عزل مناطق المعارضة في حلب يضع المدينة تحت الحصار

القصف المستمر لـ«طريق الموت» يشي باستعدادات لـ«شيء كبير»

بعض سكان حي مدمر في القسم الذي تسيطر عليه المعارضة في مدينة حلب باقون فيه رغم الاستهداف المتواصل من الطيران الحربي الروسي والنظامي ووقوع ضحايا (رويترز)
بعض سكان حي مدمر في القسم الذي تسيطر عليه المعارضة في مدينة حلب باقون فيه رغم الاستهداف المتواصل من الطيران الحربي الروسي والنظامي ووقوع ضحايا (رويترز)
TT

عزل مناطق المعارضة في حلب يضع المدينة تحت الحصار

بعض سكان حي مدمر في القسم الذي تسيطر عليه المعارضة في مدينة حلب باقون فيه رغم الاستهداف المتواصل من الطيران الحربي الروسي والنظامي ووقوع ضحايا (رويترز)
بعض سكان حي مدمر في القسم الذي تسيطر عليه المعارضة في مدينة حلب باقون فيه رغم الاستهداف المتواصل من الطيران الحربي الروسي والنظامي ووقوع ضحايا (رويترز)

أدى تكثيف الضربات الجوية والقصف المدفعي على الطريق الوحيد المؤدي لمدينة حلب السورية المقسمة، إلى عزل قطاع تسيطر عليه المعارضة المسلحة بالمدينة عن العالم الخارجي خلال الأيام القليلة الماضية، مما وضع مئات الآلاف من سكانها تحت حصار فعلي.
وقد تفضي حملة النظام لاستعادة حلب بأكملها، على ما تبقى من أمل ضعيف لإحياء الجهود الدبلوماسية لإنهاء الصراع المستمر منذ 5 أعوام بعد انهيار محادثات واتفاق لوقف إطلاق النار برعاية أميركية وروسية أبرم في وقت سابق من العام الحالي.
ومنذ أعوام، صارت حلب كبرى المدن السورية قبل الحرب - حيث كان يقطنها مليونا نسمة - منقسمة بين قطاع للمعارضة وآخر للنظام. وصارت استعادة حلب بالكامل أحد أكبر أهداف الرئيس السوري بشار الأسد. ويعتقد بأن ما يقدر بنحو 350 ألف شخص ما زالوا يعيشون في القطاع الذي تسيطر عليه المعارضة المسلحة في ظروف صعبة زادت سوءًا بعد المحاولة الأخيرة لحصارهم من خلال قطع آخر طريق مؤدٍ إلى حلب، وهو طريق الكاستيلو المسمى بذلك نسبة إلى قصر قديم في المدينة.
وقال زكريا ملاحفجي القيادي في جماعة «فاستقم» المعارضة في حلب، في تقرير لـ«رويترز»، إن النظام لم يقدر على قطع الطريق برًا، لذا قرر شن ضربات جوية مستمرة تستهدف كل ما يمر على الطريق بغض النظر عن كينونته. وأضاف أن من يرغب في المرور عبر طريق الكاستيلو سيكون كمن قرر تنفيذ مهمة انتحارية. وتابع من مقر الجماعة في مدينة غازي عنتاب التركية القريبة من الحدود مع سوريا، أن الأمر على هذا الحال منذ ما يقرب من 10 أو 12 يومًا. وقال إن الوضع كان صعبًا من قبل حيث كان يجري استهداف الطريق وكانت الناس تمر بصعوبة بالغة، لكنه الآن قطع تمامًا ولا يجرؤ أحد على المرور به.
وتضاءل الأمل بشأن إنهاء الحرب الأهلية مع تحول حلب لأكبر ساحة قتال في البلاد. وقتل المئات في حلب منذ توقف محادثات السلام.
وتعهد الأسد في خطاب قبل أيام باستعادة «كل شبر» من سوريا. وقال إن حلب ستكون «مقبرة» لآمال غريمه الإقليمي الرئيس التركي رجب طيب إردوغان الذي يدعم المعارضة في سوريا. واعتبر مصدر موالٍ لدمشق طلب عدم ذكر اسمه، أن التصريح يمثل إشارة إلى حدث جلل يجري الترتيب له بشأن حلب.
وقال المصدر القريب من استراتيجية الحرب الدائرة، إن روسيا كثفت الضربات الجوية باتفاق مع النظام وباقي حلفائه لتطويق المسلحين في المنطقة، بما في ذلك المدينة نفسها. وحتى الآن لم تتمكن القوات البرية الموالية للنظام والمدعومة من مسلحين شيعة إيرانيين ولبنانيين، من تطويق حلب بالكامل بسيطرتها على ممر ضيق يمر من خلاله طريق الكاستيلو. ويتعرض الطريق السريع منذ أمد بعيد لنيران القناصة، لكنه شهد تكثيفًا للهجمات الجوية والقصف منذ أقل من أسبوعين.
وقال الناشط المعارض محمد أديب الذي قاد سيارة عبر طريق الكاستيلو يوم الجمعة الماضي، إن الكاستيلو هو «طريق الموت إلى حلب»، مضيفًا أنه لم يكن واثقًا من وصوله إلى حلب حيًا. وأضاف أنه رأى الموت بعينيه حيث شاهد جثثًا ملقاة على الطريق وعشرات الشاحنات والسيارات والجثث التي لم تتمكن فرق الدفاع المدني من انتشالها بسبب كثافة الضربات الجوية السورية والروسية.
وتسبب الضغط الجديد على الطريق في حلب، في زيادة أسعار السلع لتزيد من معاناة سكانها الذين ما زالوا في المدينة.
وقالت روسيا قبل أيام إن قواتها الجوية ستوفر أكبر دعم ممكن لمنع سقوط حلب والمنطقة المحيطة بها في أيدي من سمتهم «إرهابيين»، وهي التسمية التي تطلقها موسكو ودمشق على معارضي الأسد.
وفسر المعارضون حديث موسكو بأن جبهة النصرة المرتبطة بتنظيم القاعدة «صعدت هجماتها في حلب»، بأنه إشارة إلى أن روسيا تبحث عن ذرائع جديدة لشن هجوم. وفي حين أن جبهة النصرة ناشطة في جنوب حلب فإن المعارضين الأكثر اعتدالاً يقولون إنه لا وجود لها في المدينة نفسها. ويثق المعارضون الذين يقاتلون قوات الأسد في حلب في قدرتهم على صد الهجمات البرية التي يؤدي فيها مقاتلون شيعة من إيران وأفغانستان وما يسمى «حزب الله» اللبناني دورًا كبيرًا لدعم النظام. وقال المعارضون إنهم تصدوا لـ3 هجمات من القوات الموالية للنظام ضد حندرات القريبة من طريق الكاستيلو خلال أقل من شهر واحد.
وقال أبو ياسين زعيم الجبهة الشامية لـ«رويترز»، إن النظام يحاول إحراز تقدم على الأرض فيكسب نقطة أو اثنتين ثم لا يلبث أن يخسرهما. وأضاف أن هذه الظروف ليست جديدة على المقاتلين فقد أسقطت عليهم كل أنواع القنابل وصاروا معتادين عليها، لكن التأثير السلبي يعود على المدنيين.
وقال أبو ياسين إنهم يمرون بفترة عصيبة وخطرة وصارت حلب تقريبًا تحت الحصار الكامل.



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.