آفاق جديدة للاستثمار التعليمي في السعودية

آفاق جديدة للاستثمار التعليمي في السعودية
TT

آفاق جديدة للاستثمار التعليمي في السعودية

آفاق جديدة للاستثمار التعليمي في السعودية

وثبة «التحوّل الوطني» التي تعيد صياغة المشهد التنموي السعودي اهتمت بقطاع التعليم، وسعت لقيادة مسيرته نحو آفاق جديدة ورسم مستقبل الاستثمار التعليمي بمحفزات غير مسبوقة، الأمر الذي من المتوقع أن يفتح شهية المستثمرين لضخ أموالهم في القطاع الذي يعيد ترتيب أوراقه حاليًا؛ إذ يتنبأ «برنامج التحول الوطني» بقفزة نوعية كبيرة في منظومة التعليم، وذلك على مدى السنوات الخمس المقبلة، بميزانية تزيد على 24 مليار ريال.
هذه التطلعات الواعدة تزيد من الجاذبية الاستثمارية للقطاع، خصوصًا أن من أبرز الخطط التي أعلنها البرنامج: العمل على إيجاد وسائل مبتكرة لتمويل المشروعات التعليمية بدلاً من الاعتماد على التمويل الحكومي، وجرى تقديم دراسة كاملة عن التمويل لمجلس الشؤون الاقتصادية، عرضت فيها وسائل تمويل بناء المشروعات التعليمية والتخلص من المدارس المستأجرة.
وأشار عمر العامر، رئيس اللجنة الوطنية للتعليم الأهلي بمجلس الغرف السعودية، إلى أن هذا الهدف الاستراتيجي سبق طرحه والتأكيد على أهميته، بما يفيد المستثمر الذي لديه أموال يرغب باستثمارها. وتابع: «المستثمر حاليًا يبني ويؤجر للشركات بـ7 في المائة أو 8 في المائة، لكن لو أجر للدولة بـ10 في المائة وضمن حقه، فهنا نكون أوجدنا حلا واستفاد كل من المواطن والمستثمر والدولة».
وأضاف العامر لـ«الشرق الأوسط»: «(الرؤية) هذه في الصميم، وأعتقد أنها المخرج والحل الوحيد لتعثر المشاريع، فالمستثمر لا يقبل أن يتعثر مشروعه، إضافة لكونها الحل الجذري لمشكلة المباني المستأجرة، وكنا نطالب بذلك سابقا بالنسبة للمدارس الأهلية، بحكم كوني رئيس اللجنة الوطنية للتعليم الأهلي، وعقدنا لقاءات مع المستثمرين ووجدنا أنهم مرحبون بذلك، لكنهم بحاجة لـ(الرؤية) التي هي بمثابة الضمان لهم».
وأكد العامر أن مجمل الأهداف الاستراتيجية المنشودة التي يتضمنها «برنامج التحول الوطني 2020» سبق طرحها والمطالبة بها عبر لقاءات قطاع التعليم والورشات التدريبية. وتابع: «لو استطعنا تحقيق نسبة عظمى من هذه الأهداف، فأعتقد أننا نكون حققنا إنجازا غير مسبوق».
وشدد على أهمية إجراء إصلاحات إدارية في وزارة التعليم، لإيجاد المرونة والقوة والكفاءة وتقييم إنتاجية الوزارة، «لأن جميع هذه المشاريع سبق طرحها، لكن تعثرت في أروقة الوزارة»، على حد قوله.
يذكر أن الأهداف الاستراتيجية لوزارة التعليم تشمل: إتاحة خدمات التعليم لشرائح الطلاب كافة، وتحسين استقطاب المعلمين وتأهيلهم وتدريبهم، وتحسين البيئة التعليمية المحفزة على الإبداع والابتكار، وتطوير المناهج وأساليب التقويم والتعليم، وتعزيز القيم والمهارات اللازمة للطلبة، وتعزيز قدرة نظام التعليم على تلبية متطلبات التنمية واحتياجات سوق العمل، ورفع مشاركة القطاع الأهلي والخاص في التعليم.
وتتضمن أبرز أهداف عام «2020»، رفع نسبة الأطفال الملتحقين برياض الأطفال من 13 في المائة إلى 27.2 في المائة، وخفض نسبة الأمية بين الكبار من 5.32 في المائة إلى 2.5 في المائة، ورفع نسبة الطلبة المستفيدين من النقل المدرسي من 28 في المائة إلى 43 في المائة، ورفع نسبة الطلبة المستفيدين من برامج ذوي الإعاقة من 58 ألف طالب، إلى مائتي ألف طالب، ورفع متوسط ساعات التطوير المهني المستكملة لدى المعلمين من 10 ساعات إلى 18 ساعة.
يأتي ذلك، في حين تشير إحصاءات رسمية سابقة إلى أن عدد الطلاب في المدارس الأهلية يقدر بنحو 576 ألف طالب، ويبلغ عدد المعلمين 51515 معلما، ويمثل المعلمون السعوديون من 20 إلى 35 في المائة، أما المعلمات فيمثلن من 82 إلى 98 في المائة. وعن أنواع مصادر التمويل الخاصة بالقطاع، فإن 95 في المائة منها تمويل ذاتي، و4 في المائة قروض حكومية، وواحد في المائة قروض تجارية.
وفي ما يتعلق بأنواع الكيانات النظامية للمدارس الأهلية في السعودية، فإن 73 في المائة منها منشأة فردية، و19 في المائة شركة محدودة المسؤولية، و3.1 في المائة شركة مساهمة مقفلة، و3.1 في المائة غير محدودة، و1.8 في المائة شركة تضامن، و0.4 في المائة شركة أجنبية، و73 في المائة مبان مستأجرة، و27 في المائة مبان مملوكة.



كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات

كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات
TT

كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات

كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات

التحدث عن كلية الطب في «الجامعة الأميركية» وما حققته من إنجازات وتطورات منذ تأسيسها عام 1867 لا يمكن تلخيصه بمقال؛ فهذه الكلية التي تحتل اليوم المركز الأول في عالم الطب والأبحاث في العالم العربي والمرتبة 250 بين دول العالم بالاعتماد على QS Ranking، استطاعت أن تسبق زمنها من خلال رؤيا مستقبلية وضعها القيمون عليها، وفي مقدمتهم الدكتور محمد صايغ نائب الرئيس التنفيذي لشؤون الطب والاستراتيجية الدولية وعميد كلية الطب في الجامعة الأميركية، الذي أطلق في عام 2010 «رؤيا (2020)»، وهي بمثابة خطة طموحة أسهمت في نقل الكلية والمركز الطبي إلى المقدمة ووضعهما في المركز الأول على مستوى المنطقة.

رؤية 2025

اليوم ومع مرور 150 عاماً على تأسيسها (احتفلت به أخيراً) ما زالت كلية الطب في «الجامعة الأميركية» تسابق عصرها من خلال إنجازات قيمة تعمل على تحقيقها بين اليوم والغد خوّلتها منافسة جامعات عالمية كـ«هارفرد» و«هوبكينز» وغيرهما. وقد وضعت الجامعة رؤيا جديدة لها منذ يوليو (تموز) في عام 2017 حملت عنوان «رؤية 2025»، وهي لا تقتصر فقط على تحسين مجالات التعليم والطبابة والتمريض بل تطال أيضاً الناحية الإنسانية.
«هي خطة بدأنا في تحقيقها أخيراً بحيث نستبق العلاج قبل وقوع المريض في براثن المرض، وبذلك نستطيع أن نؤمن صحة مجتمع بأكمله». يقول الدكتور محمد صايغ. ويضيف خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «لا نريد أن ننتظر وصول وفود المرضى إلى مركزنا الطبي كي نهتم بهم، بل إننا نعنى بتوعية المريض قبل إصابته بالمرض وحمايته منه من خلال حملات توعوية تطال جميع شرائح المجتمع. كما أننا نطمح إلى إيصال هذه الخطة إلى خارج لبنان لنغطي أكبر مساحات ممكنة من مجتمعنا العربي».
تأسَّسَت كلية الطب في الجامعة الأميركية في بيروت عام 1867، وتعمل وفقاً لميثاق صادر من ولاية نيويورك بالولايات المتحدة الأميركية، ويقوم على إدارتها مجلس أمناء خاص ومستقل.
وتسعى الكلية لإيجاد الفرص التي تمكن طلبتها من تنمية روح المبادرة، وتطوير قدراتهم الإبداعية واكتساب مهارات القيادة المهنية، وذلك من خلال المشاركة في الندوات العلمية والتطبيقات الكلينيكية العملية مما يُسهِم في تعليم وتدريب وتخريج أطباء اختصاصيين.
وملحَق بكلية الطب في الجامعة الأميركية في بيروت مركز طبي يضم أقساماً للأمراض الباطنية والجراحة والأطفال وأمراض النساء والتوليد ‏والطب النفسي. كما يقدم المركز الطبي خدمات الرعاية الصحية المتكاملة في كثير من مجالات الاختصاص، وبرامج للتدريب على التمريض وغيرها ‏من المهن المرتبطة بالطب.

اعتمادات دولية

منذ عام 1902، دأب المركز الطبي في الجامعة الأميركية في بيروت على توفير أعلى معايير الرعاية للمرضى في مختلف أنحاء لبنان والمنطقة. وهو أيضاً المركز الطبي التعليمي التابع لكلية الطب في الجامعة الأميركية في بيروت التي درّبت أجيالاً من طلاب الطب وخريجيها المنتشرين في المؤسسات الرائدة في كل أنحاء العالم. المركز الطبي في الجامعة الأميركية في بيروت هو المؤسسة الطبية الوحيدة في الشرق الأوسط التي حازت على خمس شهادات اعتماد دولية وهي JCI)، وMagnet، وCAP، وACGME - I و(JACIE مما يشكّل دليلاً على اعتماد المركز أعلى معايير الرعاية الصحية المتمحورة حول المريض والتمريض وعلم الأمراض والخدمات المخبرية والتعليم الطبي والدراسات العليا. وقد خرَّجَت كلية الطب أكثر من أربعة آلاف طالب وطبيب. وتقدم مدرسة رفيق الحريري للتمريض تعليماً متميزاً للعاملين في مجال التمريض، ويلبي المركز الطبي احتياجات الرعاية الصحية لأكثر من 360 ألف مريض سنوياً.
ويتألف المركز من عدد من مراكز الامتياز كمركز سرطان الأطفال التابع لمستشفى «سانت جود» البحثي في ولايتي ممفيس وتينيسي. كما تتضمن برنامج باسيل لأورام البالغين وفيه وحدة لزرع نخاع العظام، إضافة إلى مراكز طب الأعصاب المختلفة وأمراض القلب والأوعية الدموية ومركز للرعاية الصحية للنساء.
«هناك استثمارات تلامس نحو 400 مليون دولار رصدت من أجل بناء البنية التحتية اللازمة للمركز الطبي مع مشروع افتتاح عدة مبانٍ وأقسام جديدة خاصة بأمراض السرطان وأخرى تتعلق بالأطفال، إضافة إلى نقلة نوعية من خلال زيادة عدد الأسرة لتلبية الحاجات الصحية المختلفة لمرضانا»، كما أوضح د. صايغ في سياق حديثه.

تبرعات للمحتاجين

يعمل المركز الطبي على تأمين العلاج المجاني لأمراض مستعصية من خلال تأسيس صناديق تبرُّع للمحتاجين، هدفها تأمين العلاج لذوي الدخل المحدود. وهي تخصص سنوياً مبلغ 10 ملايين دولار لمساعدة هذه الشريحة من الناس التي تفتقر إلى الإمكانيات المادية اللازمة للعلاج.
وينظم المركز الطبي مؤتمراً سنوياً ودورات وورش عمل (MEMA) تتناول مواضيع مختلفة كطب الصراعات ومواضيع أخرى كصحة المرأة، والصحة العقلية، وعبء السرطان وغسل الكلى أثناء الصراع وتدريب وتثقيف المهنيين الصحيين للتعامل مع تحديات العناية بأفراد المجتمع.
تُعدّ كلية الطب في الجامعة الأميركية السباقة إلى تأمين برنامج تعليمي أكاديمي مباشر لطلابها، بحيث يطبقون ما يدرسونه مباشرة على الأرض في أروقة المركز الطبي التابع لها.
ويرى الدكتور محمد صايغ أن عودة نحو 180 طبيباً لبنانياً عالمياً من خريجيها إلى أحضانها بعد مسيرة غنية لهم في جامعات ومراكز علاج ومستشفيات عالمية هو إنجاز بحد ذاته. «ليس هناك من مؤسسة في لبنان استطاعت أن تقوم بهذا الإنجاز من قبل بحيث أعدنا هذا العدد من الأطباء إلى حرم الكلية وأنا من بينهم، إذ عملت نحو 25 عاماً في جامعة (هارفرد)، ولم أتردد في العودة إلى وطني للمشاركة في نهضته في عالم الطب». يوضح دكتور محمد صايغ لـ«الشرق الأوسط».

رائدة في المنطقة

أبهرت كلية الطب في الجامعة الأميركية العالم بإنجازاتها على الصعيدين التعليمي والعلاجي، ففي عام 1925. تخرجت فيها أول امرأة في علم الصيدلة (سارة ليفي) في العالم العربي، وبعد سنوات قليلة (1931) كان موعدها مع تخريج أول امرأة في عالم الطب (ادما أبو شديد). وبين عامي 1975 و1991 لعبت دوراً أساسياً في معالجة ضحايا الحرب اللبنانية فعالج قسم الطوارئ لديها في ظرف عام واحد (1976 - 1977) أكثر من 8000 جريح. وفي عام 2014 تلقت إحدى أضخم التبرعات المالية (32 مليون دولار) لدعم المركز الطبي فيها وتوسيعه.
كما لمع اسمها في إنجازات طبية كثيرة، لا سيما في أمراض القلب، فكان أحد أطبائها (دكتور إبراهيم داغر) أول من قام بعملية القلب المفتوح في العالم العربي، في عام 1958. وفي عام 2009، أجرت أولى عمليات زرع قلب اصطناعي في لبنان، وفي عام 2017 أحرز فريقها الطبي أول إنجاز من نوعه عربياً في أمراض القلب للأطفال، عندما نجح في زرع قلب طبيعي لطفل.
كما تصدرت المركز الأول عربياً في عالم الطب لثلاث سنوات متتالية (2014 - 2017) وحازت على جوائز كثيرة بينها «الجائزة الدولية في طب الطوارئ» و«جائزة عبد الحميد شومان» عن الأبحاث العربية، و«جائزة حمدان لأفضل كلية طبية في العالم العربي» لدورها في التعليم الطبي لعامي 2001 – 2002.