مثقفون وإعلاميون عراقيون نعوا «شيخ الخطاطين»

رحيل الصكار مبتكر الحروف الطباعية لأجهزة الحاسوب

محمد سعيد الصكار
محمد سعيد الصكار
TT

مثقفون وإعلاميون عراقيون نعوا «شيخ الخطاطين»

محمد سعيد الصكار
محمد سعيد الصكار

نعت الأوساط الفنية والثقافية والإعلامية في العراق وفاة الشاعر والخطاط العراقي (شيخ الخطاطين) محمد سعيد الصكار، يوم الاثنين، الماضي في العاصمة الفرنسية باريس، حيث كان يرقد في أحد مستشفياتها عن عمر ناهز الثمانين عاما. وكان الصكار قد كرم من قبل المعهد العالم العربي في باريس مؤخرا، ورغم آلامه وتحذيرات أطبائه من صعوبة ترك مشفاه في فرنسا، فإن الصكار حضر يوم تكريمه وهو على كرسيه المتحرك.
ويعتبر الصكار من أبرز المبدعين العراقيين، ومن الأسماء الثقافية العراقية الكبيرة، إذ أصدر أكثر من 14 كتابا في الشعر والتشكيل والمسرح والقصة القصيرة والدراسات اللغوية والفنية وغيرها، وترجمت نصوصه إلى الإنجليزية والفرنسية والألمانية والهولندية والدنماركية والإسبانية والبلغارية والكردية وغيرها.
ومن إبداعاته الفنية المميزة «أبجدية الصكار»، وهي استخدام الخطوط العربية في الطباعة الإلكترونية، ونال عنها براءة اختراع في حينها. وهو رسام أيضا، وعُرض له أكثر من 30 معرضا تشكيليا في عدد كبير من دول العالم.
عن رحيل الصكار ورحلته الفنية والأدبية، يقول الأديب فاضل ثامر، رئيس اتحاد الأدباء والكتاب العراقيين، في حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «كان الشاعر والخطاط والمصمم والإنسان محمد سعيد الصكار يمثل بالنسبة لي رمزا مهما من رموز الثقافة العراقية، وصديقا تعرفت إليه منذ الستينات، وكانت السجالات متواصلة بيننا طيلة الوقت الماضي، وكنت متابعا لتجربته الشعرية المبكرة عندما شكل مع عدد من الشعراء تجمعا شعريا في زاوية من زوايا اتحاد الأدباء حمل اسم (المرفأ)، وضم شعراء بارزين أمثال رشدي العامل وسلمان الجبوري وحساني علي الكردي، وانضم بعدها إليهم الشاعر سعدي يوسف. وكان التجمع يمثل مشتركات شعرية وفنية من خلال التأكيد على الملامح الغنائية في الشعر بنزعة رومانسية شفيفة، وفي الوقت ذاته نزعة تسير باتجاه الحداثة الشعرية التي كانت قد توطدت منذ 50 عاما من تجارب بدر شاكر السياب ونازك الملائكة وعبد الوهاب البياتي وبلند الحيدري».
وعن ذكرياته مع الراحل الكبير، يقول «الصكار شرفني بتصميم كتابي الأول (قصص عراقية معاصرة) التي كتبتها بالاشتراك مع الناقد الكبير ياسين النصير، ثم تواصلت متابعاتي له وهو يقوم بتصميم مجلة ألف باء (المجلة الأولى في العراق في زمن النظام السابق) في سبعينات القرن المنصرم، وكنا وقتها نتبادل الآراء في مفردات التصميم الأساسية، إذ كنت مولعا وقتها بالخط والتصميم».
ومن بين أهم ما تميز به الصكار، والحديث لفاضل ثامر، هو «المزاوجة بين الرسم والحرف العربي بتشكيلات حروفية لونية جذابة جعلته يمثل امتدادا متطورا لمدرسة الحرف الواحد التي تأسست في السبعينات بمبادرة من الفنان شاكر حسن آل سعيد، وانضم لها عدد كبير من الرسامين آنذاك، منهم ضياء العزاوي وجميل حمودي، وعدت من أقدم مدارس التشكيل آنذاك».
بدوره، يقول الفنان والمصمم فلاح الخطاط «إن الصكار يعد واحدا من أبرز القمم الإبداعية في العراق والعالم، كونه فنانا متعدد المواهب ومثقفا كبيرا، فضلا عن نبوغه الشعري ومكانته في الخطوط العربية التي بدأت في سن مبكرة عندما كان طفلا يلعب مع رفقائه في مدينة الخالص، ومن ثم في محلة الصابئة، ومحاولاته التعبير عن مواهبه بالكتابة على جدران البيوت وإسفلت الطريق بالفحم تارة والطباشير تارة أخرى». ويضيف الخطاط «في عام 1956 دخل عالم الصحافة ومارس الخط مع من سبقوه وبرعوا في احتكار الخط وحفر المانشيت الصحافي، وهم كل من صادق الصائع وكريم سلمان والمقدادي وغازي الخطاط».
ولعل أهم ما يميز الصكار كما يقول الخطاط أنه «قبل نحو أربعين عاما أعلن مشروعه المهم (الأبجدية العربية المختصرة) التي أثارت يومها ضجة في الأوساط الثقافية والفنية والطباعية لما تمثله من فرادة وكسر لقيود الحرف الطباعي والتي استثمرتها بعد ذلك شركات تصنيع الحرف الطباعي ووظفتها لأجهزة الحاسوب وكانت تجربة عراقية بامتياز». وهي التجربة التي تبنتها بعد ذاك جريدة «الثورة» عام 1974، الأمر الذي حفز آخرين للخوض في التجربة ذاتها، إذ قدم الفنان ناظم رمزي مجموعة تجارب مماثلة استخدمت في مجلة «آفاق عربية»، ومحاولة الفنان الراحل سامي العتابي التي استخدمها في جريدتي «طريق الشعب» و«الفكر الجديد».
ومن مساهماته المهمة أيضا تصميمه لأغلب المجاميع الشعرية والقصصية التي صدرت في فترة الستينات والسبعينات وكانت مختلفة عن التقليد الذي كان متبعا آنذاك. واختتم الخطاط بالقول «لوحات الصكار تميزت بكونها لم تلتزم بقواعد الخط التقليدية الصارمة، كما أنها لا تتجاوزها، بل يرجع ذلك لوعيه وثقافته بالفنون المجاورة للخط من العمارة والتصميم، ولطالما ردد الصكار مقولة مهمة وهي (حبري أسود فلا تطلبوا مني أن أرسم قوس قزح).. وله أقول إن أسودك أيها الفنان الكبير أمتع الناظرين أكثر من كل ألوان قوس قزح».
أما الصحافي فائق بطي، فقد قال خلال جلسة احتفائية بالصكار «محمد سعيد الصكار قامة كبيرة، أعطى كل ما عنده للعراق، ولم يغب العراق عن باله لحظة واحدة. التقينا في باريس قبل سنوات وكان يبكي لأنه بعيد عن هذا الوطن.. بعيد عن البصرة، وبعيد عن بغداد.. وبقينا لسنوات طوال ونحن نتسامر ونكتب ونقدم وننتج تاريخ العراق تاريخا بأحرف من نور.. أستطيع أن أقول عن الصكار إنه شاعر الحرف والألوان، بديع في كلامه، بديع في نثره، شفاف في قصائده».
ولد الصكار في قضاء شهربان بالمقدادية في محافظة ديالى عام 1934، ومارس العمل الصحافي تحريرا وتصميما وخطا منذ 1955، كما أسس وأدار أربعة مكاتب للإعلان في البصرة وبغداد وباريس التي استقر فيها منذ عام 1978. وشارك في العديد من الندوات الشعرية والمؤتمرات الأدبية والفنية في العراق وخارجه، ونشر الكثير من المقالات في النقد الأدبي والمسرحي والسينمائي، كما قدم استشارات خطية وزخرفية لعدد من المؤسسات والمكاتب المعمارية في بلدان مختلفة. من دواوينه الشعرية: «أمطار» 1962، «برتقالة في سَوْرة الماء» 1968، «الأعمال الشعرية»، ومجموعة شعرية باللغة الفرنسية 1995. ومن مؤلفاته «الخط العربي للناشئة»، و«أيام عبد الحق البغدادي».
وقد حصل على جائزة وزارة الإعلام العراقية لتصميم أحسن غلاف 1972، وجائزة دار التراث المعماري لتصميم جداريات بوابة مكة 1988.



مؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة يؤكد مراعاة خصوصية المشكلات الفلسفية في منطقة الخليج

جانب من الحضور في المؤتمر (بيت الفلسفة)
جانب من الحضور في المؤتمر (بيت الفلسفة)
TT

مؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة يؤكد مراعاة خصوصية المشكلات الفلسفية في منطقة الخليج

جانب من الحضور في المؤتمر (بيت الفلسفة)
جانب من الحضور في المؤتمر (بيت الفلسفة)

أكد البيان الختامي لمؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة في دورته الرابعة، الذي اختُتم مساء السبت، إقامة مشروع بحثي فلسفي يدرس نتاج الفلاسفة العرب وأفكارهم وحواراتهم.

وبعد اختتام مؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة في دورته الرابعة، الذي أُقيم بمناسبة اليوم العالمي للفلسفة، وذلك بمقر «بيت الفلسفة» بالإمارة، برعاية الشيخ محمد بن حمد الشرقي، ولي عهد الفجيرة؛ اجتمع أعضاء «حلقة الفجيرة الفلسفيّة» في مقرّها بـ«بيت الفلسفة»، وأصدروا بياناً دعوا إلى تأسيس نواة «اتحاد الجمعيات الفلسفية العربية»، ومقرّه الفجيرة، وتشجيع الجمعيات على الانضمام إلى «الفيدرالية الدولية للفلسفة».

الشيخ محمد بن حمد الشرقي ولي عهد الفجيرة خلال رعايته مؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة في دورته الرابعة (بيت الفلسفة)

وأكد البيان أهمية مراعاة خصوصية المشكلات الفلسفية في منطقة الخليج العربي، مثل مشكلة الهوية وتعزيز الدراسات حولها.

ودعا للسعي إلى «الإضاءة على الفلسفة في العالم العربي وتمييزها من الفلسفة الغربية؛ لأنّ هدف بيت الفلسفة المركزي تعزيز الاعتراف بالآخر وقبوله».

كما دعا البيان إلى تعزيز دائرة عمل «حلقة الفجيرة الفلسفيّة»، بما يضمن تنوّع نشاطها وتوسّع تأثيرها؛ بدءاً بعقد جلسات وندوات شهريّة ودوريّة من بُعد وحضورياً، ومروراً بتعزيز المنشورات من موسوعات ومجلّات وكتب وغيرها، وانتهاء باختيار عاصمة عربيّة في كلّ سنة تكون مركزاً لعقد اجتماع «حلقة الفجيرة الفلسفيّة» بإشراف «بيت الفلسفة».

وأكد توسيع دائرة المشاركين خصوصاً من العالم الغربي؛ بحيث يُفعّل «بيت الفلسفة» دوره بوصفه جسراً للتواصل الحضاري بين العالمين العربي والغربي.

كما بيّن أهمية إصدار كتاب يجمع أعمال المؤتمرات السابقة. وبدءاً من العام المقبل سيعمد «بيت الفلسفة» إلى تعزيز الأبحاث المطوّلة في المؤتمر ونشرها في كتاب خاصّ.

ومؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة هو الأول من نوعه في العالم العربي، وتشارك فيه سنوياً نخبة من الفلاسفة البارزين من مختلف أنحاء العالم، ويحمل المؤتمر هذا العام عنوان: «النقد الفلسفي».

وتهدف دورة هذا العام التي بدأت يوم الخميس الماضي واختُتمت السبت، إلى دراسة مفهوم «النقد الفلسفي»، من خلال طرح مجموعة من التساؤلات والإشكاليات حوله، بدءاً بتعريف هذا النوع من النقد، وسبل تطبيقه في مجالات متنوعة؛ مثل: الفلسفة، والأدب، والعلوم.

وتناول المؤتمر العلاقة بين النقد الفلسفي وواقعنا المعيش في عصر الثورة «التكنوإلكترونية»، وأثر هذا النقد في تطوّر الفكر المعاصر.

وخلال مؤتمر هذا العام سعى المتحدثون إلى تقديم رؤى نقدية بنّاءة جديدة حول دور الفلسفة في العصر الحديث، ومناقشة مجموعة من الموضوعات المتنوعة، تشمل علاقة النقد الفلسفي بالتاريخ الفلسفي وتأثيره في النقد الأدبي والمعرفي والعلمي والتاريخي، ومفاهيم مثل «نقد النقد»، وتعليم التفكير النقدي، إلى جانب استكشاف جذور هذا النقد وربطه ببدايات التفلسف.

الشيخ محمد بن حمد الشرقي ولي عهد الفجيرة خلال رعايته مؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة في دورته الرابعة (بيت الفلسفة)

وعملت دورة المؤتمر لهذا العام على أن تصبح منصة غنيّة للمفكرين والفلاسفة لتبادل الأفكار، وتوسيع آفاق النقاش حول دور الفلسفة في تشكيل المستقبل.

وشملت دورة هذا العام من مؤتمر الفجيرة الدولي للفلسفة عدداً من الندوات والمحاضرات وجلسات الحوار؛ حيث افتُتح اليوم الأول بكلمة للدكتور أحمد البرقاوي، عميد «بيت الفلسفة»، وكلمة للأمين العام للاتحاد الدولي للجمعيات الفلسفية.

وتضمّنت أجندة اليوم الأول أربع جلسات: ضمت الجلسة الأولى محاضرة للدكتور أحمد البرقاوي، بعنوان: «ماهيّة النّقد الفلسفيّ»، ومحاضرة للدكتور عبد الله الغذامي، بعنوان: «النقد الثقافي»، وترأس الجلسة الدكتور سليمان الهتلان.

وضمت الجلسة الثانية محاضرة للدكتور فتحي التريكي، بعنوان: «النقد في الفلسفة الشريدة»، ومحاضرة للدكتور محمد محجوب، بعنوان: «ماذا يُمكنني أن أنقد؟»، ومحاضرة ثالثة للدكتور أحمد ماضي، بعنوان: «الفلسفة العربية المعاصرة: قراءة نقدية»، وترأس الجلسة الدكتور حسن حماد.

أما الجلسة الثالثة فضمت محاضرة للدكتور مشهد العلّاف، بعنوان: «الإبستيمولوجيا ونقد المعرفة العلميّة»، ومحاضرة للدكتورة كريستينا بوساكوفا، بعنوان: «الخطاب النقدي لهاريس - نقد النقد»، ومحاضرة للدكتورة ستيلا فيلارميا، بعنوان: «فلسفة الولادة - محاولة نقدية»، وترأس الجلسة: الدكتور فيليب دورستيويتز.

كما ضمت الجلسة الرابعة محاضرة للدكتور علي الحسن، بعنوان: «نقد البنيوية للتاريخانيّة»، ومحاضرة للدكتور علي الكعبي، بعنوان: «تعليم الوعي النقدي»، وترأس الجلسة: الدكتور أنور مغيث.

كما ضمّت أجندة اليوم الأول جلسات للنقاش، وتوقيع كتاب «تجليات الفلسفة الكانطية في فكر نيتشه» للدكتور باسل الزين، وتوقيع كتاب «الفلسفة كما تتصورها اليونيسكو» للدكتور المهدي مستقيم.

جانب من الحضور (الشرق الأوسط)

وتكوّن برنامج اليوم الثاني للمؤتمر (الجمعة 22 نوفمبر/تشرين الثاني 2024) من ثلاث جلسات، ضمت الجلسة الأولى محاضرة للدكتورة مريم الهاشمي، بعنوان: «الأساس الفلسفي للنقد الأدبيّ»، ومحاضرة للدكتور سليمان الضاهر، بعنوان: «النقد وبداية التفلسف»، وترأست الجلسة: الدكتورة دعاء خليل.

وضمت الجلسة الثانية محاضرة للدكتور عبد الله المطيري، بعنوان: «الإنصات بوصفه شرطاً أوّلياً للنّقد»، ومحاضرة للدكتور عبد الله الجسمي، بعنوان: «النقد والسؤال»، وترأس الجلسة الدكتور سليمان الضاهر.

وضمت الجلسة الثالثة محاضرة للدكتور إدوين إيتييبو، بعنوان: «الخطاب الفلسفي العربي والأفريقي ودوره في تجاوز المركزية الأوروبية»، ومحاضرة الدكتور جيم أي أوناه، بعنوان: «الوعي الغربي بفلسفة ابن رشد - مدخل فيمونولوجي»، ويرأس الجلسة: الدكتور مشهد العلاف.

وتكوّن برنامج اليوم الثالث والأخير للمؤتمر (السبت 23 نوفمبر 2024) من جلستين: تناولت الجلسة الأولى عرض نتائج دراسة حالة «أثر تعليم التفكير الفلسفي في طلاب الصف الخامس»، شارك فيها الدكتور عماد الزهراني، وشيخة الشرقي، وداليا التونسي.

وشهدت الجلسة الثانية اجتماع «حلقة الفجيرة الفلسفية» ورؤساء الجمعيات الفلسفية العربية.