الحكومة الألمانية تعلن حربًا ضد التشدد في المجتمع

جنايات اليسار المتطرف تتفاقم

الحكومة الألمانية تعلن حربًا ضد التشدد في المجتمع
TT

الحكومة الألمانية تعلن حربًا ضد التشدد في المجتمع

الحكومة الألمانية تعلن حربًا ضد التشدد في المجتمع

زادت الجنايات السياسية التي يرتكبها اليمين المتطرف في ألمانيا بنسبة 44.3 في المائة في سنة 2015. وارتفعت معها الجنايات التي يرتكبها اليسار المتطرف بنسبة 34.9 في المائة. وإذ قفزت نسبة المتشددين المستعدين لممارسة العنف بنسبة 41 في المائة، عاود جناح الجيش الأحمر نشاطه أيضًا. ويكشف تقرير التطرف الذي عرضه وزير الداخلية الألماني توماس ديميزيير، ترافقه وزيرة العائلة مانويلا شفيسغ ببرلين، أن المجتمع الألماني يشهد تصاعدا في التطرف من الاتجاهات السياسية كافة، بما يشكل خطرًا داهمًا على الأمن الاجتماعي. ولهذا فقد شدد دي ميزيير على أن قوى الأمن ستضرب بيد من حديد على كل مظاهر التطرف، وخصوصًا ضد النشاط اليميني المتطرف (النازي) الذي نفذ أكثر من 1000 هجمة على بيوت اللاجئين في العام الماضي. وسجلت دوائر الأمن بالمقابل، في العام 2015، أكثر من 300 محاولة فاشلة نفذها متشددون لكسب اللاجئين الجدد في معسكرات اللجوء، وعدة عمليات إرهابية تم إحباطها قبل البدء بتنفيذها. وأشار الوزير بقلق إلى عودة اليسار الفوضوي (الأوتونوم) إلى الساحة وبمظاهر عنف أكبر تذكر بثمانينات وتسعينات القرن الماضي. وأدت الصدامات مع الأوتونوم ببرلين في نهاية الأسبوع الماضي إلى إصابة 123 شرطيا بجروح مختلفة. وأشار أيضًا إلى نجاح متطرفي جناح الجيش الأحمر في تنفيذ أكثر من عملية سطو مسلحة على محلات كبيرة وعلى ناقلات نقود مصفحة، قد يكون الهدف منها تمويل عمليات إرهابية جديدة.
وبينما كان الوزير يعرض تقريره عن التطرف، شنت القوى الأمنية حملة واسعة النطاق ضد المواقع الإلكترونية، وعلى المواقع الشخصية، التي تحرض على الكراهية بين الأديان والإثنيات. شملت الحملة 14 ولاية، وحققت مع 60 متهمًا باستخدام الإنترنت والهواتف الذكية للتحريض على الكراهية والإرهاب. وتمخضت الحملة، التي شارك فيها 25 وحدة لشرطة الجنايات، عن إلقاء القبض على داعية متطرف من برلين أصدرت النيابة العامة بحقه مذكرة توقيف بتهمة التحريض على الكراهية. وإذ تحدث دي ميزيير، من الحزب الديمقراطي المسيحي، عن تصاعد أعمال العنف التي يرتكبها المتطرفون (من الاتجاهات كافة) بنسبة 19.2 في المائة في العام 2015، قالت الوزيرة شفيسغ، من الحزب الديمقراطي الاشتراكي، أن الحكومة الألمانية وضعت استراتيجية للوقاية من التطرف، ومن أجل تعزيز الديمقراطية في البلد. وأشركت الحكومة الحكومات المحلية في الولايات، وحكومات المدن في هذه الاستراتيجية الرادعة لمظاهر العداء للمؤسسات الديمقراطية ودولة القانون، والمشككة بعدالة هذه المؤسسات وديمقراطيتها. بلغ التطرف عمق المجتمع بشكل ملحوظ، بتقدير شفيسغ، وأصبح تحديًا لا بد منه للقوى السياسية والاجتماعية المناهضة له. وتشهد استطلاعات الرأي الأخيرة بأن 68 في المائة من الألمان عبروا عن مخاوفهم من تفاقم مظاهر التطرف في المجتمع.
وأكدت الوزير أن الحالة «تفاقمت بشكل حاد». واستشهدت شفيسغ باستطلاع للرأي أجراه تلفزيون «إن 24» يكشف ضعف ثقة الألمان بالسلطات بسبب التطرف السياسي. وقالت نسبة 61 في المائة ممن شملهم الاستفتاء إن تحرك الشرطة ضد المتطرفين السياسيين سيئ أو سيئ جدًا، مع نسبة 31 في المائة فقط ترى أن الشرطة جاهزة بشكل جيد أو جيد جدًا لمواجهة التطرف. وعلى الرغم من الميول الواضحة للتطرف في السياسة والدين، فإن شفيسغ رفضت أخذ «التعهدات» من طالبي تأسيس الجمعيات الإسلامية والثقافية بضرورة عملهم في إطار الدستور.
وكانت وزيرة العائلة السابقة كريستينا شرودر قد عملت بهذه التعهدات في التعامل مع الجمعيات التي تتقدم لنيل دعم الدولة لمشروعاتها. وعلى صعيد مكافحة الإرهاب أيضًا طرحت وزيرة الدفاع الألمانية أورسولا فون دير لاين «الكتاب الأبيض» لعام 2016، والكتاب عبارة عن برنامج لعمل وزارة الدفاع في المجال العسكري، دأبت الحكومات الألمانية على طرحه كل سنة منذ القرن التاسع عشر. ولا علاقة لاسم الكتاب بالسلام؛ لأنه يتعلق بالتسلح والمهمات العسكرية، ويستمد اسمه من لونه الأبيض. والملاحظة الأساسية أن فون دير لاين في كتابها الأبيض الجديد، تخلت عن المطالبة بإنزال الجيش إلى المدن لمكافحة الإرهاب. وربما للأمر علاقة بموقف الحليف الحكومي (الحزب الديمقراطي الاشتراكي) الذي ترفض معظم قيادته، وغالبية قاعدته، إنزال الجيش إلى الشوارع باسم مكافحة الإرهاب. واقتصرت مهمات الجيش، بحسب البرنامج الجديد، على تقديم العون والإسعافات عند حصول الكوارث أو العمليات الإرهابية. ويحدد الكتاب الأبيض مهمات الجيش الألماني المستقبلية و«سيناريوهات» التدخل العسكري في الخارج والداخل. وركز المشروع في عام 2016 على توسيع وحدات الجيش وتكثيرها وتسليحها أفضل تسليح، وزيادة مشاركة الجيش الألماني في المهمات الإنسانية والسلمية في الخارج، والتمتع «بمسؤولية عالمية» تجاه الأحداث على المستوى الدولي. فضلاً عن ذلك، يتيح الكتاب الأبيض الجديد تجنيد الأجانب المقيمين في ألمانيا، وكان التجنيد مقصورًا في السنوات السابقة على حاملي الجنسية الألمانية. وتود ألمانيا من خلال تحسين الجيش تسليحيًا وعدديًا لعب دور أساسي في عمليات الاتحاد الأوروبي، وفي عمليات حلف شمال الأطلسي.



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».