ذكرت صحيفة «نيويورك تايمز» أمس السبت أن أسرة الصحافية الأميركية ماري كولفن التي قتلت في سوريا عام 2012 أقامت دعوى أمام محكمة أميركية تتهم فيها الحكومة السورية بتعمد قتلها.
ولاقت كولفن حتفها مع المصور الفرنسي ريمي أوشليك في مدينة حمص المحاصرة بسوريا عام 2012 أثناء تغطية الصراع السوري الذي اندلع عام 2011.
وقالت الأسرة في الدعوى القضائية التي أقامتها في واشنطن، بأن مسؤولين سوريين أطلقوا عن عمد صواريخ على استوديو مؤقت للبث كان مقرا للإقامة والعمل لكولفن ولصحافيين آخرين.
وقالت الأسرة في الدعوى أيضا بأن «الهجوم كان جزءا من خطة وضعت على أعلى المستويات في الحكومة السورية لإسكات الإعلام المحلي والدولي في إطار مساعيها لسحق المعارضة السياسية».
وجاء في الدعوى المرفوعة إلى محكمة في واشنطن أن القوات السورية اعترضت في حينه اتصالات كولفن (56 عاما) التي كانت تعمل لحساب أسبوعية «صنداي تايمز» البريطانية، واستهدفت موقعها في مدينة حمص المحاصرة بوسط سوريا بقصف صاروخي مركز.
وقتلت كولفن في 22 فبراير (شباط) 2012 مع المصور الفرنسي ريمي أوشليك في قصف عنيف أدى إلى مقتل المئات في حي بابا عمرو الذي كان في ذلك الحين أحد معاقل مقاتلي المعارضة، كما أصيب المصور البريطاني بول كونروي والصحافية الفرنسية أديت بوفييه والناشط الإعلامي السوري وائل العمر في القصف نفسه.
وذكرت الدعوى التي قدمها المركز الأميركي للعدالة والمساءلة باسم شقيقة الصحافية كاثلين كولفن وأفراد آخرين في العائلة، أن «المسؤولين السوريين قتلوا عمدا وعن سابق تصميم ماري كولفن بشن هجوم صاروخي محدد الهدف» على المركز الإعلامي الذي أقامه الناشطون آنذاك في الحي وحيث كانت تعمل كولفن مع غيرها من الصحافيين.
وتستند الدعوى إلى معلومات مستمدة من وثائق حكومية تم ضبطها أو من فارين من النزاع، وهي تشير بالاتهام إلى عدد من المسؤولين السوريين بينهم ماهر الأسد شقيق الرئيس السوري.
وقبل الهجوم بليلة واحدة، أمنت كولفن تصريحات صوتية عبر الأقمار الاصطناعية من مدينة حمص إلى شبكة «سي إن إن» وشبكة «بي بي سي نيوز» والقناة الرابعة في التلفزيون البريطاني.
وقالت: «يتم إطلاق صواريخ وقذائف من دبابات وصواريخ مضادة للطائرات بشكل متوازٍ على المدينة (..) الجيش السوري يقصف مدينة يسكنها مدنيون يعانون من البرد والجوع».
وأوضحت الدعوى أنه بعدما أكدت امرأة مخبرة وجود كولفن في الموقع، قامت وحدات المدفعية السورية «بإطلاق دفعات من الصواريخ وقذائف الهاون مباشرة وبصورة متعمدة على المركز الإعلامي».
وتابعت الوثائق أنه «تم إطلاق الكثير من القذائف باستخدام وسيلة استهداف تعرف بـ(التطويق) على جانبي المبنى، مع الاقتراب أكثر عند كل دفعة جديدة».
كما أن الناجين الذين فروا إلى الشارع «رصدوا مباشرة من قبل طائرة استطلاع كانت تحوم فوق المكان. وبعد ذلك قامت وحدات المدفعية السورية بتعديل هدفها بسرعة بعيدا عن مركز الإعلام وباتجاه الناجين».
وأضافت الوثائق أن الصحافيين «هم مدنيون غير مقاتلين (..) ولم يكن هناك أي وجود لمتمردين مسلحين في المركز أو بالقرب منه وقت الهجوم».
وجاء في الدعوى أن الهجوم الصاروخي كان نتيجة «مؤامرة» من كبار المسؤولين في نظام الأسد «بهدف مراقبة الصحافيين المدنيين واستهدافهم وقتلهم في نهاية المطاف من أجل إسكات الإعلام المحلي والدولي في إطار مساعيهم للقضاء على المعارضة السياسية».
وقال الأمين العام لمنظمة «مراسلون بلا حدود» كريستوف دولوار في بيان بأن «هذه الآلية القانونية تثبت أنه يمكن اتخاذ خطوات لوضع حد لإفلات مسؤولين عن جرائم بحق صحافيين من العقاب». وأضاف أن المنظمة «تأمل في أن تساعد هذه الجهود في إظهار حقيقة أن هؤلاء الصحافيين استهدفوا عمدا وقتلوا لأنهم كانوا يبثون معلومات حول جرائم الجيش السوري بحق السكان المدنيين».
ومراسلون بلا حدود هي أيضا جهة مدنية منذ 2013 في الدعوى القضائية التي رفعت في باريس ومحورها «جريمة غير متعمدة» بحق ريمي أوشليك و«محاولة قتل» أديت بوفييه. ولاحظت المنظمة أنه «رغم جهود قاضي التحقيق في شأن جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، فإن التحقيق لم يحرز أي تقدم».
وكانت أديت بوفييه التي نجت من القصف، والصحافي ويليام دانييلز، أفادا في مارس (آذار) 2012 بعد فرارهما من بابا عمرو، أن القوات السورية استهدفت «بشكل مباشر» ماري كولفن والصحافيين الآخرين في الحي.
وغطت كولفن (56 عاما) الكثير من النزاعات الدموية منذ الثمانينات. وكانت ترتدي عصابة سوداء على إحدى عينيها بعد أن فقدتها في انفجار قنبلة أثناء تغطيتها الحرب الأهلية في سريلانكا في 2001.
وكتبت كولفن في آخر مقال لها نشرته صحيفة «صنداي تايمز» التي عملت فيها لمدة 25 عاما، أن حمص هي «مدينة الذين يعانون من البرد والجوع، يتردد فيها صدى القذائف والرصاص».
وأضافت: «السؤال الذي كان يتردد على لسان الجميع هو (لماذا تخلى العالم عنا؟)».
عائلة صحافية أميركية تقاضي النظام السوري بتهمة «القتل العمد»
قبل الهجوم بليلة تحدثت كولفن إلى شبكات دولية عن استهداف المدنيين في حمص
عائلة صحافية أميركية تقاضي النظام السوري بتهمة «القتل العمد»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة