تقرير مصري: التعذيب في أماكن الاحتجاز أكبر التحديات الحقوقية خلال العام الماضي

تقرير مصري: التعذيب في أماكن الاحتجاز أكبر التحديات الحقوقية خلال العام الماضي
TT

تقرير مصري: التعذيب في أماكن الاحتجاز أكبر التحديات الحقوقية خلال العام الماضي

تقرير مصري: التعذيب في أماكن الاحتجاز أكبر التحديات الحقوقية خلال العام الماضي

قال المجلس القومي لحقوق الإنسان في مصر (شبه الرسمي)، أمس إن قضية التعذيب في أماكن الاحتجاز هي أكبر التحديات التي واجهت ملف حقوق الإنسان في مصر خلال العام الماضي، مؤكدا وجود 3 حالات موثقة لوفاة بسبب التعذيب في أقسام الشرطة. غير أنه أشار إلى أن الدولة تسير في مسار الديمقراطية رغم ما تواجهه من صعوبات.
وأعلن الدكتور محمد فايق، رئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان، خلال مؤتمر صحافي، أمس، التقرير السنوي للمجلس حول حقوق الإنسان في مصر، والذي يتناول الفترة من 30 مارس (آذار) 2015 وحتى 30 مارس 2016. وقال فايق: «هناك تقدم في الحقوق الاقتصادية والاجتماعية لا يستطيع أن ينكره إلا المغرض، لكن في نفس الوقت الحقوق السياسية والمدنية بها قصور».
وأوضح أن «أول المشاكل في الحقوق السياسية والمدنية هو التعذيب.. وصلتنا شكاوى كثيرة عن تعذيب في أقسام الشرطة وسوء المعيشة بها والشرطة طبعا تنفي، لكن هناك 3 حالات موثقة بالوفاة نتيجة التعذيب»، مضيفا أن هناك «20 حالة وفاة أخرى في الأقسام وأماكن الاحتجاز لكن بسبب الظروف الصحية السيئة».
وقال إن المجلس أوصى بالقضاء على هذه الظاهر بتعديل القانون ليتواءم مع اتفاقية الأمم المتحدة للتعذيب وتغيير مفهوم التعذيب، وبإنشاء هيئة وطنية للوقاية من التعذيب، وبالمعالجة العاجلة لظاهرة التكدس في أماكن الاحتجاز.
وأوضح فايق أن أوجه العنف لا تتوقف على التعذيب في أقسام الشرطة فقط، لكن أيضا الإرهاب في شبه جزيرة سيناء، الذي يمثل أخطر أنواع التحديات خاصة تلك التي تستهدف الحق في الحياة، إضافة إلى وجود حملة على المجتمع المدني، لتشويه صورة العاملين بهذه المؤسسات واتهامهم بأنهم عملاء أو تعرضهم لمضايقات في المطارات، وإغلاق بعض المراكز البحثية للمجتمع المدني، مؤكدا أن هذه الحملة أساءت لمصر كثيرًا.
وشدد على ضرورة أن تكون منظمات المجتمع المدني في المقابل وطنية وتعمل على أساس المصلحة العامة للدولة وفي إطار من الحرية، مشيرا إلى أنه تسلم نسخة من مشروع قانون وزارة التضامن للجمعيات الأهلية، وأضاف أن القانون في جوهره جيد، وأتمنى ألا يتدخل أحد لإفساده.
وأشار فايق إلى وجود مشكلة في طول فترة الحبس الاحتياطي على ذمة القضايا التي قد تصل إلى قرابة عامين، مطالبا المجلس الأعلى للقضاء، بالبحث عن حل لتلك المشكلة، حيث إنه من الممكن أن يحبس شخصا احتياطيا لفترة طويلة ثم يحصل على براءة، ويكون قد قضى فترة العقوبة بالفعل. وأضاف أن المجلس في انتظار إصدار قرار رئيس الجمهورية بالعفو الشامل على أن يشمل الشباب الذين لم تلوث أيديهم بالدماء، مشيرا إلى أن هناك معاناة بسبب غياب العدالة الناجزة.
وقال رئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان، خلال المؤتمر الصحافي، إن حالات الاختفاء القسري «تفاقمت» العام الماضي، موضحا أن قضية الاختفاء القسري تنبع من عدم عرض المقبوض عليهم على النيابة خلال 24 ساعة وفقا لما نص عليه الدستور. وأكد المجلس في تقريره أن هناك 276 حالة اختفاء تم الكشف عن مصيرهم وأماكن اختفائهم بالتعاون مع وزارة الداخلية.
وأكد المجلس في تقريره ضرورة الانضمام إلى الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري وإعادة النظر في الانضمام إلى بروتوكول الوقاية من التعذيب، الذي ينص على تشكيل آلية وطنية مستقلة للوقاية من التعذيب.. وأضاف أنه من الضروري منح الأولوية لمراجعة قوانين الطوارئ ومكافحة الإرهاب، وحماية الشهود والمبلغين، والتظاهر، والإجراءات الجنائية بما يتسق مع الضمانات الدستورية.
وأوصى المجلس في تقريره بالحد من استخدام عقوبة الإعدام واتخاذ التدابير التشريعية لقصرها على أشد الجرائم خطورة وتعديل قانون العقوبات لتتواءم مع اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب، فضلاً عن النظر في إنشاء آلية وطنية مستقلة للوقاية من التعذيب، التي يمكن أن ينهض بها المجلس.
وطالب التقرير بوضع حدود واضحة تفصل بين حرية الرأي وازدراء الأديان والإساءة إليها. وأكد المجلس أن مصر تخطو خطوة كبيرة في إحقاق الحقوق الاقتصادية والاجتماعية وأن هناك اهتماما كبيرا بالفئات الأكثر احتياجا من خلال التأمين الاجتماعي، موضحا أن تنمية سيناء شهدت طفرة كبيرة خلال الفترة الأخيرة من خلال المشروعات الكبيرة التي يتم تنفيذها.



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.