«تجديد الخطاب الثقافي» غلبت عليه «الهموم السياسية» وخرج بتوصيات مستهلكة

ملتقى اشتمل على 20 جلسة بمشاركة 150 محاضرًا في القاهرة

جانب من جلسات المؤتمر
جانب من جلسات المؤتمر
TT

«تجديد الخطاب الثقافي» غلبت عليه «الهموم السياسية» وخرج بتوصيات مستهلكة

جانب من جلسات المؤتمر
جانب من جلسات المؤتمر

شهدت القاهرة الأسبوع الماضي حدثا ثقافيا مهما هو «الملتقى الدولي الأول لتجديد الخطاب الثقافي»، الذي انعقد على مدار 3 أيام في الفترة من 29 إلى 31 مايو (أيار)، وشهد المؤتمر مناقشات لأفكار وأطروحات من 150 مشاركا، بينهم وزراء ثقافة ومفكرون وباحثون وفنانون عرب من 17 دولة.
وجاء توقيت انعقاد الملتقى في الوقت الذي يعاني فيه الإبداع الحر تضييقا وتكبيتا في أكثر من بلد عربي، ولكن يا للمفارقة، غاب في هذا المؤتمر إلى حد كبير الحديث عن علاقة المثقف بالسلطة، ما عدا في مداخلة وزير الثقافة الجزائري عز الدين ميهوبي، وإن بشكل معكوس؛ إذ ألقى باللوم على المثقفين الذين يعارضون السلطة «للحد الذي يدمر الدولة، خاصة في أعقاب الربيع العربي»، بينما تطرق الروائي إبراهيم عبد المجيد لعلاقة المثقف بالسلطة منتقدا وجود وزارة للثقافة وتقييد حرية الإبداع، كما تحدث عبد الغني داود عن انقسام المثقفين في مصر إلى قلة ذات حظوة، وأغلبية مهمشة في ظل سلطة سياسية لا تهتم بدور الثقافة ومكانتها في حياتنا، بل تعتبرها ديكورا.
من جهة، انتقد عدد كبير من المثقفين انعقاد الملتقى بشكل فاجأهم، فلم يسبق إشراكهم في الجلسات التحضيرية له أو إعلامهم بإمكانية مشاركتهم بأوراق بحثية، فيما لم يتلق بعضهم دعوات لحضور الفعاليات. وكان من اللافت غياب الشعراء والفنانين التشكيليين عن فعاليات الملتقى الذي من المفترض أن يتطرق لأوجه الخطاب الثقافي كافة. وفيما يخص المحاضرات، تناول معظم المشاركين تجديد الخطاب بصفته فعلا كلاميا، في حين أن الخطاب الثقافي تتشعب روافده؛ فهو مظلة للسياسات الثقافية بوجه عام، ويشمل في طياته مجالات الإبداع والفن التشكيلي والأدب والموسيقى والسينما والمسرح والفنون الأدائية، فضلا عن كونه يشمل أيضا الخطاب الديني، وهو لا يشمل تلك الممارسات الثقافية فحسب، بل كيفية صياغتها والرسالة التي توجهها بصفتها فعلا، وكيفية تلقيها والتفاعل معها بوصفها رد فعل من قبل المواطن العادي، من خلال استقاء وتحليل الدلالات اللغوية والإشارات والألفاظ، بل والصور ومقاطع الفيديو المستخدمة عبر مواقع التواصل الاجتماعي التي باتت جزءا لا يتجزأ من الممارسات الثقافية للشعوب كافة.
ناقش الملتقى على مدار 49 ساعة من الانعقاد محاور عدة، هي: «الثقافة والإصلاح التشريعي»: «حقوق المواطن الثقافية والعلمية»، و«الصناعات الثقافية الإبداعية»، و«الثقافة والتعليم»، و«الجغرافيا الثقافية»، و«إدارة العمل الثقافي وإشكالياته»، و«دور التكنولوجيا في تجديد الخطاب الثقافي»، و«آليات تجديد الخطاب الثقافي»، و«تسويق المنتج الثقافي»، و«الشباب وتجديد الخطاب الثقافي».
وكانت بداية المؤتمر ناجحة ومبشرة بالكلمة الافتتاحية التي ألقاها وزير الثقافة الجزائري عز الدين ميهوبي، تلك الكلمة التي تناول فيها محاور تجديد الخطاب الثقافي كافة في العالم العربي؛ وكلمة د. أمل الصبان، رئيس المجلس الأعلى للثقافة، التي نظمت الملتقى، ولكن كما هي عادة المؤتمرات ذات الجلسات المتوازية والممتدة على مدار اليوم، فإنها للأسف لا تؤتي ثمارها، خاصة أن أغلب المشاركين لم يتمكنوا من حضور الكم الكبير من الجلسات. فقد ضم المؤتمر 20 جلسة و3 ورش عمل، فيما ضمت بعض الجلسات 6 متحدثين، فلم يتسع وقت الجلسة لكل متحدث لتوضيح فكرته عن تجديد الخطاب الثقافي ومقترحاته وتوصياته، فجاءت بعض المداخلات منقوصة الفائدة. لكن يحسب للمنظمين التزامهم بالوقت، والنظام الشديد الذي اتسمت به الجلسات، فضلا عن التغطية الإعلامية الاحترافية التي واكبت تفاصيل المؤتمر كافة، وزودت الصحافيين بالصور، وهو أمر تفتقد له أغلب المؤتمرات في مصر، والفضل لفريق عمل أمانة المؤتمرات بالمجلس الأعلى للثقافة ورئيسه وائل حسين.
وكان من اللافت أن بعض العلماء والمثقفين المشاركين من الأسماء المعروفة في المجال الأكاديمي والثقافي، كانوا ينأون بأنفسهم عن الحديث مع المشاركين الشباب، وكأن المؤتمر فرصة للقاء مع الأصدقاء وليس لمناقشة «تجديد الخطاب الثقافي» بجدية تتناسب مع أهميته.
ورغم صفة «الدولي» التي أطلقت على الملتقى، إلا أنه لم يكن هناك سوى بحثين من خارج الوطن العربي، وانعدمت للأسف المشاركات الأوروبية والأميركية، خاصة أن أحد وسائل تجديد الخطاب الثقافي هو التواصل مع الآخر.
طغت هموم الوطن العربي السياسية على معظم جلسات المؤتمر في مختلف المحاور، فتناولت النقاشات الهم السوري والفلسطيني والليبي والعراقي، ومخاطر التقسيم والتشرذم التي باتت تنخر في جسد الوطن العربي. من هنا، خرجت التوصيات باهتة ولم تكن على مستوى المشاركات والأبحاث التي تمت مناقشتها، وجاء إعلان الملتقى الختامي تقليديا يضم توصيات مستهلكة، كما في عشرات المؤتمرات الثقافية من قبل. ولكن المشاركين خلصوا إلى أهمية تشكيل لجنة علمية لدراسة التوصيات التي وصل عددها لما يربو على 100 توصية لدراسة سبل تفعيل مضامين الأبحاث المقدمة والاستفادة منها في المؤسسات المجتمعية على تنوعها.
كما أعلن الملتقى تدشين بوابة إلكترونية على موقع المجلس الأعلى للثقافة يطلق عليها «فضاء حوار» لمناقشة الموضوعات كافة التي تشغل الرأي العام، والاستفادة من أداء مختلف أطياف المجتمع.
أما على مستوى التعليم، فشدد المشاركون على ضرورة مراجعة المنظومة التعليمية لبناء نظام كفيل بتشكيل عقل المواطن ووعيه ووجدانه من «خلال استعادة دور المسرح والموسيقى والصحافة المدرسية وإجراء مسابقات في الفن التشكيلي والقراءة الحرة». ووجهت التوصيات بعقد حلقات تواصل بين المثقفين ورجال الدين الإسلامي والمسيحي؛ لأن «تجديد الخطاب الديني جزء لا يتجزأ من إصلاح الخطاب الثقافي ولا يمكن تجديده دون مساهمة مثقفي الوطن العربي والأمة الإسلامية».
وأوصى المشاركون كذلك، بـ«مراجعة العلاقة بين الإعلام والثقافة وكيفية إدارة الإعلام طبقًا لمشروع ثقافي متكامل يواجه تحديات المرحلة واتخاذ الإجراءات الكفيلة بنقل تبعية قناة (النيل) الثقافية إلى المجلس الأعلى للثقافة لبث أنشطة الوزارة كافة».
وأكدوا أهمية تنمية مشروعات النشر الإلكتروني المتبادل في الثقافة وتعميمها في كل الأقطار العربية، خصوصا في الصحف والمجلات الثقافية، وكذلك على ضرورة إعادة نشر أمهات الكتب التراثية على الإنترنت لتعريف الشباب بأهمية التراث الحضاري العربي. وجاء من بين التوصيات ضرورة التواصل مع الآخر من مختلف الثقافات، مثل الصين وروسيا والهند وأميركا اللاتينية وفرنسا وإسبانيا واليابان، ودعوة نخب ثقافية من هذه الدول للمشاركة في الدورة الثانية لملتقى القاهرة الدولي لتجديد الخطاب الثقافي، الذي سيعقد بشكل سنوي.



غازي القصيبي يحضر في أول ملتقى سعودي للأدب الساخر

غازي القصيبي يحضر في أول ملتقى سعودي للأدب الساخر
TT

غازي القصيبي يحضر في أول ملتقى سعودي للأدب الساخر

غازي القصيبي يحضر في أول ملتقى سعودي للأدب الساخر

تشهد منطقة الباحة، جنوب السعودية، انطلاقة الملتقى الأول للأدب الساخر، الذي يبدأ في الفترة من 22-24 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، وينظمه نادي الباحة الأدبي.

وأوضح رئيس النادي، الشاعر حسن الزهراني، أن محاور الملتقى تتناول «الأدب الساخر: المفهوم، والدلالات، والمصادر»، و«الاتجاهات الموضوعية للأدب الساخر، والخصائص الفنية للأدب الساخر في المملكة»، وكذلك «مستويات التأثر والتأثير بين تجارب الكتابة الساخرة محلياً ونظيراتها العربية»، و«حضور الأدب الساخر في الصحافة المحلية قديماً وحديثاً»، و«أثر القوالب التقنية الحديثة ومواقع التواصل في نشوء أشكال جديدة من الأدب الساخر محلياً»، و«سيميائية الصورة الصامتة في الكاريكاتير الساخر محلياً».

بعض المطبوعات الصادرة بمناسبة انعقاد أول ملتقى للأدب الساخر (الشرق الأوسط)

وشارك في صياغة محاور الملتقى لجنة استشارية تضم: الدكتور عبد الله الحيدري، والدكتور ماهر الرحيلي، والقاص محمد الراشدي، ورسام الكاريكاتير أيمن يعن الله الغامدي.

وكشف الزهراني أن النادي تلقى ما يزيد على 40 موضوعاً للمشاركة في الملتقى، وأقرت اللجنة 27 بحثاً تشمل؛ ورقة للدكتورة دلال بندر، بعنوان «حمزة شحاتة... الأديب الجاد ساخراً»، والدكتور محمد الخضير، بعنوان «الخصائص الفنية في الأدب الساخر عند حسن السبع في ديوانه ركلات ترجيح - دراسة بلاغية نقدية»، والدكتور صالح الحربي، بعنوان «المجنون ناقداً... النقد الأدبي في عصفورية القصيبي»، والدكتور عادل خميس الزهراني، بعنوان «الصياد في كمينه: صورة الحكيم في النكت الشعبية بمواقع التواصل الاجتماعي»، والدكتور حسن مشهور، بعنوان «الكتابة الساخرة وامتداداتها الأدبية... انتقال الأثر من عمومية الثقافة لخصوصيتها السعودية»، والدكتورة بسمة القثامي، بعنوان «السخرية في السيرة الذاتية السعودية»، والدكتورة كوثر القاضي، بعنوان «الشعر الحلمنتيشي: النشأة الحجازية وتطور المفهوم عند ابن البلد: أحمد قنديل»، والدكتور يوسف العارف، بعنوان «الأدب الساخر في المقالة الصحفية السعودية... الكاتبة ريهام زامكة أنموذجاً»، والدكتور سعد الرفاعي، بعنوان «المقالة الساخرة في الصحافة السعودية... الحربي الرطيان والسحيمي نموذجاً»، والدكتور عمر المحمود، بعنوان «الأدب الساخر: بين التباس المصطلح وخصوصية التوظيف»، والدكتور ماجد الزهراني، بعنوان «المبدع ساخراً من النقاد... المسكوت عنه في السرد السعودي»، والمسرحي محمد ربيع الغامدي، بعنوان «تقييد أوابد السخرية كتاب: حدثتني سعدى عن رفعة مثالاً»، والدكتورة سميرة الزهراني، بعنوان «الأدب الساخر بين النقد والكتابة الإبداعية... محمد الراشدي أنموذجاً». والدكتور سلطان الخرعان، بعنوان «ملخص خطاب السخرية عند غازي القصيبي: رؤية سردية»، والدكتور محمد علي الزهراني، بعنوان «انفتاح الدلالة السيميائية للصورة الساخرة... الرسم الكاريكاتوري المصاحب لكوفيد-19 نموذجاً»، والكاتب نايف كريري، بعنوان «حضور الأدب الساخر في كتابات علي العمير الصحافية»، والدكتور عبد الله إبراهيم الزهراني، بعنوان «توظيف المثل في مقالات مشعل السديري الساخرة»، والكاتب مشعل الحارثي، بعنوان «الوجه الساخر لغازي القصيبي»، والكاتبة أمل المنتشري، بعنوان «موضوعات المقالة الساخرة وتقنياتها عند غازي القصيبي»، والدكتور معجب الزهراني، بعنوان «الجنون حجاباً وخطاباً: قراءة في رواية العصفورية لغازي القصيبي»، والدكتور محمد سالم الغامدي، بعنوان «مستويات الأثر والتأثير بين تجارب الكتابة الساخرة محلياً ونظرياتها العربية»، والدكتورة هند المطيري، بعنوان «السخرية في إخوانيات الأدباء والوزراء السعوديين: نماذج مختارة»، والدكتور صالح معيض الغامدي، بعنوان «السخرية وسيلة للنقد الاجتماعي في مقامات محمد علي قرامي»، والدكتور فهد الشريف بعنوان «أحمد العرفج... ساخر زمانه»، والدكتور عبد الله الحيدري، بعنوان «حسين سرحان (1332-1413هـ) ساخراً»، ويقدم الرسام أيمن الغامدي ورقة بعنوان «فن الكاريكاتير»، والدكتور يحيى عبد الهادي العبد اللطيف، بعنوان «مفهوم السخرية وتمثلها في الأجناس الأدبية».

بعض المطبوعات الصادرة بمناسبة انعقاد أول ملتقى للأدب الساخر (الشرق الأوسط)

وخصص نادي الباحة الأدبي جلسة شهادات للمبدعين في هذا المجال، وهما الكاتبان محمد الراشدي، وعلي الرباعي، وأعدّ فيلماً مرئياً عن رسوم الكاريكاتير الساخرة.

ولفت إلى تدشين النادي 4 كتب تمت طباعتها بشكل خاص للملتقى، وهي: «معجم الأدباء السعوديين»، للدكتورين عبد الله الحيدري وماهر الرحيلي، وكتاب «سامحونا... مقالات سعد الثوعي الساخرة»، للشاعرة خديجة السيد، وكتاب «السخرية في أدب علي العمير» للدكتور مرعي الوادعي، و«السخرية في روايات غازي القصيبي» للباحثة أسماء محمد صالح.