الجيش يسيطر على مراكز عسكرية تابعة للميليشيا وصالح

وساطات لإطلاق سراح قيادات تابعة للحوثيين

الجيش يسيطر على مراكز عسكرية تابعة للميليشيا وصالح
TT

الجيش يسيطر على مراكز عسكرية تابعة للميليشيا وصالح

الجيش يسيطر على مراكز عسكرية تابعة للميليشيا وصالح

سيطر الجيش الوطني اليمني على عدد من المعسكرات ومراكز القيادة التابعة لميليشيا الحوثيين وحليفهم الرئيس المخلوع على صالح في منطقة نهم من الجهة الشمالية الشرقية للعاصمة اليمنية صنعاء، وذلك بعد معارك وصفت بالعنيفة منذ دخول شهر رمضان التي حقق الجيش الوطني، بحسب مصادر عسكرية، من خلالها مكاسب كبيرة في مقدمتها التقدم إلى صنعاء وتحرير عدد من المواقع.
ويرى عسكريون أن هذا التقدم، في أبرز الجبهات وأهمها في هذه المرحلة نهم وتحرير عدد من المراكز العسكرية، يعطي دلالة قوية على تراجع ميليشيا الحوثيين المدعومين بالحرس الجمهوري الموالي للرئيس المخلوع علي صالح، وأن ما أثير من تعزيزات عسكرية لهذه الميليشيات لا يخرج عن كونها تعزيزات غير قادرة أو ليست مدربة على المواجهات والمعارك الفعلية، خصوصا أن المعارك تعتمد في المقام الأول على استراتيجيات وخطط تنفذ تدريجيا في المعارك، وهو ما نجح الجيش الوطني فيه.
وجاء هذا التقدم العسكري، بالتزامن مع تحرك للمقاومة الشعبية في منطقة البيضاء وتحديدا في قيفة رداع، إذ شنت هجوما واسعا ومفاجئا على أهم مواقع ميليشيا الحوثي وقوات المخلوع صالح، ونجحت المقاومة في عمل تطويع على مواقع تجمع الحوثيين في الثعالب، والعليب، التي تعد مركزا لقيادة الحوثيين، من الجهة الجنوبية للمدينة، وكذلك منطقة حمة صرار في مديرية ولد ربيع في شمال المدينة، وأسفرت الهجمات عن تدمير أعداد كبيرة من الآليات التابعة للميليشيا، وفرار أعداد كبيرة من الحوثيين.
هذه الانتصارات أجبرت الحوثيين على خطب ودّ مشايخ قبائل صعدة، كما أكدت لـ«الشرق الأوسط» مصادر مطلعة، التي قالت إن الحوثيين يعملون هذه الأيام على تحسين صورتهم مع كثير من مشايخ المدينة الذين انتفضوا في وقت سابق ضد التحرك العسكري الذي قامت به الميليشيا ضد الحكومة الشرعية.
ومن أبرز تلك الخطوات، وفقا للمصادر، أن الميليشيا شرعت في تقديم خدمات الحماية والرعاية لعدد من المشايخ، وذلك لكسب ولاء المشايخ ووجهاء محافظة صعدة بشكل أكثر عما كان عليه في فترات سابقة، وهي محاولة، وفقا للمصادر، لضمان وقوفهم بجانب الميليشيا في مواجهاتها المحتملة مع الجيش الوطني الذي بدأ يقترب كثيرًا من المواقع والمدن التي تسيطر عليها الميليشيا، خصوصا أن هناك مبالغ كبيرة تقدم إلى هذا الشيخ أو الوجيه مثل أجور أفراد الحماية التي تزيد على 10 أشخاص من قبل الحوثيين.
وهنا قال اللواء ركن الدكتور ناصر الطاهري، نائب رئيس هيئة الأركان في القوات المسلحة اليمنية، لـ«الشرق الأوسط»، إن الجيش الوطني حقق خلال الساعات الماضية انتصارات في جبهات مختلفة، تمثلت في التقدم في جبهة نهم ويعد نوعيا، وأثمر عن السيطرة على عدد من المراكز التابعة للميليشيا، بعد عملية هجوم أفقدت العدو التحكم والسيطرة، فلاذ بالفرار من المواقع العسكرية باتجاه صنعاء.
وحول التقدم إلى العاصمة صنعاء بشكل مباشر، قال اللواء الطاهري، إن هناك تقدمًا وهو ملحوظ، لكن الجيش يسير وفق استراتيجية وخطة معدة من قبل القيادة، وإن أي تحرك نحو العاصمة يأتي بأوامر مباشرة من القيادة، وهذا في حال فشلت المفاوضات فهي الخيار الوحيد أمام الجيش، خصوصا أن الحوثيين لنا معهم تجارب كثيرة في المواثيق والمعاهدات، إلا أنهم لا يحفظون أو يعترفون بها بعد فترة زمنية وجيزة.
وعن إطلاق سراح عدد من أسرى الحوثيين وقياداتهم، قال نائب رئيس هيئة الأركان، إن هناك وساطات يقوم بها وجهاء وأعيان في اليمن، لإنجاح عملية تبادل أسرى ما بين الطرفين، وقدم الحوثيون لائحة بأسماء من يرغبون في الإفراج عنهم ومن بين هذه القائمة قيادات حوثية، إلا أن الجيش لم يرد على هذه المساعي، ورفع الأمر برمته إلى القيادة، لترى ما يمكن فعله، وكيف يمكن التعامل مع هذه الوساطة إن كانت هناك مساع جادة في هذا الشأن.
وبالعودة إلى الأعمال الميدانية، نجحت المقاومة الشعبية في إقليم تهامة في مهاجمة نقاط تفتيش للميليشيا في منطقة اﻷمان في محافظة حجة، واشتبكت معهم بشكل مباشر على مدار ساعة كاملة، وأسفر الهجوم عن مقتل العشرات من الحوثيين، وعطب 3 آليات عسكرية، كما نجحت المقاومة مدعومة بالجيش الوطني في صدّ هجوم على منطقة ثعبات بتعز، شنتها الميليشيا خلال الساعات الأولى من صباح أمس الأربعاء، إلا أنها فشلت في اقتحام تحصينات المقاومة وأُجبرت على التراجع والفرار.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.