عند كل حدث أمني أو تفجير يقع في لبنان يعود الحديث إلى المطالبة بتنظيم وجود اللاجئين السوريين الذين بلغ عددهم المليون ونصف المليون، موزعين على نحو ألف و800 مخيم عشوائي، بعدما اتخذت الدولة اللبنانية قرارا بعدم إنشاء مخيمات شرعية لأسباب عدّة، أهمّها هواجس البعض من تكرار تجربة اللاجئين الفلسطينيين أو التوطين.
وما حصل يوم أمس، إثر التفجيرات التي ضربت منطقة القاع في البقاع الشمالي، خير دليل على هذا الأمر، حتى إن البعض طالب بتشكيل «حشد شعبي» أو «أنصار للجيش» ولجان في البلدات، وهو الأمر الذي وجد فيه مصدر أمني، كلاما في غير مكانه، مؤكدا لـ«الشرق الأوسط»، أن القوى الأمنية والجيش اللبناني قادران على السيطرة، كما أن إحباط كثير من العمليات التي كان يتم الإعداد لتنفيذها سابقا يثبت ذلك، داعيا إلى عدم ربط الأحداث الأمنية أو التفجيرات باللاجئين السوريين.
وجاء التفجير بعد يوم واحد على طلب وزير الخارجية جبران باسيل من البلديات التابعة لـ«التيار الوطني الحر» الذي يرأسه، منع إقامة تجمعات أو مخيمات للنازحين أو فتح محلات تجارية لسوريين، وهو الكلام الذي طرح كثيرا من علامات الاستفهام. وقال في المؤتمر التأسيسي للعمل البلدي الذي أقامه التيار: «ممنوع وجود تجمعات ومخيمات لسوريين في بلدية من بلداتنا، كما ستمنع البلديات التابعة للتيار النازحين السوريين من فتح محال تجارية»، مضيفا: «نحن موجودون بـ396 بلدية، أي بنسبة 37 في المائة من بلديات لبنان». وفي هذا الإطار، أكّد وزير الشؤون الاجتماعية اللبناني رشيد درباس، لـ«الشرق الأوسط»، أن اللاجئين لم يعمدوا إلى تنظيم وجودهم ضمن مجموعات منظمة من شأنها إثارة الريبة من أي أعمال مشبوهة، موضحا: «لم يضبط أي حالة إرهاب واحدة قام بها لاجئ سوري في لبنان، ووفق الإحصاءات فإن نسبة الجريمة في المجتمع اللبناني هي نفسها في صفوف اللاجئين رغم الاختلاف في الوضع الاجتماعي الصعب الذي يعيشونه». وفي حين وضعت مصادر نيابية كلام باسيل في خانة «التهويل والمزايدات السياسية»، معتبرة أنه «لا يمكن للتيار أن يطبّق سياسة خاصة به مغايرة لتلك السياسة التي أقرتها الحكومة اللبنانية في هذه القضية»، أكد درباس أن للبنان سياسة واحدة فيما يتعلق بالتعاطي مع قضية النازحين بما لا يتعارض مع القيم اللبنانية، مبديا استغرابه من وتيرة الخطاب السياسي العالية وهواجس التوطين رغم تأكيد كل الأطراف اللبنانية كما الشعب السوري رفضهم الأمر، مضيفا لـ«ليس لدينا جوازات سفر للبيع، كما أننا لسنا شركاء في جريمة تهجير الشعب السوري».
ولفت درباس إلى أنّ لبنان الذي رفض منذ بدء الأزمة السورية إنشاء مخيمات منظمة للنازحين بات يوجد فيه اليوم نحو ألف و800 مخيم عشوائي، وبعد ذلك فإن أي خطوة ناقصة في هذا الاتجاه أو في التعامل معها، فإن الأمر قد يفضي إلى كارثة على المجتمع قد لا يتوقعها البعض. ورأى وزير الشؤون أن أمام لبنان خيارين لا ثالث لهما، إما تهميش القضية وفق سياسة الإنكار والتجاهل مما سينعكس سلبا على الوضع، وإما اعتماد سياسة الاحتواء السياسية والاجتماعية والإنسانية بما لا يسيء إلى اللاجئين أو يضرّ بلبنان، مضيفا: «وبالتالي فإن هذا الأمر لا يحتمل قرارات فردية، بل إلى تعاون وتنسيق بين كل الأطراف اللبنانيين ومع المجتمع الدولي، رغم عدم ثقتنا بأنه يعمل لإيجاد حل للقضية السورية».
في المقابل، أوضح القيادي في «الوطني الحر»، ماريو عون، أن ما قاله باسيل لا يختلف عن وجهة نظر التيار التي لطالما عبّر عنها وزراؤه في الحكومة وتحديدا لجهة المطالبة بعودتهم إلى المناطق الآمنة في سوريا. وقال في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «سياسة الدولة اللبنانية في التعامل مع قضية اللاجئين غير كافية، وبالتالي عليها تحمّل مسؤوليتها منعا لانتشارهم بشكل عشوائي وخطر، ولعدم تحوّل مجتمعات البؤس إلى مجموعات تؤثر على الوضع الداخلي اللبناني».
وأضاف: «كما يجب العمل على منع تغلغل اللاجئين في البلدات اللبنانية، لا سيما أنه إذا تحوّل وجودهم إلى دائم من شأنه أن يشكّل خطرا على الديموغرافيا اللبنانية، وقد يؤدي فيما بعد إلى طردنا من لبنان».
التفجيرات تفتح ملف اللاجئين في لبنان
جاءت بعد طلب باسيل منع إقامة مخيمات للنازحين
التفجيرات تفتح ملف اللاجئين في لبنان
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة