مائة يوم على «انتفاضة أحفاد المعرّي» بوجه «جبهة النصرة»

المظاهرات المؤيدة لـ«الفرقة 13» والمنددة بتنظيم «القاعدة» متواصلة

مائة يوم على «انتفاضة أحفاد المعرّي» بوجه «جبهة النصرة»
TT

مائة يوم على «انتفاضة أحفاد المعرّي» بوجه «جبهة النصرة»

مائة يوم على «انتفاضة أحفاد المعرّي» بوجه «جبهة النصرة»

تحيي المعارضة السورية ذكرى مائة يوم على انطلاق «الهبة الشعبية» في معرة النعمان ضد «جبهة النصرة»، حيث تتواصل المظاهرات الشعبية في مدينة معرة النعمان، منذ أكثر من ثلاثة أشهر احتجاجًا على سيطرة «جبهة النصرة» وحليفها «لواء جند الأقصى» على مقرات ومستودعات «الفرقة 13» التي تعدّ أحد أبرز فصائل الجيش السوري الحر في الشمال السوري، وتعتبر المدينة مقرًا لقيادتها وثقلها العسكري.
واستكمالاً لهذا التحرك، أطلق المتظاهرون ما سموها «انتفاضة أحفاد المعرّة»، حتى تحقيق أهدافهم، في وقت بات فيه تنظيم «النصرة»، وهو فرع تنظيم القاعدة في سوريا، يتمتع بنفوذ واسع في إدلب، مكنه من اعتقال المتظاهرين ضده وناشطي الثورة السورية، وإعلاميين، وكان آخر هذه الأعمال اقتحام إذاعة «فريش» في إدلب الأسبوع الماضي.
ومع إتمام مائة يوم من المظاهرات الشعبية، لا يزال مناصرو «الفرقة 13» من أهالي مدينة معرة النعمان يجوبون الساحات، رفضًا للاعتداء الذي طال الفرقة بحجج غير منطقية قدمتها «جبهة النصرة»، وهم أطلقوا أمس ما سموها «انتفاضة أحفاد المعرة»، بوجه «الجبهة»، ومخططها الهادف إلى إنهاء «الفرقة 13» بوصفها فصيلا قويا على الأرض، يتمتع بشعبية كبيرة وعمل عسكري تشهده جبهات القتال في إدلب وحلب واللاذقية وريف حماه، واستطاع أن يدمر العشرات من دبابات قوات الأسد لتكون نهاية هذا السلاح بيد «جبهة النصرة» و«جند الأقصى».
وكانت «جبهة النصرة» و«الفرقة 13» توصلتا إلى اتفاق لتحكيم الشرع فيما بينهم، شكلت على أثره لجان شرعية مستقلة ومندوبون من الطرفين، إلا أن اللجنة الشرعية سرعان ما أعلنت توقفها عن إكمال التحكيم في القضية، بعد تعنت «جبهة النصرة» في عدم تسليم السلاح والعتاد المصادر لجهة محايدة واستمرارها بعمليات اعتقال عناصر الفرقة ومداهمة مقراتها في المدينة وريفها.وتعدّ «الفرقة 13» من أبرز فصائل الجيش السوري الحر، ويقودها ابن مدينة معرة النعمان المقدم أحمد السعود، وهي تأسست عام 2013 لتكون من الفصائل الفاعلة عسكريا بشكل كبير، لا سيما بعد امتلاكها مضادات الدروع التي دمرت بها أكثر من مائة آلية عسكرية بين دبابة ومدرعة، حتى باتت في قائمة الصدارة ضمن الفصائل التي أثخنت في آليات نظام الأسد في ريف حماه وحلب واللاذقية ومعارك تحرير إدلب.
ويقول ناشطون إن «روح الثورة عادت إلى المناطق المحررة من النظام السوري، انطلاقًا من معرة النعمان». إذاك، خرج المئات إلى الشوارع للتذكير بالشعارات التي رفعت للمرة الأولى: «الشعب يريد إسقاط النظام»، و«سوريا بدا حرية»، إلا أن عناصر من «جبهة النصرة» حضروا إلى ساحة المدينة، ونددوا بمظاهرة الناشطين المعارضين للأسد، وأطلقوا شعارات ضد «الفرقة 13»، التي تسيطر على المعرة.
ومع إصرار «النصرة» على تصعيدها وأسرها عددًا من مقاتلي «الفرقة 13»، قام متظاهرون بإزالة أعلامها من شوارع المدينة، واقتحموا سجنها وحرروا أربعة أسرى من مقاتلي الفرقة وقاموا بإحراق مقر «النصرة»، وفي اليوم التالي، أطلق المتظاهرون شعارًا جديدًا يدعو لإسقاط أبو محمد الجولاني زعيم «جبهة النصرة»، وأيمن الظواهري زعيم تنظيم «القاعدة».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.