بالنسبة لبريطانيا، تشكل خطوة خروجها من الاتحاد الأوروبي قفزة في المجهول؛ إذ لم يسبق أن غادرت دولة التكتل حتى الآن؛ ولهذا فلا يوجد سوابق يمكن الاعتماد عليها للمقارنة. ويرى الكثير من المراقبين أن «هذه العملية لا يمكن إقرارها إلا بعد استفتاء ثان أو انتخابات تشريعية جديدة».
ويواجه رئيس الوزراء البريطاني المقبل المهمة الشاقة القاضية ببدء مفاوضات خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي، في آلية يمكن أن تستغرق سنوات وتبقى نتيجتها غير مؤكدة مع احتمال عدم اللجوء للآلية، وهذا ما يراود البعض. تريزيا ماي، المتنافسة مع أندريا ليدسام، على زعامة حزب المحافظين الحاكم، والأوفر حظا لتصبح رئيسة للوزراء، قد لا تفعّل المادة 50 من معاهدة لشبونة الآلية المطلوبة لتسهيل عملية «الطلاق»، قبل بداية العام الجديد. لكن يصر قادة الاتحاد الأوروبي أن تطلب بريطانيا التفعيل في أقرب وقت ممكن.
ويقول المحللون: «إن البريطانيين يمكن في هذه المناسبة أن يغيروا رأيهم وألا يرغبوا في الخروج من نادي الدول الـ28، حتى بعد تفعيل المادة 50 من معاهدة لشبونة الذي سيكون بداية عملية الخروج من الاتحاد».
كما يمكن أن تطرح نقاط قانونية تتعلق خصوصا بتفعيل المادة 50؛ لأن الاستفتاء هو تعبير عن إرادة شعبية، لكنه مجرد عملية استشارية غير ملزمة قانونيا.
وطالب سياسيون، أمثال ميكل بورتيلو، وزير الدفاع السابق، وكذلك ديفيد لامي من حزب المحافظين، أن تقرر رئيسة الوزراء المقبلة إجراء انتخابات عامة في الخريف المقبل، لسببين: الأول حتى نتثبت من مصداقية توليها المنصب (كونه أعطي لها بسبب استقالة ديفيد كاميرون)، والآخر هو إعطاؤها فرصة الخروج من مأزق الاستفتاء، والبقاء على عضوية بريطانيا في الاتحاد الأوروبي.
يمكن لرئيس الوزراء أن يبدأ عملية الانفصال عن الاتحاد الأوروبي من دون أن يحتاج إلى موافقة البرلمان، كما أكد رئيس اللجنة المكلفة الإعداد لبريكست أوليفر ليتوين. وأوضح أن رئيس الوزراء يمكنه القيام بذلك عن طريق «الصلاحية الملكية» وهي صلاحية ممنوحة للسلطة التنفيذية لا تحتاج إلى موافقة البرلمان.
إلا أن ليتوين رأى أن القضية يمكن أن تنتقل إلى المحاكم؛ إذ إن مكتب المحاماة «ميشكون دي ريا» رفع دعوى قضائية تؤكد أنه لا يمكن للسلطة التنفيذية التحرك من دون ضوء أخضر من النواب.
أما الحقوقيون، فيؤكدون من جانبهم أن القانون الذي أقر في 1972 حول انضمام بريطانيا إلى الاتحاد الأوروبي تم التصويت عليه في البرلمان؛ لذلك يعود إلى هذا البرلمان التصويت على الخروج أو عدم الخروج من الاتحاد.
يخضع البرلمان الاسكوتلندي للتشريع الأوروبي بموجب «قانون اسكوتلندا» الذي أقر في 1998؛ لذلك يمكن أن تكون موافقته ضرورية لخروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي، كما قال عدد من الخبراء الدستوريين.
وقال ديفيد إدوارد، القاضي السابق في «محكمة العدل للاتحاد الأوروبي»، أمام لجنة برلمانية: «يجب الحصول على موافقة برلمان اسكوتلندا».
لكن آدم تومكينز، النائب الاسكوتلندي المعارض وأستاذ الحقوق في جامعة غلاسكو، رأى أن البرلمان الاسكوتلندي لا يستطيع عرقلة الخروج من الاتحاد الأوروبي. وأضاف في تغريدة أن «هوليرود (البرلمان الاسكوتلندي) يمكنه الدعم أو رفض الدعم (للخروج من الاتحاد الأوروبي). لكن رفض تقديم الدعم ليس مثل تعطيل هذه الخطوة».
رفض المرشحون لخلافة ديفيد كاميرون على رأس الحكومة الخيارين، وسيكون من الصعب على زعيم المحافظين المقبل الدفاع عن فكرة تنظيم استفتاء ثان أو انتخابات جديدة، بعد أشهر فقط على الاستفتاء الذي جرى في 23 يونيو (حزيران)، لكن هذا لم يمنع شخصيات نافذة من إعلان تأييدها لإجراء استفتاء جديد للموافقة أو عدم الموافقة على اتفاق خروج المملكة المتحدة من الاتحاد. وأعلن وزير الصحة المؤيد للبقاء في الاتحاد جيريمي هانت، أنه يعارض تفعيل المادة 50 «فورا».
وقال لصحيفة ديلي تلغراف «علينا التفاوض على اتفاق وعرضه على البريطانيين عن طريق استفتاء (...) أو انتخابات تشريعية».
وصرح أناند مينون، أستاذ السياسة الأوروبية في جامعة كينغز كوليدج في لندن، بأن استفتاء 23 يونيو (حزيران) لم يسمح للبريطانيين بالتعبير عن رأيهم بشأن «نوع العلاقة» التي يريدون إقامتها مع الاتحاد الأوروبي. وكتب في نشرة «فورين افيرز» أن استفتاء جديدا «ممكن جدا».
من جانب آخر، رشح رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون السفير البريطاني لدى فرنسا، جوليان كينج، ليكون مفوض الاتحاد الأوروبي الجديد بعد استقالة جوناثان هيل إثر صدور نتيجة الاستفتاء على عضوية بريطانيا في الاتحاد الأوروبي. وقال مسؤولون من الاتحاد الأوروبي «إن رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر سيجري مقابلة مع كينج، وهو دبلوماسي مخضرم يبلغ من العمر 51 عاما، يوم الاثنين المقبل لتقييم قدرته على شغل المنصب قبل الحصول على موافقة البرلمان الأوروبي». وشغل هيل منصب المفوض الأوروبي للخدمات المالية، إلا أن نائب الرئيس فالديس دومبروفسكيس سيتولى مهامه بدءا من 16 الشهر الحالي، ويبقى من غير الواضح ما المنصب الذي سيشغله كينج حال الموافقة على ترشيحه.
خروج بريطانيا من {الأوروبي}.. قفزة في المجهول
سفير بريطانيا لدى فرنسا مفوض جديد لدى الاتحاد
خروج بريطانيا من {الأوروبي}.. قفزة في المجهول
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة