القتل والإحساس بالسعادة عند ارتكابه أصبح عاديا في سوريا

أحد المقاتلين لـ {الشرق الأوسط} : تتبلد مشاعرك بعد إطلاق النار لأول مرة

أحد الثوار السوريين في يايلاداغي على الحدود التركية مع كسب (تصوير: هانا لوسيندا سميث)
أحد الثوار السوريين في يايلاداغي على الحدود التركية مع كسب (تصوير: هانا لوسيندا سميث)
TT

القتل والإحساس بالسعادة عند ارتكابه أصبح عاديا في سوريا

أحد الثوار السوريين في يايلاداغي على الحدود التركية مع كسب (تصوير: هانا لوسيندا سميث)
أحد الثوار السوريين في يايلاداغي على الحدود التركية مع كسب (تصوير: هانا لوسيندا سميث)

لم يتمثل الأمر المثير للقلق في الكلام الذي قاله نبيل، أحد الثوار السوريين، ولكن في مظهره، حيث نجد شخصا يبلغ من العمر 21 سنة ذا وجه طفولي ترتسم عليه الابتسامة، ولا يكاد يبدو عليه أنه لديه القدرة لارتكاب القتل بسهولة ومن دون أي تأنيب للضمير. بيد أنه ارتكب ذلك قبل أيام معدودة.
وقال نبيل «بعد أن انتقلنا إلى المبنى السكني، قمنا بالبحث في المكان، ووصلنا إلى الشقة الأخيرة بالمبنى إلا أننا لم نجد شيئا، ولكننا لاحظنا بعد ذلك أن باب المرحاض مغلق من الداخل. ولذلك فتحنا الباب من الخارج ودخلنا، حيث وجدنا بالداخل أحد جنود النظام وهو يحتضر». وواصل نبيل قوله إنه أخذ هاتف الجندي الذي كان في سكرات الموت. وبعد ذلك بساعتين، رنّ جرس الهاتف. وتابع حديثه قائلا: «كانت المتصلة هي صديقته وسألت: (أين علي؟ لأنني أود أن أتحدث معه). وقلت لها: (أتودين الحديث معه؟ لقد مات علي)».
ويروي لنا نبيل هذه القصة بهدوء من دون أي شعور بالألم كما لو كانت تلك القصة واحدة من الحكايات التي تروى يوميا. وربما يكون عدم اكتراثه علامة من العلامات التي توضح لنا كيف أن القتل - والإحساس بالسعادة عند ارتكاب القتل – أصبح أمرا يحدث يوميا في سوريا. وأشار قائلا: «حينما تكون في الداخل فلن تشعر بأي شيء، حيث تكون جميع الأمور عادية. فبعد إطلاق النار لأول مرة، ستتبلد مشاعرك في ما بعد».
وبعد مرور يومين على هذا الحادث، كان نبيل واحدا من بين الأشخاص الذين تأثروا بذلك العنف، حيث كان مع مجموعة من المتمردين الذين وجدوا أنفسهم محاصرين من قبل قوات النظام. وتعرض نبيل للإصابة في ذراعه ورقبته جراء إطلاق شظايا قنبلة. وبينما يخضع نبيل للعلاج في أحد المنازل في مدينة يايلاداغي الواقعة على الحدود التركية، يمكنه أن يسمع أصوات القتال المستمر في سوريا مما يثير حماسه للرجوع مرة أخرى إلى هناك. ويقول نبيل «سأعود إلى القتال بعد غد»، حتى على الرغم من أن ذراعه اليسرى ما زالت في الجبيرة. وأضاف أن «حلمي الوحيد يتمثل في العودة إلى منزلي في مدينة اللاذقية. وحينما أصل إلى هناك سأقبّل تراب ذلك المكان. ولم أتخيل على الإطلاق أن العودة مجددا للنوم في منزلي ستكون حلما بالنسبة لي».
وبدأ الهجوم الذي كان نبيل يقاتل خلاله في الساعات الأولى من يوم الجمعة الموافق 21 مارس (آذار) في مدينة كسب بمحافظة اللاذقية. وسرعان ما تمكن ائتلاف الوحدات العسكرية للثوار من طرد قوات النظام خارج المدينة والاستيلاء على المعبر الواقع على حدود تركيا، قبل أن يتقدم الثوار نحو الجبال مع التمكن من السيطرة على البرج 45 - القاعدة التابعة للنظام والتي تعد ذات أهمية خاصة بسبب موقعها المطل على الوادي والسهل والذي يمتد نحو الساحل ومدينة اللاذقية. وقال جميع الثوار - الذين تحدثنا معهم في يايلاداغي - إن هذا الهجوم هو الأهم حتى هذه اللحظة على مدار الحرب الأهلية السورية الدائرة رحاها منذ فترة طويلة. وتعد اللاذقية معقل الرئيس بشار الأسد وموطن طائفة العلويين المنتمي إليها ومنطقة عائلات العديد من كبار المسؤولين الذين يعملون معه والمكان الذي يخطط فيه – حسبما يعتقد الكثيرون – لتأسيس منطقة ذات استقلال ذاتي للعلويين، حيث خرجت بقية المناطق عن نطاق سيطرته.
ويتقدم الثوار الآن نحو المدينة – حيث من المستبعد احتمالية سيطرتهم عليها – ويعتقد الكثيرون داخل المعارضة أنه من المرجح هروب الرئيس خارج البلاد في حال تمكنهم من الوصول إلى مدينة اللاذقية. ويقول الشيخ عمر، وهو سوري من محافظة اللاذقية يعمل في مؤسسة الإغاثة الإنسانية وقضى معظم وقته في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة: «تعد دمشق منطقة مهمة لأنها هي العاصمة، بينما تعد حلب هي العاصمة الاقتصادية. بيد أن الساحل يعد منطقة العلويين، كما أننا نعرف أن هذا الأمر سيتسبب في وجود ضغوط على النظام».
وتبعد منطقة كسب مسافة كيلومترين عن يايلاداغي، وتعرضت تلك المنطقة - منذ بدء القتال – لقصف متواصل بالمدفعية وقذائف الهاون، فضلا عن شن الغارات الجوية من قبل قوات الأسد. ويمكن للشخص أن يرى ويسمع بوضوح صدى دوي أصوات قذائف الهاون في كل مكان على الجانب التركي من المنطقة الحدودية، مع تصاعد ألسنة وسحابات الدخان من الغابات التي أحرقها النظام في محاولته لوقف تقدم الثوار. وفي اليوم الثاني من الهجوم، جرى استهداف مستشفى ميداني بالقرب من خط المواجهة في منطقة سلمى عن طريق مهاجمته باستخدام طائرات «ميغ». ويقول الطبيب رامي حبيب إن «هجمات النظام تزداد سوءا، وقد أرسلنا سيارتي إسعاف يوم الخميس إلى إحدى القرى التي قتل فيها عشرة أشخاص على أقل تقدير».
وفي نفس السياق، يدرك الثوار أن القتال لن يكون سهلا، ولكنهم مقتنعون بإمكانية مواصلتهم للتحرك نحو الجنوب باتجاه مدينة اللاذقية ولو حتى في مواجهة قوات الأسد التي تتفوق عليهم بامتلاك الأسلحة الثقيلة. وصرحت مصادر من الثوار بأن هذا الهجوم يأتي نتيجة تخطيط وتعاون منذ شهور بين العديد من فصائل المعارضة، حيث تقاتل جماعات أنصار الشام وأحرار الشام وجبهة النصرة بجانب الكثير من الجماعات الصغيرة التابعة للجيش السوري الحر.
وفي حديثه عبر الهاتف من خط المواجهة في ريف اللاذقية الخميس الماضي، صرح لنا أحد المقاتلين – الذي يدعى سامر – قائلا إن الثوار يسيطرون الآن على جميع مناطق الريف الواقعة حول كسب. بيد أنه أشار أيضا إلى وجود حملة انتقامية ضد الجماعات السنية في مناطق اللاذقية الباقية تحت سيطرة النظام. وأردف سامر أن «الشبيحة بدأوا في الأيام القليلة الأخيرة إطلاق النيران على منازل المدنيين، بالإضافة إلى اعتقال أقارب المقاتلين الثوار في ريف اللاذقية». وعلاوة على ذلك، ثمة أنباء جرى تداولها في مدينة اللاذقية تشير إلى هجوم الشبيحة على مناطق السنيين المجاورة. وفي حديثه عبر «سكاي بي» يوم الجمعة، قال لنا شاب يدعى كريم إن حالات التوتر في المدينة قد زادت بشكل كبير منذ بدء الهجوم في كسب. وأضاف أن «الشبيحة أقاموا نقاط تفتيش جديدة في كل جانب وميدان. ونريد أن يستمر الثوار في قتالهم لأنهم يحاربون منذ سنوات حتى الآن، بيد أننا نخضع للحصار، كما يتعرض الأشخاص للاعتقال والخطف كل يوم».
والجدير بالذكر أن تقديرات مصادر المنظمات غير الحكومية تشير إلى نزوح 1700 مدني منذ بدء الهجوم - بما في ذلك 500 شخص من المسيحيين الأرمن - عن منطقة كسب. ومن المعتقد أن بعض هؤلاء الأشخاص قد فروا إلى المناطق التي يسيطر عليها النظام في مدينة حلب، بينما لجأ آخرون إلى الاحتماء في إحدى الكنائس الأرمينية في مدينة اللاذقية. وهناك بعض المخاوف من إمكانية تحول الصراع في هذه المنطقة ليأخذ منعطفا طائفيا خطيرا، ولا سيما في حال تقدم الثوار نحو قرى العلويين بالقرب من اللاذقية.
ويقول نبيل، الذي أخذ هاتف الجندي التابع للنظام الذي لقي حتفه في كسب: «لا نعرف ماذا سيحدث حينما نصل إلى اللاذقية. وليس من السهل نسيان جميع الأمور التي حدثت، فلا يمكن أن تعود الأمور مثل ما كانت عليه من قبل».
بيد أن الثوار الآخرين الذين تحدثنا معهم يصرون على أنهم لا يشنون حربا دينية. ويقول مراد – الثائر التركماني الذي تعافى من الإصابة التي لحقت به في كاحل قدمه أثناء القتال: «لا يعد هذا النزاع طائفيا أو إثنيا، بيد أن النظام يخطط لجعله كذلك منذ البداية. وارتكبت قوات النظام مجزرة ضد السنيين وجعلت المسيحيين في عداء معنا، بيد أن الأسد مستعد أن يترك جميع العلويين يموتون من أجل بقائه كرئيس للبلاد».



تكرار وقائع «تحرش» بمدارس مصرية يفاقم أزمات وزير التعليم

وزير التربية والتعليم المصري يلتقي عدداً من أولياء الأمور في أول يوم دراسي بالعام الحالي (وزارة التربية والتعليم)
وزير التربية والتعليم المصري يلتقي عدداً من أولياء الأمور في أول يوم دراسي بالعام الحالي (وزارة التربية والتعليم)
TT

تكرار وقائع «تحرش» بمدارس مصرية يفاقم أزمات وزير التعليم

وزير التربية والتعليم المصري يلتقي عدداً من أولياء الأمور في أول يوم دراسي بالعام الحالي (وزارة التربية والتعليم)
وزير التربية والتعليم المصري يلتقي عدداً من أولياء الأمور في أول يوم دراسي بالعام الحالي (وزارة التربية والتعليم)

فاقم تكرار وقائع تحرش بطلاب داخل مدارس دولية وخاصة الأسابيع الماضية الأزمات داخل وزارة التربية والتعليم، التي صاحبت الوزير محمد عبد اللطيف، الذي تولى المهمة قبل عام ونصف العام، وسط مطالب بإقالته بوصفه «المسؤول الأول»، فيما دافع آخرون عنه على أساس أن الحوادث «فردية»، وأنه قام بإجراءات مشددة لمنع تكرارها.

وشهدت مدارس مصرية منذ نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وقائع تحرش، حيث قررت وزارة التربية والتعليم وضع مدرسة «سيدز» الدولية في القاهرة تحت الإشراف سواء المالي أو الإداري للوزارة، عقب توقيف 4 عاملين فيها في اتهامهم بالتحرش بعدد من طلاب المرحلة التمهيدية، قبل أن يتولى القضاء العسكري القضية، وتتسع دائرة المتهمين فيها.

ولم تكن واقعة مدرسة «سيدز» الأولى من نوعها، إذ سبقها بشهور عدة، قضية الطفل «ي» التي تحولت لقضية رأي عام، وأدانت فيها محكمة الجنايات مشرفاً مالياً سبعينياً بالتحرش بالطفل داخل المدرسة، وقضت بالسجن المؤبد (25 عاماً) في مايو (أيار) الماضي، ثم خففت محكمة الاستئناف الحكم إلى السجن المشدد 10 سنوات في نوفمبر الماضي.

وزير التربية والتعليم خلال تفقده سير العملية الدراسية في إحدى المدارس (أرشيفية - وزارة التربية والتعليم المصرية)

ويُحمل الخبير التربوي عاصم حجازي، وزير التربية والتعليم محمد عبد اللطيف مسؤولية تكرار تلك الوقائع داخل المدارس، قائلاً لـ«الشرق الأوسط» إن «تكرارها يعكس غياب الإجراءات الرادعة لتفادي مثل هذه الحوادث منذ واقعة الطفل (ي)»، عادّاً أن غضب الرأي العام وأولياء الأمور على الوزير وما يحدث في الوزارة طبيعي ومبرر.

وأضاف: «الإجراءات لم تُتخذ سوى بعد واقعة مدرسة سيدز، وكانت متأخرة وغير كافية، بدليل تفجر وقائع أخرى في مدرستين بعدها».

وكانت وزارة التربية والتعليم فرضت إجراءات داخل المدارس الدولية للانضباط، تتمثل في وضع نظام كاميرات، ومنع وجود الطلاب في غير أوقات اليوم الدراسي، وإلزام المدارس بنظام خاص للإشراف على وجود الطلاب خارج الفصول، وإلزام هذه المدارس بإجراء تحليل مخدرات، والكشف عن الحالة الجنائية للعاملين فيها، وتقديم هذه الأوراق للوزارة.

وتساءل حجازي: «لماذا اقتصرت الإجراءات على المدارس الدولية، وهل المدارس الحكومية في مأمن من وقائع تحرش مماثلة؟».

وعقب أيام من واقعة مدرسة «سيدز»، ألقت الأجهزة الأمنية القبض على عامل في مدرسة دولية بالإسكندرية بتهمة التحرش بطلاب، وقررت محكمة جنايات الإسكندرية في 9 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، إحالة أوراق القضية إلى المفتي - هو قرار يمهد لحكم الإعدام - وأجلت النطق بالحكم إلى فبراير (شباط) المقبل. وطالب محامي الضحايا في القضية، طارق العوضي، بإقالة وزير التربية والتعليم خلال منشور على حسابه بموقع «إكس».

وقبل ساعات، انفجرت قضية جديدة بالتحرش بـ12 طالباً في مدرسة «النيل» الدولية بالقاهرة، وقررت وزارة التربية والتعليم، الأحد، وضع المدرسة تحت الإشراف سواء المالي أو الإداري للوزارة، مع «اتخاذ الإجراءات القانونية كافة حيال المسؤولين الذين ثبت تورطهم في تقصير أو إهمال بما أدى لحدوث هذه الواقعة»، وفق بيان الوزارة.

ويرى حجازي أن تكرار تلك الوقائع «يعكس ليس فقط غياب الرقابة داخل المدارس، وإنما أزمات أخرى عميقة، مثل قلة أعداد المعلمين والمُشرفين داخل المدارس، والتركيز على نظام التقييم الذي أقره وزير التعليم استراتيجية للوزارة، للسعي إلى إعادة الطلاب للمدارس، لكن دون وجود الإمكانات الخاصة بذلك».

ويتمثل نظام التقييم في تقسيم درجات التقييمات النهائية بين الاختبار النهائي، وتقييمات أخرى تتكرر على مدار العام، ما يُلزم الطلاب بالحضور.

وأضاف الخبير التربوي: «استراتيجية الوزير تضع أعباءً على المدرسين وأولياء الأمور فيما يتعلق بالتقييمات، مقابل تهميش الجوانب الأخرى المهمة سواء التربوية أو التوعوية، أو الخاصة بالإشراف النفسي».

وبينما تتفق عضوة لجنة التعليم في مجلس النواب (البرلمان) جيهان البيومي، على ضرورة اهتمام الوزارة في المرحلة المقبلة بـ«الجوانب التربوية والنفسية»، فإنها لا تتفق مع مطلب إقالة الوزير أو تحميله مسؤولية حوادث التحرش في المدارس.

وقالت البيومي لـ«الشرق الأوسط» إن «الوزير اتخذ قرارات سريعة ورادعة بعد كل واقعة، وهذه الوقائع تظل فردية، ولا يمكن وصفها بالمتفشية في المدارس أو المجتمع، لذا فالمغالاة في التعامل مع الأزمة بالمطالبة بإقالة الوزير ليست حلاً»، مشيرة إلى أنه «واحد من أنشط الوزراء الذين يقود عمله من الميدان، ويجري كثيراً من الزيارات المفاجئة للمدارس، ونجح في إعادة الطلاب للمدارس، وغيّر المناهج التعليمية، وكلها أمور تُحسب له».

وزير التربية والتعليم مع أحد طلاب الثانوية أبريل 2025 (وزارة التربية والتعليم)

وصاحب اختيار وزير التربية والتعليم جدلاً واسعاً مع تفجر أولى الأزمات المرتبطة به، الخاصة بحقيقة حصوله على شهادة الدكتوراه التي صاحبت سيرته الذاتية، بينما شككت وسائل إعلام محلية فيها. وتجاوزت الحكومة الأزمة بوصف عبد اللطيف في بيانات الوزارة بـ«السيد الوزير» بدلاً من «الدكتور».

ولم يتوقف الجدل حول الوزير عند هذه الأزمة، بل امتدت إلى قراره بتغيير المناهج في أغسطس (آب) 2024، الذي أُلغي بناء عليه تدريس بعض المواد في الشهادة الثانوية مثل «الفلسفة» و«علم النفس»، وتحولت اللغات بخلاف الإنجليزية إلى مواد ثانوية لا تضاف للمجموع، وعقب شهور ظهر جدل جديد خاص بمنظومة «البكالوريا» التي تتيح للطلاب خوض الامتحانات أكثر من مرة، بمقابل مادي، ورغم الانتقادات دخلت منظومة البكالوريا في النظام التعليمي المصري بداية من هذا العام.

ويرى الخبير التربوي وائل كامل في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، «أن شخصية وزير التربية والتعليم تبدو إدارية أكثر منها تربوية، فكل قراراته تعكس ذلك، بداية من إلغاء مواد دراسية أساسية في بناء الشخصية والتربية لدى الطلاب، مثل الفلسفة وعلم النفس، مروراً بنظام التقييمات في المدارس الذي يهتم بالكم على حساب الكيف، ويضع أعباء كبيرة على كل أطراف العملية التعليمية». ومع ذلك لا يرى كامل أن الحل في تغيير الوزير قائلاً: «الوزارة ككل في حاجة إلى إعادة هيكلة».


«محددات حماس» بشأن المرحلة الثانية لـ«اتفاق غزة»... هل تضعف فرص التقدم؟

إزالة حطام المباني والمنازل المدمرة في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
إزالة حطام المباني والمنازل المدمرة في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

«محددات حماس» بشأن المرحلة الثانية لـ«اتفاق غزة»... هل تضعف فرص التقدم؟

إزالة حطام المباني والمنازل المدمرة في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
إزالة حطام المباني والمنازل المدمرة في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

شهد اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، المتعثر حالياً، تحفظات ومطالبات علنية من حركة «حماس» بشأن التزامات المرحلة الثانية المعنية بترتيبات إدارية وأمنية، وسط حديث أميركي عن جهود تبذل في «الكواليس» بشأن الانتقال إليها.

تلك المحددات التي أعلنتها «حماس»، الأحد، وشملت 4 بنود رئيسية متعلقة بنزع السلاح ودور مجلس السلام وقوات الاستقرار وتشكيل لجنة إدارة قطاع غزة، هناك تباين بشأنها بين خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، بين مَن يراها تكشف عن أزمات تعيق التقدم للمرحلة الثانية، وأنها مجرد مناورات لتقليل الضغوط عليها، مقابل تقديرات أخرى تؤكد أنها تكشف عن جدية الحركة في تنفيذ الاتفاق وسط عراقيل إسرائيل.

وتتضمن خطة السلام التي طرحها الرئيس الأميركي دونالد ترمب، وجرى بموجبها وقف إطلاق النار في قطاع غزة في أكتوبر (تشرين الأول)، تشكيل مجلس للسلام برئاسته يشرف على لجنة تكنوقراط فلسطينية، ونزع سلاح «حماس»، وألا يكون لها دور في حكم القطاع بعد الحرب، ونشر قوات استقرار.

وقال رئيس حركة «حماس» في قطاع غزة، خليل الحية، الأحد، في الذكرى 38 لتأسيس الحركة، إن السلاح حق كفلته القوانين الدولية للشعوب الواقعة تحت الاحتلال، معبراً عن انفتاح الحركة على دراسة أي مقترحات تحافظ على ذلك الحق مع ضمان إقامة دولة فلسطينية مستقلة.

وشدد على أن مهمة مجلس السلام، الذي ورد في خطة ترمب، ومن المقرر أن يقوده الرئيس الأميركي، هي رعاية تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار والتمويل والإشراف على إعادة إعمار قطاع غزة. ورفض «كل مظاهر الوصاية والانتداب» على الفلسطينيين.

وأضاف: «ندعو لتشكيل لجنة التكنوقراط لإدارة قطاع غزة من مستقلين فلسطينيين بشكل فوري، ونؤكد جاهزيتنا لتسليمها الأعمال كاملة في كل المجالات وتسهيل مهامها»، مشدداً على أن مهمة القوة الدولية المزمع تشكيلها «يجب أن تقتصر على حفظ وقف إطلاق النار، والفصل بين الجانبين على حدود قطاع غزة» دون أن يكون لها أي مهام داخل القطاع.

ودعا الحية «الوسطاء، خصوصاً الضامن الأساسي، (الإدارة الأميركية والرئيس ترمب) إلى ضرورة العمل على إلزام الاحتلال باحترام الاتفاق والالتزام بتنفيذه وعدم تعريضه للانهيار».

نساء يحملن حزماً على رؤوسهن يمررن بخيام أقيمت على أرض تم تطهيرها لإيواء الفلسطينيين النازحين جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

وقال مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، فولكر تورك، الأسبوع الماضي، إن المفوضية وثقت أكثر من 350 هجوماً إسرائيلياً ومقتل 121 فلسطينياً على الأقل داخل المنطقة الواقعة خلف «الخط الأصفر» في غزة منذ وقف إطلاق النار، فيما لقي القيادي في «حماس» رائد سعد حتفه، في قصف إسرائيلي، السبت، استهدف سيارته في غزة.

وقال مسؤولون إسرائيليون إن الإدارة الأميركية تعمل حالياً على بلورة المرحلة الثانية من الخطة الرامية إلى إنهاء الحرب في قطاع غزة، وتخطِّط لأن يبدأ عمل القوة الدولية متعددة الجنسيات في القطاع اعتباراً من الشهر المقبل، وأبلغ مسؤولون أميركيون نظراءهم الإسرائيليين بهذا في محادثات أُجريت في الأيام الأخيرة، حسب هيئة البث الإسرائيلية.

وسبق أن تحدثت القناة الـ«14» الإسرائيلية أواخر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، بأن الولايات المتحدة حددت منتصف يناير (كانون الثاني) المقبل، موعداً لبدء انتشار «قوة الاستقرار الدولية» في غزة، ونهاية أبريل (نيسان) المقبل موعداً نهائياً لإتمام عملية نزع السلاح من القطاع، مشيرة إلى أن ذلك طموح منفصل عن الواقع، في إشارة لإمكانية تأجيله مجدداً.

ويرى المحلل المصري المتخصص في الشأن الإسرائيلي، بمركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية، الدكتور سعيد عكاشة، أن محددات «حماس» تكشف عن أن «فرص التقدم في المرحلة الثانية ضعيفة وستدفع لمزيد من الضربات الإسرائيلية»، مشيراً إلى أنها «مجرد مناورات، من أجل تقليل الضغوط عليها التي تواجهها قبل تنفيذ التزامات المرحلة الثانية، التي تمر بظروف خطيرة».

ويعتقد المحلل السياسي الفلسطيني، المختص بشؤون «حماس»، إبراهيم المدهون، أنه لا مفر من الذهاب للمرحلة الثانية وتنفيذها، رغم عراقيل متكررة من جانب إسرائيل لإفشال الاتفاق، لافتاً إلى أنه بالنسبة لموضوع السلاح، فإن «حماس» منخرطة في حوار فلسطيني داخلي معمّق، إلى جانب حوار واضح وشفاف مع الوسطاء في القاهرة، حول رؤية قد تتبلور وتكون مقبولة لدى جميع الأطراف، بخلاف أن الحركة راغبة في حضور قوات سلام معنية بفضّ الاشتـباك.

ووسط تلك المحددات من «حماس» التي لم يعلق عليها الوسطاء، أفاد بيان لوزارة الخارجية المصرية، (الأحد)، بأن بدر عبد العاطي وزير الخارجية المصري، شدَّد في اتصال مع نظيرته البريطانية إيفيت كوبر، على أهمية نشر «قوة الاستقرار الدولية» المؤقتة في غزة، مؤكداً أهمية ضمان استدامة وقف إطلاق النار، وتنفيذ استحقاقات المرحلة الثانية من خطة ترمب.

وعلى هامش مشاركته في «منتدى صير بني ياس» بالإمارات، أكد وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، السبت: «ضرورة الانتقال إلى المرحلة الثانية من اتفاق غزة، وأهمية تشكيل قوة الاستقرار الدولية».

وردت المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارولين ليفيت، على الصحافيين، الجمعة، بشأن تطورات اتفاق غزة، قائلة إن «هناك كثيراً من التخطيط الهادئ الذي يجري خلف الكواليس في الوقت الحالي للمرحلة الثانية من اتفاق السلام... نريد ضمان سلام دائم ومستمر».

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، السبت، عن مسؤولين القول إن إدارة ترمب تسعى لتجنيد قوة متعددة الجنسيات من 10 آلاف جندي بقيادة جنرال أميركي؛ لتحقيق الاستقرار في قطاع غزة، وذكر المسؤولون أنه لم تُرسل أي دولة قوات؛ بسبب تحفظات على إمكانية توسيع نطاق مهمة القوة لتشمل نزع سلاح حركة «حماس».

وأشارت الصحيفة إلى أن وزارة الخارجية الأميركية طلبت رسمياً من نحو 70 دولة تقديم مساهمات عسكرية أو مالية للقوة المزمع نشرها في غزة، غير أن 19 دولة فقط أبدت رغبتها في المساهمة بقوات أو تقديم المساعدة بطرق أخرى، ومنها المعدات والنقل.

ويرى عكاشة أن ترمب سيضغط خلال لقاء نتنياهو في 29 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، للبدء في المرحلة الثانية، متوقعاً أن تقبل إسرائيل الدخول إليها وبدء مفاوضات إلى ما لا نهاية بشأن تنفيذ الانسحابات.

ويعتقد المدهون أن «القاهرة تدرك العراقيل الإسرائيلية وستطالب بتسريع العمل للانتقال إلى المرحلة الثانية لإنهاء أي ذرائع إسرائيلية متوقعة قد تفشل الاتفاق».


سبعة قتلى جراء استهداف مستشفى في السودان بطائرة مسيَّرة

تعرض مستشفى عسكري في مدينة الدلنج السودانية لهجوم بطائرة مسيرة (أ.ف.ب)
تعرض مستشفى عسكري في مدينة الدلنج السودانية لهجوم بطائرة مسيرة (أ.ف.ب)
TT

سبعة قتلى جراء استهداف مستشفى في السودان بطائرة مسيَّرة

تعرض مستشفى عسكري في مدينة الدلنج السودانية لهجوم بطائرة مسيرة (أ.ف.ب)
تعرض مستشفى عسكري في مدينة الدلنج السودانية لهجوم بطائرة مسيرة (أ.ف.ب)

قال مصدر في مستشفى عسكري بمدينة الدلنج السودانية، الواقعة في الجنوب، التي تحاصرها «قوات الدعم السريع»، إن هجوماً عليها بطائرة مسيَّرة، الأحد، أسفر عن مقتل «7 مدنيين وإصابة 12».

ومن بين المصابين مرضى أو مرافقون لهم في المستشفى، حسب ما أفاد المصدر، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية». ويقدم المستشفى خدماته للمدنيين والعسكريين على حد سواء.

وتقع الدلنج في جنوب كردفان، وما زالت تحت سيطرة الجيش السوداني، لكنها محاصرة من «قوات الدعم السريع».