اليمين الفرنسي يقترح احتجاز الآلاف لتلافي حصول أعمال إرهابية جديدة

رئيس الحكومة لا يريد «غوانتانامو» فرنسية.. والجدل يتغذى من المنافسات السياسية بين اليمين واليسار

صورة تعود لنوفمبر الماضي لجانب من العمليات الإرهابية التي طالت فرنسا آنذاك (إ.ب.أ)
صورة تعود لنوفمبر الماضي لجانب من العمليات الإرهابية التي طالت فرنسا آنذاك (إ.ب.أ)
TT

اليمين الفرنسي يقترح احتجاز الآلاف لتلافي حصول أعمال إرهابية جديدة

صورة تعود لنوفمبر الماضي لجانب من العمليات الإرهابية التي طالت فرنسا آنذاك (إ.ب.أ)
صورة تعود لنوفمبر الماضي لجانب من العمليات الإرهابية التي طالت فرنسا آنذاك (إ.ب.أ)

مع كل اعتداء إرهابي جديد وآخره ما حصل مساء الاثنين الماضي، يثار في فرنسا موضوع التدابير الأمنية الإضافية التي يتعين اتخاذها من أجل تلافي تكرار هذه العمليات.
وكما لدى كل عملية، يتبين أن غالبية القائمين بها كانوا في فترة من الفترات في مرمى الشرطة أو القضاء أو أنهم أمضوا بعض الوقت في السجون. هذا حال الإخوة كواشي وأحمدي كوليبالي الذين ارتكبوا مقتلة صحيفة «شارلي إيبدو» الساخرة والمتجر اليهودي في شهر يناير (كانون الثاني) من العام الماضي. وهو أيضا حال بعض من ساهم في مجزرة نوفمبر (تشرين الثاني) في باريس «130 قتيلا و350 جريحا». ولا يشذ العروسي عبد الله، الذي قتل ضابط الشرطة ورفيقة دربه يوم الاثنين الماضي بسلاح أبيض في منزلهما. وفي كل مرة، يتبين للأجهزة الأمنية أن هؤلاء كانوا معروفين لدى الأجهزة الأمنية التي كانت تملك بخصوصهم ملفات مصنفة تحت حرف «S» وهو الحرف الأول من كلمة «Sureté» أي الأمن والمقصود به هنا «أمن الدولة».
ومنذ شهر نوفمبر، كتب الكثير عن هذه الملفات أو البيانات التي تشمل، وفق رئيس الحكومة مانويل فالس، 10500 شخص. ولذا، فإن السؤال الذي يعود دوريا هو التالي: كيف يمكن التعامل مع هؤلاء الأشخاص الذين يشكلون تهديدا «محتملا» لأمن الدولة والمواطن؟ كما في كل مرة، يتهم اليسار بـ«الضعف» رغم المواقف المتشددة التي اتخذها رئيسا الجمهورية والحكومة والقوانين الصارمة التي صدرت عن البرلمان والتي أعطت القوى الأمنية صلاحيات واسعة مضافة إلى سريان حالة الطوارئ منذ ستة أشهر. ولذا، فإن اليمين الكلاسيكي واليمين المتشدد يلجآن إلى المزايدة باعتبار أن «الوضع الاستثنائي يتطلب تدابير استثنائية» عبر طرح مجموعة من المقترحات التي يريان فيها «ردا استباقيا» على التهديدات الإرهابية المحتملة. وفي هذا السياق، فإن أريك سيوتي، النائب عن حزب «الجمهوريون» «اليميني» قدم الثلاثاء الماضي بالاشتراك مع رئيس مجموعة نواب الحزب في البرلمان اقتراحا يقضي بإيجاد «مراكز احتجاز» يتم فيها تجميع من تدور بشأنه شبهات أمنية خصوصا «جهادية» وذلك من غير محاكمة وكتدبير إداري محض. وذهب نائب رئيس الحزب المذكور لوران فوكييز في الوجهة عينها حيث دعا إلى احتجاز الـ13 فردا الذين حررت بهم ملفات مصنفة «S» رغم أن تدبيرا كهذا يخالف نصوص الدستور. ويدعو اليمين بكافة أجنحته إلى الاستفادة من حالة الطوارئ لفرض تدابير استثنائية لا يمكن أن تمر في الحالات العادية. بالمقابل، فإن رئيس الجمهورية السابق نيكولا ساركوزي الذي يرأس حزب «الجمهوريون» والذي يتأهب لخوض الانتخابات التمهيدية لتعيين مرشح الحزب في المنافسة الرئاسية يطرح اقتراحا مزدوجا: فهو من جهة، يدعو إلى إلزام الأشخاص المشبوهين بارتداء سوار إلكتروني يشي بكل تحركاتهم وتنقلاتهم. ومن جهة ثانية يقترح الحجر على الأشخاص المعتبرين «الأكثر خطورة». بيد أن الفرق بين ساركوزي والآخرين أنه يعمد إلى طرح خطة متكاملة لمحاربة ما يسميه «الحرب الداخلية» التي يشنها، حسب قوله «مواطنون من مسلمي الداخل» من أنصار الإسلام الراديكالي إضافة إلى الحرب الخارجية التي يقوم بها «داعش» و«النصرة». وبحسب الرئيس السابق، فإن المطلوب بداية، كما شرح ذلك في خطاب دام ساعة كاملة في مقر حزبه أول من أمس بمناسبة «ورشة عمل» حضرتها «الشرق الأوسط» وخصصت للسياسة الخارجية والتهديدات الجديدة: «تحديد هوية العدو وهو: (التيار الجهادي وتيار الإسلام الراديكالي) حيث يتغذى كل طرف من الطرف الآخر».
عمليا، يقترح ساركوزي خطة عملية أولية تتضمن أربعة مقترحات يمكن البدء بها فورا. وينص المقترح الأول على عزل الإسلاميين كل المعتقلين الإسلاميين لأن هناك حملة دعوية يجب مكافحتها في السجن. أما الثاني فهو إنشاء جهاز استخبارات للسجون بحيث لا يكتفي بالتنصت على السجناء في الزنزانات بل يجب أن يكون هناك مخبرون مثلما يجري في أماكن العبادة المتطرفة وداخل المجموعات الراديكالية. وفي المقام الثالث، يدعو ساركوزي إلى الترحيل الفوري لأي شخص أجنبي أو يحمل جنسية ثانية إلى جانب الجنسية الفرنسية عن الأراضي الفرنسية لعلاقته بشبكات أو نشاطات إرهابية. أما بالنسبة للمواطنين الفرنسيين فيتعين فرض الإقامة الجبرية عليهم وإلزامهم بحمل «السوار الإلكتروني». وأخيرا، يقترح ساركوزي إقامة مراكز خاصة لإعادة تأهيل الأشخاص «من الفرنسيين» المدانين بمسائل لها علاقة بالإرهاب.
واضح أن مجموع هذه التدابير تدخل في خانة ما يمكن تسميته التدابير الاحترازية. بيد أن مشكلتها الأساسية هي أنها تخالف النصوص الأساسية للدستور والقوانين المعمول بها في فرنسا حيث المحاسبة تتم على ما ارتكب لا على النوايا. فضلا عن ذلك، فإن الرئيس هولاند اقترح في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي مشروع قانون بنزع الجنسية عن الضالعين في أعمال أو نشاطات إرهابية. لكن حكومته فشلت في توفير الأكثرية اللازمة للتصويت عليه ما اضطره إلى سحبه من التداول بعد أشهر من الجدل الحامي وبروز انقسامات حادة داخل صفوف اليسار نفسه. ومن الواضح اليوم أن «المعركة الأمنية» تتداخل مع «المعركة السياسية» مع اقتراب الانتخابات الرئاسية والتشريعية الربيع القادم واتجاه الرأي العام نحو اليمين المتطرف وهو ما تعكسه استطلاعات الرأي. ولذا، فإن ساركوزي وحزبه يسعيان لسحب البساط من تحت حزب الجبهة الوطنية واستعادة المواضيع الأساسية التي تشكل أعمدة دعايتها الانتخابية وهي الهجرة والإسلام وبالطبع الإرهاب. وكان جواب رئيس الحكومة مانويل فالس على كل هذه الدعوات أنه «لا يريد العودة إلى حكم الإعدام» كما تطالب الجبهة الوطنية «ولا غوانتامو» فرنسية كما يقترح اليمين وكما فعلت الولايات المتحدة الأميركية. وبين هؤلاء وأولئك، يبقى الملف الأمني سيفا مسلطا على الجميع في ظل التهديدات الجديدة القديمة وتوقع المسؤولين الأمنيين هجمات إرهابية وضحايا جدد.



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».