإنجليز» أمس (إ.ب.أ)

لم تشذ ردود فعل ممثلي الجالية المسلمة في فرنسا عن مثيلاتها في الدول العربية والإسلامية التي أجمعت كلها على إدانة العملية الإرهابية في نيس والإعراب عن تعاطفها وتضامنها مع الضحايا وعائلاتهم وشجب الإرهاب والتأكيد على التمسك بالقيم الوطنية والعيش المشترك والنأي بنفسها عما يرتكب من أعمال إرهابية.
ومصدر قلق الجالية المسلمة أن تكون مجزرة نيس عاملا جديدا يزيد من استهدافها سياسيا وإعلاميا من الجماعات المتطرفة وتحميلها وزر ما قام به فرد شاذ لا يمثل بأي شكل كان الإسلام وقيمه وتعاليمه. ذلك أنه كلما حدث عمل إرهابي في فرنسا وأوروبا تعالت أصوات تندد بالإسلام وبالإرهاب الناطق باسمه وبكونه غير متوافق مع قيم الديمقراطية والعلمانية والحداثة. ونتيجة ذلك تزايد الأعمال العنفية التي تستهدف المسلمين ومؤسساتهم ومصالحهم واستقواء العنصرية والشعور المعادي للعرب والمسلمين، ليس فقط في فرنسا، بل في غالبية البلدان الأوروبية التي ترى في الإسلام والمهاجرين «تهديدا» لقيم المجتمعات الغربية وانسجامها كما ظهر ذلك في استطلاع للرأي أجري في 15 بلدا أوروبيا.
بعد كل عملية إرهابية، كان المسؤولون الفرنسيون وعلى رأسهم الرئيس فرنسوا هولاند ورئيس الحكومة مانويل فالس ووزير الداخلية برنار كازنوف يحرصون على التأكيد على الفصل بين المسلمين من جهة وبين هذه المجموعة الضئيلة التي تشوه صورة الإسلام ويدعون لعدم الخلط بين الإسلام والإرهاب ويشددون على أن المسلمين هم «أول ضحايا الإرهاب». بيد أن هذه المواقف والتصريحات لم تعد كافية. والصورة السائدة في فرنسا التي انطلق منها المئات من «الجهاديين» إلى سوريا والعراق ملتحقين بجبهة النصرة وخصوصا بـ«داعش» أن الفكر «الجهادي» الذي يقود إلى الإرهاب ينمو في ثلاث بيئات حاضنة هي السجون والمساجد ووسائل التواصل الاجتماعي. ولذا طالبت الدولة الفرنسية ممثلي الإسلام الرسميين بالتحرك على عدة محاور وأولها المحور الفكري الآيديولوجي لمواجهة فكر «داعش» ومقارعته ثقافيا ودينيا وتربويا والدعوة إلى بث إسلام معتدل ومنفتح. وهذه الرسالة حملها مؤخرا وزير الداخلية بمناسبة الإفطار الذي شارك فيه في مسجد باريس الكبير. كما طالب كازنوف النخب الفكرية المسلمة في فرنسا بالتحرك وعدم التزام الصمت وذلك للوصول إلى «إسلام فرنسي»، أي يتوافق مع البيئة الفرنسية وليس البقاء في هيكل «الإسلام في فرنسا»، أي الإسلام الوافد وبمعنى ما الغريب، خصوصا أن الإسلام يشكل الديانة الثانية في فرنسا بعد الكاثوليكية.
هذه الاعتبارات دفعت المسؤولين عن «إسلام فرنسا» إلى التحرك لإدانة الإرهاب كلما وقعت حادثة من هذا النوع. وبعد مجزرة نيس، أصدر المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية الذي يرأسه أنور كبيبيش بيانا ندد فيه بالعملية الإرهابية التي وصفها بـ«الكريهة والبغيضة التي تضرب وطننا بمناسبة العيد الوطني، حيث يحتفل بقيم الحرية والإخاء والمساواة». وجاء في البيان أيضا أن المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية بعرب عن «تضامنه وتعاطفه» مع سكان مدينة نيس كما أنه يدعو مسلمي فرنسا إلى تكريس صلاة الجمعة (أمس) لذكرى ضحايا «الهجوم الهمجي».
وفي السياق عينه، أصدر عميد مسجد باريس الكبير الدكتور دليل بوبكر، الرئيس السابق للمجلس الفرنسي للديانة الإسلامية، بيانا مشابها عبر فيه عن «تأثره وذهوله الكبيرين» إزاء ما حصل في المدينة الفرنسية الساحلية وعن إدانته الشديدة لهذا الاعتداء «المجرم الهادف إلى إيقاع أكبر عدد من الضحايا». ودعا بوبكر إلى «وحدة جميع المواطنين أمام هذه الفاجعة التي تصيب الأسرة الوطنية».
بموازاة ذلك، أصدر محمد موسوي رئيس اتحاد المساجد في فرنسا، بيانا جاء فيه، إلى جانب التنديد والإعراب عن التضامن والدعوة إلى توجيه الصلوات للترحم على الضحايا، تأكيد على أن مقارعة الإرهاب يجب أن تركز اليوم وبالدرجة الأولى على «التربية والوقاية» لشريحة الشباب الذين «يحولون حاليا إلى أدوات وأسلحة بأيدي الإرهابيين». كذلك حث بيان اتحاد المساجد في فرنسا المسلمين على التبرع بدمائهم «تعبيرا عن تضامنهم مع الجرحى». أما المجلس الإقليمي لمسلمي فرنسا في منطقة رون - آلب التي تضم مدينة نيس فقد دعا بدوره إلى التضامن والوحدة الوطنية وتوجيه صلوات يوم الجمعة لذكرى ضحايا «المجزرة الهمجية».
هل هذه الإدانات والبادرات ستكون كافية لتصحيح الخلل في أذهان الكثير من الفرنسيين؟ الجواب قطعا هو النفي، إذ إنه مع التناحر الحزبي والسياسي واقتراب موعد الانتخابات الرئاسية والتشريعية في الربيع القادم يحمى الجدل وككل مرة سيطغى عليه موضوع الهجرة والإسلام وما يربطهما بالإرهاب. ولذا، فإن الرد الأنجع على ذلك موجود بحوزة المسلين أنفسهم وخصوصا لدى نخبهم الفكرية والثقافية والاجتماعية الموجودة داخل المجتمع الفرنسي وليس فقط لدى «مؤسسات» الإسلام في فرنسا أو الناطقين باسمها.



14 قتيلاً على الأقل جراء إعصار في أرخبيل مايوت الفرنسي (صور)

تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
TT

14 قتيلاً على الأقل جراء إعصار في أرخبيل مايوت الفرنسي (صور)

تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)

سقط ما لا يقل عن 14 قتيلاً في أرخبيل مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي الذي ضربه السبت إعصار شيدو القوي جداً، على ما أظهرت حصيلة مؤقتة حصلت عليها «وكالة الصحافة الفرنسية» اليوم (الأحد) من مصدر أمني.

صور التقطتها الأقمار الصناعية للمعهد التعاوني لأبحاث الغلاف الجوي (CIRA) في جامعة ولاية كولورادو ترصد الإعصار شيدو فوق مايوت غرب مدغشقر وشرق موزمبيق (أ.ف.ب)

وقال عبد الواحد سومايلا، رئيس بلدية مامودزو، كبرى مدن الأرخبيل، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، إن 9 أشخاص أصيبوا بجروح خطرة جداً، ونقلوا إلى مركز مايوت الاستشفائي، في حين أن 246 إصابتهم متوسطة.

الأضرار التي سبَّبها الإعصار شيدو في إقليم مايوت الفرنسي (رويترز)

وترافق الإعصار مع رياح زادت سرعتها على 220 كيلومتراً في الساعة. وكان شيدو الإعصار الأعنف الذي يضرب مايوت منذ أكثر من 90 عاماً؛ حسب مصلحة الأرصاد الجوية الفرنسية (فرنس- ميتيو).

آثار الدمار التي خلفها الإعصار (أ.ف.ب)

وضربت رياح عاتية جداً الأرخبيل، ما أدى إلى اقتلاع أعمدة كهرباء وأشجار وأسقف منازل. ويقيم ثلث سكان الأرخبيل في مساكن هشة.