«الرقاق» الكردي يحافظ على وجوده رغم تنوع أصناف الخبز في السوق

يتميز بمذاقه اللذيذ وخفته

أرغفة خبز الرقاق الكردي - نساء يعددن خبز الرقاق الكردي في مدينة أربيل  -نساء أثناء انشغالهن  بصنع خبز الرقاق الكردي في مخبز أم سامان («الشرق الأوسط»)
أرغفة خبز الرقاق الكردي - نساء يعددن خبز الرقاق الكردي في مدينة أربيل -نساء أثناء انشغالهن بصنع خبز الرقاق الكردي في مخبز أم سامان («الشرق الأوسط»)
TT

«الرقاق» الكردي يحافظ على وجوده رغم تنوع أصناف الخبز في السوق

أرغفة خبز الرقاق الكردي - نساء يعددن خبز الرقاق الكردي في مدينة أربيل  -نساء أثناء انشغالهن  بصنع خبز الرقاق الكردي في مخبز أم سامان («الشرق الأوسط»)
أرغفة خبز الرقاق الكردي - نساء يعددن خبز الرقاق الكردي في مدينة أربيل -نساء أثناء انشغالهن بصنع خبز الرقاق الكردي في مخبز أم سامان («الشرق الأوسط»)

رغم انخفاض الإقبال عليه خلال السنين الماضية فإن الخبز (الرقاق) الكردي المعروف بطعمه اللذيذ وخفة وزنه عاد مرة أخرى إلى الواجهة، ليعتلي من جديد عرش أصناف الخبز الأخرى في إقليم كردستان، ولعل تأريخ هذا النوع من الخبز الذي صنعه الكرد منذ آلاف السنين جعله موجودا لفترات طويلة على المائدة الكردية.
ومع تطور أنواع الخبز والمعجنات، بات هذا النوع من الخبز لا يُصنع في بيوت الكرد مثلما كان سابقا، فالجيل الجديد من النساء والفتيات الكرديات في المدن لا يتقن صناعة خبز الرقاق، لذا أصبحت صناعته تقتصر على القرى وبعض المخابز في المدن التي تعمل فيها مجموعات من نساء كبار السن، وتصارع بقوة الأنواع الحديثة من الخبز التي غزت أسواق الإقليم.
أم سامان، امرأة كردية من مدينة أربيل عاصمة إقليم كردستان، تتقن صناعة خبز الرقاق، واختارتها عملا لها لتوفير لقمة العيش، فحولت أحد منازل المدينة مخبزا، وشغلت عددا من النسوة اللاتي يُجدن صناعة هذا النوع من الخبز في مخبزها، الذي ينتج يوميا أكثر من ألف رغيف من خبز الرقاق بكل الأنواع التي دخلت عالم صناعة هذا الخبز خلال المدة الماضية. وتقول أم سامان، لـ«الشرق الأوسط»: «خبز الرقاق يعد واحدا من أقدم أنواع الخبز في كردستان، حيث كان أجدادنا القدماء يخبزونه في منازلهم، وكاد ينقرض من الوجود، بسبب تنوع أنواع الخبز والأفران، لذا طرأت لنا فكرة افتتاح هذا المخبز لنحافظ على هذا الإرث التأريخي».
وتشرح أم سامان، طريقة صناعة عجينة خبز الرقاق والمواد المستعملة فيه، وتضيف بالقول: «المواد المستخدمة في عجينة هذا الخبز، تتمثل في الطحين والملح والماء، ولا تُضاف إليه الخميرة أو صودا الخبز، أما أنواعه، فحاليا أصبح خبز الرقاق يتكون من عدة أنواع، منها الخبز بالجبنة وبالسمسم وبالحبة السوداء، وبالبصل، بحسب طلب الزبون، ويُصنع هذا النوع من الخبز من الطحين الأبيض أي طحين القمح، والطحين الأسمر أي المصنوع من الشعير».
تعتمد صناعة هذا النوع من الخبز على أدوات خاصة متوفرة في أسواق الإقليم بشكل جاهز، وتتمثل في تنور حديدي على شكل قرص دائري، مقوس الظهر يسمى «صاجا»، مثبت على قاعدة حديدية تتصل بقنينة غاز، حيث تفرش العجينة فوق «الصاج» بعد أن يكون قد أخذ حصته من السخونة. وهناك تنور حديدي آخر يعمل بواسطة البريمز (مشعل نفطي) يوضع تحت «الصاج» لغرض تسخينه ليكون جاهزا لإعداد الخبز. أما النوع الثالث الذي يستخدم عادة في القرى، فهو يعتمد على الحطب. إضافة إلى هذه الأدوات هناك أدوات أخرى يجب أن توجد لإتمام صناعة هذا الخبز، وتشمل منضدة خشبية دائرية الشكل ينثر فوقها القليل من الطحين، ثم توضع عليها قطعة العجين وتفرش على هيئة قرص دائري بالاعتماد على عصا أسطوانية الشكل، وهي بمثابة الشيبك المستعمل في صناعة «الكليجة»، لكنها أطول منه وأقل سمكا وأكثر صقلا، بعدها يرفع قرص العجين بواسطة هذه العصا ويوضع على «الصاج»، ويجري تقليب الرغيف بعصا أخرى إضافية مسطحة الشكل، ولا تستغرق عملية نضوج الرغيف أكثر من 20 ثانية.
ومن مميزات خبز الرقاق الكردي أنه يبقى لمدة زمنية طويلة دون أن يتعفن، وتضيف أم سامان بالقول: «هذا النوع من الخبز يبقى لمدة شهر أو شهرين دون أن يتلف، فيما إذا نضج جيدا على النار، حيث يخزن بشكل جاف، ويُرش بالماء كي يصبح لينا قبل تناوله».
وتشير أم سامان إلى عدد النساء العاملات في المخبز وإلى مشاريعها المستقبلية: «تعمل 14 امرأة في المخبز، وجميعهن يعملن من أجل مساعدة أزواجهن في توفير لقمة العيش، حاليا ننتج يوميا ألفا و100 رغيف من الخبز. أتمنى أن أمتلك الإمكانية الكافية لتوسيع هذا المخبز إلى معمل واسع وكبير لإنتاج خبز الرقاق، ولدي مشروع فتح مطعم للأكلات الكردية التراثية تعمل فيه النساء فقط، فكثير من الأطباق الكردية انقرضت ولا يعرفها الجيل الجديد، لذا أريد أن أحيي هذه الأكلات من جديد، لكنني بحاجة إلى دعم وإمكانية».
يُقبل يوميا العشرات من المواطنين على هذه المخابز، التي انتشرت في الآونة الأخيرة في جميع مناطق الإقليم، وغالبية الزبائن من الموظفات والموظفين الذين لا يمكنهم صناعة هذا النوع من الخبز في منازلهم، ويوضح كامران محمد، الذي كان يحمل مجموعة من أرغفة خبز الرقاق بيده، لـ«الشرق الأوسط»: «في الماضي كان هذا الخبز يُصنع في منازلنا، وكانت أمهاتنا يصنعنه في الصباح الباكر، لكن اليوم وبسبب الانشغال بالعمل أصبح من الصعب صناعته في المنزل، أنا الآن اشتريت 25 رغيفا من خبز الرقاق بـ11 ألف دينار عراقي، أي ما يعادل تسع دولارات، وهذا العدد من الأرغفة يكفينا في المنزل لمدة تتراوح ما بين 10 و15 يوما».



«عناب براسري» منافس قوي على ساحة الأكل اللبناني بلندن

ديكور أنيق ومريح (الشرق الاوسط)
ديكور أنيق ومريح (الشرق الاوسط)
TT

«عناب براسري» منافس قوي على ساحة الأكل اللبناني بلندن

ديكور أنيق ومريح (الشرق الاوسط)
ديكور أنيق ومريح (الشرق الاوسط)

عندما يأتي الكلام عن تقييم مطعم لبناني بالنسبة لي يختلف الأمر بحكم نشأتي وأصولي. المطابخ الغربية مبنية على الابتكار والتحريف، وتقييمها يعتمد على ذائقة الشخص، أما أطباق بلاد الشام فلا تعتمد على الابتكار على قدر الالتزام بقواعد متَّبعة، وإنني لست ضد الابتكار من ناحية طريقة التقديم وإضافة اللمسات الخاصة تارة، وإضافة مكون مختلف تارة أخرى شرط احترام تاريخ الطبق وأصله.

التبولة على أصولها (الشرق الاوسط)

زيارتي هذه المرة كانت لمطعم لبناني جديد في لندن اسمه «عناب براسري (Annab Brasserie)» فتح أبوابه في شارع فولهام بلندن متحدياً الغلاء والظروف الاقتصادية العاصفة بالمدينة، ومعتمداً على التوفيق من الله والخبرة والطاهي الجيد والخبرة الطويلة.

استقبلنا بشير بعقليني الذي يتشارك ملكية المشروع مع جلنارة نصرالدين، وبدا متحمساً لزيارتي. ألقيت نظرة على لائحة الطعام، ولكن بشير تولى المهمة، وسهَّلها عليَّ قائلاً: «خلّي الطلبية عليّ»، وأدركت حينها أنني على موعد مع مائدة غنية لا تقتصر على طبقين أو ثلاثة فقط. كان ظني في محله، الرائحة سبقت منظر الأطباق وهي تتراص على الطاولة مكوِّنة لوحة فنية ملونة مؤلَّفة من مازة لبنانية حقيقية من حيث الألوان والرائحة.

مازة لبنانية غنية بالنكهة (الشرق الاوسط)

برأيي بوصفي لبنانية، التبولة في المطعم اللبناني تكون بين العلامات التي تساعدك على معرفة ما إذا كان المطعم جيداً وسخياً أم لا، لأن هذا الطبق على الرغم من بساطته فإنه يجب أن يعتمد على كمية غنية من الطماطم واللون المائل إلى الأحمر؛ لأن بعض المطاعم تتقشف، وتقلل من كمية الطماطم بهدف التوفير، فتكون التبولة خضراء باهتة اللون؛ لأنها فقيرة من حيث الليمون وزيت الزيتون جيد النوعية.

جربنا الفتوش والمقبلات الأخرى مثل الحمص والباباغنوج والباذنجان المشوي مع الطماطم ورقاقات الجبن والشنكليش والنقانق مع دبس الرمان والمحمرة وورق العنب والروبيان «الجمبري» المشوي مع الكزبرة والثوم والليمون، ويمكنني الجزم بأن النكهة تشعرك كأنك في أحد مطاعم لبنان الشهيرة، ولا ينقص أي منها أي شيء مثل الليمون أو الملح، وهذا ما يعلل النسبة الإيجابية العالية (4.9) من أصل (5) على محرك البحث غوغل بحسب الزبائن الذين زاروا المطعم.

الروبيان المشوي مع الارز (الشرق الاوسط)

الطاهي الرئيسي في «عناب براسري» هو الطاهي المعروف بديع الأسمر الذي يملك في جعبته خبرة تزيد على 40 عاماً، حيث عمل في كثير من المطاعم الشهيرة، وتولى منصب الطاهي الرئيسي في مطعم «برج الحمام» بلبنان.

يشتهر المطعم أيضاً بطبق المشاوي، وكان لا بد من تجربته. الميزة كانت في نوعية اللحم المستخدم وتتبيلة الدجاج، أما اللحم الأحمر فهو من نوع «فيليه الظهر»، وهذا ما يجعل القطع المربعة الصغيرة تذوب في الفم، وتعطيها نكهة إضافية خالية من الدهن.

حمص باللحمة (الشرق الاوسط)

المطعم مقسَّم إلى 3 أقسام؛ لأنه طولي الشكل، وجميع الأثاث تم استيراده من لبنان، فهو بسيط ومريح وأنيق في الوقت نفسه، وهو يضم كلمة «براسري»، والديكور يوحي بديكورات البراسري الفرنسية التي يغلب عليها استخدام الخشب والأرائك المريحة.

زبائن المطعم خليط من العرب والأجانب الذين يقطنون في منطقة فولهام والمناطق القريبة منها مثل شارع كينغز رود الراقي ومنطقة تشيلسي.

بقلاوة بالآيس كريم (الشرق الاوسط)

في نهاية العشاء كان لا بد من ترك مساحة ليكون «ختامه حلوى»، فاخترنا الكنافة على الطريقة اللبنانية، والبقلاوة المحشوة بالآيس كريم، والمهلبية بالفستق الحلبي مع كأس من النعناع الطازج.

المطاعم اللبنانية في لندن متنوعة وكثيرة، بعضها دخيل على مشهد الطعام بشكل عام، والبعض الآخر يستحق الوجود والظهور والمنافسة على ساحة الطعام، وأعتقد أن «عناب» هو واحد من الفائزين؛ لأنه بالفعل من بين النخبة التي قل نظيرها من حيث المذاق والسخاء والنكهة وروعة المكان، ويستحق الزيارة.