التحالف العربي: الانقلابيون يسعون لإفشال الجهود الدولية لإحلال السلام

اعتراض صاروخ باليستي جنوب السعودية فجر أمس وتدمير منصة إطلاقه > الحوثيون يصبغون قذائف إيهامًا بأنها إيرانية

التحالف العربي: الانقلابيون يسعون لإفشال الجهود الدولية لإحلال السلام
TT

التحالف العربي: الانقلابيون يسعون لإفشال الجهود الدولية لإحلال السلام

التحالف العربي: الانقلابيون يسعون لإفشال الجهود الدولية لإحلال السلام

أعلنت قيادة التحالف العربي أن قوات الدفاع الجوي الملكي السعودي اعترضت فجر أمس الاثنين صاروخًا باليستيًا أطلق من الأراضي اليمنية باتجاه مدينة أبها السعودية، مؤكدة تفجير الصاروخ في الجو من دون أي أضرار فيما بادرت إلى تدمير منصة إطلاق الصاروخ في الحال.
وأوضحت قيادة التحالف أن إطلاق الصاروخ يأتي استمرارًا للأعمال العبثية التي تمارسها الميليشيات الحوثية والمخلوع صالح بهدف إفشال الجهود الدولية لإيجاد حل سياسي للوضع في اليمن، مؤكدة أنها ستتصدى بكل حزم لهذه الأعمال وستستمر في احترام التزاماتها تجاه المجتمع الدولي، والشعب اليمني على حد سواء، لإنجاح المشاورات الحالية في الكويت.
وتأتي هذه المحاولة العبثية بعد أيام قليلة على إعلان المبعوث الأممي إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد تعليق المفاوضات الحالية في الكويت حتى 15 يوليو (تموز) الحالي، في ظل تعنت واضح لوفد الانقلابيين وتعطيل جميع المحاولات للتوصل لحلول سياسية للأزمة وتطبيق قرار مجلس الأمن 2216.
إلى ذلك، بيّن العميد ركن متقاعد الدكتور علي بن حسن التواتي أن الصواريخ الباليستية التي يطلقها الحوثيون ليست متقدمة كما يتصور البعض، وقال في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إن «كلمة باليستية تعطي إيحاء كبيرًا، لكنها عبارة عن صواريخ (توشكا) من حقبة الخمسينات والستينات في القرن الماضي، وهي صواريخ روسية أجرى عليها بعض خبراء الحرس الثوري الإيراني تعديلات زادت مداها فبدت كأنما هي صواريخ مطورة».
ولفت التواتي إلى أن «الحوثيين قاموا بدهن هذه الصواريخ بألوان مختلفة ليقولوا أن المصانع الحوثية هي التي صنعتها وطورتها بينما هو في الحقيقة فريق من الحرس الثوري الإيراني جاءوا وزادوا عبوة الإطلاق في سبيل الوصول للمدن والقرى السعودية».
وأطلقت الميليشيا الحوثية والمخلوع صالح أكثر من 23 صاروخًا باليستيًا على الأراضي السعودية منذ انطلاق العملية العسكرية لقوات التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن، غالبية هذه الصواريخ تم إسقاطها داخل اليمن أو في الأجواء السعودية، بفضل الإمكانات المتطورة التي تملكها قوات الدفاع الجوي الملكي السعودي، ممثلة في نظام الدفاع الصاروخي «باتريوت»، وتقنيات الحرب الإلكترونية، التي عملت على شلّ أنظمة توجيه الأسلحة وإرباك قدرات القيادة والسيطرة لدى الحوثيين وقوات المخلوع.
وإزاء هذه الأعمال العبثية للميليشيات الحوثية والمخلوع صالح، طالب التواتي بإنشاء منطقة حظر على الحدود السعودية – اليمنية بعمق 50 كيلومترا، ومنع وجود أي قوات عسكرية أيًا كان نوعها، وتابع: «كان يفترض ألا نسمح بوصول أي قوة في حدود 50 كيلومترا من حدودنا، القرى الحدودية مع اليمن حوثية جميعها كما نعلم، ومنها تهرب هذه الصواريخ وتطلق، نحتاج منطقة محظورة بعمق 50 كيلومترا في حرب كهذه وألا نسمح بدخول أي قوة من أي نوع حتى لو كانت قوة عسكرية فردية، وكان لا بد من رصد استخباراتي جيد على الأرض وشن غارات لتدمير هذه الصواريخ في مخابئها ولا ننتظر حتى يتم إطلاقها».
ويرى الخبير العسكري أن تهريب الأسلحة للميليشيا الحوثية مستمرًا، ذلك أن اليمن يمتلك حدودًا بحرية لا تقل عن ألفي كيلومتر، وأردف: «قوات التحالف لا يمكنها السيطرة على كل الحدود ولا يوجد تعاون من القوى الأخرى مثل الأميركيين والفرنسيين الموجودين في المنطقة، كما لا ننسى أن إسرائيل وإيران موجودتان في جزر (دهلك) الإريترية، ولذلك عملية التهريب مستمرة لإطالة أمد الحرب وضمان استمرار استنزاف الحوثيين للمملكة».
وبحسب الدكتور علي التواتي، يجب عدم الاعتماد فقط على نجاحات قوات الدفاع الجوي الملكي السعودي في تدمير الصواريخ التي يطلقها الحوثيون وصالح، بل يجب تعزيز الاستخبارات الميدانية والتأكد من أماكن وجود هذه الصواريخ والأسلحة الفتاكة والقيام بغارات للقوات الخاصة عليها وليس فقط غارات جوية.
وعن الهدف من إطلاق مثل هذه الصواريخ بين فترة وأخرى رغم الهدنة والتزام قوات التحالف بها، أوضح التواتي أن الميليشيا تهدف من ذلك إلى إبقاء وتيرة الحرب وحالة التأهب من الدرجة الأولى، إلى جانب تثبيت القوات ومنعها من الحركة والمناورة للتذكير بوجود هذا التهديد في هذا المكان.
يذكر أن الميليشيا الحوثية وأتباع المخلوع صالح دأبوا على خرق التزاماتهم وأفشلوا ثلاث محاولات سابقة للأمم المتحدة، والمبعوث الأممي إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد من أجل وقف إطلاق النار وإدخال المساعدات الإنسانية، ففي الهدنة الأولى أعلن المتحدث باسم قوات التحالف، اللواء أحمد العسيري، انطلاق هدنة إنسانية اقترحتها السعودية تستمر لمدة 5 أيام، وأكد عليها وزير الخارجية السعودي، عادل الجبير في مؤتمر صحافي مع نظيره الأميركي جون كيري في باريس، على أن تبدأ من 12 مايو (أيار)، لم تلتزم بها الميليشيات والانقلابيين.
وفي محاولة أخرى أعلنت الأمم المتحدة هدنة غير مشروطة حتى نهاية شهر رمضان الماضي، بهدف إيصال المساعدات الإنسانية لنحو 21 مليون يمني بحاجة إليها، لكن الميليشيات قامت بخرقها عبر محاولاتها استغلال الهدنة للحصول على مكاسب على الأرض.
ولم تكن الهدنة الثالثة أفضل من سابقاتها ففي الرابع من ديسمبر (كانون الأول) 2015، اتفقت الأطراف المتنازعة في اليمن على وقف لإطلاق النار لبدء مفاوضات في جنيف، ورغم محاولات المبعوث الأممي إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ، التقريب بين مواقف الطرفين لإنجاح الحوار والتوصل إلى حل سياسي ينهي الأزمة، فإن التعنت الحوثي والمخلوع صالح أفشل هذه المحاولة.
وتسعى الأمم المتحدة عبر جهود مبعوثها الخاص إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد إلى حث القوى الانقلابية بالالتزام بالهدنة الأخيرة، مع جهود يبذلها سفراء الـ18 التي تدعم إحلال السلام في اليمن، في حين تؤكد الحكومة اليمنية (الشرعية) التزامها التام بكافة المواثيق الدولية والتواصل المستمر مع لجان التهدئة الميدانية للتأكد من التزامهم بإجراءات وقف إطلاق النار.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».