شكوى ضد قرار سوداني بوقف تراخيص «قلب العالم»

وزارة الاستثمار تتمسك بمبرراتها والشركة تنفي وتفند الاتهامات

المخطط العام لمشروع «قلب العالم»
المخطط العام لمشروع «قلب العالم»
TT

شكوى ضد قرار سوداني بوقف تراخيص «قلب العالم»

المخطط العام لمشروع «قلب العالم»
المخطط العام لمشروع «قلب العالم»

اتهمت الشركة السعودية المنفذة لمشروع قلب العالم السياحي الاستثماري، الواقع داخل مياه البحر الأحمر على بعد ألف كيلومتر من الخرطوم و280 كليومترا من مدينة جدة على الساحل السعودي، وتقدر استثماراته بنحو 20 مليار دولار، جهات بالسعي لعرقلة المشروع، الذي بات قاب قوسين أو أدنى من التنفيذ؛ حيث تبدأ خلال أسابيع عمليات إنشاء المدينة الرائدة وهي المرحلة الأولى من جزيرة قلب العالم، الذي يتضمن أعلى برج في العالم بارتفاع 1750 مترًا ونافورة تعتبر الأطول في العالم، وأكبر مناطق لسباحة الزوارق (المارينا) التي تتسع لأكثر من 2400 قارب وأرصفة بحرية تستوعب قرابة 700 يخت، بجانب مطار دولي ومصانع ومحطات كهرباء ومياه. وسيضع مشروع (قلب العالم) السودان على قائمة الدول التي تنفذ مشاريع عملاقة وجاذبة الاستثمارات الأجنبية.
وتأتي اتهامات الشركة السعودية، وهي إحدى شركات مجموعة المستشار أحمد الحصيني، بعد أن أصدر وزير الاستثمار السوداني قرارًا بوقف ترخيص المشروع بحجة عدم اكتمال بعض متطلبات الترخيص؛ الأمر الذي أثار ممثلي ووكلاء الشركة في السودان، وقرروا رفع مذكرة تظلم عاجلة لمجلس الوزراء والرئيس عمر حسن أحمد البشير.
وأوضح لـ«الشرق الأوسط» أمس الأستاذ سامي محمد محمود، مدير مشروع قلب العالم، في حديث موسع حول تلك التطورات، أن مشروع قلب العالم ظل يتعرض للتشويش والعرقلة منذ فترة طويلة وهناك جهات - لم يسمها لكنها معروفة لديهم - تسعى إلى منع انطلاق المشروع، بعد أن قطع شوطا في إبرام العقود وتلقى طلبات الشركات العالمية للتنفيذ؛ حيث تقدمت 400 شركة عالمية بطلبات و70 شركة تم التعاقد معها، معلنا أنهم على ثقة كاملة بالقيادة السودانية المتمثلة في الرئيس عمر حسن أحمد البشير لمعالجة الموضوع، لكنهم مصرون ولن يتوقفوا، وأن ترتيباتهم الزمنية تسير في مواقيتها، وتبدأ الشهر المقبل بإنشاء المرحلة الأولى في مدينة بورتسودان بشرق البلاد.
من جانبها تمسكت وزارة الاستثمار بقرار إلغاء ترخيص مشروع قلب العالم بناء على قرار المجلس الأعلى للمناطق الحرة لعدم التزام ملاكه بالاشتراطات واللوائح التي تفرضها السلطات السودانية المعنية بقضايا الاستثمار. وشدد مصدر مسؤول بوزارة الاستثمار السودانية في حديث لـ«الشرق الأوسط» على أحقية الوزارة في وقف الترخيص؛ حيث أبلغت الشركة وأنذرت وأعطيت مهلة لتوفيق أوضاعها والإيفاء بالمتطلبات التي تنص عليها اللوائح والقوانين السودانية، لكنها لم تستجب.
واعتبر مصدر مسؤول في الحكومة السودانية أن ما حدث هو إجراء إداري وعلى الشركة توضيح وتبرير الأسباب التي أدت إلى قرار وقف التراخيص، مشيرا إلى أن إثارة الشركة للموضوع قصدت به الشركة الترويج الإعلامي، لكنهم حريصون بقدر كبير على توفير التسهيلات والمزايا والحوافز لكل الاستثمارات السعودية في السودان، وأن الوزير يقف بنفسه ميدانيا على جميع مشاريعهم في البلاد؛ حيث يعتبرون الشريك الأساسي والأول للسودان، وأن قيادتا البلدين حريصتان على تطوير وتقدم العلاقات بين الشعبين الصديقين.
وشرح الأستاذ سامي محمد محمود، مدير مشروع قلب العالم، مراحل سير المشروع منذ العام 2005 والخطوات التي اتخذت عند بداية توقيع العقد ووضع حجر أساسه رئيس الجمهورية عام 2011، ثم المراحل التي تلت اختيار موقع الجزيرة وتقديمهم لدراسات الجدوى الفنية والبيئية للمشروع، التي أجيزت لدى وزارة الاستثمار.
ووضع الرئيس السوداني عمر حسن أحمد البشير حجر أساس المشروع عام 2011 بحضور ومشاركة عدد كبير من الشركات ورجال المال والأعمال من البلدين. وواجهت المشروع مشكلات قضائية متعددة عرضت الشركة للوقوف في المحاكم فترة طويلة، لكنها استطاعت أن تستمر في المشروع الذي ترى فيه أنه سيكون قبلة العالم في السياحة والاستثمار والتجارة الدولية، ويمكنه أن ينافس مدينة دبي كميناء ومركز تجاري دولي.
ويستوعب المشروع نحو 5 آلاف مستثمر، وتقدمت حتى الآن 75 شركة من السعودية وعُمان للمشاركة في استثمارات المشروع، وسيتم إنشاء بنك خاص للمشروع خلال الفترة المقبلة.
ويتوقع أن تبلغ أعداد المقيمين في الجزيرة عند انتهائها أكثر من 150 ألف نسمة يعمل بها أكثر من 120 ألف موظف وسترحب بأكثر من 90 ألف زائر شهريا.
وتبدأ المرحلة الثانية من المشروع عام 2020 وحتى العام 2024، وفيها تنفذ مدينة الماسة والمطار بنسبة 75 في المائة والميناء بنسبة 50 في المائة، بينما تتبعها مرحلة تمتد من العام 2024 وحتى 2038 العام الذي من المقرر فيه الانتهاء من المشروع؛ حيث سيتم في هذه المرحلة بناء مدينة الإنتاج الإعلامي والمال والفيلات والمرافق السياحية.
ويتوقع أن يسهم المشروع في رفع معدلات النمو وتخفيض معدلات البطالة ورفع درجة التشغيل العام في المجتمع؛ وذلك لما سيخلقه من فرص وظيفية خلال مراحل إنشاء المشروع، حيث يتضمن مدنا صناعية وسياحية متخصصة ومطارات وموانئ دولية وسكنا عقاريا وتعليميا ومراكز مالية ومكاتب وقنوات فضائية وإعلامية، وفنادق ومدنًا رياضية وأسواقًا تجارية.
وتتميز منطقة المشروع بالهدوء وتقع في نهاية المنطقة المدارية بالقرب من مدار السرطان ما يجعل فترة الدفء تمتد لفترة أطول مما يزيد من توقعات طول فترة الذروة السياحية خلال أشهر ديسمبر (كانون الأول) ويناير (كانون الثاني) وفبراير (شباط)، ويوجد به ميناء بعمق 8 أمتار، ويستقبل باخرة بحمولة ألف طن، كما سيتم بناء محطة لتحلية المياه ومحطة للكهرباء تعمل بالطاقة.



إنشاء 18 منطقة لوجيستية في السعودية باستثمارات تتجاوز 2.6 مليار دولار

وزير النقل والخدمات اللوجيستية متحدثاً للحضور في «مؤتمر سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية»... (الشرق الأوسط)
وزير النقل والخدمات اللوجيستية متحدثاً للحضور في «مؤتمر سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية»... (الشرق الأوسط)
TT

إنشاء 18 منطقة لوجيستية في السعودية باستثمارات تتجاوز 2.6 مليار دولار

وزير النقل والخدمات اللوجيستية متحدثاً للحضور في «مؤتمر سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية»... (الشرق الأوسط)
وزير النقل والخدمات اللوجيستية متحدثاً للحضور في «مؤتمر سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية»... (الشرق الأوسط)

أعلن وزير النقل والخدمات اللوجيستية السعودي، المهندس صالح الجاسر، عن تحقيق الموانئ تقدماً كبيراً بإضافة 231.7 نقطة في مؤشر اتصال شبكة الملاحة البحرية، وفق تقرير «مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (أونكتاد)» لعام 2024، إلى جانب إدخال 30 خطاً بحرياً جديداً للشحن.

كما كشف عن توقيع عقود لإنشاء 18 منطقة لوجيستية باستثمارات تتجاوز 10 مليارات ريال (2.6 مليار دولار).

جاء حديث المهندس الجاسر خلال افتتاح النسخة السادسة من «مؤتمر سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية»، في الرياض، الذي يهدف إلى تعزيز التكامل بين أنماط النقل ورفع كفاءة الخدمات اللوجيستية، ويأتي ضمن مساعي البلاد لتعزيز موقعها مركزاً لوجيستياً عالمياً.

وقال الوزير السعودي، خلال كلمته الافتتاحية في المؤتمر، إن «كبرى الشركات العالمية تواصل إقبالها على الاستثمار في القطاع اللوجيستي؛ من القطاع الخاص المحلي والدولي، لإنشاء عدد من المناطق اللوجيستية».

يستضيف المؤتمر، الذي يقام يومي 15 و16 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، عدداً من الخبراء العالميين والمختصين، بهدف طرح التجارب حول أفضل الطرق وأحدث الممارسات لتحسين أداء سلاسل الإمداد ورفع كفاءتها. كما استُحدثت منصة تهدف إلى تمكين المرأة في القطاع من خلال الفرص التدريبية والتطويرية.

وأبان الجاسر أن منظومة النقل والخدمات اللوجيستية «ستواصل السعي الحثيث والعمل للوصول بعدد المناطق اللوجيستية في السعودية إلى 59 منطقة بحلول 2030، من أصل 22 منطقة قائمة حالياً، لتعزيز القدرة التنافسية للمملكة ودعم الحركة التجارية».

وتحقيقاً لتكامل أنماط النقل ورفع كفاءة العمليات اللوجيستية، أفصح الجاسر عن «نجاح تطبيق أولى مراحل الربط اللوجيستي بين الموانئ والمطارات والسكك الحديدية بآليات وبروتوكولات عمل متناغمة؛ لتحقيق انسيابية حركة البضائع بحراً وجواً وبراً، بالتعاون مع الجهات ذات العلاقة، ودعم العمليات والخدمات اللوجيستية وترسيخ مكانة المملكة مركزاً لوجيستياً عالمياً».

وخلال جلسة بعنوان «دور الازدهار اللوجيستي في تعزيز أعمال سلاسل الإمداد بالمملكة وتحقيق التنافسية العالمية وفق (رؤية 2030)»، أضاف الجاسر أن «الشركة السعودية للخطوط الحديدية (سار)» تعمل على تنفيذ ازدواج وتوسعة لـ«قطار الشمال» بما يتجاوز 5 مليارات ريال (1.3 مليار دولار)، وذلك مواكبةً للتوسعات المستقبلية في مجال التعدين بالسعودية.

إعادة التصدير

من جهته، أوضح وزير الصناعة والثروة المعدنية السعودي، بندر الخريف، أن السعودية سجلت في العام الحالي صادرات بلغت 61 مليار ريال (16.2 مليار دولار) من قطاع إعادة التصدير، بنمو قدره 23 في المائة مقارنة بالعام الماضي، «وهو ما تحقق بفضل البنية التحتية القوية والتكامل بين الجهات المعنية التي أسهمت في تقديم خدمات عالية الكفاءة».

وأشار، خلال مشاركته في جلسة حوارية، إلى أن شركة «معادن» صدّرت ما قيمته 7 مليارات ريال (1.8 مليار دولار) من منتجاتها، «وتحتل السعودية حالياً المركز الرابع عالمياً في صادرات الأسمدة، مع خطط لتحقيق المركز الأول في المستقبل».

جلسة حوارية تضم وزير النقل المهندس صالح الجاسر ووزير الصناعة والثروة المعدنية بندر الخريف (الشرق الأوسط)

وبين الخريف أن البلاد «تتمتع بسوق محلية قوية، إلى جانب تعزيز الشركات العالمية استثماراتها في السعودية، والقوة الشرائية الممتازة في منطقة الخليج»، مما يرفع معدلات التنمية، مبيناً أن «قوة السعودية في المشاركة الفاعلة بسلاسل الإمداد تأتي بفضل الموارد الطبيعية التي تمتلكها. وسلاسل الإمداد تساهم في خفض التكاليف على المصنعين والمستثمرين، مما يعزز التنافسية المحلية».

وفي كلمة له، أفاد نائب رئيس «أرامكو السعودية» للمشتريات وإدارة سلاسل الإمداد، المهندس سليمان الربيعان، بأن برنامج «اكتفاء»، الذي يهدف إلى تعزيز القيمة المُضافة الإجمالية لقطاع التوريد في البلاد، «أسهم في بناء قاعدة تضم أكثر من 3 آلاف مورد ومقدم خدمات محلية، وبناء سلاسل إمداد قوية داخل البلاد؛ الأمر الذي يمكّن الشركة في الاستمرار في إمداد الطاقة بموثوقية خلال الأزمات والاضطرابات في الأسواق العالمية».

توقيع 86 اتفاقية

إلى ذلك، شهد «مؤتمر سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية» في يومه الأول توقيع 86 اتفاقية؛ بهدف تعزيز أداء سلاسل الإمداد، كما يضم معرضاً مصاحباً لـ65 شركة دولية ومحلية، بالإضافة إلى 8 ورشات عمل تخصصية.

جولة لوزيرَي النقل والخدمات اللوجيستية والصناعة والثروة المعدنية في المعرض المصاحب للمؤتمر (الشرق الأوسط)

وتسعى السعودية إلى لعب دور فاعل على المستوى العالمي في قطاع الخدمات اللوجيستية وسلاسل التوريد، حيث عملت على تنفيذ حزمة من الإصلاحات الهيكلية والإنجازات التشغيلية خلال الفترة الماضية، مما ساهم في تقدمها 17 مرتبة على (المؤشر اللوجيستي العالمي) الصادر عن (البنك الدولي)، وساعد على زيادة استثمارات كبرى الشركات العالمية في الموانئ السعودية».